فيوتشر تنس هي عبارة عن شراكة بين مجلة "سليت" (Slate)، ومركز التفكير "أميركا الجديدة" (New America)، وجامعة ولاية أريزونا، وهي تركز على دراسة التكنولوجيات الناشئة، والسياسة العامة، والمجتمع.
أطلقت شركة "بوسطن دايناميكس" (Boston Dynamics)، الرائدة في صناعة الرجل الآلي (الروبوت)، مقطع فيديو جديداً، ومن المرجح أنه أُنتج بجودة عالية، يوم الإثنين، عن أحدث "كلب" آلي أنتجته مؤخراً، اسمه "سبوتميني" (SpotMini). يشير مظهره على الكلاب الآلية وعلى أنه تحفة ميكانيكية رائعة تمتاز بحركات نابضة بالحياة بشكل ملحوظ، ما يدل على مستوىً عالٍ من الديناميكية والتناسق بين جسمه وبرمجيته لم أرَ شيئاً مثله من قبل، الأمر الذي جعل بعض الناس يخشون اقترابنا من المستقبل الذي يغادر فيه الرجال الآليون حدود المختبر.
مهارات الكلاب الآلية
يعرض الفيديو كلباً آلياً يسير نحو الباب، لكنه يدرك أنه لا يمتلك يدين ليتمكن من فتحه. وبعد بضع ثوانٍ، يأتي كلب آلي أضخم منه من نوع "سبوت" لديه ذراع مفصلية ذات قبضة على شكل يد منبثقة من المكان الذي كان من المفترض أن يخرج منه رأسه. يستخدم سبوت الأكبر حجماً قبضته ليمسك بمقبض الباب ويبدأ في سحبه إلى حيث يقف. ثم يسند الباب بقدمه حتى لا ينغلق، مما يحرّر ذراعه لتمتد فاتحة الباب. ثم نراه يحافظ عليه مفتوحاً منتظراً مرور صديقه قبل أن يتبعه، وفي هذه الأثناء نراه يتابع استخدام ذراعه ليحافظ على الباب مفتوحاً، ثم ما يلبث أن يستدير بجسمه ويتابع طريقه. الأمر المثير للإعجاب هنا هو عدم اقتصار الكلب الآلي على الرشاقة الكافية للإمساك بمقبض الباب بدقة دون أن يخطئ في الحسابات فتضرب قبضته بالباب أو يغلق قبضته قبل أن تصل إلى قبضة الباب، بل لقد كان قوياً بما فيه الكفاية أيضاً ليفتح الباب مستفيداً من وزنه الشخصي للمحافظة على فتحه.
على افتراض عدم وجود شخص يتحكم بهذا الكلب الآلي عن بعد بمهارات تحريكية استثنائية، لا بد لسبوت أن يكون قادراً على "رؤية" مقبض الباب، وذلك باستخدام مجموعة من الكاميرات وأجهزة الاستشعار، بحيث أنه يعرف بالضبط أين يضع قبضته وبالتالي قدمه ليسند الباب حتى يظل مفتوحاً، ما يدل على فهم دقيق لما يمكن أن يفعله جسمه. لا يستطيع معظم الرجال الآليين القيام بذلك؛ لكن هذا الرجل الآلي قادر على فعل ذلك بطريقة رائعة.
أحرز مجال الرؤية لدى الرجال الآليين تقدماً سريعاً في السنوات الأخيرة، ولكنه لا يزال يشكل تحدياً كبيراً. ففي الخدمات اللوجستية للتجارة الإلكترونية، على سبيل المثال، يُعتبر التقاط صندوق أو اختيار شيء محدد من على رفّ يحتوي أشياء تختلف من حيث الوزن واللون والحجم مهمة صعبة للرجال الآليين، ويتصرف معظم الرجال الآليين في أرضية مستودع البضائع على شكل أشبه بالمنصات الذكية التي تستطيع تحريك صناديق ثقيلة دون صدم رِجل أحدهم أو صدم رفّ آخر.
في حين لا تعرض لنا "بوسطن داينامكس" رجلاً آلياً يمكنه التمييز بين شيئين متماثلين من حيث الشكل على أحد الأرفف واختيار الشيء المناسب منهما دون أن يوقع ما حوله، إلا أنه من الواضح أن هذا الكلب الآلي في الفيديو يعرف كيفية استخدام قبضته بشكل مثير للإعجاب سواء من حيث مستوى الدقة أو ممارسة القوة المناسبة لإنجاز مهمته بنجاح.
استخدامات الكلاب الآلية
ليس لدي عند هذا الحد ما أقوله فيما يتعلق باستخدام كلب آلي مثل سبوت خارج إطار التطبيق العسكري - ربما لنزع فتيل المتفجرات أو التخلص منها، أو لبعض المهام الأخرى التي تُعتبر غير آمنة للبشر. كانت "بوسطن داينامكس" تعمل أساساً على عقود الأبحاث العسكرية قبل أن تستحوذ عليها "جوجل" في عام 2013. لقد كان تمويل رجلها الآلي الشهير الشبيه بالإنسان "أتلاس" (ATLAS) من وكالة "مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة"، التي تشكل ذراع البحوث التجريبية العسكرية، كما كان الحال مع النسخة المكررة لأول رجل آلي لها رباعي الأرجل، "بيج دوغ" (Big Dog). باعت "جوجل" العام الماضي شركة "بوسطن داينامكس" لشركة "سوفت بنك" (SoftBank)، اليابانية للتكنولوجيا، والتي كانت إضافة قيّمة إلى نجاح الشركة الكبير في مجال تصنيع الرجال الآليين بالفعل. في عام 2012، حازت "سوفت بنك" على حصة الأغلبية في شركة "ألدربان" (Alderban)، لتصنيع الرجال الآليين، التي تُصنّع الرجل الآلي الشبيه بالإنسان "بيبر" (Pepper)، الذي من المفترض استخدامه في مجال خدمة العملاء. (لم تكن المرة الأولى التي أرى فيها بيبر في معرض سي إي إس للتكنولوجيا هذا العام، ولكنني لم أجد فيه ما يثير إعجابي).
في "تيد" 2017، عرض مارك رايبرت، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "بوسطن داينامكس"، شريط فيديو عن الكلاب الآلية وعن رجله الآلي سبوت في أثناء توصيله طروداً إلى أبواب الناس في بوسطن، موضحاً احتمال أن يكون تسليم الطرود أحد التطبيقات المطروحة لكلبه الميكانيكي. وقال ريبيرت على خشبة المسرح: "إننا نأخذ رجلنا الآلي إلى بيوت موظفينا لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التعرف على طرق الوصول المختلفة. إننا نُبلي بلاء حسناً – لقد قطعنا قرابة 70% من الطريق". من المؤكد أن تقطع البدنية الأنيقة للرجل الآلي شوطاً طويلاً في جعل هذا المستقبل أكثر قابلية للتحقق، إذ لا يرغب أيّ منا في أن يطرق بابه رجل آلي يمشي على أطرافه الأربعة.