ملخص: ينشط اتجاه في التكنولوجيا الحيوية حالياً ينجز أبحاثاً حول مكافحة الشيخوخة، وإطالة العمر بصحة جيدة. من تطبيقات هذه الأبحاث علاجات محتملة للأمراض العصبية التنكسية كآلزهايمر وباركنسون. بالإضافة إلى علاج الأمراض الناتجة عن إصابا العمود الفقري وتضرر الخلايا العصبية. ومع انتشار صيحات العلاجات الجينية ونجاح الكثير من عمليات زرع الأعضاء، يبرز باحثون يقولون إن العملية برمتها تعتمد على عملية تجديد خلوية للجسم. إلا أن المعضلة المتبقية هي تجديد خلايا الدماغ، الذي لا يمكن استبداله لأنه يمثل الشخص نفسه. آخر الخطط الطموحة تهدف إلى زرع خلايا جنينية بالتدريج في الدماغ، وببطء، بحيث تتأقلم بيئة الدماغ معها وتصبح جزءاً منها. تصطدم هذه الطموحات بتعقيدات طبية وأخلاقية، لا سيما وأن مصدر الخلايا هو الأجنة البشرية التي يتراوح عمرها بين 5- 8 أسابيع.
وظّفت وكالة حكومية أميركية، تسعى إلى تحقيق إنجازات طموحة وغير مسبوقة في مجال الصحة، باحثاً يدعو إلى تطبيق خطة ثورية للغاية للتغلب على الموت.
ما هي فكرته؟ استبدال أجزاء الجسم البشري كلّها. حتى الدماغ.
من المتوقع للموظف الجديد في وكالة المشاريع المتقدمة للصحة أو اختصاراً "آربا-آتش" (ARPA-H) التابعة للحكومة الأميركية، جان إيبير، أن يقود مبادرة جديدة ضخمة تتمحور حول "استبدال الأنسجة الدماغية الوظيفية"، وهي فكرة تتضمن إضافة أنسجة شابة إلى أدمغة البشر.
أسس الرئيس جو بايدن آربا-آتش في 2022، بوصفها وكالة تتبع لوزارة الصحة والخدمات البشرية، سعياً إلى تحقيق ما أسماه "ابتكارات جريئة وطارئة" لديها القدرة على إحداث تحولات كبيرة.
اقرأ أيضاً: ما مخاطر غرس شريحة نيورالينك في الدماغ وما أبرز تطبيقاتها؟
تطبيقات فكرة تجديد الدماغ
من التطبيقات المحتملة لفكرة تجديد الدماغ علاج ضحايا السكتة الدماغية، الذين يفقدون بعض المناطق المسؤولة عن الوظائف الدماغية. لكن إيبير، المختص بعلم الأحياء في كلية ألبرت أينشتاين للطب، اقترح مراراً وتكراراً استبدال الدماغ بالكامل، إضافة إلى استبدال أجزاء أخرى في جسم الإنسان، بوصفه الطريقة الوحيدة الممكنة لتجنب الموت الناجم عن الشيخوخة.
وكما وصف إيبير في كتابه الذي يعود إلى عام 2020، "استبدال الشيخوخة" (Replacing Aging)، فإنه يعتقد أن البقاء على قيد الحياة إلى أجل غير مسمى يتطلب العثور على طريقة للاستعاضة عن أجزاء جسم الإنسان جميعها بأجزاء أخرى شابة مكانها، تماماً مثلما نفعل للحفاظ على السيارة بعد أن تسير مسافة طويلة، حيث نستعين بقطع تبديل جديدة مثل مخمّدات الصدمات وشمعات الإشعال وغيرها.
