ما الذي يحتاج المسوقون إلى معرفته عن وكلاء الذكاء الاصطناعي؟

5 دقيقة
ما الذي يحتاج المسوقون إلى معرفته عن وكلاء الذكاء الاصطناعي؟
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: عبدالله بليد.

إذا كنت تعمل في مجال التسويق، ستبحث عن أشخاص يخططون لكل خطوة بعناية، ويعملون بروح الفريق دون الحاجة إلى إشراف ومراقبة طوال الوقت. إذا كنت تحب هذا النوع من الموظفين؟ ستحب وكلاء الذكاء الاصطناعي بكل تأكيد.

وكلاء الذكاء الاصطناعي قادرة على التعامل مع المهام المعقدة بشكل مستقل وتضع مخططاً لكيفية الوصول إلى الهدف، كما يمكنها توكيل بعض المهام لوكلاء أخرى. هذا النوع من التكنولوجيا ليس جديداً تماماً، فقد ظهر خلال السنوات الأخيرة، لكنه اليوم يقترب بسرعة من مرحلة النضج.

ما هي وكلاء الذكاء الاصطناعي؟

وكلاء الذكاء الاصطناعي هي برامج ذكية قادرة على العمل بشكل مستقل أو شبه مستقل، تهدف إلى جمع البيانات وفهمها واتخاذ قرارات وتنفيذ إجراءات دون الحاجة لتدخل بشري دائم.

تعتمد الوكلاء على تقنيات متقدمة مثل معالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي ونماذج اللغة الكبيرة لتتمكن من تنفيذ مهام معقدة في الوقت الفعلي والتعلم من تجاربها وتحسين أدائها بشكل مستمر.

يمكننا أن نتصور الوكيل كأنه مساعد رقمي يفكر ويتصرف بنفسه لإنجاز المطلوب، أي على عكس نماذج الذكاء الاصطناعي التي تلتزم بتعليمات محددة. وكلاء الذكاء الاصطناعي تتعامل بمرونة وتبتكر طرقاً مختلفة للوصول إلى الهدف وتتكيف مع الظروف الجديدة وتتعلم مما تمر به.

اقرأ أيضاً: ما هو وكيل الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يساعدك في حياتك اليومية؟

قدرات وكلاء الذكاء الاصطناعي في التسويق

تتميز وكلاء الذكاء الاصطناعي في التسويق بقدرات متقدمة تجعلها أدوات فعالة تتجاوز حدود الأتمتة التقليدية. في مقدمة هذه القدرات تأتي قدرتها على فهم اللغة الطبيعية والسياق، ما يتيح لها التفاعل مع العملاء بلغة بشرية طبيعية وتحليل نواياهم بدقة، سواء عبر البريد الإلكتروني أو المحادثات المباشرة أو وسائل التواصل الاجتماعي. كما تتفوق في أتمتة المهام المتكررة مثل إرسال الرسائل التسويقية وجدولة المنشورات على المنصات المختلفة ومتابعة الردود، ما يوفر وقتاً ثميناً للموظفين يتيح لهم التركيز على المهام الاستراتيجية. إلى جانب ذلك، تستطيع الوكلاء تحليل كميات ضخمة من البيانات في الوقت الفعلي، واستخلاص رؤى دقيقة تساعد على اتخاذ قرارات تسويقية فورية مثل تعديل محتوى الحملة أو إعادة توجيه الميزانية الإعلانية. والأهم من ذلك، أنها تمكن المسوقين من تنفيذ استراتيجيات تخصيص متقدمة على نطاق واسع، حيث يمكنها تصميم رسائل وعروض مخصصة لكل مستخدم بناءً على سلوكه واهتماماته، ما يعزز التفاعل ويزيد معدلات التحويل بشكل ملحوظ.

