مايكروسوفت تختبر تبريد خوادمها عبر وضعها في سائل يغلي

3 دقائق
تبريد خوادم مايكروسوفت في سائل يغلي
الصورة الأصلية: شركة مايكروسوفت | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية

بعدما جربت شركة مايكروسوفت إغراق خوادمها في البحر عام 2018، عبر إنزال مركز بيانات قبالة ساحل أوركني في إسكتلندا، تختبر الشركة الآن نظاماً جديداً لتبريد خوادمها الحاسوبية، عبر غمرها في خزان يحتوي على سائل يغلي، لرفع قدراتها ومواجهة الطلب المتزايد على تقنيات بديلة للتبريد بالهواء.

غليان منخفض الحرارة

ذكرت مايكروسوفت أنها تجرب استخدام سائل طورته داخلياً، مُصمم ليغلي عند درجة حرارة تبلغ 50 درجة مئوية (نصف درجة غليان الماء) ليعمل بمنزلة مشتت حراري، ما يقلل من درجة حرارة خوادم مراكز البيانات بالشركة، حتى تتمكن من العمل بكامل طاقتها دون التعرض لمخاطر التوقف بسبب ارتفاع درجة الحرارة.

في الأجهزة الإلكترونية، عادة ما يُثبّت المشتت الحراري فوق المعالجات ليمتص الحرارة المتولدة عنها ويبددها باستخدام وسيط تبريد، وقد يكون هذا الوسيط الهواء أو الماء أو أي مادة أخرى.

وأوضحت الشركة، في تقرير منشور على مدونتها، أن رسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الاتصالات المرسلة بين موظفي مايكروسوفت تجعل هذا السائل يغلي حرفياً داخل خزان فولاذي موجود في مركز البيانات التابع لمايكروسوفت، الذي يقع على الضفة الشرقية لنهر كولومبيا بولاية واشنطن الأميركية.

وبعد ذلك، يلامس البخار الذي يرتفع من السائل المغلي مكثف تبريد يوجد في غطاء الخزان الذي تُخزن داخله الخوادم الحاسوبية، فيتحول إلى سائل مرة أخرى ويمطر على الخوادم، ما يؤدي إلى إنشاء نظام تبريد مغلق، يتيح للخوادم -التي لم ترتفع درجة حرارتها بشكل كبير- العملَ بكامل طاقتها.

خطة طويلة الأجل

نقل التقرير عن حسام العيسى، مهندس الأجهزة في مايكروسوفت قوله "نحن أول مقدم خدمات سحابية يشغل التبريد بالغمر على مرحلتين في بيئة إنتاجية".

وأضافت الشركة أن نشر نظم التبريد بالغمر على مرحلتين هي الخطوة التالية في خطتها طويلة الأجل لمواكبة الطلب على تطوير أجهزة حاسوبية لمراكز البيانات تكون أسرع وأكثر قوة، وذلك في وقت تباطأت فيه التطورات الموثوقة في تكنولوجيا شرائح الحاسوب المبردة بالهواء.

قانون مور

أشارت مايكروسوفت إلى أن التقدم في تكنولوجيا الشرائح اعتمد، لعقود من الزمن، على حشر المزيد من أجهزة الترانزستور في نفس حجم الشريحة، ما أدى إلى مضاعفة سرعة المعالجات الحاسوبية كل عامين تقريباً دون زيادة متطلباتها من الطاقة الكهربائية.

تبريد خوادم مايكروسوفت في سائل يغلي
مصدر الصورة: شركة مايكروسوفت

يُطلق على هذه الظاهرة اسم قانون مور، نسبة إلى جوردون مور، أحد المهندسين المؤسسيين لشركة إنتل، والذي لاحظ هذا الاتجاه عام 1965 وتوقع أنه سيستمر لمدة عقد على الأقل.

وعلى الرغم من أنه قد استمر بالفعل خلال العقد الثاني من هذا القرن لكنه بدأ الآن في التباطؤ؛ لأن أجهزة الترانزستور بدأت تصل إلى الحد المادي لها، إضافة إلى تسارع الطلب على المعالجات الحاسوبية الأسرع، المطلوبة في التطبيقات مرتفعة الأداء مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ولتلبية هذه الحاجة، تحولت صناعة الحوسبة إلى الشرائح التي يمكنها التعامل مع المزيد من الطاقة الكهربائية، حيث زادت الطاقة التي تستهلكها وحدات المعالجة المركزية (CPUs)، على سبيل المثال، من 150 واط إلى أكثر من 300 واط لكل شريحة. وزادت الطاقة التي تستهلكها وحدات المعالجة الرسومية (GPUs) إلى أكثر من 700 واط لكل شريحة.

ولكن كلما زادت الطاقة الكهربائية التي يتم ضخها عبر هذه المعالجات، تزداد سخونة الشرائح، ما يزيد بالتالي من متطلبات التبريد المطلوبة لمنع توقف هذه الشرائح عن العمل. وتسعى الشركة حالياً إلى تطبيق قانون مور في مراكز بياناتها، عبر "حشر" المزيد من المعالجات داخل مركز بيانات واحد، وهو ما يزيد بدوره من متطلبات تبريدها.

وهكذا لم يعد التبريد بالهواء كافياً...

تشير مايكروسوفت في تقريرها إلى أن التبريد باستخدام السوائل هو تقنية مجربة، حيث تعتمد معظم السيارات عليها اليوم لمنع ارتفاع درجة حرارة المحركات، كما تقوم العديد من شركات التكنولوجيا -بما فيها ميكروسوفت نفسها- بتجربة هذه التقنية باستخدام ألواح باردة؛ حيث يتم ضخ السائل عبر هذه الألواح المعدنية، لتبريد الخوادم. كذلك يستخدم العاملون في مجال العملات المشفرة، مثل البيتكوين، التبريدَ بالغمر، لتبريد الشرائح المستخدمة في تسجيل المعاملات.

وكشفت الشركة أن التبريد بالغمر على مرحلتين قلل من استهلاك الطاقة التي تحتاجها الخوادم بنسبة تتراوح بين 5٪ و15٪. كما يقول ماركوس فونتورا، نائب رئيس الشركة، إن هذا التحول يتيح لمايكروسوفت المزيد من المرونة للتعامل مع الارتفاعات المفاجئة في استخدام موارد السحابة.

إضافة إلى ذلك، لا تحتاج هذه التقنية الجديدة إلى المياه، الأمر الذي سيساعد مايكروسوفت على الوفاء بالتزامها البيئي المتمثل في معالجة كميات مياه أكبر مما تستهلكه بحلول نهاية هذا العقد.

المحتوى محمي