صعوبة التعامل مع الدماغ في مسألة مكافحة الشيخوخة
تبدو الفكرة معقولة إلى حد ما، بما أننا نجري حالياً عمليات لزرع الكبد وتركيب مفاصل أوراك من التيتانيوم، كما أننا نزرع القرنيات الاصطناعية، ونستبدل الصمامات القلبية. غير أن التعامل مع الدماغ يمثّل المسألة الأصعب؛ فالدماغ يشيخ أيضاً، ويتقلص كثيراً مع التقدم في السن. لكنك لن ترغب في الاستعاضة عن دماغك بدماغ آخر، فدماغك هو أنت.
وهنا يأتي دور بحث إيبير. فقد كان يدرس وسائل لاستبدال الدماغ "تدريجياً"، وذلك من خلال إضافة قطع من الأنسجة الشابة المصنوعة في المختبر. يجب تنفيذ هذه العملية على درجة كافية من البطء، وفق خطوات متعددة، بحيث يستطيع الدماغ التكيُّف مع هذه التغييرات، حيث يعيد تموضع الذكريات والهوية الذاتية.
خلال زيارة في الربيع الفائت إلى مختبره في كلية ألبرت أينشتاين، عرض إيبير على إم آي تي تكنولوجي ريفيو طريقته في إجراء التجارب الأولية على الفئران، حيث كان يزيل أجزاءً صغيرة من أدمغتها ويحقنها بسائل لزج مؤلف من الخلايا الجنينية. تمثّل هذه التجارب خطوة نحو التحقق من قدرة هذه الأنسجة الشابة على البقاء وتولي تنفيذ الوظائف المهمة.
استبدال الدماغ تدريجياً
من المؤكد أن هذه الاستراتيجية ليست مقبولة على نطاقٍ واسع، حتى بين الباحثين في مجال الشيخوخة. يقول الرئيس التنفيذي لشركة أوشين بايوتكنولوجيز (Oisín Biotechnologies) المختصة بأبحاث الشيخوخة، ماثيو شولز، الذي التقى إيبير هذا العام: "للوهلة الأولى، تبدو الفكرة جنونية تماماً، لكنني فوجئت بأنه تمكن من دعمها بحجج جيدة".
غير أن شولز لا يزال متشككاً. ويقول: "لن تلقى فكرة الدماغ الجديد تأييداً واسعاً. وكيفما نظرنا إلى الفكرة، فإن الناحية الجراحية فيها عصيبة وقاسية للغاية".
غير أن أفكار إيبير حظيت على ما يبدو بدعم كبير من الحكومة الأميركية. وقد قال إيبير لإم آي تي تكنولوجي ريفيو إنه اقترح مشروعاً بقيمة 110 ملايين دولار على آربا-آتش لإثبات صحة فكرته عند القردة وغيرها من الحيوانات، وقال إن الحكومة "لم تتردد لحظة واحدة" في تقديم المبلغ.
وقد أكدت آربا-آتش مؤخراً أنها وظّفت إيبير بوصفه مدير برنامج.
آريا-آتش: وكالة حكومية أميركية تدعم هذا المشروع
تأسست هذه الوكالة وفقاً لنموذج وكالة داربا (DARPA)، المؤسسة التابعة لوزارة الدفاع التي تطور الطائرات الحربية الشبحية، وهي تمنح المدراء حرية غير مسبوقة من حيث تقديم العقود وتطوير تكنولوجيات جديدة. ومن بين برامجها الأولى محاولات لتطوير اختبارات منزلية للسرطان، وعلاج فقدان البصر من خلال عمليات زرع العين.
"ببساطة، أفضّل الحياة على هذا المسار الذي فرضته الطبيعة البيولوجية علينا للتدهور التدريجي في وظائفنا الحيوية وصولاً إلى اللحظة التي نفارق فيها الحياة".
قد نضطر إلى الانتظار عدة أشهر قبل الإعلان عن تفاصيل المشروع الجديد، ومن الممكن أن تفرض آربا-آتش أهدافاً أكثر تحفظاً، مثل علاج ضحايا السكتة الدماغية والمرضى المصابين بمرض آلزهايمر الذين تعرضوا لتلف في الدماغ، بدلاً من إطالة الحياة فترة طويلة للغاية، وهي فكرة أكثر ثورية بكثير.
