تعد كاميرات المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتي يمكنها التعرف على الوجوه وتحدد هوية الأشخاص شائعة في الكثير من الدول، والهدف المعلن من نشر واستخدام هذه الكاميرات هو مراقبة الناس في الأماكن العامة بغية التعرف على الأشخاص المشتبه بهم، والذين يُحتمل أن يرتكبوا جرائم أو مخالفات قانونية.
يحذّر العديد من المنظمات والأفراد من هذه الكاميرات ويعتبرون أنها تشكّل انتهاكاً للخصوصية، خاصةً بعد أن تطورت أنظمة الذكاء الاصطناعي بحيث لم تعد قادرة على تحديد هوية الأشخاص فحسب، بل يمكنها تحديد هوية من التقتهم أيضاً.
اقرأ أيضاً: هل يمكن للمكانس الذكية أن تهدد خصوصيتك؟ حدث بالفعل
نظام المراقبة من شركة فينترا
شركة فينترا (Vintra) هي شركة أميركية قامت بتطوير نظام ذكاء اصطناعي يدعى الظهور المشترك أو تحليل الارتباط، يستطيع هذا النظام تحليل الصور ومقاطع الفيديو التي التقطتها كاميرات المراقبة والعثور خلال عدة دقائق على أي شخص التقطته الكاميرات، بالإضافة إلى الأشخاص الذين التقاهم.
النظام متطور وذكي للغاية لدرجة أنه يستبعد الأشخاص الذين مروا بجوار الشخص أو تصادف وجودهم بالقرب منه.
عرضت الشركة مقطع فيديو يظهر عمل النظام. في الفيديو، يظهر رجل وهو يسير في بهو أحد المكاتب وهو ممسك بكوب من القهوة، ولا يدرك أنه يخضع للمراقبة بمجموعة من الكاميرات التي ترسل بياناتها إلى نظام ذكاء اصطناعي يقوم برصد المكان وتحديد موقعه والتعرف على هويته، بالإضافة إلى تحديد الأشخاص الذين قابلهم.
تمكن النظام بسرعة من تحديد الشخص وتحليل مقاطع الفيديو السابقة التي ظهر فيها الرجل، ثم التعرف على رجل آخر التقاه.
هل يُستخدم هذا النظام اليوم؟
تم إطلاق هذا النظام بشكلٍ رسمي في العام الماضي، وتسوّق له الشركة على أنه نظام للتعرف على الأشخاص الذين يظهرون بشكلٍ مشترك في كاميرات المراقبة، وتقول الشركة إن ذلك مفيد للغاية من أجل تحديد الأشخاص الخطرين والأشخاص المتعاونين معهم.
تفتخر الشركة على موقعها الإلكتروني بعلاقتها مع بعض المؤسسات ووكالات إنفاذ القانون، مثل إدارة الشرطة بولاية فلوريدا، وهذا يشير إلى أن النظام ربما أصبح مستخدماً في بعض الولايات الأميركية وربما في دول أخرى، فإدارات الشرطة تستخدم عادةً التكنولوجيا الجديدة دون أن تفصح عن ذلك.
اقرأ أيضاً: هل تعتبر معارك المدن ضد كاميرات المراقبة في شوارعها خاسرة؟
فوائد هذا النظام ومخاطره
هناك فوائد ومخاطر محتملة لاستخدام هذا النظام. من ناحية، يمكن استخدامه لتعزيز الأمن والسلامة العامة. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يستخدم بشكلٍ سيئ. لذلك، ينبغي دراسة الفوائد والمخاطر جيداً قبل اتخاذ القرار باستخدامه أو عدم استخدامه.
الفوائد
تشمل فوائد النظام بشكلٍ رئيسي تعزيز الأمن والسلامة العامة من خلال مساعدة وكالات إنفاذ القانون على تحديد الأشخاص المتعاونين مع المجرمين، بهذه الطريقة، لن تكون وكالات إنفاذ القانون قادرة على اعتقال المجرمين فقط، بل يمكنها تفكيك الشبكات الإجرامية أيضاً.
على سبيل المثال، حين تلتقط كاميرات المراقبة شخصاً يبيع أو يوزع المخدرات في أحد الأماكن العامة، يستطيع النظام تحديد كل الأشخاص الذين قابلهم، بذلك يمكن اعتقال كل شخص ساعده على جلب المخدرات وتوزيعها، بالإضافة إلى كل شخص تعامل معه واشترى منه المخدرات.
اقرأ أيضاً: الشرطة الأميركية تستخدم أموال مكافحة الإرهاب لشراء معدات مراقبة تنتهك الخصوصية
المخاطر
نظام المراقبة هذا لا يخلو من المخاطر، تتعلق هذه المخاطر بحالتين هما الاستخدام السيئ والأخطاء التي قد تحدث.
يُقصد بالاستخدام السيئ أن تقوم بعض الجهات باستخدام النظام لمراقبة المعارضين لها والأشخاص الذين قابلوهم، فقد يؤدي ذلك إلى اعتقال أشخاص لم يرتكبوا أي جريمة.
كما أن الأخطاء في عمل النظام هي أمر وارد أيضاً وقد تكون لها تبعات خطيرة، تخيل أنك تمشي في الشارع وتمر بجوار شخص ارتكب جريمة أو مخالفة قانونية وقام نظام الذكاء الاصطناعي بتحديد هويتك معتقداً أنك صديقه أو متعاون معه، في هذه الحالة، ربما يتم استجوابك أو اعتقالك.
اقرأ أيضاً: توزع كاميرات المراقبة في مدينة أميركية يثير مخاوف الخصوصية والتمييز
كيف يمكن تجنب المخاطر؟
في الحقيقة، لا توجد طريقة يمكن أن تضمن استخدام النظام وعمله بالطريقة الصحيحة، لكن يمكن لبعض الإجراءات أن تساعد مثل:
- سن قوانين وتشريعات تنظّم استخدام أنظمة المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
- عدم السماح للمؤسسات باستخدام هذه الأنظمة دون الإفصاح عن ذلك.
- اختبار الأنظمة جيداً قبل استخدامها للتأكد من أنها لا ترتكب أخطاءً يمكن أن تسبب الاشتباه بأشخاص أبرياء.
- منع شركات التكنولوجيا من بيع أنظمة المراقبة للدول التي لديها سجل سيئ في مجال حقوق الإنسان.