ما هي المهارات الضرورية لتقود فريقك في عصر الذكاء الاصطناعي؟

4 دقيقة

إذا كنت تعتقد أن مقولة "فخامة الاسم تكفي"، وتعتمد عليها كقائد رسخ اسم علامته التجارية للبقاء في سوق المنافسة في مجال ما، فأنت مخطئ كلياً، الأمر لم يعد مرتبطاً لا بالفخامة ولا بالعراقة وأخشى القول إنها لم تعد تعني الكثير في عالم اليوم. فحتى إن كنت قائداً لشركة تقدر بمليارات الدولارات ومتفردة في مجال ما، فبقاؤك في السوق وفي ساحة المنافسة أصبح يتطلب أكثر من مجرد الاعتماد على الأصول أو مقدار الانتشار. 

مثلاً، لم يشفع الاسم الفخم لكوداك أو الندرة لنوكيا الرائدة في سوق الهواتف الذكية آنذاك للبقاء في واجهة المنافسة، فالأولى لم تهتم بالتصوير الرقمي الذي ابتكرته ولم تعطه حقه باعتباره ابتكاراً مزعزعاً، وبقيت تعتمد على طرق التصوير القديمة، والثانية لم تلحق بركب تطور الهواتف المحمولة. وفي أرشيف الشركتين لن يُحسد كل من كاي وايتمور Kay R. Whitmore وستيفن إلوب Stephen Elop على الطريقة التي يذكران بها.

واليوم، مهما كان حجم أعمال شركتك أو المصنع الذي تديره، وكي تتجنب مصير وايتمور الذي طرد من منصبه، وإلوب الذي بدأ البكاء وهو يعلن استحواذ مايكروسوفت على نوكيا، عليك أن ترحّب بموجة الذكاء الاصطناعي، لا يعني هذا إقحام الذكاء الاصطناعي في الأعمال كيفما اتفق، بل اعتماده بالطريقة المُثلى التي تحقق أقصى استفادة منه. 

وفي هذا المقال نقدم مهارات يجب على القائد الذكي أن يتمتع بها ليحقق الدمج الأفضل لتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في أعماله.

اقرأ أيضاً: 5 برامج تعتمدها الشركات الناجحة لتنظيم العمل عن بُعد

كن ملماً بأساسيات الذكاء الاصطناعي

كقائد تستعد لتبني تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في مكان عملك، ليس المطلوب منك أن تتقن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كلها التي يستخدمها موظفو شركتك، بل ما يجب أن تكون بارعاً فيه هو التواصل الفعّال والمتطور حول الذكاء الاصطناعي وآلية دمجه في أعمالك، سواء للموظفين أو العملاء.  يجب أن تمتلك أساسيات المعرفة به وبإمكاناته، مثل التعلم الآلي وآلية عمل الشبكات العصبونية، ففهمها وفهم مسار التطورات التكنولوجية القادمة يساعدك على اتخاذ قرارات أفضل لتوجيه مسيرة العمل. لا يكفي أن تكون على اطلاع بآخر صيحات تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، بل يجب أن تتمكن من توقع اتجاهها. 

يساعدك ذلك على إعداد فريقك للمستقبل، وإلهامهم أيضاً وتشجيعهم على الاحتفاء بالتغيير الحاصل، بالإضافة إلى أن مرونتك تجاه هذه الأدوات ستشكل عاملاً حاسماً لتقبل فريقك لها، وإلمامك بكيفية عملها يضفي ثقة تنتشر بين أعضاء الفريق والعملاء وأنت تقدمها لهم.

تعامل مع الاعتبارات الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي

لا يعني تبني الذكاء الاصطناعي في عملك التركيز على الأهداف التي تريد أن تصل إليها في شركتك، إذ يجب أن تكون مطلعاً على التحيزات التي تعانيها نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، سواء كانت عرقية أو على أساس الجنس أو غيرها، كما يجب أن تتخذ خطوات استراتيجية استباقية تحمي العاملين معك من المخاطر المحتملة لهذه التحيزات، وأن يكون كل ذلك مضمَّناً في سياسة استخدام الذكاء الاصطناعي في شركتك. لا يضمن ذلك انعكاس صورتك كقائد يمضي بشركته قدماً متبنياً أحدث التكنولوجيات فقط، بل سيترك أثراً جيداً بين موظفيك بأنك تهتم بالجانب الاجتماعي والأخلاقي أيضاً، ويعطي صورة طيبة عن عملك. والأهم، سيجنّبك ذلك العواقب القانونية التي قد تنجم عن إساءة الاستخدام أو التحيزات. 

بالإضافة إلى التحيزات، كقائد يجب أن تكون مطلعاً على قضايا حقوق استخدام الأعمال التي يولّدها الذكاء الاصطناعي، أو المستخدمة في تدريب النماذج. وعلى الرغم من أن هذا محط جدل حالياً، لكن بمتابعتك أخبار هذا الجانب من الذكاء الاصطناعي تضمن بقاءك على الجانب الصحيح.

