وفقاً للبنك الدولي، من المتوقع أن يصل حجم السوق العالمية للبلوك تشين إلى 1.43 تريليون دولار بحلول العام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 85.9%. ومع استمرار توسع حالات استخدام البلوك تشين، ثمة توجهات قائمة ومستجدة في 2023. على سبيل المثال، هناك توجه متصاعد نحو استخدام تكنولوجيا البلوك تشين في إدارة سلاسل التوريد. ويمكن لحلول سلاسل التوريد التي تعتمد على البلوك تشين أن تساعد في زيادة الشفافية وقابلية التتبع في سلاسل التوريد، ما يؤدي إلى تقليل الاحتيال، وتحسين الفاعلية.
من التوجهات المهمة الأخرى التي ستستمر خلال 2023 تبنّي التمويل اللامركزي أو "دي فاي" (DeFi) اختصاراً. تتيح تطبيقات دي فاي تنفيذ المعاملات المباشرة بين الأطراف، وإلغاء الحاجة إلى جهات وسيطة، مثل المصارف.
إضافة إلى هذا، سيشهد المزيد من المجالات إدماج الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs). حالياً، تُستَخدم هذه الرموز في الألعاب والرياضة والفن وغيرها من المجالات. ومن الأمثلة على هذا شركة نايكي (Nike) التي استحوذت على شركة المقتنيات الرقمية آر تي إف كيه تي استوديو (RTFKT studio)، ما يتيح لها بيع الأحذية الرياضية الافتراضية لاستخدامها مع الشخصيات الرمزية لمستخدمي الميتافيرس.
أخيراً، تُستخدم تكنولوجيا البلوك تشين أيضاً لتطوير حلول الهوية الرقمية، فهي أكثر أماناً من أنظمة الهوية التقليدية وتوفر درجة أعلى من الحماية لخصوصية المستخدمين. من المتوقع أن يستمر هذا التوجه في الانتشار مع إدراك المزيد من المؤسسات فوائد الهوية الرقمية المبنية على البلوك تشين.
الفوائد التجارية للبلوك تشين العائدة على الشركات
اكتشفت دراسة أجرتها شركة أفتريكس ماركت ريسيرتش (Aftrex Market Research) في 2018 أن الحجم الإجمالي لسوق البلوك تشين وإنترنت الأشياء يمكن أن يصل إلى 254.31 مليار دولار في 2026. ويعود هذا إلى عدة فوائد؛ مثل السرعة الأعلى، والتكاليف الأقل، والتحسينات في الخصوصية، وفاعلية الخدمات اللوجستية، وسلاسل التوريد. ويمكن للجمع بين البلوك تشين وإنترنت الأشياء أن يتيح بناء شبكات أكثر أماناً وموثوقية.
وبما أن تكنولوجيا البلوك تشين تتيح إجراء معاملات آمنة وشفافة، في حين تؤمن إنترنت الأشياء بيانات في الزمن الحقيقي؛ يمكن لهذه التركيبة أن تساعد في منع الهجمات السيبرانية، وضمان حماية البيانات من التلاعب والعبث. إضافة إلى هذا، سيتيح استخدام البلوك تشين مع إنترنت الأشياء زيادة انسيابية العمليات وتخفيض التكاليف. تتيح تكنولوجيا البلوك تشين استخدام العقود الذكية التي تستطيع أتمتة العمليات وإلغاء الحاجة إلى جهات وسيطة.
أخيراً، يمكن للبلوك تشين وإنترنت الأشياء تسهيل بناء دفتر أستاذ مضاد للتلاعب لجميع المعاملات والبيانات، وهو ما يمكن أن يساعد على تحسين إدارة البيانات، وتخفيف خطر الاختراقات التي تستهدفها، وتوفير مصدر معلومات موثوق ووحيد يمكن أن تعتمد عليه الأطراف كافة.