يقول العالم المختص بإطالة العمر ورائد الأعمال جستن ريبو: "إذا نجحت هذه الفكرة، فمن الممكن أن نتجاوز مسألة الشيخوخة بأسرها، ونستخدمها في علاج أمراض التنكس العصبي بأنواعها كلّها".
من الأمراض العصبية التنكسية وحتى العيش فترات طويلة جداً
غير أن التغلب على الموت هو الهدف المعلن لإيبير. حيث يقول: "لقد كنت طفلاً غريب الأطوار، وعندما اكتشفت أننا جميعاً سننهار ونموت يوماً ما، بدأت أتساءل: لماذا لا يحاول أحد فعل شيء لحل هذه المشكلة؟ وهذا ما كان يوجّهني في كل ما أفعله. ببساطة، أفضّل الحياة على هذا المسار الذي فرضته الطبيعة البيولوجية علينا للتدهور التدريجي في وظائفنا الحيوية وصولاً إلى اللحظة التي نفارق فيها الحياة".
يبلغ إيبير من العمر 58 عاماً الآن، ويستذكر أيضاً عندما بدأ يفكر في أن الجسم البشري قابل للتعديل. وقد حدث هذا عندما رأى فيلم "ويست وورلد" (Westworld) عام 1973، حيث تبين خلال أحداث الفيلم أن الشرير صاحب المسدس، الذي يمثل دوره الممثل يول برينر، هو في الحقيقة روبوت. يقول إيبير: "لقد علقت هذه الفكرة في ذهني حقاً".
مؤخراً، أصبح إيبير أقرب إلى نجم في أوساط الساعين إلى إطالة العمر في إطار مجتمع جانبي مكرس للبحث عن أي طريقة للتغلب على الموت. ويعود هذا إلى أنه عالم يحوز اعتراف الأوساط العلمية، وهو مستعد لاقتراح خطوات ثورية للغاية لتجنب الموت. "يريد الكثيرون إطالة العمر فترة طويلة دون اللجوء إلى طريقة ثورية. يريد الناس تحقيق هذا الأمر من خلال تناول حبة دواء، وهذا لن يحدث"، كما يقول مدير شركة كرايوبيتس (Cryopets) التي تعمل على تطوير طرق للتجميد الشديد للقطط والكلاب تمهيداً لإنعاشها في المستقبل، كاي مايكا ميلز.
يقول إيبير إن المستحضرات الدوائية لن تتمكن من إيقاف الشيخوخة على الإطلاق، وذلك لأن الوقت يؤثّر في أعضائنا وخلايانا جميعاً، بل ويتسبب بتحلل المواد مثل الإيلاستين، وهو إحدى المواد اللاصقة الجزيئية التي تحافظ على تماسك أجسادنا. لهذا، حتى لو تمكنا من تجديد الحمض النووي داخل خلايانا من خلال العلاج الجيني على سبيل المثال، وهي فكرة تعكف عدة شركات على دراستها، فإن إيبير يعتقد أن هذا لن يحول دون موتنا على أي حال، لأن هيكلية جسمنا المحيطة بهذا الحمض النووي ما زال مصيرها الانهيار.
اقرأ أيضاً: كيف يُستخدم الحمض النووي لتخزين البيانات؟
حماسة لإطالة العمر
ثمة عدة مؤسسات تروّج لأفكار إيبير، ومنها زمالة إطالة العمر بالتكنولوجيا الحيوية (Longevity Biotech Fellowship)، أو اختصاراً "إل بي إف" (LBF) وهي مؤسسة تصفُ نفسها بأنها مجموعة من المتحمسين "المتشددين" لإطالة العمر، ونشرت هذا العام خطة توجيهية تقنية للتغلب على الشيخوخة بالكامل. في هذه الخطة، اعتمدت المجموعة على بيانات من المقترح الذي قدمه إيبير إلى آربا-آتش لدعم فكرة إطالة العمر من خلال الاستبدال التدريجي للدماغ عند كبار السن، إضافة إلى زرع رؤوسهم على أجسام بشرية مستنسخة و"غير واعية" وجرى التحكم في نموها بحيث تفتقر إلى دماغ فعال خاص بها، وهي عملية يشيرون إليها باسم "زرع الجسم".
