واصلت شركة إمبوسيبل فودز (Impossible Foods) التوسع طوال فترة الجائحة، لتتدفق منتجات البرجر والنقانق النباتية الحمراء التي تصنعها إلى أكثر من 10 آلاف متجر إضافي في الولايات المتحدة خلال العام الجاري.
وفي الوقت الحالي، تستعد الشركة -التي جمعت 700 مليون دولار عام 2020- للانتقال إلى أسواق وخطوط إنتاج جديدة. كما أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، 20 أكتوبر، عن خطط لمضاعفة حجم فريق البحث والتطوير الخاص بها خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، لتضيف نحو 150 عالماً ومهندساً جديداً، من بينهم 10 وظائف جديدة تحت مسمى “باحث المستحيل”، مصممة لجذب أفضل العلماء من خلال السماح لهم بطرح برامجهم البحثية الخاصة.
وكشفت الشركة أيضاً، في مؤتمر صحفي، عن نموذج أولي لمنتج لا يزال قيد التطوير: بديل نباتي للحليب. (لم تناقش بعد متى قد يصل هذا المنتج إلى أرفف المتاجر).
وكانت شركة إمبوسيبل -التي أسسها بات براون، أستاذ الكيمياء الحيوية بجامعة ستانفورد عام 2011، والتي يقع مقرها في ريدوود سيتي بولاية كاليفورنيا- قد طورت بديلاً مقنعاً للحم البقري المفروم، معتمدة بشكل أساسي على تخمير وتعديل أنواع معينة من الخميرة وراثياً لإنتاج الهيم (Heme) [وهي الصبغة الحمراء في هيموجلوبين الدم]. وتقول الشركة إن هذا المركب الذي يحتوي على الحديد مسؤول إلى حد كبير عن لون اللحم المفروم وطعمه.
وتقدم عشرات الآلاف من المطاعم في الوقت الحالي إمبوسيبل برجرز، بما في ذلك مطاعم برجر كينج.
تمثلت المهمة التي أسس براون الشركة من أجلها في تخفيف الأثر البيئي لقطاع الثروة الحيوانية، الذي ينتج –وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة– حوالي 14.5% من التلوث الناتج عن غازات الدفيئة في العالم.
وفي مقابلة مع إم آي تي تكنولوجي ريفيو، وضع براون هدفاً نهائياً جريئاً: الاستغناء عن ما يكفي من المنتجات الحيوانية الرئيسية لإيقاف هذه الصناعة عن العمل والقضاء تماماً على تلك الانبعاثات. ويقول إن الشركة تعمل الآن على جملة أمور منها تطوير بدائل مقنعة لصدور الدجاج وشرائح اللحم.
تم تحرير هذه المقابلة لأغراض تتعلق بالطول والوضوح.
س: لماذا توسعون فريق البحث والتطوير الخاص بكم؟
مهمتنا هي أن نستبدل تماماً أكثر التقنيات تدميراً في العالم -وهي استخدام الحيوانات- بحلول عام 2035. وسننجح أو نفشل استناداً إلى قدرتنا على بناء قاعدة تكنولوجية كاملة تنتج جميع الأطعمة التي نحصل عليها اليوم من الحيوانات، مع جعلها أكثر لذة ومغذية بشكل أكبر ورخيصة الثمن وقابلة للاستمرار، وما إلى ذلك.
س: ما هي المسائل البحثية الرئيسية التي تحاولون حلها الآن؟
نحن نبني قاعدة تكنولوجية تهدف إلى تحويل النباتات والمكونات المستخرجة من النباتات، إلى شيء يبدو مختلفاً تمامَ الاختلاف عن النبات، ويعتبره المستهلك لحماً.
ما يهم هنا هو كلٌّ من النظام الكيميائي الحيوي (المسؤول عن النكهة الحيوية وتأثير الرائحة وما إلى ذلك) والمواد التي تتميز بخصائص دقيقة للغاية والغريبة إلى حد ما من وجهة نظر علم المواد.
ولا يتعلق هذا الأمر فقط بأخذ حفنة من المكونات المعتادة، وخلطها في وعاء الخلط، وإخراج “شيتوس” أو أي شيء آخر منها. هذه مشكلة أصعب بكثير؛ لأنه لكي ننجح لا يتعين علينا خلط الأشياء معاً على شكل شطيرة برجر فحسب، وإنما يتوجب علينا أن نصنع شيئاً يعتبره المستهلكون لحماً، وأن يكون أكثر لذة ومغذياً بشكل أكبر، وأرخص من أي شيء يُمكن للتكنولوجيا الحالية أو الأبقار أو أي شيء آخر أن ينتجه.
