لماذا أصبح الفنانون أقل خوفاً من الذكاء الاصطناعي؟

3 دقيقة
لماذا أصبح الفنانون أقل خوفاً من الذكاء الاصطناعي؟
مصدر الصورة: ستيفاني آرنيت/ إم آي تي تكنولوجي ريفيو

دق الباب.

من هناك؟

نظام ذكاء اصطناعي يلقي نكاتاً شائعة. طلب باحثون من جوجل ديب مايند (Google DeepMind) من 20 فناناً كوميدياً محترفاً استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية الذائعة الصيت من أجل كتابة النكات والعروض الكوميدية. وكانت النتائج متفاوتة.

فقد قال الفنانون الكوميديون إن هذه الأدوات كانت مفيدة في مساعدتهم على إنتاج "مسودة رديئة" أولية يمكن أن تخضع لعدة تعديلات لاحقة، ومساعدتهم على تنظيم أعمالهم الروتينية. لكن الذكاء الاصطناعي لم يتمكن من إنتاج أي شيء أصيل، أو مشوق، أو الأهم من ذلك: مضحك. وقد كتبت زميلتي ريانون ويليامز مقالاً كاملاً عن الموضوع.

وكما قال باحث علوم الكمبيوتر في جامعة كولومبيا توهين تشاكرابارتي المختص بالذكاء الاصطناعي والإبداع لريانون، فإن الفكاهة تعتمد في كثير من الأحيان على المفاجأة والتناقض. تتطلب الكتابة الإبداعية من مؤلفها الابتعاد عن المعايير السائدة، على حين أن النماذج اللغوية الكبيرة ليس بإمكانها سوى أن تحاكي هذه المعايير.

اقرأ أيضاً: لماذا فشل الذكاء الاصطناعي في الكوميديا؟

الفنانون مطمئنون حالياً تجاه الذكاء الاصطناعي

وقد أصبح هذا واضحاً للغاية في طريقة تعامل الفنانين مع الذكاء الاصطناعي حالياً. عدت مؤخراً من مدينة هامبورغ التي استضافت أحد أكبر الفعاليات المخصصة للمبدعين في أوروبا، وبناء على أحاديثي مع عدد منهم، فقد تبين لي أنهم يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي يرتكب الكثير من الأخطاء وغير موثوق، إلى درجة أنه من المستحيل أن يحل محل البشر بالكامل، ومن الأفضل بدلاً من ذلك الاعتماد عليه بصفته أداة لتعزيز القدرات الإبداعية البشرية.

في الوقت الحالي، نحن نعيش لحظة يجب أن نقرر فيها مستوى القدرة الإبداعية التي نشعر بأنه من المناسب منحها لشركات الذكاء الاصطناعي وأدوات الذكاء الاصطناعي. فبعد الطفرة التي بدأت عام 2022، عندما ظهر دال-إي (DALL-E) وستيبل ديفيوجن (Stable Diffusion) للمرة الأولى في المشهد، أعرب الكثير من الفنانين عن مخاوفهم من جمع شركات الذكاء الاصطناعي لأعمالهم المحمية بموجب حقوق التأليف والنشر دون الحصول على موافقتهم أو تقديم تعويضات إليهم. تقول الشركات التكنولوجية إن أي شيء موجود على شبكة الإنترنت العامة يقع في إطار الاستخدام العادل، وهو مبدأ قانوني يسمح بإعادة استخدام المواد المحمية بموجب حقوق التأليف والنشر في ظروف معينة. لجأ العديد من الفنانين والكتّاب وشركات خدمات التصوير الفوتوغرافي، إضافة إلى صحيفة نيويورك تايمز (New York Times)، إلى القضاء لمواجهة هذه الشركات، ومن المحتمل أن يستغرق الأمر سنوات قبل أن نحصل على إجابة حاسمة حول الطرف المحق في هذه المسألة.

سيطرة الفنانين على بياناتهم

في هذه الأثناء، غيرت محكمة الرأي العام توجهاتها كثيراً خلال العامين الماضيين. يقول الفنانون الذين قابلتهم مؤخراً إنهم تعرضوا منذ عامين للمضايقات والسخرية بسبب احتجاجهم بشأن ممارسات جمع البيانات التي تتبعها شركات الذكاء الاصطناعي. أما الآن، فقد أصبح الرأي العام أكثر وعياً بالأضرار المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وخلال عامين وحسب، انتقل الرأي العام من الشعور بالذهول المطبق إزاء الصور التي يولدها الذكاء الاصطناعي إلى مشاركة منشورات تواصل اجتماعي سريعة الانتشار حول الإجراءات اللازمة لاختيار الخروج من نطاق عملية في جمع البيانات لأنظمة الذكاء الاصطناعي، وهو مفهوم كان مجهولاً بالنسبة إلى معظم الأشخاص غير المختصين حتى فترة قريبة للغاية. استفادت الشركات من هذه النقلة أيضاً. فقد نجحت شركة أدوبي (Adobe) في الترويج لمنتجاتها وخدماتها التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بوصفها طريقة "أخلاقية" لاستخدام التكنولوجيا دون الحاجة إلى القلق بشأن انتهاك حقوق التأليف والنشر.

إضافة إلى هذا، ثمة عدة مبادرات شعبية لتغيير هيكليات السلطة في مجال الذكاء الاصطناعي، ومنح الفنانين المزيد من السيطرة على بياناتهم. وقد كتبتُ عن نايت شيد (Nightshade)، وهي أداة صممها باحثون في جامعة شيكاغو، وتتيح للمستخدمين إضافة بيانات هجومية مسمومة وخفية إلى صورهم حتى تتسبب بإفساد نماذج الذكاء الاصطناعي عند جمع هذه الصور واستخدامها في تدريب هذه النماذج. صمم الفريق نفسه أيضاً أداة غليز (Glaze) التي تتيح للفنانين إخفاء أسلوبهم الخاص حتى يصبح تقليده باستخدام الذكاء الاصطناعي غير ممكن. وقد دُمِجت أداة غليز في كارا (Cara)، وهو موقع جديد ذائع الصيت لعرض الأعمال الفنية مع منصة تواصل اجتماعي، ويشهد اهتماماً كبيراً من قبل الفنانين. تروج منصة كارا لنفسها بوصفها منصة فنية شعبية، وتستخدم الفلاتر لحظر المحتوى الذي يولده الذكاء الاصطناعي. وقد انضم إليها مليون مستخدم جديد تقريباً خلال بضعة أيام.

اقرأ ايضاً: تعرّف إلى طريقة تسميم الذكاء الاصطناعي لحماية حقوق الفنانين وإبداعهم

يجب أن تكون هذه الأخبار كلها مطمئنة لجميع المبدعين الذين يشعرون بالقلق إزاء احتمال فقدانهم لوظائفهم بسبب برنامج حاسوبي ما. وتُعدّ دراسة ديب مايند مثالاً رائعاً عن كيفية استفادة المبدعين من الذكاء الاصطناعي بصورة فعلية. يستطيع الذكاء الاصطناعي تولي بعض الجوانب المملة والرتيبة والخاضعة لصيغ محددة في العملية الإبداعية، لكنه لا يستطيع الحلول محل البشر من حيث قدرتهم على الإبداع وإضفاء اللمسات السحرية. فنماذج الذكاء الاصطناعي محدودة ببياناتها التدريبية، وستقتصر إلى الأبد على التعبير عن روح العصر السائدة لحظة تدريبها. وهي روح تفقد حداثتها بسرعة كبيرة.

المحتوى محمي