ينطوي هذا الإنجاز المذهل على عدة تكنولوجيات غير موجودة حتى الآن، بما فيها طرق تثبيت الدماغ المزروع على النخاع الشوكي. على الرغم من هذا، فإن المجموعة تصنف "الاستبدال" على أنه الوسيلة الأرجح للتغلب على الموت، وتزعم أن تجريب هذه الطريقة فعلياً سيستغرق مدة لا تتجاوز 10 أعوام وسيتطلب مبلغاً لا يتجاوز 3.6 مليارات دولار.
يقول المؤسس المشارك لهذه المجموعة التي تنتهج البحث والتعليم، مارك هامالاينين: "لا يتطلب هذا الأمر أن تفهم الشيخوخة. ولهذا السبب فإن عمل جان مثير للاهتمام".
إن علاقة إيبير بهذه المفاهيم الغريبة والبعيدة المنال (فهو أحد المشرفين على جلسات التدريب في إل بي إف) قد تجعله خياراً غير تقليدي بالنسبة إلى آربا-آتش، وهي وكالة حديثة النشأة تبلغ ميزانيتها 1.5 مليار دولار في العام.
على سبيل المثال، صرّح إيبير مؤخراً على مدونة صوتية مع هامالاينين أن الأجنة البشرية قد تصبح مصدراً محتملاً للأجزاء المستخدمة في إطالة أعمار كبار السن. وقد قال إيبير خلال البرنامج إن هذا الأمر أخلاقي إذا كان الجنين صغيراً بما يكفي إلى درجة أنه "لا يحتوي على خلايا عصبية وليس لديه وعي ولم يبلغ مرحلة نعتبره فيها شخصاً". ووفقاً لجدول أعمال لقاء اطلعت عليه إم آي تي تكنولوجي ريفيو، كان إيبير أيضاً أحد المتحدثين الرئيسيين في جلسة تسويق عبر الإنترنت في العام الماضي حول "استبدال الجسد" بالكامل، وقد تضمنت هذه الجلسة قراصنة بيولوجيين وخبيراً في استنساخ الكائنات التي تنتمي إلى فصيلة الرئيسيات.
قطع غيار للجسم
رفض إيبير أن يصف الجلسة، التي قال إنه لم يجرِ تسجيلها "احتراماً لمن كانوا يفضلون الحفاظ على سرية اللقاء"، لكنه يؤيد استنبات أجسام بشرية غير واعية. يقول إيبير: "أنا أحاور هذه المجموعات جميعاً لأن التدهور التدريجي لا يقتصر على دماغي، بل يشمل ما تبقى من جسدي أيضاً. سأحتاج إلى قطع غيار لجسمي أيضاً".
يركّز عمل إيبير العلمي على القشرة المخية الحديثة (neocortex)، وهي الجزء الخارجي من الدماغ الذي يبدو أشبه بكومة من المعكرونة السميكة للغاية، التي تتضمن معظم حواسنا وذاكرتنا وقدرات التفكير الخاصة بنا. يقول إيبير إن القشرة المخية الحديثة "قد تكون أهم جزء من هويتنا الفردية"، كما قد تكون أيضاً "البنية الأكثر تعقيداً في العالم".