س: ما هو التحدي الكبير التالي؟ هل ستنتقلون من إنتاج اللحم المفروم إلى القطع الكاملة، مثل شرائح اللحم أو صدور الدجاج؟ هل ستنتقلون إلى الحليب والجبن؟ أو الدواجن ولحم الضأن؟
نحن نعمل على كل هذه الأشياء.
إذا أخذنا جزءاً من الأنسجة العضلية من بقرة أو خنزير أو دجاجة أو سمك الهلبوت أو حتى ذبابة الفاكهة، ونظرنا إليها تحت المجهر الإلكتروني، فستبدو متشابهة إلى حد بعيد. لذلك، إلى حد ما، إذا حللت مشكلة إنتاج نوع واحد من اللحوم، فقد حللت المشكلة بنسبة 95% لجميع أنواع اللحوم.
لقد اتخذنا خياراً إستراتيجياً للغاية عندما قررنا البدء باللحم البقري النيئ المفروم؛ لأن اللحم البقري هو القطاع الأكثر تدميراً في صناعة الإنتاج الحيواني وبفارق ضخم عن باقي القطاعات. وفي الولايات المتحدة، يُعتبر اللحم البقري المفروم هو القطعة أو الفئة الأكثر مبيعاً من اللحوم، إذا جاز التعبير. لذلك، إذا كنت ترغب في عرقلة تلك الصناعة -وهو ما نهدف إليه- فهذا هو المنتج البديهي الذي يجب البدء به.
س: ما هي التحديات العلمية التي سيتعين على مجموعتك البحثية حلها للانتقال من اللحم المفروم إلى إنتاج شيء يحاكي -في عقل المستهلك- قطعة دجاج أو شريحة لحم؟
إذا نظرت إلى شريحة لحم، فستدرك أنها تحتوي على عدة مكونات مميزة؛ فهي تحتوي على نسيج دهني، ونسيج ضام رخو، ونسيج ضام صلب، إضافة إلى النسيج العضلي نفسه.
لذا، فإن ثمة تنوعاً أكبر في المواد التي يمكنك اعتبارها مواد مميزة، وهذا هو الأمر الأول. والآن، ربما لا تكون معظم هذه المواد مهمة للغاية بالنسبة للمستهلك. على سبيل المثال، على الرغم من أن القطعة الكبيرة من شريحة اللحم التي تتناولها تحتوي على أعصاب وعقد ليمفاوية وغضاريف وأشياء من هذا القبيل، فإنك على الأرجح لن تمانع بشكل خاص إذا استبعدنا هذه الأجزاء.
– الدهون واللحم فقط هما المهمان بالنسبة لي.
– نعم، بالضبط. ونفس الأمر على الأرجح بالنسبة للكثير من الناس. ليس هذا النوع من الدهون الموجودة تحت الجلد هو ما يهم، وإنما ما يهم هو النسيج الخلالي، وهو نوع من الدهون الرخامية السميكة.
ولكي نكون صادقين، فإن هدفنا هو أن نجعل الاستمرار في تربية الأبقار أمراً غير قابل للاستدامة من الناحية الاقتصادية في أسرع وقت ممكن. وللقيام بذلك، أعتقد أنه ربما يتعين علينا صنع منتجين اثنين. لا يجب علينا أن نصنع كبداً بقرياً، وإنما يجب أن نصنع اللحم المفروم -الذي يمثل نصف إجمالي مبيعات اللحم البقري في الولايات المتحدة- وأن نصنع شريحة لحم جيدة حقاً. كما أنه لا يتعين علينا صنع ثمانية أنواع مختلفة من شرائح اللحم لكي نتمكن من تعطيل السوق بما يكفي لإنجاز مهمتنا.
وما هي الخصائص التي تميز شريحة اللحم الجيدة؟ أعتقد أننا يجب أن نصنع شيئاً يتسم بنوعية جيدة للغاية من تلك البنية العضلية والقوام، لذا يجب أن تكون قادراً على الوصول إلى الخصائص الميكانيكية الصحيحة. تحتوي شريحة اللحم على بعض الأنسجة الضامة، وهي نوع من النسيج البروتيني غير المنسوج، كما تحتوي على نسيج دهني خلالي. بالنسبة للنسيج الدهني.. ما الأشياء المهمة فيه؟ حسناً، تُعد خصائصه الميكانيكية مهمة إلى حد ما، كما أن طريقة ذوبانه وكيميائية نكهته مهمة.