اقرأ أيضاً: ما الحلول الثورية التي قدّمها ساتوشي ناكاموتو ليجعل البيتكوين عملة قابلة للتداول والاستمرار؟
التحديات التي يمكن أن تواجهها المؤسسات في أثناء تطبيق البلوك تشين
يمكن أن يؤدي تطبيق تكنولوجيا البلوك تشين وتحقيق العائدات باستخدامها إلى عدة تحديات للمؤسسات والشركات. فقد يكون تطبيق تكنولوجيا البلوك تشين عملية معقدة تتطلب استيعاباً عميقاً لهذه التكنولوجيا، ومبادئها الأساسية، والمتطلبات الخاصة بالشركة.وقد يتطلب دمج هذه التكنولوجيا مع الأنظمة والعمليات الموجودة مسبقاً قدراً كبيراً من التغييرات والتعديلات، ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة التعقيد وتكاليف التطبيق.
إضافة إلى ذلك، قد تتعرض شبكات البلوك تشين، خصوصاً العامة أو الشبكات التي تعمل من دون أذونات، إلى تحديات متعلقة بقابلية التوسع والتطوير. فمع إضافة المزيد من المعاملات إلى البلوك تشين، قد يتأثر أداء الشبكة سلباً، ما يؤدي إلى إبطاء معالجة المعاملات، وزيادة التكاليف. يجب على الشركات أن تدرس بعناية حلولاً قابلة للتوسع والتطوير، وتختار منصة البلوك تشين الملائمة للمتطلبات الخاصة بحجم المعاملات فيها.
أخيراً، يمكن أن تختلف أساليب تطبيق البلوك تشين باختلاف المنصات والشبكات، ما يجعل قابلية التشغيل البيني مسألة شائكة. قد تواجه الشركات صعوبة في إدماج أنظمة البلوك تشين مع البنية التحتية الموجودة مسبقاً لتكنولوجيا المعلومات، وقد تضطر إلى الاستثمار في تكنولوجيات إضافية، أو تطوير حلول خاصة بها لتمكين التشغيل البيني بين شبكات البلوك تشين المختلفة.
اقرأ أيضاً: هل تنجح عملة وورلد كوين في تأمين دخل أساسي للجميع باستخدام التكنولوجيا؟
المهارات المطلوبة لاعتماد البلوك تشين بنجاح
يحتاج تحقيق النجاح في استخدام البلوك تشين إلى تركيبة تجمع مهارات تكنولوجيا المعلومات ومهارات العمل التجاري. يمثل الاستيعاب المعمّق لتكنولوجيا البلوك تشين أمراً أساسياً، ويتضمن هذا الاستيعاب معرفة كل ما يتعلق بتكنولوجيا دفتر الأستاذ الموزع، وخوارزميات الإجماع، والتشفير، والعقود الذكية، والتطبيقات اللامركزية أو "دي آبس" (DApps) اختصاراً. وتتسم المهارة العالية في مجال منصات البلوك تشين وأطر عملها، مثل إيثيريوم (Ethereum) أو هايبرليدجر (Hyperledger) أو فابريك (Fabric) أو كوردا (Corda)، بقيمة عالية لتطوير حلول البلوك تشين وتطبيقها.
إضافة إلى ذلك، يعدّ إتقان لغات البرمجة المستخدمة في تطوير البلوك تشين أمراً بالغ الأهمية. كما أن المهارات القوية في لغات البرمجة، مثل سوليديتي (لإيثيريوم) أو غو أو جافا أو جافا سكريبت، ضرورية لتطوير العقود الذكية وبناء تطبيقات البلوك تشين، ودمج البلوك تشين مع الأنظمة الموجودة مسبقاً. أخيراً، قد تكون مهارات تطوير الويب، مع الاطلاع على أساسيات واجهات برمجة التطبيقات وأطر عملها، مفيدة لبناء واجهات المستخدم وإدماج حلول البلوك تشين في البنى التحتية المخصصة لتكنولوجيا المعلومات والموجودة مسبقاً.