لماذا يُعدّ استبدال القشرة المخية ممكناً؟
ثمة سببان يدعوانه إلى الاعتقاد بأنه من الممكن استبدال القشرة المخية الحديثة، حتى وإن كان هذا ممكناً ببطء فقط. السبب الأول هو دليل مستمد من حالات نادرة من الأورام الدماغية الحميدة، على غرار حالة موصوفة في الأدبيات الطبية لرجل ظهرت لديه كتلة بحجم البرتقالة. غير أن النمو البطيء للغاية لهذه الكتلة سمح للدماغ بالتكيف معها، حيث نقل الذكريات إلى مكانٍ آخر، كما أن الرجل لم يتعرض على ما يبدو إلى أي تغير في سلوكه وكلامه، حتى بعد إزالة الورم.
يعتقد إيبير أن هذا يدل على أن استبدال القشرة المخية الحديثة شيئاً فشيئاً قابل للتحقيق "دون خسارة المعلومات المخزنة ضمنها"، مثل الهوية الشخصية للإنسان.
أمّا المصدر الثاني للأمل، كما يقول، فهو التجارب التي تظهر أن الخلايا في المرحلة الجنينية قادرة على البقاء على قيد الحياة، حتى إنها قادرة على العمل، عند زراعتها في أدمغة البالغين. على سبيل المثال، تظهر الاختبارات الطبية الجارية حالياً أن الخلايا العصبية الشابة قادرة على الاندماج ضمن أدمغة المصابين بالصرع، وقادرة على إيقاف النوبات لديهم.
يقول إيبير: "نظراً لهذين السببين معاً -الطبيعة المرنة للدماغ، والقدرة على إضافة أنسجة جديدة- استنتجت أنه لا بُد أن تكون هناك طريقة لتحقيق الهدف المطلوب".
كان إيبير يدرس أدمغة الأجنة البشرية التي تعرضت للإجهاض بعد مضي فترة تتراوح من 5 إلى 8 أسابيع من بداية الحمل، وذلك لتصميم القطع الشابة من القشرة المخية الحديثة.
تحديات تواجه الفكرة
من التحديات المقبلة تحديد كيفية تصنيع قطع الدماغ البديلة، أو ما يُطلق عليه إيبير اسم "النسخ المطابقة" لنسيج القشرة المخية الحديثة. خلال زيارة إلى مختبر إيبير في كلية ألبرت أينشتاين، وصف خططه لتجميع قطع من الأنسجة الدماغية الشابة يدوياً باستخدام الخلايا الجذعية. ويقول إن هذه الأجزاء لن تكون في مرحلة النضج الكامل، وبدلاً من ذلك، ستكون مشابهة لما هو موجود في دماغ الجنين الذي ما زال في مرحلة التطور. بهذه الطريقة، ستتمكن الخلايا من استكمال نضجها بعد عملية الزرع، بحيث تندمج في الدماغ، وتصبح "جاهزة لاستيعاب معلوماتك وتعلّمها".
كان إيبير يدرس أدمغة الأجنة البشرية التي تعرضت للإجهاض بعد مضي فترة تتراوح من 5 إلى 8 أسابيع من بداية الحمل، وذلك لتصميم القطع الشابة من القشرة المخية الحديثة. وقد كان يجري قياسات لتحديد أنواع الخلايا الموجودة في هذه العينات، وأعدادها ومواضعها، وذلك لتوجيه عملية التصنيع للحصول على بنى مماثلة في المختبر.
يقول إيبير: "ما نسعى إلى تصميمه هندسياً هو نسيج للقشرة المخية الحديثة ببنية شبيهة بالبنية الجنينية، بحيث يتضمن كلَّ ما يحتاج إليه من أنواع الخلايا والبنى حتى يتطور ذاتياً إلى نسيج طبيعي".
