طور مهندسون من جامعة نورث وسترن في إلينوي الأميركية روبوتاً هو الأصغر في العالم، بعرض نصف ميليمتر فقط، له شكل سلطعون، كما يمشي جانبياً مثله عبر التحكم عن بعد، ومن المعتقد أنه سيجعل إنجاز تصنيع روبوتات صغيرة الحجم يمكنها أداء مهام عملية داخل مساحات ضيقة للغاية أقرب إلى الواقع.
ما الذي يجعل هذا الروبوت مميزاً؟
عادةً ما تتحرك الروبوتات للأمام، ولها تصميم ميكانيكي مع الكثير من الأجزاء المتحركة التي تحتاج إلى مصدر للكهرباء لتعمل، أما روبوت السرطان الصغير فيتحرك جانبياً دون أي أسلاك أو مكونات هيدروليكية أو كهرباء أو أي مكونات ميكانيكية قياسية أخرى، بل بحسب ما ذُكر في الدراسة المنشورة بدورية "علوم الروبوتات" (Science Robots)، يتمكن من الحركة بسبب مرونته العالية، ويمكنه أن ينحني ويلتف ويستدير ويزحف ويقفز أيضاً، بواسطة 8 أرجل بسيطة التصميم، تتم معالجتها بالليزر.
اقرأ أيضاً: الزينوبوت: روبوت حي ولد من رحم التطورات التكنولوجية الحيوية والحاسوبية
من ثنائي الأبعاد إلى ثلاثي الأبعاد إلى ثنائي من جديد: حركة مميزة
صُنع الروبوت من سبيكة مرنة، وهو عبارة عن مخطط معدني على شكل سرطان البحر ثنائي الأبعاد متصل بركيزة مطاطية. عندما تتقلص الركيزة وتقل مساحة السطح، يتم دفع المادة لأعلى معطية شكل السلطعون ثلاثي الأبعاد المطلوب بنفس الطريقة التي تنبثق فيها الصور من كتب الأطفال.
وعندما يتم تسخين السبيكة ثلاثية الأبعاد بواسطة الليزر، فإنها تحاول العودة إلى شكلها الأصلي ثنائي الأبعاد المسطح. وقبل أن تتسطح السبيكة تماماً، تبرد بسرعة وتعود إلى شكل السلطعون ثلاثي الأبعاد. هذا التغير السريع في الشكل هو ما يعطي الروبوت الحركة.
تسهل طبقة زجاجية خاصة على السبيكة توجيه الليزر لتسخين مناطق معينة من الروبوت، ما يسمح بمجموعة واسعة من الحركات. مثلاً، لدفع السلطعون للمشي جانبياً، يتم تسليط الليزر من جانب واحد من الجسم ليتحرك إلى الجانب الآخر، فعند التسخين من اليسار إلى اليمين، يتحرك الروبوت من اليمين إلى اليسار.
يقول "يونغانغ هوانغ"، الذي قاد العمل النظري: "تتيح تقنيتنا مجموعة متنوعة من أساليب الحركة المُتَحَكّم فيها، ويمكنها المشي بمتوسط سرعة نصف طول جسمها في الثانية. هذا أمر صعب للغاية لتحقيقه على مثل هذه النطاقات الصغيرة للروبوتات الأرضية".
وعن السبب وراء الحركة السريعة للروبوت، يوضح كبير الباحثين "جون روجرز"، مهندس الطب الحيوي وخبير النانو في جامعة نورث وسترن في بيان، أن هذه السرعة المذهلة ممكنة فقط بسبب السرعة التي تبرد بها مواد الروبوت بعد تسخينها بالليزر. ويضيف: "في الواقع، إن تقليل أحجام هذه الروبوتات يسمح لها بالعمل بشكل أسرع".
اقرأ أيضاً: روبوت ذكي يشق طريقه في المحيط بأقل قدر من الطاقة
باستخدام طريقة التصنيع هذه، كان بإمكان الفريق تطوير روبوتات بأشكال وأحجام مختلفة، لكنهم اختاروا السلطعون بعد أن تعلموا كيف تستجيب المادة لأشعة الليزر، فقد قال روجرز: "باستخدام تقنيات التجميع ومفاهيم المواد، يمكننا بناء روبوتات متحركة بأي أحجام أو أشكال ثلاثية الأبعاد تقريباً، لكن الطلاب شعروا بالإلهام والمتعة من حركات الزحف الجانبية لسرطان البحر الصغير. لقد كانت نزوة إبداعية". على الرغم من ذلك، صمم الباحثون أيضاً روبوتات صغيرة تشبه الديدان القشرية والصراصير والخنافس.
اقرأ أيضاً: استطعنا أخيراً ابتكار حشرة روبوتية صغيرة تحلق بشكل أقرب إلى الحشرات الحقيقية
من الماضي إلى المستقبل
من الجدير بالذكر أنه، في سبتمبر/ أيلول من عام 2021، قامت نفس المجموعة البحثية بإنشاء رقاقة مجنحة، وكانت أصغر هيكل طيران من صنع الإنسان على الإطلاق، وهي بحجم حبة الرمل وبشكل بذور شجرة القيقب.
ما زال الروبوت قيد التطوير الآن، وما زال الفريق يستكشف إمكانياته، لكنهم يعتقدون أن تقنيتهم تقرّبهم من تطوير روبوتات صغيرة الحجم، تؤدي مهام عملية داخل مساحات ضيقة للغاية.
فقد قال روجرز: "الروبوتات مجال بحث مثير، وتطوير الروبوتات الدقيقة هو موضوع ممتع للاستكشاف الأكاديمي، قد تتخيل الروبوتات الدقيقة كعوامل لإصلاح هياكل صغيرة أو تجميعها، أو كمساعدين جراحين لتنظيف الشرايين المسدودة، أو لوقف النزيف الداخلي أو للقضاء على الأورام السرطانية؛ كل ذلك في إجراءات طفيفة التوغل".