اقرأ أيضاً: 7 وكلاء ذكاء اصطناعي تساعد الشركات على تبسيط العمليات

أمثلة واقعية لاستخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي في التسويق

تستخدم وكلاء الذكاء الاصطناعي اليوم في مجموعة واسعة من المهام التسويقية التي كانت تتطلب سابقاً تدخلاً بشرياً مستمراً، ما يتيح للمسوقين التركيز على الاستراتيجية بدلاً من التنفيذ. إليك بعض الأمثلة الواقعية:

إدارة الحملات الإعلانية وتحسين الأداء في الوقت الفعلي

في الحملات الإعلانية الرقمية، تستخدم وكلاء الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء دون الحاجة لتدخل بشري مستمر. على سبيل المثال، تعتمد منصة Metadata.io على وكلاء تجرب عشرات النسخ الإعلانية المختلفة تلقائياً، وتحلل أداء كل نسخة بناءً على تفاعل الجمهور، ثم تعيد توجيه الميزانية نحو الإعلانات التي تحقق أعلى معدلات تحويل. لا يقتصر دور الوكيل على المراقبة، بل يتخذ قرارات فورية مثل تعديل صيغة الإعلان وتغيير الجمهور المستهدف وحتى توقيت النشر، بناءً على البيانات التي يجمعها في الوقت الفعلي. هذا النوع من التغييرات كان يتطلب سابقاً فريقاً كاملاً من المحللين والمسوقين، أما الآن فيمكن تنفيذه بدقة وسرعة باستخدام وكيل واحد.

دعم العملاء عبر المحادثات الذكية

في مجال خدمة العملاء، تستخدم الشركات وكلاء محادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقديم دعم فوري وشخصي على مدار الساعة. أحد الأمثلة البارزة هو المساعد واتسون WatsonX Assistant من شركة آي بي إم IBM، الذي يستخدم من قبل شركات كبرى لتقديم إجابات دقيقة بناءً على فهم نية المستخدم وسياق المحادثة. على عكس بوتات الدردشة التقليدية التي تعتمد على بيانات مدربة عليها مسبقاً، يستطيع هذا الوكيل تحليل الأسئلة المعقدة وتقديم شروحات توضيحية وحلول مخصصة. وإذا واجه حالة تتطلب تدخلاً بشرياً، يحول المستخدم إلى الموظف المناسب مع ملخص كامل للمحادثة، ما يقلل وقت الانتظار ويحسن تجربة العميل بشكل كبير.

توليد المحتوى وتخصيص الرسائل حسب سلوك المستخدم

تستخدم شركات مثل بيرسادو Persado وكلاء ذكاء اصطناعي لتوليد محتوى تسويقي مخصص بناءً على تحليل سلوك المستخدم وتفضيلاته. يحلل الوكيل البيانات السلوكية مثل الصفحات التي زارها المستخدم والمنتجات التي شاهدها والرسائل التي تفاعل معها سابقاً، ثم يولد نصوصاً تسويقية تتناسب مع حالته النفسية واهتماماته. على سبيل المثال، إذا أظهر المستخدم اهتماماً بعروض محددة دون إتمام الشراء، يمكن للوكيل إرسال رسالة بريد إلكتروني بصيغة تحفيزية تتضمن عرضاً خاصاً، مع اختيار الكلمات بعناية لتحفيزه على اتخاذ إجراء، هذا النوع من التخصيص الدقيق كان شبه مستحيل دون وكلاء الذكاء الاصطناعي.

تحليل المشاعر وتوقع سلوك العملاء

في التسويق القائم على البيانات، تستخدم أدوات مثل 6sense لتحليل مشاعر العملاء وتوقع سلوكهم المستقبلي. يجمع الوكيل معلومات من مصادر متعددة مثل البريد الإلكتروني والتفاعل مع المحتوى، ثم يستخدم نماذج تنبؤية لتحديد المرحلة التي وصل إليها العميل في رحلة الشراء. بناءً على هذه التحليلات، يمكن للوكيل اقتراح الخطوة التالية المثلى، مثل إرسال عرض مخصص أو جدولة مكالمة مبيعات أو حتى تأجيل التواصل إذا أظهرت البيانات أن العميل غير مستعد بعد. هذا النوع من التنبؤ السلوكي يساعد على توفير الوقت ويزيد فرص التحويل ويقلل الهدر في الجهد والموارد.

