في 2014، أصبحت بطولة فورمولا إي (من تنظيم شركة إيه بي بي ABB والاتحاد الدولي للسيارات FIA) أول بطولة دولية لسباق السيارات أحادية المقعد التي تعمل بالكهرباء بشكل كامل. وقد كانت حدثاً هاماً في عالم سباقات السيارات يعادل في أهميته ابتكار طريقة إرسال بيانات السيارة إلى الفريق عند مرورها قرب محطة التوقف المؤقت في الثمانينيات.
وبعد أربعة مواسم، عادت بطولة فورمولا إي إلى الشوارع، من هونج كونج إلى سويسرا إلى الولايات المتحدة، مع الكثير من التغييرات. فهناك سيارة جديدة، وفريق جديد، ورقم قياسي من السائقين الذين ينطلقون في كل سباق.
غير أن المشارك الأكثر تأثيراً لهذا الموسم لا يرتدي خوذة، ولا يحمل جنيحات انسيابية، بل يقبع في مرآب فريق إنفيجن فيرجن ريسينج، حيث يعمل الفريق بمساعدة خدمات احترافية من شركة جينباكت على دمج الذكاء الاصطناعي في الفريق. هذه الشراكة ستحول البيانات إلى معلومات، وتغير من عملية اتخاذ الفريق للقرارات بسرعة عالية.
علم بيانات سريع
تمثل سباقات فورمولا إي قمة التطور في تكنولوجيا السيارات، وبالتالي ليس من المفاجئ أن الفرق أصبحت تتعامل مع كميات كبيرة من البيانات حول كل شيء، بدءاً من وضع الحلبة قبل السباق وصولاً إلى قياسات تفصيلية من الحساسات التي تراقب كل جزء ونظام في السيارة.
ومن أجل تحليل هذا السيل من البيانات، يعتمد فريق إنفيجن فيرجن ريسينج على جينباكت كورا، وهي منصة ذكاء اصطناعي تقوم بتسريع التحويلات الرقمية، وذلك من أجل ترشيح هذه الكميات الكبيرة من البيانات المعقدة وهيكلتها وحصرها. وتقوم هذه التكنولوجيا بعد ذلك بتحديد الأنماط، وبناء التوقعات، وتوجيه الاقتراحات حول إدارة الطاقة، والسرعة، أو صياغة الإستراتيجيات وفق كل البيانات المتاحة، وتقوم بكل ذلك بشكل أسرع من الفريق، مما يؤدي إلى تحسين أداء الإستراتيجيين والمهندسين.
وهذا يعني أن عمليات المحاكاة للإستراتيجيات قبل السباق ستكون أكثر شمولية ودقة. وعندما تتغير ظروف السباق، يحتاج السائقون والأخصائيون الإستراتيجيون في الفريق إلى معرفة أفضل إجراء لاتخاذه تالياً. ومع تحسن عمليات المحاكاة والمعلومات المتوقعة، يمكن للفريق أن يتخذ قرارات أفضل تحت أعلى الضغوط بهدف الحصول على أفضلية تنافسية للفوز بالسباق.
القواعد الناظمة وهندسة البيانات
بما أن بطولة فورمولا إي تعتبر بطولة جديدة نسبياً تعتنق اليوم ما تطرحه التكنولوجيا من حلول مستقبلية، فهي تؤدي إلى دفع تكنولوجيا السيارات الكهربائية، وتشجيع الابتكار فيها، وتزيد من انخراط المعجبين بشكل يتجاوز الحد التقليدي. وتنطبق التغيرات السنوية في الهيكلية الناظمة لهذه الرياضة على الهندسة بقدر ما تنطبق على أساليب تشجيعها وزيادة جاذبيتها الترفيهية، فمثلاً ألغت إدارة البطولة الوقفات الإلزامية في محطات التوقف المؤقت منذ الموسم الماضي، واستعاضت عن صيغة السباق التي تعتمد على عدد ثابت من اللفَّات بصيغة أخرى تقوم على التسابق لمدة 45 دقيقة مع لفة واحدة إضافية. كما أضافت نمط تَسابُق هجومي عن طريق قيادة السيارة باستطاعة إضافية حتى تعطي السائقين المزيد من الفرص لتجاوز منافسيهم، وهو أمر يثير حماس المشجعين ويمثل صعوبات إضافية للفرق.