اقرأ أيضاً: كيف يستفيد القادة من الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات أفضل؟

تبن التفكير الاستراتيجي والنقدي

تعد القدرة على بناء تفكير استراتيجي مستمر أحد أهم العوامل في تحديد من هم القادة الذين سيبقون شركاتهم في المقدمة، أو من سيسهمون في تراجع أدائها. ففي مشهد التطور التكنولوجي العاصف، سيتمكن القادة الذين يمكنهم دمج التفكير الاستراتيجي والنقدي مع الذكاء الاصطناعي من المحافظة على تميز شركاتهم، فقبل أن تنطلق نحو تبني التكنولوجيات الحديثة، عليك إرساء قواعد راسخة، كما يجب أن يدرك عملاؤك القيمة المضافة التي تقدمها. كذلك، عليك التمييز بين الصيحات العابرة، وتلك التي تقدّم قيمة حقيقية. هذا يتطلب فهماً عميقاً للذكاء الاصطناعي وإمكاناته. حاول أن تبقى الأسئلة التالية نُصب عينيك:

  • كيف يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على مزايا تنافسية؟
  • ما هي الخدمات أو المنتجات الجديدة التي يمكننا استحداثها باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
  • كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي في قوتنا العاملة وعملائنا؟
  • ما هي العواقب الأخلاقية لتبني الذكاء الاصطناعي؟

 لا تنس أيضاً أن تضع العامل البشري في صميم تفكيرك الاستراتيجي، أي يجب أن تضع التوازن بين تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والعنصر البشري في صميم أعمالك.

قد التغيير

في أثناء الفترات التي تشهد انتقالات سريعة وضرورية لتبني تكنولوجيات جديدة، على القادة أن يتبنوا نهج "قيادة التغيير" وفيه يتمكن القادة من العبور بفرقهم بأمان في أثناء موجات التغيير. لا يقتصر الأمر على إعداد الموظفين للموجة الجديدة فقط، بل يتعداه إلى الاستجابة البنّاءة لمخاوفهم حيال أن تحل أدوات الذكاء الاصطناعي في أعمالهم. 

يجب أن يتمتع القادة بالمرونة والقدرة على التكيّف مع التطورات المتلاحقة في مشهد الذكاء الاصطناعي، فذلك ينشر ثقافة التعلم المستمر وتجربة الجديد بين الموظفين، بالإضافة إلى القدرة على التكيّف مع المعطيات الجديدة، والتوصل إلى حلول مخصصة، فلكل مشكلة ما يناسبها. يؤدي النهج القائم على التعاطف مع الموظفين ومراعاة مخاوفهم، إلى إعدادهم بكفاءة أكبر بتسليط الضوء على الإمكانات القادمة في التغيير وكيفية الاستفادة منها بثقة، كما يمكن العاملين من تحديد المهارات التي عليهم تعلمها أو صقلها.

اقرأ أيضاً: 3 استراتيجيات ترفع جودة مخرجات الأوامر التي تدخلها إلى نماذج الذكاء الاصطناعي

صمم استراتيجية تطوير الفريق

يمكنك النظر إلى عملية تبني تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في عملك على أنها حافلة مقاعدها هي التخصصات المطلوبة، والتي سيشغلها أعضاء فريقك، كل بما يناسب مهاراته، ووجهة الحافلة هي هدفك النهائي. لا تنس الطريق ففيه قد تقرر تصحيح مسار ما، أو اختزاله، وستحدد ما ينقص أعضاء الفريق ليصبحوا ملائمين لأماكن جلوسهم. بهذه الطريقة ستضمن حصولك على المهارات المطلوبة التي تخدم وجهتك النهائية. يشبه هذا نهجاً استباقياً تستقرئ فيه المهارات المطلوبة. تذكّر هذه الرحلة ليست مغامرة من طرف واحد، بل يجب أن يشترك فيها أعضاء الفريق كافة بشغف وحماس. وحالة الفريق تحددها ردات فعلك وطريقة تعاطيك مع المسار.

تبن استراتيجية مختلفة لإدارة المشاريع

لا تعني إدارة المشاريع في عصر الذكاء الاصطناعي قيادة الفريق من البداية إلى النهاية، بل هي تحليل الفرص القيمة وعائداتها المحتملة على الاستثمار وكسب دعم الشركاء أو العملاء. وكقائد عليك أن تعرف كيف يعزز الذكاء الاصطناعي القيمة التي تمنحها لعملائك ويقوي موقعك في السوق. يعني ذلك أيضاً معرفة التقنيات الواجب تبنيها والملائمة لنمط عملك. يجب أن تطور استراتيجيات ابتكارية وواقعية في الوقت ذاته. وتعني إدارة المشاريع في هذا السياق كيفية حشد الدعم حول مشروع محدد، ابتداءً من عناصر الفريق وحتى صناع القرار. يتجلى دورك أيضاً في تسهيل خوض مناقشات سهلة وإنشاء خطط محكمة وقيادة تنفيذها بثقة وعناية. 

المحتوى محمي