ما الذي يحوّل الهيدروجين من مساهم إيجابي في مكافحة التغير المناخي إلى مساهم سلبي؟ 

5 دقائق
ما الذي يحوّل الهيدروجين من مساهم إيجابي في مكافحة التغير المناخي إلى مساهم سلبي؟ 
يمكن إنتاج الهيدروجين باستخدام الوقود الأحفوري، أو الطاقة الكهربائية المتجددة.

هل سمعت بقوس قزح الهيدروجين من قبل؟

مع أن غاز الهيدروجين عديم اللون، إلا أن الصناعة تستخدم في بعض الأحيان الألوان كاختصار لتحديد إحدى العمليات الكثيرة الممكنة لصنع كمية معينة من الهيدروجين. فهناك الهيدروجين الرمادي، والأخضر، والأزرق، إضافة حتى إلى بعض الألوان الزاهية مثل الوردي، ما يجعل هذه المجموعة أقرب إلى قوس قزح (نوعاً ما).

لطالما نظر الكثيرون إلى الهيدروجين كعامل إيجابي للغاية بالنسبة للمناخ، فعندما يتم استخدامه كوقود في أشياء مثل الحافلات وإنتاج الصلب، فإنه لا يتسبب بصورة مباشرة بأي انبعاثات كربونية (وما يتعلق بها من احترار) تدعو للقلق. ومع محاولة العالم التخفيف من استخدام الوقود الأحفوري بأنواعه المختلفة، فقد يزداد الطلب بدرجة كبيرة على مصدر الطاقة هذا، والذي لا يتسبب بإطلاق الكربون على الإطلاق.

فائدة الهيدروجين المناخية تحددها طريقة تصنيعه

ولكن طريقة صنع الهيدروجين هي التي تحدد مدى فائدته المناخية. وهنا يأتي دور قوس قزح. (لقد أضفت جدولاً أدناه يتيح لك فهم تعقيدات الألوان بالكامل).

اقرأ أيضاً: لماذا أدى دعم الهيدروجين كمصدر طاقة في اليابان إلى نتائج عكسية؟

مؤخراً، نشرت المفوضية الأوروبية مجموعة من القواعد لتعريف الهيدروجين "المتجدد"، أي المعايير التي تحدد طبيعة الهيدروجين الأخضر. كما كان هناك مقال رائع في مجلة ساينس (Science) مؤخراً حول الهيدروجين الطبيعي، المعروف أيضاً باسم الهيدروجين الذهبي.

لذلك، دعونا نلق نظرة فاحصة على قوس قزح الهيدروجين، وندرس المصادر المحتملة لهذا الوقود المستقبلي.

ما حاجتنا إلى الهيدروجين؟

نحن نستخدم الكثير من الهيدروجين في الوقت الحالي، حيث وصل الطلب العالمي إلى 94 مليون طن متري في 2021. وقد تم استخدام معظم هذه الكمية في تصفية النفط، إضافة إلى إنتاج الأمونيا (من أجل الأسمدة) والميثانول (للصناعات الكيميائية).

ومن المرجح أن يتغير هذا في المستقبل، لأنه بديل جيد أيضاً للوقود الأحفوري في قطاع النقل، والصناعات الثقيلة، وغير ذلك من القطاعات. وإذا التزمت البلدان بتعهداتها المناخية، فمن المحتمل أن يصل الطلب على الهيدروجين إلى 130 مليون طن متري بحلول العام 2030، وسيتم تخصيص ربع هذه الكمية تقريباً لاستخدامات جديدة.

ولكن المشكلة تكمن في أن صنع الهيدروجين حالياً يتطلب كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، وعادة ما يكون هذا الوقود هو الغاز الطبيعي. ففي عملية إنتاج الهيدروجين "الرمادي"، يتفاعل الغاز الطبيعي مع الماء، ويولد غاز الهيدروجين، إضافة إلى إطلاق انبعاثات كربونية.

