شهد الذكاء الاصطناعي التوليدي انتشاراً واسعاً منذ ظهوره في نهاية عام 2022، وأصبح يتطور بوتيرة غير مسبوقة متجاوزاً سرعة التحولات التكنولوجية السابقة مثل الحوسبة السحابية، ووفر فرصاً غير مسبوقة للابتكار والكفاءة والميزة التنافسية. بصفتك مديراً تنفيذياً قد تتساءل: بعيداً عن الضجيج، ما الذي ينبغي أن أعرفه بالضبط عن الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ وما هي الفائدة التي سأحصل عليها عند دمجه في سير عملي اليومي؟
ما الذي ينبغي أن يعرفه الرئيس التنفيذي عن الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يعد فكرة مستقبلية، بل واقعاً عملياً وقوة تحويلية تعيد تشكيل كيفية عمل الشركات وتنافسها وابتكارها، إذ يشير اعتماده السريع والنمو الكبير في عدد المستخدمين إلى أهميته في تقديم القيمة للشركات والأفراد على حد سواء.
بالنسبة للرؤساء التنفيذيين، يعد فهم هذه التقنية أمراً بالغ الأهمية، إذ وجدت العديد من الدراسات أن لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي فوائد متعددة في تعزيز الكفاءة الإدارية التنفيذية، منها دراسة أجرتها كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا وجدت أن الفرق المعززة بنموذج ذكاء اصطناعي توليدي مثل تشات جي بي تي قد أنتجت أفكاراً أفضل من البشر دون مساعدة، لا سيما في سياق التفكير في المنتجات الجديدة.
كما وجدت دراسة شركة آي بي إم للرؤساء التنفيذيين لعام 2023 أن 43% من القادة التنفيذيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي التوليدي لاتخاذ القرارات الاستراتيجية. علاوة على ذلك، كشف استطلاع أجرته مجموعة بوسطن الاستشارية عام 2023 أن أكثر من 50% من الرؤساء التنفيذيين يترددون في اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن أولئك الذين يتبنونه يشهدون عائداً ملموساً على الاستثمار في مجالات مثل التسويق والبحث والتطوير.
من ثم، لكي يقود الرؤساء التنفيذيون بشكل فعال في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن الفهم الشامل له مهم للغاية ويمتد إلى ما هو أبعد من مجرد الوعي التقني ليشمل العقلية وتنمية المهارات، بما في ذلك تحليلات البيانات والتعلم الآلي والأمن السيبراني، إذ توفر هذه المعرفة الأساسية فهم كيفية عمل التكنولوجيا في إنشاء الرؤي وتحسين اتخاذ القرارات.
علاوة على ذلك، تتضمن تنمية عقلية الذكاء الاصطناعي أولاً النظر إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس فقط كأداة ولكن كعنصر أساسي لتعزيز إنتاجية الممارسات الشخصية وزيادة القدرات البشرية والكفاءة بمرور الوقت، والأهم تعلم متى تعتمد على الرؤى المنشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي ومتى ينبغي أن يسود الحكم البشري لا سيما في القرارات التي تنطوي على اعتبارات أخلاقية مهمة أو تتطلب فهماً سياقياً عميقاً.
اقرأ أيضاً: هل أنت مستعد لمستقبل البحث؟ تعرّف إلى المزايا الخمس الرئيسية لمحركات البحث التوليدية
كيف يعيد الذكاء الاصطناعي التوليدي تشكيل مشهد صنع القرار التنفيذي؟
يغير الذكاء الاصطناعي التوليدي كيفية اتخاذ القرارات على مستوى الإدارات التنفيذية ويعززها بعدة طرق منها:
- الرؤى القائمة على البيانات: بدلاً من الاعتماد على عدد قليل من التقارير، يمكن للمدراء التنفيذيين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي لمعالجة مصادر بيانات هائلة ومتباينة بشكل فوري، مثل مسح تقييمات العملاء والبيانات المالية وأبحاث السوق للكشف عن الاتجاهات الخفية والتوصية بأفضل قرار، ما يمكن الرؤساء التنفيذيين من اتخاذ القرار الاستراتيجية الفعالة بثقة قائمة على البيانات.
- التفاعل الحواري: بدلاً من لوحات المعلومات الثابتة المكونة من الرسوم البيانية وجداول البيانات، يمكن للمدراء التنفيذيين طرح الأسئلة بلغة طبيعية والحصول على تفسيرات مثل: "ما هي فئة المنتج التي حققت أعلى زيادة في هامش الربح في الربع الماضي؟ ولماذا؟"، ما يقلل وقت الاستجابة ويساعد في الحفاظ على مرونة الأداء.
- تخطيط السيناريوهات والتنبؤ بها: من خلال محاكاة النتائج في ظل سيناريوهات مختلفة وإنشاء التوقعات أو تحليلات التنبؤ المستقبلية بسرعة، مثل توقع المبيعات في ظل ظروف اقتصادية متفاوتة أو لتقييم أثر تغيير الأسعار الذي بدوره يمنح الرئيس التنفيذي أساساً أقوى قائماً على البيانات للتخطيط طويل المدى.
- السرعة والمرونة: تتيح الأتمتة الروتينية للمدراء التنفيذين التركيز على المهارات الاستراتيجية عالية المستوى. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لصياغة النسخ الأولى من التقارير والعروض التقديمية، ثم القيام لاحقاً بمراجعتها وتحسينها، ما يوفر الوقت ويسمح بأوقات اتخاذ قرارات أكثر فاعلية.