اقرأ أيضاً: من الأبسط إلى الأكثر تعقيداً: دليل شامل لوكلاء الذكاء الاصطناعي

كيف تبدأ استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي في التسويق؟

لبدء استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي في التسويق، عليك اتباع الخطوات التالية:

1. اختيار الأداة المناسبة

أول خطوة في تبني وكلاء الذكاء الاصطناعي في التسويق هي اختيار الأداة المناسبة، وهي خطوة محورية لأنها تحدد مدى نجاح التجربة من البداية. عليك أن تحدد أولاً ما الذي تحتاج إليه بالضبط: هل تبحث عن وكيل لتوليد المحتوى أم لتحسين الحملات الإعلانية أم لتخصيص الرسائل والتفاعل مع العملاء؟

من الأدوات الرائدة في هذا المجال تشات سونيك Chatsonic، الذي يولد محتوى تسويقياً متنوعاً باستخدام نماذج لغوية متقدمة، وأني وورد Anyword، الذي يقدم نسخاً تسويقية مدعومة بتوقعات أداء دقيقة بناءً على سلوك الجمهور. وسينثيزيا Synthesia الذي ينشئ فيديوهات تسويقية احترافية من نصوص مكتوبة، وأومنيكاي Omneky لتصميم الإعلانات وتحسينها بصرياً ونصياً.

وإذا كنت تبحث عن حل شامل لإدارة الحملات، فإن أيجنت فورس Agentforce من شركة سيلزفورس يقدم وكيلاً متكاملاً قادراً على توليد المحتوى وتخصيص الرسائل وتحسين الأداء.

لاختيار الأداة المناسبة، هناك عدة معايير يجب أخذها بعين الاعتبار:

  • التكامل مع أدواتك الحالية: مثل أنظمة إدارة علاقات العملاء أو البريد الإلكتروني.
  • سهولة الاستخدام: خاصة إذا لم يكن لدى فريقك خبرة تقنية قوية.
  • القدرة على التخصيص: إمكانية تعديل نبرة الرسائل والمحتوى ليتماشى مع هوية علامتك التجارية.
  • دعم اللغة والسوق المستهدف: وهو أمر بالغ الأهمية إذا كنت تعمل في أسواق متعددة أو بلغات مختلفة.
  • المرونة وقابلية التوسع: أي أن تكون الأداة قادرة على مواكبة نمو أعمالك واحتياجاتك المستقبلية.

2. بدء الاستخدام

بعد اختيار الأداة، ابدأ بتطبيقها على مهمة واحدة واضحة ومحددة، مثل أتمتة رسائل الترحيب أو تحسين أداء حملة إعلانية على إنستغرام. هذه الخطوة التجريبية تساعدك على فهم قدرات الوكيل وتقييم أدائه في بيئة واقعية. من المهم أيضاً تدريب الفريق على استخدام الأداة، وتخصيص وقت لاختبار الوظائف المختلفة ومراقبة النتائج. تأكد من أن البيانات التي تعتمد عليها الأداة دقيقة ومحدثة، لأن جودة المدخلات تؤثر مباشرة في فاعلية المخرجات.

3. الرقابة والتحسين المستمر

رغم أن وكلاء الذكاء الاصطناعي تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية، فإن وجود إشراف بشري في المراحل الأولى ضروري لضمان توافق القرارات مع أهدافك التسويقية. ضع آليات واضحة للرقابة، وراقب مؤشرات الأداء مثل معدلات التحويل ورضا العملاء والوقت الذي تم توفيره، لا تتردد في تعديل الأداة أو حتى تجربة أدوات بديلة إذا لم تحقق النتائج المرجوة. الأهم من ذلك هو اعتماد مبدأ التحسين المستمر لأن فاعلية الوكلاء تزداد مع الوقت.

اقرأ أيضاً: لماذا لا يوجد تعريف واضح لوكلاء الذكاء الاصطناعي حتى الآن؟

باتباع هذه الخطوات، يمكن للمسوقين دمج وكلاء الذكاء الاصطناعي في استراتيجياتهم بشكل تدريجي وفعال، بدءاً من اختيار الأداة المناسبة، مروراً بتجربة الاستخدام على نطاق محدود، وصولاً إلى التوسع المدروس والتحسين المستمر. هذا لا يمثل مجرد تطور تقني، بل أصبح تحولاً في طريقة عمل فرق التسويق، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي شريكاً استراتيجياً يجب ألا نستغني عنه.

المحتوى محمي