اقرأ أيضاً: كيف سيؤثر الهيدروجين الأخضر على مستقبل العالم وما أشهر الدول التي تنتجه؟

ولكن ليست هذه الطريقة الوحيدة، فمن الممكن أن نحاول التقاط الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الهيدروجين التي تعتمد على الوقود الأحفوري (ويسمى الهيدروجين الناتج بهذه الطريقة بالهيدروجين الأزرق). ولكن هذه المقاربة مثيرة للجدل إلى حد كبير، لأن التقاط الكربون عملية مكلفة، وليست فعالة على الدوام.

ومن الممكن أيضاً أن نعيد النظر بالعملية بأكملها، ونبدأ استخدام الكهرباء لصنع الهيدروجين. وتعتمد هذه العملية على نظام تحليل كهربائي، حيث يتم تزويده بالماء والكهرباء، ويقوم بإنتاج الهيدروجين والأوكسجين. وإذا كانت الكهرباء المستخدمة في هذا التفاعل ناتجة عن مصادر متجددة، فإن الهيدروجين الناتج يكتسب تصنيف "الهيدروجين الأخضر" رسمياً.

ولكن، ماذا يعني الهيدروجين الأخضر؟

هذا هو السؤال الذي تحاول المفوضية الأوروبية الإجابة عنه من خلال قواعدها الجديدة التي أصدرتها مؤخراً. وتهدف المفوضية إلى تحديد مشاريع الهيدروجين المساهمة في تحقيق الأهداف المناخية، والجديرة بالتالي بالحصول على تمويل خاص. ويعتبر هذا التمويل فائق الأهمية، لأن الهيدروجين الأخضر أكثر تكلفة بكثير في الوقت الحالي من الهيدروجين الرمادي الذي يعتمد على الوقود الأحفوري.

ويمكن تلخيص هذه القواعد الجديدة بناحيتين مهمتين. الناحية الأولى هي ضرورة إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الكهرباء الناتجة عن مصادر متجددة. وبالتالي، يجب على المنتجين أن يصلوا أنظمتهم بصورة مباشرة مع المزارع الريحية أو الشمسية، أو يحصلوا على الكهرباء من الشبكة العامة ويقوموا بتوقيع عقود مع مؤسسات توليد الكهرباء المتجددة.

ويتطلب هذا العمل مقادير كبيرة من الكهرباء المتجددة. ففي إطار خطة تخفيف الانبعاثات والاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي، يحاول الاتحاد الأوروبي الوصول بالإنتاج المحلي للهيدروجين إلى 10 ملايين طن متري سنوياً بحلول العام 2030، إضافة إلى استيراد 10 ملايين طن متري إضافية.

اقرأ أيضاً: لماذا يمثل الهيدروجين الأخضر بديلاً جذاباً للوقود الأحفوري؟

وسيحتاج تحقيق الهدف المحلي إلى 500 تيرا واط ساعي من الكهرباء المتجددة. وهو ما يكافئ 15% تقريباً من الاستهلاك الإجمالي للكهرباء في الاتحاد الأوروبي.

ونظراً لضخامة كميات الكهرباء المطلوبة لتلبية الطلب على الهيدروجين، يحاول المشرعون تفادي السيناريو الذي يؤدي إلى امتصاص الطاقة المتجددة الحالية بأكملها لإنتاج الهيدروجين.

ولهذا، ستفرض المفوضية على منتجي الهيدروجين الالتزام بمبدأ يسمى مبدأ الإضافة. ويقوم هذا المبدأ على قيام منتجي الهيدروجين بإضافة مصادر طاقة متجددة إلى الشبكة العامة، لا امتصاص القدرات الموجودة حالياً. وبالتالي، فإن المعايير الجديدة تقول إنه يتعين على منتجي الهيدروجين أن يعتمدوا على مشاريع الطاقات المتجددة التي بُنيت مؤخراً (خلال السنوات الثلاث الماضية).

