7 تحديات تعيق استخدام الطاقة المائية لتوليد الكهرباء

5 دقائق
6 تحديات تعيق استخدام الطاقة المائية لتوليد الكهرباء
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Evgeny_V

الطاقة المائية، المعروفة أيضاً باسم الطاقة الكهرومائية، هي أحد أفضل مصادر الطاقة المتجددة. استخدمها البشر كمصدر للطاقة منذ آلاف السنين، ويستخدمونها لتوليد الكهرباء منذ ما يقرب من 150 عاماً، وتعمل عبر تسخير قوة سقوط المياه لتشغيل التوربينات وتوليد الكهرباء.

في حين أن الطاقة الكهرومائية هي مصدر نظيف وموثوق للطاقة، إلا أن الاستفادة من المياه لتوليد الكهرباء لا تخلو من التحديات، والتي يجب معالجتها. لنتعرف على أهم التحديات التي تواجه الاستفادة من طاقة المياه في توليد الكهرباء.

ما هي الطاقة الكهرومائية وكيف تعمل؟

الطاقة الكهرومائية هي مصدر طاقة متجدد يولد الكهرباء عن طريق تسخير قوة تدفق المياه من الأعلى إلى الأسفل. وتتضمن:

  • محطات تُقام على مجرى النهر لاستغلال طاقته، وتحتوي على توربينات ومولدات.
  • خزانات للمياه أو سدود، تُستخدم غالباً في عمليات الري والشرب والتحكم في الفيضانات.

نظرياً، يتم بناء سد في منطقة منخفضة من مجرى نهر، بحيث يخزن السد خلفه المياه في الخزان. بالقرب من قاع جدار السد يوجد مدخل مزود بصمام للسماح للمياه بدخول السد بتأثير الجاذبية. في نهاية المدخل يوجد ما يُعرف بالتوربينات، وهي قطعة تشبه المروحة. تدور شفرات التوربينات بفعل قوة المياه، فتنتج طاقة ميكانيكية، وتنقلها عبر العمود الدوّار المعدني إلى المولد الكهربائي لتتحول إلى طاقة كهربائية، والمولد هو المحرك الذي ينتج الكهرباء. يتم توصيل المولد بالخطوط الكهربائية، والتي تمد المنازل والمنشآت بالكهرباء.

اقرأ أيضاً: كيف يتم تحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة كهربائية؟

تحديات الاستفادة من طاقة المياه في توليد الكهرباء

تعاني صناعة الطاقة الكهرومائية من بعض الصعوبات والتحديات، ومنها:

1.  محدودية توفر المواقع المناسبة للطاقة الكهرومائية: قيود الموقع الجغرافي

على الرغم من وجود المسطحات المائية حول العالم، فإن جزءاً منها فقط مناسب لمحطات الطاقة الكهرومائية الحالية، إذ لا يمكن بناء السدود الكهرومائية الكبيرة في أي مكان. تحتاج المحطات الكهرومائية إلى إمدادات ثابتة من المياه ومساحة كبيرة من الأرض، وهو ما قد تمتلكه بعض البلدان، بينما بعضها الآخر لا تتوفر لديه.

على سبيل المثال، في المناطق المتجمدة لمعظم أوقات السنة، لا يمكن بناء محطات الطاقة الكهرومائية على بحيرة أو نهر متجمد. وبشكل عام يتحكم العاملان التاليان بقدرة البلدان على استغلال طاقة المياه:

التركيب الجيولوجي

تتحمل السدود أوزاناً هائلة من المياه، فإذا لم تكن البنية أو الهيكل الصخري للأرض التي سيشيد عليها السد قوية بما يكفي لحمل وزن وقوة المياه سواء كانت من صنع الإنسان أو طبيعية، وإذا لم تكن جدران السد مقاومة للماء، سيتعرض ماء الخزان أو السد للتسرب، ويفقد قوة الماء.

