باحثون من كاوست يطوّرون نموذج ذكاء اصطناعي لتشخيص الأمراض الجلدية

3 دقيقة
باحثون من كاوست يطوّرون نموذج ذكاء اصطناعي لتشخيص الأمراض الجلدية
حقوق الصورة: shutterstock.com/Andrey_Popov

طوّر فريق متعدد التخصصات من الباحثين في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست" (KAUST) في المملكة العربية السعودية نظام ذكاء اصطناعي يُسمَّى "سكين جي بي تي-4" (SkinGPT-4)، للمساعدة على تشخيص الأمراض الجلدية واقتراح العلاجات المناسبة.

ما هو نظام سكين "جي بي تي-4" الذي طوّره باحثو كاوست؟

نظام سكين جي بي تي-4 هو نظام تشخيصي تفاعلي للأمراض الجلدية، يعتمد على نموذج لغوي كبير متعدد الوسائط لتحليل الصور. تُظهر الدراسة المنشورة في دورية نيتشر أن الباحثين النظام طوروا النظام من خلال خوارزميات الرؤية الحاسوبية المدربة مسبقاً مع نموذج لغوي يُسمَّى (Llama-2-13b-chat)، ما يُتيح له معالجة كلٍ من الصور والنصوص.

اقرأ أيضاً: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب وتشخيص الأمراض

درّب الباحثون النموذج على مجموعة بيانات كبيرة تتكون من أكثر من 52 ألف صورة لأمراض جلدية، إلى جانب المفاهيم السريرية وملاحظات الأطباء. تضمنت عملية التدريب خطوتين؛ فقد تعلم النظام أولاً كيفية محاذاة المفاهيم السريرية البصرية والنصية، ما يسمح له بالتعرف إلى السمات الطبية في صور الأمراض الجلدية والتعبير عنها باللغة الطبيعية، ثم تعلم كيفية تشخيص أنواع معينة من الأمراض الجلدية بدقة.

يُتيح هذا التدريب المكثّف للنظام تقييم الصور بشكلٍ مستقل، وتحديد خصائص الحالات المَرَضيّة، وإجراء تحليل معمّق، وتقديم توصيات علاجية تفاعلية.

وبذلك، أصبح بإمكان سكين جي بي تي-4 تشخيص الحالات التي لها خصائص بصرية مميزة، مثل حب الشباب، وسرطان الجلد، والصدفية، وسرطان الخلايا القاعدية، والأكزيما، وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، يمكنه مراقبة تقدم العلاج والاستجابة له في بعض أمراض الجلد المزمنة مثل الصدفية، وتوفير الدعم المستمر وتعديل خطط العلاج حسب الحاجة.

كيف يعمل نظام سكين جي بي تي-4؟

يُتيح النظام للمستخدمين تحميل صور الإصابات الجلدية وتلقي تقييم للحالة، يتضمن تحديد الخصائص والتشخيص وتوصيات العلاج. فعندما يحمّل المستخدم صورة للجلد، يعالجها محوّل الرؤية (ViT) لتحديد الأنماط والميزات التي تشير إلى حالات جلدية مختلفة، ثم يفسّر نموذج اللغة الميزات المرئية ويدمجها مع التاريخ الطبي للمريض المُدخَل في النظام لتوليد التشخيص والتوصيات باللغة الطبيعية، كما يمكن للمستخدمين المحادثة مع النظام وطرح الأسئلة وتلقي إجابات مفصلة حول حالتهم. يؤدي ذلك إلى تعزيز فهم المريض، وتسهيل التواصل مع الأطباء، وتسريع عملية التشخيص، إذ يقدّم النظام التشخيص خلال ثوانٍ.

دقة نظام سكين جي بي تي-4

تفوق سكين جي بي تي-4 في التشخيص الجلدي على نظام مماثل متعدد الوسائط ومتعدد الأغراض يُسمَّى ميني جي بي تي-4 (MiniGPT-4)، وذلك بسبب تدريبه الخاص في هذا المجال. فقد كان سكين جي بي تي-4 قادراً على تحديد سمات أمراض الجلد بدقة وتقديم التشخيصات المناسبة، على عكس ميني جي بي تي-4.

