يمكن استخدام الهواتف الذكية لمراقبة سلامة الجسور بشكلٍ أسرع وبتكلفة أقل بكثير مما هو ممكن حالياً، ما يوفر للمهندسين البيانات المطلوبة لإصلاح الهياكل قبل أن تصبح غير مستقرة إلى حدٍّ خطير.
عادةً ما تتم مراقبة حالة الجسور بإحدى طريقتين: إما أن يقوم المهندسون بفحصها بصرياً (بالعين المجردة) بحثاً عن التصدّعات، وإما أن تقوم أجهزة الاستشعار بجمع البيانات حول اهتزازات الجسور وحركتها. لكن الباحثين في أكاديمية ويست بوينت العسكرية قد طوّروا طريقة جديدة، وهي جمع بيانات مقياس التسارع من الهواتف الذكية الموجودة في السيارات في أثناء عبورها الجسور.
فاعلية أكبر لاستخدام الهواتف الذكية في اختبار اهتزازات الجسور
خلال التجارب التي تضمنت القيادة عبر كل من جسر البوابة الذهبية في سان فرانسيسكو وجسر خرساني مسلّح في إيطاليا، وجد الباحثون أن هاتفين ذكيين فقط يمكنهما توفير بيانات بدقة مماثلة لنحو 240 جهاز استشعار ثابتاً. تلتقط الهواتف الاهتزازات التي تحدث بشكل طبيعي من الجسور، ما يسمح للباحثين بمراقبة التغييرات الهيكلية بمرور الوقت. تم وصف هذه الأبحاث في دراسة نُشرت في مجلة نيتشر بتاريخ 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
حيث يقول الباحثون إن مراقبة هذا النوع من بيانات الهواتف الذكية يمكن أن يطيل عمر هيكل الجسر بنسبة 30%، وذلك من خلال مساعدة طواقم الصيانة على إجراء الإصلاحات في الوقت المناسب.
اقرأ أيضاً: هل تعتبر معارك المدن ضد كاميرات المراقبة في شوارعها خاسرة؟
يعتبر التأكد من صيانة الجسور أمراً ضرورياً، وهو ما تبين قبل أيام قليلة فقط عندما انهار جسر في ولاية غوجارات بالهند، ما أسفر عن مقتل 135 شخصاً. إنها مشكلة في بلدان أخرى أيضاً. على الرغم من أن القانون في الولايات المتحدة يفرض فحص الجسور بالعين المجردة كل عامين، فإن هذا لا يُلغي احتمالية حدوث الكوارث، مثل انهيار جسر I-35W في مدينة مينيابوليس في عام 2007، والذي أسفر عن مقتل 13 شخصاً وإصابة 145 آخرين.
صيانة الجسور مكلفة. يوجد 600.000 جسر في الولايات المتحدة، ومن الممكن أن تدفع المؤسسات المسؤولة عن تلك الجسور نحو 50.000 دولار مقابل أجهزة الاستشعار وحدها، فضلاً عن التكاليف الإضافية المترتبة على الحاجة إلى صيانتها وتحليل البيانات التي تصدرها. لذا، تُعد الهواتف الذكية خياراً أقل تكلفة.
اعتماد التقنية على نطاق واسع يتطلب المزيد من الدراسة
يقول أستاذ الهندسة المدنية والمعمارية والبيئية في جامعة دريكسل، أحمد أمين أكتان، والذي لم يشارك في الدراسة: على أي حال، يجب القيام بالعمل المطلوب لجعل هذه التقنية حقيقة. ويعتقد أكتان أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً قبل اعتماد هذه التقنية على نطاقٍ واسع.
اقرأ أيضاً: توزع كاميرات المراقبة في مدينة أميركية يثير مخاوف الخصوصية والتمييز
كما يتوقع أن تظل عمليات الفحص بالعين المجرّدة الطريقة الأساسية لمراقبة الجسور لمدة 10 إلى 20 سنة قادمة، لأن كلاً من أجهزة الاستشعار والهواتف الذكية يمكن أن تقدم بيانات صعبة التحليل على عكس ما يراه المهندسون بأعينهم. يمكن أن يؤثر أي شيء عادي مثل الطقس أو التغيرات في ازدحام الحركة المرورية على طريقة عمل الهياكل وحركتها، ما قد يؤثر بدوره على البيانات. فهي تصبح أكثر صلابة في الطقس البارد، على سبيل المثال.
ويضيف أكتان: لكن في النهاية، من المحتمل أن يتم استخدام مجموعة من ملاحظات المراقبة البصرية بالإضافة إلى البيانات التي تم جمعها من الهواتف الذكية.