- إدارة المخاطر باستخدام الذكاء الاصطناعي: في حين أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يحسن عملية اتخاذ القرار، فإنه يقدم أيضاً اعتبارات جديدة للمخاطر التي ينبغي أن يأخذها الرؤساء التنفيذيون في الاعتبار عند اتخاذ قراراتهم من خلال الإجابة عن السؤال المحوري: "هل هذه الرؤية المستمدة من الذكاء الاصطناعي قابلة للتنفيذ وجديرة بالثقة؟".
اقرأ أيضاً: 6 تطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد المدراء على تبسيط مهامهم اليومية
لماذا ينبغي للمدراء التنفيذيين دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في سير عملهم اليومي؟
يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة قوية يمكنها إعادة تشكيل كيفية عمل الشركات، وسيكون الرؤساء التنفيذيون الذين يتبنونه ويدمجونه في سير عملهم اليومي في وضع أفضل للتنقل في تعقيدات مشهد الأعمال الحديث، ودفع النجاح المستدام، فيما يلي الأسباب الرئيسية:
تعزيز الإنتاجية الشخصية
من خلال تسريع العديد من المهام الروتينية اليومية مثل صياغة مسودات رسائل البريد الإلكتروني وإعداد شرائح العروض التقديمية وتلخيص التقارير. على سبيل المثال، استخدام النموذج لاستخراج النقاط الرئيسية من سجلات الأرباح بناءً على البيانات المقدمة له.
تحسين جودة اتخاذ القرار
يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يعمل محللاً أو مولداً للأفكار عند الطلب. على سبيل المثال، قبل الاجتماع يمكن الطلب من النموذج تجميع المعلومات الأساسية بسرعة أو تشغيل سيناريو سريع مثل: ما هي إيجابيات دخول السوق (اسم السوق) وسلبياته؟
البقاء على اطلاع
مع تدفق هائل من المعلومات الجديدة يومياً، يمكن للمدراء التنفيذيين الاستعانة بالذكاء الاصطناعي التوليدي لرصد التوجهات مثل إيراد ملخص إخباري مخصص كل صباح أو شرح مواضيع معقدة مثل التغييرات التنظيمية. هذا البحث المتاح عند الطلب من شأنه أن يجنبه الوقوع في فخ المفاجأة، وهو أمر بالغ الأهمية للقيادة المستنيرة.
قيادة الثقافة بالقدوة
عندما يستخدم الرؤساء التنفيذيون الذكاء الاصطناعي التوليدي بأنفسهم، فهذا من شأنه أن يشجع الموظفين على تبنيه. على سبيل المثال، إذا ذكر الرئيس التنفيذي: "لقد طلبت من النموذج صياغة هذا التقرير"، فإن ذلك يرسخ ثقافة تقدر الابتكار وتعلم أدوات جديدة في الشركة.
القدرة التنافسية طويلة الأمد
دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في العمل اليومي يعني عدم التخلف عن الركب، إذ إن الرؤساء التنفيذيين الذين يستخدمونه في عملهم يكتسبون الخبرة والرؤى والمحافظة على مهاراتهم في عالم الأعمال المتطور بسرعة.
اقرأ أيضاً: ما هي أدوات الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الرؤساء التنفيذيون؟
تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بالنسبة للمدراء التنفيذيين: كيف تتجنبها؟
يحقق استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي فوائد كبيرة، ولكنه يثير أيضاً مخاطر جديدة ينبغي للمدراء التنفيذيين مراعاتها، وتشمل مجالات المخاطر الرئيسية ما يلي:
- يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي توليد معلومات مقنعة ولكنها خاطئة تماماً، وهو ما يعرف بالهلوسة، ومن ثم يمكن أن يكون لتوصية قام بها النموذج تأثير كبير في عملية صنع القرار إذا لم يتم التحقق منها.
- إذا تمت تغذية النموذج بمعلومات خاصة فقد تتسرب أو تستخدم في مكان آخر، ما يحتم على الإدارات التنفيذية التحكم في البيانات التي تغذي بها النماذج لتجنب المخاطر الأمنية وانتهاكات الخصوصية.
- قد تقدم النماذج توصيات متحيزة بناءً على بيانات التدريب الخاصة بها مثل إصدار توصيات توظيف متحيزة، ما بدوره قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير عادلة وقد يؤدي إلى الإضرار بالسمعة أو إلى مشكلات قانونية.
- قد يؤدي سوء استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع إلى دعاية سلبية. على سبيل المثال، إذا استخدم نموذج لتوليد محتوى مسيء أو محمي بحقوق الطبع والنشر ونشر للعامة، فقد تتضرر سمعة الشركة أو العلامة التجارية.
- قد يعوق الاعتماد المفرط على رؤى نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي عملية التفكير النقدي للإدارات التنفيذية، ويغفل الحكم البشري عند اتخاذ قرارات دون الفهم السياقي لثقافة الشركة أو فروق السوق الدقيقة.
اقرأ أيضاً: إلى كل رئيس تنفيذي: لا تتردد في تطبيق الذكاء الاصطناعي في شركتك
إن دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في صميم استراتيجية عملك لم يعد خياراً بل ضرورة حتمية لتحقيق النجاح والنمو المستدام. بصفتك مديراً تنفيذياً، فإن فهم هذه التكنولوجيا واغتنام إمكاناتها في تعزيز الكفاءة الشخصية وتحسين اتخاذ القرارات سيضعك في طليعة القادة الذين يصنعون المستقبل لا الذين يلاحقونه. فهل أنت مستعد لقيادة التحول وتمكين شركتك من التفوق في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي؟