تعرّف على الرجل المسؤول عن “طبعة القدم” في بعثة أبولو

3 دقائق
مصدر الصورة: أرشيف أبولو

في الأشهر التي تسبق الذكرى الخمسين لبعثة أبولو 11، سنشارك بعض القصص عن الأشخاص الذين ساهموا في تحقيق الهبوط القمري، وذلك كجزء من الرسالة الإخبارية إيرلوك سبيس.

عندما ذهب ويليام ديفيد كاريير إلى جامعة إم آي تي للبدء بدراسته الجامعية، نصحه والده بأن يتخصص في أي شيء إلا مجال الطيران والفضاء. فقد كان أبوه رباناً، وعلى دراية تامة بالطبيعة المتكررة والدورية لهذا المجال. غير أن كاريير تجاهل نصيحة والده، شأنه شأن أغلب طلاب الجامعة، كما يقول: "لقد انتهى بي المطاف منجذباً إلى العمل في برنامج أبولو كما تنجذب الفراشة إلى لهب المصباح".

خلال بعثات أبولو، عمل كاريير في ناسا كاختصاصي ومفتش أساسي في مجال ميكانيك التربة القمرية، أي كخبير في تربة القمر. وقبل هبوط أبولو 11، انتشرت الكثير من الشائعات الغريبة حول طبيعة التربة القمرية. هل سيغرق رواد الفضاء في التربة لدى الهبوط عليها؟ ماذا لو لم تكن صلبة؟ قرر كاريير أن يناقش هذه التفاصيل بنفسه مع رواد الفضاء حتى يهدئ من روعهم.

كاريير يساعد رائد الفضاء من بعثة أبولو 13 فريد هايز في محاكاة لعملية حفر في كيب كانافيرال.
مصدر الصورة: تقدمة من ديفيد كاريير

في مكان قريب من مكان عمل كاريير في هيوستن، كان مقر فريق الجيولوجيين المسؤولين عن التدريب الميداني لرواد الفضاء في إل باسو. يقول كاريير: "حصل رواد الفضاء على ما يكافئ درجة الماجستير في الجيولوجيا قبل ذهابهم إلى القمر. لقد عقدت صداقات مع الجيولوجيين وقلت لهم: ألا ترغبون بأن أساعدكم في التدريب؟ وقالوا: طبعاً، هيا بنا". وقد تخيل أن هذه ستكون فرصته حتى يتحدث مع رواد الفضاء بشكل مباشر ليعطيهم من فيض حكمته في مجال التربة القمرية.

ولكن الحياة كان لها رأي آخر. فقد كان من المفترض أن تلد زوجته قبل موعد التدريب، ولكن كما قال كاريير: "لم يقبل الجنين الخروج في الموعد". وهكذا، وعلى مضض، اضطر لإلغاء اشتراكه في العمل مع طاقم أبولو.

وعندما حل يوم تدريب رواد الفضاء، كان الطقس في هيوستن كئيباً. قاد كاريير سيارته إلى مركز ناسا الفضائي عبر الضباب، متوقعاً يوماً مملاً في مكتب فارغ. ففي اليوم السابق، كان الآخرون قد ذهبوا بالطائرة إلى إل باسو للتحضير لوصول رواد الفضاء، أو على الأقل، هذا ما كان مفترضاً. ومن حسن حظ كاريير، فقد كان الضباب كثيفاً إلى درجة أن رواد الفضاء لم يتمكنوا من التحليق بالطائرة، وبقوا في مقر عمله، كما يقول: "لقد وجد الطاقم الأساسي والطاقم الاحتياطي والطاقم الاحتياطي الثاني أنفسهم فجأة عالقين في هيوستن، ومن دون أن يكون لديهم ما يفعلونه".

مصدر الصورة: أرشيف أبولو

كان كاريير يأمل أن يحظى ببضع دقائق مع رواد الفضاء، وحصل بدلاً من ذلك على ساعة كاملة من الحديث المباشر مع كامل فريق أبولو 11 حتى يشاركهم بمعلوماته الدقيقة التي اكتسبها بعد دراسة كثافة التربة القمرية في إم آي تي وأثناء العمل لناسا، كما يقول: "لقد قلت لهم إن آثار أقدامهم ستكون بعمق حوالي سنتمتر وربع، وإن أنابيب العينات (معدات أخذ العينات) التي كانوا يستخدمونها لم تكن جيدة جداً. وطلبوا مني بدورهم، وبنوع من التحدي، أن أصنع معدات أفضل. أعتقد أنني أوحيت لهم بمستوى جيد من الثقة، خلافاً لبعض الأشياء التي سمعوها من الآخرين".

كان ذلك الحوار أيضاً حافزاً لالتقاط واحدة من أشهر صور البعثة، والتي وثقت تجربة ميكانيك التربة التي طلب تنفيذها من أرمسترونج وألدرين، ويستذكر كاريير قائلاً: "لقد طلبت منهما تصوير جزء من التربة القمرية لم يتعرض لأي تأثير، ومن ثم الدوس على التربة، والعودة إلى الخلف، والتقاط صورة أخرى لطبعة القدم"، وهكذا حصلنا على الصورة الشهيرة.

صورة حديثة لكاريير وهو يحمل حفيده بيكيت أثناء حضور لعبة كرة قدم في صالة مغلقة.
مصدر الصورة: تقدمة من ديفيد كاريير

على الرغم من أن كاريير لم يتحدث مع رواد الفضاء بعد البعثة لسماع مجريات التجربة منهم مباشرة، فقد حصل على بعض النتائج إثر لقاء حدث بالصدفة، كما يقول: "دخلت محطة وقود قرب شقتنا، وإذ بي أرى نيل أرمسترونج واقفاً أمامي قرب مضخة الوقود. لقد توقف هناك لتزويد سيارته بالوقود وشراء مشروب غازي، وكان أول ما قاله لي: "يوجد هناك من الصخور أكثر مما ذكرت!".

يعيش كاريير الآن في ليكلاند، فلوريدا، وقد عمل في البناء والتعدين، متخلياً عن تربة القمر لصالح تربة الأرض. وفي الصور أعلاه، نراه يساعد في عملية محاكاة للحفر في كيب كانافيرال مع رائد الفضاء في أبولو 13 فريد هايز، وعلى اليمين نرى صورة حديثة له مع حفيده بيكيت أثناء حضور لعبة كرة قدم في صالة مغلقة.

المحتوى محمي