وعندما تفكر في تشكيل المواد اللينة في الهياكل وما يشببها، في سياقات أخرى غير اللحوم، فإن هذا يُعد بالفعل مجالاً متطوراً للغاية من الهندسة وعلوم المواد.
س: يجب أن أعترف بأنني متشكك قليلاً في مدى ضخامة التأثير الذي يمكن أن يُحدثه هذا الأمر، فهناك روابط ثقافية عميقة مرتبطة بتربية الماشية واستهلاكها في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن يزداد الطلب على اللحوم بصورة هائلة في العالم النامي في ظل ما نشهده من نمو للطبقة المتوسطة. فكيف يمكنك إذن أن تجذب هذه الحصة الكبيرة من السوق؟
الجواب الأساسي هو أن تنشئ قاعدة تكنولوجية أفضل يمكنها أن توفر الأشياء الأساسية التي يريدها المستهلكون من هذه الأطعمة بشكل أفضل من الشركات الأخرى القائمة. هذا هو جوهر الأمر. وأنت تتساءل الآن: ماذا عن كل تلك الروابط الثقافية؟ لقد أجرينا الكثير من الأبحاث حول هذا الموضوع، والحقيقة هي أن محبي اللحوم في جميع أنحاء العالم -بغض النظر عن مدى تشددهم أو مكان إقامتهم أو أي شيء آخر- يحبون اللذة الموجودة في اللحوم، ويحبون الألفة والأطعمة التي يمكنهم طهيها معها، كما يحبون البروتين والحديد والراحة، وغيرها من الأشياء.
لكنهم لا يحبون حقيقة أنها مصنوعة من جثة حيوان. وبالرغم من أن هذا الأمر وحده لا يكفي لجعلهم لا يريدون أكل اللحوم، إلا أنه ليس مجرد جزء من القيمة المقترحة على الإطلاق. لسنا مضطرين للتعامل مع الثقافة؛ وإنما علينا التعامل مع اللذة. وهذه مشكلة قابلة للحل.
س: ما الأشياء التي تحتاج إلى حلها لبدء الانتشار في السوق في العالم النامي؟
أحد الأشياء التي نسعى إليها -وهو أمر صائب تماماً- أن نخفض تكلفة منتجنا عن تكلفة المنتج الحالي. تستخدم عمليتنا أرضاً أقل بمقدار 25 ضعفاً، ومياه أقل بتسعة أضعاف، وأسمدة أقل بمقدار 12 ضعفاً. كما أن عدد العمال المطلوب لزراعة المحاصيل أقل، ولا توجد عمالة مكرسة لإدارة الثروة الحيوانية. لذا، فإن تكاليف العمالة أقل، وكذلك فإن جميع المستلزمات الأخرى أقل تكلفة. وبالتالي، فإن الفوارق الاقتصادية كبيرة للغاية. وما يتعين علينا القيام به ببساطة هو معرفة تلك المزايا الأساسية، وهو الأمر الذي يتطلب نطاقاً واسعاً ويُحتم علينا المضي قدماً؛ لأنه يجب علينا حالياً أن نستثمر باستمرار في النمو، أليس كذلك؟
س: إذن، لنكن واضحين، أنت لا تعتقد أن هذا يمثل 80% من الحل. فهل تعتقد أنه يمكن أن يكون حلاً كاملاً لمشكلة الانبعاثات التي تنتجها الماشية؟
الماشية ستكون بمثابة حيوانات أليفة.
إذا كان لدينا منتج أرخص وأكثر لذة وأفضل لصحة المستهلكين، فأنا على ثقة بأن معظم المستهلكين في العالم سيفضلونه عن المنتج الحالي. وإذا لم يشترِ أحد منتجات الثروة الحيوانية، فلن يكون هناك حافز إذن للاستمرار في تغطية الكوكب بالأبقار. الأمر بهذه البساطة.
وليس الأمر أننا لا بد أن نستبدل كل شيء تنتجه البقرة ويعده الناس ذا قيمة، وإنما يجب أن نستبدل ما يكفي من العناصر المربحة في البقرة لجعل تربية المزيد من الأبقار عملية غير مربحة.