ستحصل الشخصيات الرمزية الرقمية المُوَلدة باستخدام الذكاء الاصطناعي من الشركة الناشئة سينثيزيا (Synthesia) بعد فترة وجيزة على تحديث سيجعلها أكثر واقعية بكثير. وستزود الشركة هذه الشخصيات الرقمية قريباً بأجسام قادرة على الحركة، وأيدٍ قادرة على الإيماء.
سيصبح بإمكان الشخصيات الرمزية الرقمية ذات الأجسام الكاملة أن تفعل أشياء مثل الغناء والتلويح بالميكروفون في أثناء الرقص، أو النهوض من خلف مكتب والمشي عبر الغرفة. وستصبح قادرة على التعبير عن مشاعر أكثر تعقيداً مما كان ممكناً في السابق؛ مثل الحماس والخوف والعصبية، كما يقول الرئيس التنفيذي للشركة، فيكتور ريباربيلي. تعتزم سينثيزيا إطلاق الشخصيات الرمزية الرقمية الجديدة في وقت قريب من نهاية هذا العام.
اقرأ أيضاً: 4 اعتبارات يجب أخذها في الحسبان عند استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للفيديو
شخصيات رقمية ذات أجسام كاملة
"إنه عمل رائع، ولا يستطيع أي شخص آخر تنفيذه"، كما يقول الباحث في جامعة باث، جاك سوندرز، الذي لم يشارك في عمل سينثيزيا.
ويُضيف قائلاً إن الشخصيات الرقمية الكاملة الجسم التي اطلع عليها جيدة جداً، على الرغم من وجود بعض الأخطاء الصغيرة؛ مثل الأيدي التي "تتقاطع" أحياناً. لكن "من المرجح أنك لن تنظر إلى هذه الشخصيات من كثب بما يكفي لملاحظة هذه الأخطاء فعلياً"، كما يقول.
أطلقت سينثيزيا الإصدار الأول من شخصياتها الرمزية الرقمية الفائقة الواقعية التي ولدتها باستخدام الذكاء الاصطناعي، والتي تُعرف أيضاً باسم "المزيفات العميقة" (deepfakes)، في أبريل/نيسان. تعتمد هذه الشخصيات الرمزية الرقمية على النماذج اللغوية الكبيرة حتى تطابق تعابير صوت الكلام ونبرته مع المشاعر التي يتضمنها النص المنطوق. أما نماذج الانتشار مثل تلك المستخدمة في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تولد الصور ومقاطع الفيديو، فهي تولد شكل الشخصية الرقمية. لكن تصميم الشخصيات الرمزية الرقمية في عملية التوليد هذه يشمل النصف العلوي من الجذع فقط، ما ينتقص من واقعيتها التي تكون مثيرة للإعجاب لولا ذلك.
تعمل سينثيزيا على بناء نموذج ذكاء اصطناعي أضخم حتى مما سبقه حتى تستطيع إنتاج شخصيات رمزية رقمية كاملة الجسم، ويجب على المستخدمين أن يذهبوا إلى الاستوديو لتسجيل حركات أجسامهم.
مصدر الفيديو: تقدمة من سينثيزيا
لكن، قبل أن تصبح هذه الشخصيات الرمزية الرقمية الكاملة الجسم متاحة، ستطلق الشركة إصداراً آخرَ من الشخصيات الرمزية الرقمية المُنتَجة بالذكاء الاصطناعي؛ وهي مزودة بأيدٍ ويمكن تصويرها من عدة زوايا. كانت الشخصيات الرمزية الرقمية السابقة لها متاحة فقط في وضع الصورة الشخصية، ومرئية فقط من الجهة الأمامية،
وقد أطلقت شركات ناشئة أخرى؛ مثل شركة آور ون (Hour One)، شخصيات رمزية رقمية مشابهة مزودة بإيدٍ. أُتيحت لي فرصة اختبار إصدار سينثيزيا، الذي ستُطلقه الشركة في أواخر يوليو/تموز، في معاينة بحثية، ويتمتع هذا الإصدار بدرجة أعلى بقليل من الواقعية في حركات اليدين وتزامن حركات الشفتين مع الصوت.
أما الأهم من ذلك، فهو أن التحديث المقبل سيجعل أيضاً إنتاج الشخصيات الرمزية الرقمية المخصصة حسب الطلب أسهل بكثير. كان إنتاج الشخصيات الرمزية الرقمية المخصصة حسب الطلب باستخدام الذكاء الاصطناعي في الشركة يتطلب زيارة المستخدم أحد الاستوديوهات لتسجيل تفاصيل الوجه والصوت على مدى ساعتين، كما أوردتُ في أبريل/نيسان.