وفرة المياه

السدود عبارة عن مسطحات مائية ضخمة، ومع زيادة مساحة السطح يزداد تعرضه للتبخر، لذا لا بُدّ من أن يكون تدفق المياه للسد كافياً لملء السد، وتعويض الفاقد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر التغيرات الموسمية في هطول الأمطار على كمية المياه المتاحة لتوليد الطاقة.

اقرأ أيضاً: ما الصعوبات التي تواجه استغلال طاقة الرياح في توليد الكهرباء؟

2.  توفر المواد الخام

تحدد المواد المستخدمة في بناء السدود ما إذا كانت ستستمر لفترة طويلة أو تخدم غرضها بشكل فعال.

التوربينات

التوربين هو المكون الذي يحول طاقة الماء إلى طاقة ميكانيكية، ويتكون من ريش تدور حول محور الدوران عند التفاعل مع تدفق المياه. يمكن تصنيف التوربينات الهيدروليكية إلى:

  • توربينات تفاعلية: تستغل بشكل أساسي ضغط الماء، ويجب أن تكون مصنوعة من مواد قادرة على مقاومة كل من الضغوط العالية الناتجة عن ضغط الماء والإجهاد والتآكل والتجويف.
  • توربينات الحركة: تستغل سرعة التدفق، أي الطاقة الحركية للمياه وزخم تدفقها.

غالباً ما تتم صناعة هذه التوربينات من الفولاذ، بحيث يصل وزنها إلى نحو 172 طناً، وتدور بمعدل 90 دورة في الدقيقة. وعلى الرغم من أنها تصمم للعمل لعقود طويلة، فإنها غالباً ما تتعرض للتآكل أو التجويف (التكهّف) نتيجة غمرها في الماء. بدوره يؤثر التآكل والتجويف على المكونات المعدنية الأخرى لكل من منشآت الطاقة الكهرومائية الصغيرة والكبيرة، مثل المآخذ والصمامات البوابية الكبيرة ومجاري المياه. بشكل عام، لا بدّ من أن تكون مصنوعة من مواد مقاومة التآكل وخفيفة الوزن، إذ قد يؤدي وزن التوربين الكبير إلى زيادة تكاليف النقل والتركيب بشكل كبير، خاصة في المناطق النائية.

اقرأ أيضاً: طاقة الرياح في دول الخليج: الإمكانات والتحديات والنمو

3. الحشف الحيوي

تتأثر صناعة الطاقة الكهرومائية بما يُعرف بالحشف الحيوي (Biofouling) أو الترسب الحيوي، وهو نمو الأنواع الغازية، من طحالب ونباتات وحيوانات وكائنات دقيقة، على التوربينات والهياكل الأخرى.

4.  التغيرات المناخية

تتأثر محطات الطاقة الكهرومائية وصناعة الكهرباء بالتغيرات المناخية، وما يرافقها من زيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرفة. ومن أهم العوامل المؤثرة على إنتاج الطاقة الكهرومائية:

تغير درجة الحرارة والهطولات المطرية

تؤدي الزيادة في درجات الحرارة إلى زيادة التبخر من الأسطح المائية ومن الأنهار والبحيرات، وفي الوقت ذاته، تؤدي المياه المتبخرة إلى زيادة الهطولات المطرية، أي يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تكثيف دورة المياه على سطح الأرض، بعبارة أخرى، ستصبح المناطق الجافة أكثر جفافاً، والمناطق الرطبة أكثر رطوبة. يتراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية في:

  • المناطق التي تنخفض ​​فيها معدلات هطول الأمطار السنوية، بسبب تراجع ​​الجريان السطحي.
  • المناطق التي تزداد فيها الهطولات المطرية، وتسبب الفيضانات، بسبب تدفق الرواسب القوية والحطام، والتي تتسبب بسد مكونات السدود أو إتلافها، مثل مجاري الصرف. بالإضافة إلى ذلك، قد تضعف بنية وهياكل السد في ظل مثل هذه الفيضانات الشديدة.
  • زيادة التبخر من الخزانات وفقدان التصريف، وبشكل خاص في المناطق الجافة والخزانات الضحلة نسبياً.