ما زالت هذه القواعد بحاجة إلى الموافقة النهائية، وهو ما يمكن أن يستغرق بضعة أشهر. وفي الولايات المتحدة، تعمل إدارة بايدن على تطوير قواعد مماثلة تتعلق بالإعفاءات الضريبية للهيدروجين في قانون خفض التضخم، وبالتالي سيصبح معنى الهيدروجين الأخضر بالنسبة للسوق أكثر وضوحاً قريباً.

ماذا لو كان الهيدروجين ينمو على الأشجار؟

ربما كان التشبيه غير واضح، ولكن ماذا عن جوف الأرض؟ فهذا المقال المنشور مؤخراً في مجلة ساينس يدرس احتمالات وجود الهيدروجين بصورة طبيعية.

فالهيدروجين لا ينتشر على نطاق واسع في الطبيعة، بدليل اضطرارنا إلى ابتكار عدة طرق صعبة ومضنية لإنتاجه. ولكن بعض الباحثين بدؤوا بتغيير وجهة نظرهم حول مدى وفرة الهيدروجين في الطبيعة.

اقرأ أيضاً: عودة مظفرة للهيدروجين الأخضر بمساهمة فعالة لدول الشرق الأوسط

فقد تمكنت بضعة آبار استكشافية من إنتاج تيارات نقية من الهيدروجين، والآن بدأ العديد من الجهات بالبحث عن المخزونات في باطن الأرض في أستراليا وإفريقيا وأوروبا. ويعزى عدم اكتشافها من قبل إلى عدم وجود الهيدروجين في الأماكن التي يوجد فيها النفط والغاز ذاتها، إضافة إلى عدم إجراء الكثير من عمليات البحث في الماضي. ومن الجدير بالذكر أن الهيدروجين الطبيعي يسمى بالهيدروجين الذهبي في بعض الأحيان.

أما المثير للاهتمام فهو أن هذا الهيدروجين قد يكون في الواقع مصدراً متجدداً، ويعود هذا إلى أن التفاعلات التي تنتجه قد تحدث بشكل طبيعي تحت الأرض بين الماء والصخور. كما أن استخراجه قد يكون زهيد التكلفة أيضاً. وعلى الرغم من وجود الكثير من التساؤلات التي يجب الإجابة عنها قبل أن نتخلى عن أنظمة التحليل الكهربائي، فإنه من المثير للاهتمام أن نرى لوناً جديداً في قوس قزح الهيدروجين.

وإذا واجهت صعوبة في التمييز بين كل هذه الألوان بسهولة، فهذا أمر طبيعي. في المحصلة، معرفة الاسم الاصطلاحي الذي يجب إسناده إلى نوع معين من الهيدروجين ليس الأمر الأكثر أهمية، بل مقدار الانبعاثات الناتجة عنه. ولكن، إذا أردت دليلاً مرجعياً لقوس قزح الهيدروجين، فإليك هذا الرسم البياني!

يمكنك أن تلاحظ أن القائمة غير مكتملة، كما أنه توجد بعض التعاريف البديلة لبعض الألوان.

لقد كان الهيدروجين الأخضر أحد بنود قائمتنا لأفضل تكنولوجيات العام 2021، ويمكنك العودة إلى هذه الفقرة للاطلاع أكثر على هذه التكنولوجيات، ومتطلبات تحقيقها بصورة واقعية.

مصدر الصورة: شركة فورد للسيارات

ثمة أمر آخر

ستظهر بطاريات جديدة في الولايات المتحدة. فقد أعلنت شركة فورد (Ford) مؤخراً عن خطة لبناء مصنع في ميشيغان لإنتاج نوع من بطاريات الليثيوم أيون التي يتم إنتاج معظمها حالياً في الصين. ويمكن لهذه البطاريات أن تتيح صنع سيارات كهربائية أقل تكلفة وأطول عمراً في أميركا الشمالية.

ولكن هذه المنشأة شهدت الكثير من التعديلات والخطط البديلة، وما زالت هناك بعض الأمور غير المؤكدة، لأن فورد تخطط للحصول على الرخصة لتصنيع هذه التكنولوجيا من شركة كاتل (CATL) الصينية العملاقة لإنتاج البطاريات.

المحتوى محمي