وعند تغيير القواعد، يجب على السائقين والمهندسين تخصيص الموارد اللازمة لاستيعاب أثرها. وتستطيع شركة جينباكت -باستخدام الذكاء الاصطناعي- أن تساعد فريق إنفيجن فيرجن ريسينج، عن طريق تطبيق خبراتها في الأمثَلة وهندسة البيانات على مجموعة القواعد الناظمة لسباقات فورمولا إي. وبتحويل هذه القواعد إلى بيانات ذات هيكلية واضحة، وتصنيفها باستخدام بيانات التوقيت والصوت والصورة والشروحات النصية للقواعد، يمكن للفريق أن يطبق القواعد بشكل انسيابي على الآلاف من المتحولات الأخرى في جميع قراراته، ويضمن أداء أفضل في يوم السباق.
شعبية التعلم الآلي
وضعت فورمولا إي حداً للطاقة التي يمكن أن يستهلكها السائق في أي وقت، وذلك بهدف وقاية السائق، والحفاظ على البطارية، وفرض توازن تنافسي. وفي نفس الوقت، تقدم إدارة البطولة أيضاً دفعة المعجبين، وهو تصويت على وسائل التواصل الاجتماعي لمنح السائقين الأكثر شعبية دفعة قصيرة من الطاقة فوق الحد المفروض، مما يقدم أفضلية تنافسية كبيرة، ويرغب فريق إنفيجن فيرجن ريسينج في أن يحصل سائقوه عليها قدر الإمكان.
وللحصول على هذه الدفعة التي قد تحسم السباق، تستخدم جينباكت الذكاء الاصطناعي وأسلوب مسح جميع مراحل التعامل مع الزبائن، وذلك لمساعدة الفريق على التقرب من معجبيه، وبناء توصيفات شخصية دقيقة للعثور على مصوِّتين ذوي نزعة عالية للتصويت للفريق، وإيجاد طرق جديدة لتحويلهم إلى معجبين دائمين. ومع تحسين التخطيط الإستراتيجي، يمكن للفريق أن يحدد الظروف المثلى لاستخدام الدفعة، حيث يتحول انخراط المعجبين بشكل مباشر إلى دفعة إضافية من الطاقة ونتائج ممتازة.
التحول إلى فريق سباق حدسي
قام إنفيجن فيرجن ريسينج بإضافة جينباكت إلى صفوفه حتى تساعد على تحقيق الفوز بشكل أكثر تكراراً. وباستخدام الذكاء الاصطناعي في عمل الفريق، سيقوم بالوصل ما بين الأشخاص والعمليات والمعرفة، بحيث يستطيع الجميع التكيف مع أي سيناريو بشكل حدسي، مما يسمح للفريق باتخاذ قرارات استباقية ودقيقة تحسن من أدائه وتفرح المعجبين؛ وهكذا سيصبح إنفيجن فيرجن ريسينج أول فرق سباق حدسي.
ويعمل إنفيجن فيرجن ريسينج وجينباكت معاً على بناء نظام أكثر تواصلاً، وذلك لالتقاط البيانات ومشاركتها، وتحسين التعاون ما بين الفريق والمعجبين والشركاء. ومع تحسن جودة بيانات المضمار، تقوم منصة جينباكت كورا بكشف معلومات توقعية تزيد من دقة الإستراتيجية والقرارات في يوم السباق. وبما أن الفريق سيمضي وقتاً أقل في إدارة البيانات ووقتاً أكثر في مهام القيمة المضافة، فإنه سيصبح أكثر تكيفاً؛ حيث سيركز كل فرد على محاولة إحداث أكبر فرق ممكن في خدمة الهدف المشترك، وهو الفوز بالسباقات.
يمكن لجميع الأعمال والشركات أن تستفيد من الذكاء الاصطناعي، حتى لو كانت تسعى لأهداف أقل إثارة من احتلال القمة على منصة الفائزين في فورمولا إي؛ حيث يصلح أسلوب جينباكت كورا في التعامل مع مجموعة القواعد للبنوك التي تحتاج إلى فهم جميع تفاصيلها المالية حتى تحافظ على التزامها بالقوانين، كما يمكن لشركات البضائع الاستهلاكية أن تجري الحسابات على التوجهات الاقتصادية ذات النطاق الضيق وأنماط الطقس للعثور على التركيبة الصحيحة من كميات التخزين وحجوم العرض الشهرية أو الأسبوعية مقدماً. وإذا نظرنا إلى هذه المجالات على أنها أشبه بالسباقات، فإن هذه الإنجازات جديرة بكؤوس الفوز.
صحيح أن الذكاء الاصطناعي لا يرتدي بدلة السباق أو ربطة عنق، وقد يتأثر سلباً عند رشه بشمبانيا الفائزين، ولكنه يعتبر -دون مبالغة- جزءاً هاماً من فريق ذي أداء ممتاز، ويساعد المنظمات من الجيل الجديد مثل هذا الفريق على التنافس والفوز.