اقرأ أيضاً: أبرز جهود الإمارات العربية المتحدة في تنمية مشاريع الطاقة المستدامة

نضوب الأنهار الجليدية

تشكل الأنهار الجليدية والثلوج، خزانات للمياه العذبة. لكن مع استمرار تأثيرات التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، تذوب الكثير من هذه المخازن، وبينما تسبب بدايةً زيادة الجريان السطحي، إلا أنها في النهاية قد تصبح شحيحة الإمداد بالمياه، ما يؤدي إلى انخفاض طويل المدى في الجريان السطحي السنوي.

تآكل التربة

ينتج عن زيادة الهطولات المطرية، تآكل التربة وانجرافها. تنتقل الرواسب إلى الخزانات مع المياه الجارية، فتقلل من سعتها. بالإضافة إلى ذلك، تتسبب التعرية بتعريض الطبقة السفلية من التربة والتي تُعرف بالتربة الصقيعية إلى التحمض والذوبان. تعمل التربة الصقيعية كغراء للتربة، وبالتالي تتعرض المنطقة للانهيارات الأرضية، والتي تؤدي مرة أخرى إلى تآكل وزيادة حمل الرواسب في أحواض الأنهار.

5.  الجغرافيا السياسية

غالباً ما تمر الأنهار عبر عدة دول، ما يعني أن قرار بناء سد ليس قراراً محلياً، وإنما قرار دولي يتأثر بسياسة المنطقة. على سبيل المثال، يعبر نهر النيل من إثيوبيا إلى السودان ثم مصر، وقد أرادت إثيوبيا بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير، بحيث يمكنه توليد نحو 6000 ميغاواط من الطاقة لإثيوبيا، لكن اعترض كل من السودان ومصر على المشروع، باعتبار أنهما ستتحملان العبء الأكبر لأضرار المصب، وعدم الحصول على حصصهما من كمية مياه النيل.

اقرأ أيضاً: ما أفضل طريقة لتخزين الطاقة المتجددة؟ شركة إيطالية تسعى لاستخدام ثنائي أكسيد الكربون

6.  تحديات الصيانة

تتطلب مرافق الطاقة الكهرومائية صيانة دورية لضمان عمل التوربينات المائية ومحطات الطاقة الكهرومائية بأقصى قدر من الكفاءة، وهو ما قد يكون صعباً لعدة أسباب بما في ذلك:

  • المواقع البعيدة أو التي يتعذر الوصول إليها، حيث قد تواجه أطقم الصيانة صعوبة في الوصول إلى الموقع.
  • الظروف الجوية القاسية التي تتسبب في تلف التوربين ومكوناته.
  • عدم توفر خبرات كافية ومدربة على عمليات الصيانة.
  • فشل عمليات الشبكة، بسبب الحالة السيئة للمعدات.
  • ارتفاع تكاليف الصيانة، بسبب تعقيد البنية التحتية التي تنطوي عليها عملية توليد الكهرباء من الطاقة المائية.

7.  ارتفاع تكاليف رأس المال

يتطلب بناء محطات الطاقة الكهرومائية استثمارات رأسمالية كبيرة، والتي يمكن أن تكون عائقاً أمام العديد من البلدان والشركات. ترجع التكاليف الرأسمالية المرتفعة المرتبطة بمحطات الطاقة الكهرومائية إلى الحاجة إلى بنية تحتية واسعة النطاق مثل السدود والتوربينات وخطوط النقل.

إذاً، قد تكون الطاقة الكهرومائية مصدراً نظيفاً للكهرباء منخفض الكربون، لكن حتى البلدان التي لديها الكثير من المياه غير المستغلّة تحتاج إلى موازنة فوائد الطاقة المائية مقابل التكاليف البيئية والاجتماعية لمشاريع السدود.

المحتوى محمي