يزداد عدد توربينات الرياح في العالم بسرعة كبيرة، وتساعد هذه التوربينات على تحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة كهربائية. ونظراً لأنها لا تتطلب حرق الوقود الأحفوري ولا تطلق انبعاثات في الغلاف الجوي، يعوَّل عليها كأحد الحلول لمشكلة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
لكن بعض الخبراء يجادلون في جدوى طاقة الرياح وكفاءة عمل التوربينات، كما يتحدثون عن بعض التأثيرات السلبية التي يمكن أن تسببها في البيئة المحيطة.
اقرأ أيضاً: كيف يتم تحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة كهربائية؟
التأثيرات الصحية
هناك جدل كبير حول الآثار الصحية المحتملة لتوربينات الرياح، وقد وجدت دراسات علمية كثيرة أن توربينات الرياح ليس لها أي آثار صحية ضارة على السكان القريبين منها.
أكثر المشاكل الصحية شيوعاً متعلقة بالضوضاء، حيث تسبب توربينات الرياح بعض الضوضاء، لكنها عموماً ليست ضوضاء عالية بما يكفي للتسبب في مشاكل صحية. وقد تم تصميم معظم توربينات الرياح الحديثة لتقليل مستويات الضوضاء.
في بعض الحالات، أبلغ الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من توربينات الرياح عن معاناتهم من أعراض مثل الصداع واضطرابات النوم والدوار. ومع ذلك، لم تجد الدراسات العلمية أي دليل واضح على أن هذه الأعراض ناتجة عن توربينات الرياح.
بشكل عام، تشير الأدلة العلمية المتاحة إلى أن توربينات الرياح لا تشكل خطراً على صحة الإنسان.
اقرأ أيضاً: ما الصعوبات التي تواجه استغلال طاقة الرياح في توليد الكهرباء؟
المظهر العام
يمكن أن يكون لتوربينات الرياح تأثيرات إيجابية أو سلبية على المظهر العام للمكان الذي توجد فيه. وتكمن التأثيرات الإيجابية في كون توربينات الرياح رمزاً للطاقة النظيفة والتقدم التكنولوجي، ويمكن أن يكون تصميمها الأنيق والحديث جذاباً من الناحية الجمالية. وفي بعض الحالات، يمكن أن تصبح معالم بارزة تحدد هوية المنطقة وتجذب السياح إليها.
أما بالنسبة للتأثيرات السلبية، فتكون بسبب التداخل البصري بين توربينات الرياح ومحيطها، ما قد يفسد جمال المناظر الطبيعية، خاصةً في الأماكن السياحية مثل السواحل أو الجبال.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن تحسين إنتاج طاقة الرياح؟
بشكلٍ عام، يعد تأثير توربينات الرياح على المظهر المحيط بها أمراً شخصياً، ويعتمد على التفضيلات الشخصية والقيم الثقافية والحساسية البصرية. لذلك، من المهم مراعاة آراء ووجهات نظر السكان المحليين عند التخطيط لمشاريع طاقة الرياح، وإيجاد طرق للتخفيف من آثارها البصرية المحتملة، من خلال التصميم الجذاب وعدم التأثير على المناظر الطبيعية.
قيمة العقارات المجاورة
يعد تأثير توربينات الرياح على قيمة العقارات موضوع نقاش، ولا يوجد إجماع واضح حول ما إذا كان لها تأثير إيجابي أو سلبي.
تشير بعض الدراسات إلى أن توربينات الرياح لها تأثير ضئيل أو معدوم على قيم العقارات المجاورة. على سبيل المثال، قامت دراسة أجراها مختبر لورانس بيركلي الوطني عام 2013 بتحليل أكثر من 50 ألف عملية بيع لمنازل بالقرب من 67 مزرعة رياح في 27 ولاية أميركية، ولم تجد أي تأثير ملحوظ لوجود هذه المزارع على أسعار المنازل.
اقرأ أيضاً: توربينات الرياح العائمة قد توفر طاقة متجددة بشكل دائم
في دراسة أخرى أجرتها جامعة رود آيلاند الأميركية عام 2013، لم يتم رصد أي تأثير لمزارع الرياح على قيم العقارات في الولاية.
في حين تشير دراسات أخرى إلى أن توربينات الرياح يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على قيم العقارات، لا سيما في المناطق التي تكون مرئية فيها أو تكون قريبة جداً من العقارات. على سبيل المثال، وجدت دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد عام 2012 أن بناء توربينات الرياح على بعد كيلومترين من العقار يمكن أن يقلل من قيمته بنسبة تصل إلى 12%.
غالباً ما يُعزى التأثير السلبي المحتمل لتوربينات الرياح على قيمة العقارات إلى مخاوف بشأن الضوضاء والتأثير البصري والآثار الصحية المحتملة، على الرغم من أن هذه المخاوف مثيرة للجدل وغير مثبتة علمياً.
اقرأ أيضاً: هل سنشهد تزايد تبني طاقة الرياح في المستقبل؟
حياة الطيور
يمكن أن يكون لتوربينات الرياح تأثير سلبي كبير على الطيور، خاصةً الطيور الجارحة والطيور المهاجرة التي تطير على ارتفاعات عالية حيث توجد شفرات توربينات الرياح عادةً.
ويتجلى التأثير الرئيسي لتوربينات الرياح على الطيور باصطدامها بشفرات التوربينات، ما قد يؤدي لإصابتها أو موتها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للضوضاء والاهتزازات الصادرة عن توربينات الرياح أن تزعج الطيور وتؤثر على سلوكها، بما في ذلك عادات التغذية والتزاوج والتعشيش.
أثبتت العديد من الدراسات هذا التأثير السلبي على الطيور، خاصةً في المناطق التي يوجد فيها عدد كبير من الطيور. على سبيل المثال، قدرت دراسة أجرتها هيئة الأسماك والحياة البرية الأميركية عام 2013 أن توربينات الرياح كانت مسؤولة عن نفوق ما بين 140 ألف إلى 328 ألف طائر سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية.
اقرأ أيضاً: الطاقة المتجددة مورد المستقبل: مزايا واسعة وعقبات في الطريق
للتخفيف من تأثير توربينات الرياح على الطيور، يمكن اتخاذ تدابير عديدة، مثل وضع توربينات الرياح بعيداً عن موائل الطيور، وإيقاف تشغيل التوربينات خلال فترة هجرتها، واستخدام أنظمة الرادار لاكتشاف وتجنب اصطدام الطيور بها. كما تستثمر بعض شركات طاقة الرياح في البحث والتطوير لتصميم توربينات صديقة للطيور، مثل تلك التي تتضمن شفرات عاكسة تسبب إبعاد الطيور عنها.