كيف تؤثّر بوتات الدردشة في الحالة العاطفية للأشخاص؟ دراسة من أوبن أيه آي وإم آي تي تُجيب

3 دقيقة
مصدر الصورة التوضيحية: سارة روجرز/إم آي تي تي آر | صور غيتي

تقول شركة أوبن أيه آي (OpenAI) إن أكثر من 400 مليون شخص يستخدمون تشات جي بي تي أسبوعياً. لكن، كيف يؤثر التفاعل معها فينا؟ هل يزيد شعورنا بالوحدة أم يخففه؟ هذه هي بعض الأسئلة التي تسعى أوبن أيه آي إلى التحقيق فيها، بالشراكة مع مختبر الوسائط بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT Media Lab)، في دراستين جديدتين.

وقد وجدوا أن مجموعة فرعية صغيرة فقط من المستخدمين يتفاعلون عاطفياً مع تشات جي بي تي. وهذا ليس مفاجئاً نظراً لعدم تسويق تشات جي بي تي على أنه تطبيق يمثل رفيقاً يعمل بالذكاء الاصطناعي مثل ريبليكا (Replika) أو كاراكتر أيه آي (Character.AI)، على حد قول أستاذة الذكاء الاصطناعي والمجتمع في كلية كينغز بلندن، كيت ديفلين، التي لم تعمل على المشروع. وتقول: "جرى إعداد تشات جي بي تي ليكون أداة إنتاجية، لكننا نعلم أن الناس يستخدمونه وكأنه تطبيق مخصص للرفقة على أي حال". 

اختلافات في استجابة الجنسين للتفاعل مع تشات جي بي تي 

في الواقع، من المرجح أن الأشخاص الذين يستخدمونه بهذه الطريقة يتفاعلون معه فترات طويلة، حيث يبلغ متوسط مدة استخدام بعضهم له نحو نصف ساعة في اليوم.

تقول ديفلين: "لقد كان المؤلفون واضحين جداً بشأن حدود هذه الدراسات، لكن من المثير للاهتمام أن نرى أنهم فعلوا ذلك. إن الوصول إلى هذا المستوى من البيانات أمر لا يصدق".

وجد الباحثون بعض الاختلافات المثيرة للاهتمام فيما يخص الاستجابة لاستخدام تشات جي بي تي بين الرجال والنساء؛ فبعد استخدام بوت الدردشة مدة 4 أسابيع، كانت الإناث المشاركات في الدراسة أقل ميلاً بقليل للتواصل الاجتماعي مع الناس مقارنة بنظرائهن الذكور الذين فعلوا الشيء نفسه. وفي الوقت نفسه، أبلغ المشاركون الذين ضبطوا الوضع الصوتي لبوت الدردشة على نوع اجتماعي مغاير لهم في تفاعلاتهم عن مستويات أعلى بكثير من الشعور بالوحدة وزيادة اعتمادهم العاطفي على بوت الدردشة في نهاية التجربة.

اقرأ أيضاً: هل يمكن للمساعِدات الصوتية أن تفهم اللغات واللهجات كلّها الموجودة في العالم؟

تقدير التأثير العاطفي لبوتات الدردشة فينا لا يزال صعباً

ليس لدى أوبن أيه آي حالياً أي خطط لنشر أي من الدراستين.

لا تزال بوتات الدردشة المدعومة بنماذج لغوية كبيرة تكنولوجيا ناشئة، ومن الصعب دراسة كيفية تأثيرها فينا عاطفياً. ويعتمد الكثير من الأبحاث الحالية في هذا المجال -بما في ذلك بعض الأعمال الجديدة التي أجرتها أوبن أيه آي ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- على البيانات التي يبلّغ عنها الأشخاص الخاضعين للدراسة ذاتياً، والتي قد لا تكون دائماً دقيقة أو موثوقة. ومع ذلك، فإن هذا البحث الأخير يتوافق مع ما اكتشفه العلماء حتى الآن حول مدى التأثير العاطفي الذي يمكن أن تُحدثه محادثات بوتات الدردشة. على سبيل المثال، وجد باحثو مختبر الوسائط بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 2023 أن بوتات الدردشة تميل إلى تقليد المشاعر العاطفية الكامنة في رسائل المستخدم، ما يشير إلى نوع من حلقة التغذية الراجعة، إذ كلما تصرف المستخدم بسعادة أكبر، بدا الذكاء الاصطناعي أكثر سعادة، وفي المقابل، إذا تصرف المستخدم بحزن أكبر، يُظهر الذكاء الاصطناعي سلوكاً مشابهاً أيضاً.

كيف جُمعت بيانات البحث؟

استخدمت أوبن أيه آي ومختبر الوسائط بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا طريقة ذات شقين. أولاً، عملا على تجميع بيانات العالم الحقيقي لما يقرب من 40 مليون عملية تفاعل مع تشات جي بي تي وتحليلها. ثم سألا 4,076 مستخدماً ممن أجروا تلك التفاعلات عن شعورهم. بعد ذلك، اختار مختبر الوسائط ما يقرب من 1,000 شخص للمشاركة في تجربة مدتها 4 أسابيع. كانت هذه التجربة أكثر تعمقاً، حيث درست كيفية تفاعل المشاركين مع تشات جي بي تي مدة 5 دقائق على الأقل يومياً. في نهاية التجربة، ملأ المشاركون استبياناً لقياس تصوراتهم عن بوت الدردشة، ومشاعرهم الذاتية بالوحدة، ومستويات تفاعلهم الاجتماعي، واعتمادهم العاطفي على البوت، ومدى إحساسهم بأن استخدامهم له يمثل مشكلة أم لا. وقد وجدوا أن المشاركين الذين وثقوا ببوت الدردشة وكوّنوا روابط قوية معه أكثر من غيرهم كانوا أكثر عرضة من غيرهم للشعور بالوحدة والاعتماد عليه.

يقول الباحث في السياسات في أوبن أيه آي، جيسون فانغ، الذي عمل في المشروع، إن هذا العمل هو خطوة أولى مهمة نحو تحسين معلوماتنا المعمقة عن تأثير تشات جي بي تي فينا، وهو ما قد يساعد منصات الذكاء الاصطناعي على تمكين التفاعلات الأكثر أماناً والصحية بدرجة أكبر. ويقول: "إن الكثير مما نفعله هنا لا يزال في مراحله الأولى، لكننا نحاول أن نبدأ دراسة هذا المجال لمعرفة الأبعاد التي يمكننا البدء بقياسها، وأن نبدأ التفكير في التأثير الطويل الأمد في المستخدمين".

اقرأ أيضاً: ما هي إصدارات نماذج التفكير في بوتات الدردشة؟ وكيف تعمل؟

على الرغم من الترحيب الذي يلقاه هذا البحث، لا يزال من الصعب تحديد متى يتفاعل الإنسان مع التكنولوجيا -ومتى لا يتفاعل معها- على المستوى العاطفي، على حد قول ديفلين. وتقول إن المشاركين في الدراسة ربما كانوا يعيشون مشاعر لم يسجلها الباحثون.

وتضيف قائلة: "فيما يتعلق بما شرعت الفِرق في قياسه، ربما لم يكن المشاركون بالدراسة يستخدمون تشات جي بي تي بطريقة عاطفية بالضرورة، لكن لا يمكنك أن تفصل ماهيتك البشرية عن تفاعلاتك مع التكنولوجيا. نحن نستخدم هذه المحددات العاطفية التي أنشأناها للبحث عن أشياء معينة، لكن من الصعب جداً استقراء ما يعنيه ذلك فعلياً بالنسبة إلى حياة شخص ما".

المحتوى محمي