تولت تنفيذ جزء من العمل الشركة الناشئة بي إي (برين إنجينيرينغ) ثيرابيوتيكس (BE (Brain Engineering) Therapeutics)، التي تقع في جناح ضمن الحرم الجامعي لكلية أينشتاين، والتي تحظى بتمويل من شركات أبولو هيلث فينتشرز (Apollo Health Ventures) وفايتاداو (VitaDAO)، إضافة إلى مساهمات من صندوق التنمية لولاية نيويورك. لم يكن لدى الشركة سوى اثنين من الموظفين خلال زيارة إم آي تي تكنولوجي ريفيو في الربيع، كما أن مستقبلها غير مؤكد، كما يقول إيبير، بما أنه سينضم إلى آربا-آتش وسيغلق مختبره في كلية أينشتاين.
بما أن تصنيع نوع واحد حتى من الخلايا باستخدام الخلايا الجذعية أمر صعب في أغلب الأحيان، فإن تصنيع نسخة مطابقة للقشرة المخية الحديثة بحيث تتضمن 12 نوعاً من الخلايا ليس بالمشروع السهل. في الواقع، هذه المشكلة ليست سوى واحدة فقط من بين مشاكل علمية عديدة تعوق الحصول على دماغ أكثر شباباً، وقد لا نتمكن مطلقاً من التوصل إلى حلول عملية لبعض هذه المشكلات. "ثمة قول شائع في الهندسة: من المسموح لك أن تعتمد على معجزة واحدة، أمّا إذا كنت في حاجة إلى أكثر من معجزة، فمن الأفضل لك أن تجد خطة أخرى"، على حد قول شولز.
قد يكون الجانب المجهول الحاسم هو إن كانت القطع الشابة من القشرة المخية الحديثة ستعمل بصورة صحيحة ضمن دماغ شخص متقدم في السن، وذلك من خلال إنشاء الوصلات أو تخزين المعلومات الكهروكيميائية وإرسالها، على سبيل المثال. وعلى الرغم من الأدلة التي تشير إلى أن الدماغ قادر على استيعاب الخلايا المزروعة الإفرادية، فإن هذه المسألة لم تثبت بصورة مؤكدة بالنسبة إلى القطع الأكبر من النسيج، على حد تعبير مختص علم الأحياء في معهد سالك (Salk Institute) في منطقة لاجولا في كاليفورنيا، راستي غيج، وهو أحد رواد عمليات زرع الأعصاب. ويقول إن الباحثين حاولوا على مدار أعوام عديدة أن يزرعوا قطعاً أكبر من الأدمغة الجنينية الحيوانية في الحيوانات البالغة، ولكن دون التوصل إلى نتائج حاسمة. ويقول: "لو نجحت هذه الطريقة، لكنا نعمل على تطبيقها على نطاقٍ أوسع من ذلك".
اقرأ أيضاً: بماذا تفوقت نيورالينك على غيرها من المنافسين في تطوير رقاقتها الدماغية؟
يقول غيج إن المشكلة لا تكمن في مسألة بقاء النسيج على قيد الحياة، بل في قدرته على المشاركة في وظائف دماغ موجود مسبقاً. "أنا لا أقلل من شأن فرضيته.. لكن هذه هي المعلومات المتاحة حالياً"، كما يقول غيج. ويُضيف قائلاً: "أجل، يمكن للنسيج الجنيني المأخوذ من الجنين بمراحله المختلفة أن ينضج داخل دماغ شخص بالغ. لكن إثبات قدرة هذا النسيج على تعويض وظائف المنطقة التالفة يمثّل تجربة يتعين عليه إجراؤها، إذا كان يريد إقناع العالم بأنه تمكن فعلاً من الاستعاضة عن جزء متقدم في السن بجزء شاب".
من المتوقع أن يحصل إيبير في إطار منصبه الجديد في آربا-آتش على ميزانية كبيرة لتمويل العلماء الذين سيحاولون إثبات صلاحية أفكاره للتطبيق. ويقر بأن هذا لن يكون سهلاً. يقول إيبير: "ما زالت تفصلنا بضع خطوات عن النجاح في عكس عملية شيخوخة الدماغ. وهي في رأيي خطوات كبيرة".