اقرأ أيضاً: هل ستحظى نماذج التزييف العميق بسمعة جيدة يوماً ما؟
إنتاج الشخصيات الرقمية أصبح أسهل بكثير
أمّا هذه المرة، فقد انتهيت من تسجيل المواد المطلوبة خلال 10 دقائق وحسب في مكتب سينثيزيا، وذلك باستخدام كاميرا رقمية، وميكروفون مثبت على الياقة، وكمبيوتر محمول. لكن هذه العملية ممكنة أيضاً باستخدام تجهيزات أبسط حتى، مثل كاميرا الكمبيوتر المحمول. وعلى حين كنت مضطرة سابقاً لتسجيل حركات وجهي وصوتي بصورة منفصلة، فقد جُمِعت هذه البيانات في الوقت نفسه هذه المرة. تتضمن العملية أيضاً قراءة نص يعبر عن الموافقة على الخضوع إلى عملية تسجيل وفق هذا الأسلوب بصوت واضح، وقراءة كلمة مرور مُوَلَّدة عشوائياً للحماية بصوت واضح أيضاً.
تُتيح هذه التغييرات توسيع نطاق العمل، وتمنح نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد عليها الشخصيات الرمزية الرقمية المزيد من القدرات مع استخدام قدر أقل من البيانات، على حد قول ريباربيلي. كانت النتائج أسرع بكثير أيضاً، فقد اضطررت إلى الانتظار بضع أسابيع للحصول على شخصيتي الرمزية الرقمية التي سجلت بياناتها في الاستوديو، غير أن الشخصيات الرمزية الرقمية الجديدة التي سُجِلت بياناتها في مكتب الشركة باتت جاهزة في اليوم التالي.
يمكنك أن ترى في هذا الفيديو اختباري للشخصيات الرمزية الرقمية الجديدة المزودة بأيدٍ؛ التي سُجلت بياناتها في مكتب الشركة.
مصدر الفيديو: تقدمة من سينثيزيا
يقول مدير شؤون الشركات وسياساتها في سينثيزيا، ألكساندرو فويكا إن الشخصيات الرمزية الرقمية التي يجري إنتاجها في مكتب الشركة ليست معبرة مثل تلك التي يجري إنتاجها في الاستوديو بعد، كما لا يستطيع المستخدمون تغيير الخلفيات التي تقف شخصياتهم الرمزية الرقمية أمامها. تُحرك الأيدي باستخدام شكل متطور من تكنولوجيا التكرار؛ التي تكرر حركات الأيدي نفسها بأسلوب يتوافق مع محتوى النص.
معضلة إنتاج الأيدي
يمثّل إنتاج الأيدي وتحريكها بصورة جيدة معضلة صعبة بالنسبة إلى الذكاء الاصطناعي؛ بل وحتى أصعب من الوجوه، كما أخبرني مدير الشؤون العلمية في سينثيزيا، فيتوريو فيراري، في مارس/أبريل. ويُعزى هذا إلى أن الفم البشري يتحرك وفق حركات صغيرة نسبياً ويمكن التنبؤ بها، ما يُتيح تحقيق التزامن بين حركات الفم في الشخصية الرمزية الرقمية العميقة التزييف والكلام؛ أما الأيدي فتتحرك بطرق مختلفة كثيرة. من ناحية أخرى، تتطلب الوجوه عناية خاصة بالتفاصيل لأننا نميلُ إلى التركيز عليها، على حين لا تحتاج الأيدي إلى هذا المستوى من الدقة، على حد تعبير فيراري.
وحتى إذا كانت النتيجة غير مثالية، فإن الأيدي والأجسام المُوَلدة باستخدام الذكاء الاصطناعي تعزز وهم الواقعية إلى درجة كبيرة؛ ما يمثل خطراً حقيقياً في هذا العصر الذي يشهد انتشاراً واسعاً للمزيفات العميقة والمعلومات المزيفة عبر الإنترنت. تطبق سينثيزيا سياسات صارمة للإشراف على المحتوى، وتتحقق بدقة من عملائها، وأنواع المحتوى التي يستطيعون إنتاجها. على سبيل المثال، فإن إنتاج المحتوى المتعلق بالأخبار متاحٌ فقط للوسائل الإعلامية الإخبارية المُعتمدة.
اقرأ أيضاً: هل إضافة العلامات المائية إلى صور الذكاء الاصطناعي مجدية في محاربة التزييف؟
يقول سوندرز إن هذه التطورات الجديدة في تكنولوجيات الشخصيات الرمزية الرقمية تمثل عاملاً قوياً مؤثراً آخر يقلل قدراتنا على تصديق ما نراه عبر الإنترنت.
ويقول: "يجب على الناس أن يعرفوا أنه لا يمكن الوثوق بأي شيء. تعمل سينثيزيا حالياً على تطوير شخصيات رمزية رقمية تعزز هذا الواقع الجديد، وبعد سنة، سيصبح عملها أكثر تطوراً، وسنشهد شركات أخرى تعمل في هذا المجال أيضاً".
Beta feature