اكتشفت دراسة أُجريت على متن محطة الفضاء الدولية قدرة نوع من البكتيريا على سحب العناصر الأرضية النادرة من الصخور، حتى في ظروف الجاذبية الصغرى. وتقدِّم الدراسة الحديثة، التي نُشرت في مجلة نيتشر كومينيكيشنز أمس 10 نوفمبر، طريقة جديدة لاستخراج المعادن الثمينة من الأرض في المستقبل باستخدام الميكروبات.
ما الغاية من تجربة البكتيريا لاستخراج المعادن في الفضاء؟
تطورت الكائنات وحيدة الخلية بمرور الوقت على الأرض بطريقة تمكنها من استخراج العناصر الغذائية والمركبات الأساسية الأخرى من الصخور، من خلال تفاعلات كيميائية متخصصة. ويتم تسخير هذه العمليات البكتيرية لاستخراج حوالي 20% من النحاس والذهب على مستوى العالم لصالح الاستخدام البشري. وقد سعى العلماء من خلال التجارب الجديدة إلى معرفة ما إذا كانت هذه الطريقة ناجعة في ظروف الجاذبية الصغرى أيضاً.
النتائج تبين فعالية نوع من البكتيريا في استخلاص العناصر المعدنية
كانت بيو-روك (BioRock) عبارة عن سلسلة من 36 تجربة أجريت على متن محطة الفضاء. وفي إطار هذه التجارب، قام فريق دولي من العلماء ببناء ما يسمونه “مفاعلات التعدين الحيوي”، وهي حاويات صغيرة بحجم علب الثقاب وتحتوي على شرائح صغيرة من صخور البازلت (صخور نارية توجد عادة على سطح الأرض أو قريباً من السطح، وهي شائعة جداً على القمر والمريخ ) مغمورة في محلول يحتوي على البكتيريا.
وعلى متن محطة الفضاء الدولية، تعرضت تلك البكتيريا لعمليات محاكاة مختلفة للجاذبية (الجاذبية الصغرى، وجاذبية المريخ، وجاذبية الأرض) أثناء قضمها للصخور لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً، وقام الباحثون في هذه الأثناء بقياس العناصر الأرضية النادرة المنبعثة من هذا النشاط. ومن بين أنواع البكتيريا الثلاثة التي تمت دراستها، كان واحداً منها -المسمى (Sphingomonas desiccabilis)- قادراً على استخلاص عناصر مثل النيوديميوم والسيريوم واللانثانوم في البيئات منخفضة الجاذبية بنفس مستوى فعالية استخلاصه لها على سطح الأرض.
ما فوائد هذه النتائج؟
لن تحل الميكروبات محل تكنولوجيا التعدين النمطية إذا تمكنا يوماً من التعدين بحثاً عن الموارد في الفضاء، ولكنها تتيح بالتأكيد تسريع العمل. يقول الفريق الذي يقف وراء تجارب بيو-روك إن الميكروبات تستطيع تسريع عملية التعدين على الأجسام خارج كوكب الأرض بنسبة تصل إلى 400%، والمساعدة على فصل مساحيق المعادن والمعادن الثمينة عن العناصر المفيدة الأخرى مثل الأكسجين. إن حقيقة قدرة هذه الميكروبات على تحمل ظروف الجاذبية الصغرى تجعل منها طريقة رخيصة محتملة لاستخراج الموارد وجعل الحياة في الفضاء أكثر استدامة، وتمكين الرحلات الطويلة وإنشاء المستوطنات في عوالم بعيدة.