اختبر الباحثون النظام أيضاً على 150 حالة حقيقية، وراجع النتائج أطباء الجلدية المعتمدين الذين أكدوا دقة التشخيصات، فقد أكدوا أن نحو 80% منها صحيحة، لكن هذه النسبة لا تشير إلى أن النظام يستبدل الأطباء المختصين، بل يكمّل مهمة المهنيين الطبيين، ما يعزز عملية التشخيص ويسهّل التواصل بشكلٍ أفضل بين المرضى والأطباء.

اقرأ أيضاً: 5 استخدامات مهمة للذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة

أهمية سكين جي بي تي-4

صُمِم سكين جي بي تي-4 لمعالجة التحديات الرئيسية في تشخيص الأمراض الجلدية، بما في ذلك صعوبة تفسير صور الأمراض الجلدية بدقة، ونقص أطباء الأمراض الجلدية، إذ يهدف إلى تسهيل الوصول إلى تشخيص الأمراض الجلدية، خاصة في المناطق النائية التي تعاني نقصاً في أطباء الجلدية المؤهلين، كما يمكنه مساعدة الأطباء في العيادات المزدحمة من خلال تقديم تقييمات أولية، ما يُتيح لهم التركيز على الحالات المعقدة وتوفير استشارات أكثر عمقاً.

يقول شين جاو، أستاذ علوم الكمبيوتر والرئيس المشارك لمركز التميز في الصحة الذكية ورئيس منصة المعلوماتية الحيوية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، والذي يقود البحث: "لقد أدّت هذه التحديات المحددة في مجال الأمراض الجلدية إلى إنشاء سكين جي بي تي-4. إن التباين في مظاهر الجلد والحاجة إلى المعرفة المتخصصة لتحديد هذه الحالات وعلاجها بشكلٍ صحيح أبرز الحاجة إلى حل متقدم مدفوع بالذكاء الاصطناعي".

بالإضافة إلى ذلك، سكين جي بي تي-4 متاح على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ما يضمن الوصول المستمر إلى المشورة الطبية، ويركّز النظام على خصوصية المستخدم.

القيود التي يواجهها

على الرغم من الفوائد والمميزات التي يتمتّع بها نظام سكين جي بي تي-4، فإنه يواجه العديد من التحديات والقيود، منها:

  • التنوع في الصور التي يلتقطها المرضى بسبب الاختلافات في جودة الكاميرا، ومعالجة الصور، والزوايا، وظروف الإضاءة.
  • صعوبة التعامل مع مستويات الشدة المتنوعة لأمراض الجلد بسبب عدم وجود بيانات تدريبية محددة.
  • التحديات في تشخيص أمراض الجلد المعقدة والمتعددة العلامات بسبب مجموعات البيانات المحدودة.
  • الهلوسة المحتملة لنماذج اللغة الكبيرة في التشخيص الطبي، ما يؤكد الحاجة إلى نماذج اللغة الكبيرة المتخصصة.
  • الأبحاث المحدودة والأداء الرديء على ذوي البشرة الداكنة.
  • الاعتماد على المعلومات التي يقدّمها المستخدم فقط، في حين يمكن للأطباء طرح أسئلة إضافية.

اقرأ أيضاً: أدوات ذكاء اصطناعي للحصول على النصائح الطبية أفضل من تشات جي بي تي

على الرغم من ذلك، مع تطوير النظام سوف يتعلم من أخطائه من خلال التعلم المستمر وآليات التغذية الراجعة، وبالتالي سيواجه هذه القيود لتعزيز الاستفادة منه.

عموماً، يمثّل سكين جي بي تي-4 تقدماً كبيراً في تطبيق نماذج اللغة الكبيرة متعددة الوسائط في مجال تشخيص الأمراض الجلدية، مع إمكانية تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية والمساواة فيها، وخاصة في المناطق النائية.

المحتوى محمي