الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة

4 دقائق
الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

تعتبر لعبة "كرة القدم" لعبة ديناميكية للغاية وعالية التنافس حيث يمكن أن تكون فيها أدق التفاصيل هي سبب الفوز أو الخسارة، لكن العين البشرية تفشل في بعض الأحيان في التقاط هذه التفاصيل الصغيرة، ما يؤدي إلى قرارات غير سليمة قد ترجح كفة فريق على الآخر دون وجه حق.

ولكن الآن، وبالنظر إلى التطور في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، يمكن للفرق والمؤسسات الرياضية اكتشاف إمكانات جديدة وتحقيق الأهداف التي كان يعتقد أنها مستحيلة من قبل، خاصة في تعزيز القدرة التنافسية للفرق واتخاذ القرارات.

اقرأ أيضاً: ما الفرق بين الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي؟

الذكاء الاصطناعي يساعد حكام كرة القدم في تحسين اتخاذ القرارات

كثيراً ما يواجه حكام كرة القدم مواقف عصيبة للغاية يجب عليهم فيها بسرعة اتخاذ القرار، الذي غالباً ما يكون مواجه بالكثير من الاعتراضات والتدقيق. ومع ذلك ومهما كانت النتيجة، إلا أن هناك حقيقة واحدة لا يمكن إنكارها، هي أن هؤلاء الحكام بشر ولا يمكن إلقاء اللوم كله عليهم.

حكم الفيديو المساعد شبه الآلي

تمثل تكنولوجيا "حكم الفيديو المساعد" (Video Assistant Referee) – اختصاراً VAR- التي تم استخدامها لأول مرة بشكل رسمي في كأس العالم في روسيا 2018، أفضل الطرق التي تساعد الحكام على تحسين دقة القرارات التي يتخذونها في الوقت الفعلي.

حيث نجد أنه بدلاً من أن يعمل شخص واحد فقط، هناك فريق من ثلاثة أشخاص معاً – حكم حالي أو متقاعد ومساعده وفني إعادة تشغيل - ويتواجدون في غرفة تحتوي على شاشات مختلفة تعرض زوايا مختلفة للكاميرا يشاهدون فيها لقطات فيديو للأحداث ذات الصلة بهدف مراجعة القرارات التي يتخذها الحكم الرئيسي.

لكن هذه التكنولوجيا ما تزال تواجه  الكثير من المشكلات، أبرزها الوقت الطويل الذي يستغرقه الحكم في اتخاذ القرارات، خاصة المتعلقة بحالات التسلل المعقدة والتي يكون فيها التداخل بين اللاعبين غير واضح للغاية.

ولتلافي هذه المعضلة، يعمل الاتحاد الدولي لكرة القدم على تطوير تكنولوجيا جديدة بالاعتماد على تكنولوجيا (VAR) تسمى "حكم الفيديو المساعد شبه الآلي" (Semi-Automated VAR) والذي سيكون قادراً على اكتشاف حالات التسلل في ثوانٍ فقط، ومن المتوقع اعتماده رسمياً في كأس العالم قطر 2022 في نوفمبر القادم.

اقرأ أيضاً: كن بطلاً من المنزل مع ركوب الدراجات الافتراضي التنافسي

وتعمل التكنولوجيا المستندة إلى الذكاء الاصطناعي من خلال إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد لمكان وقوف المهاجم المشتبه في تسلله على الفور، وهذه العملية ستحسن دقة نقطة الركلة باستخدام بيانات التتبع وتقنية الاستشعار من أنظمة الكاميرا، بينما سيتم تصميم الهيكل العظمي للمهاجم لتحديد أي جزء من جسمه أكثر بروزاً للأمام.

 

وهذا يعني أن حكم الفيديو المساعد سيكون قادراً على رؤية ما إذا كان اللاعب في موقف تسلل في الوقت الفعلي تقريباً، ثم إخطار حكم الراية لرفع علمه معلناً عن تسلل اللاعب، حيث ستكون قرارات التسلل فورية وسريعة جداً، وفي كثير من الحالات قد يتمكن الحكم من رفع علمه حتى قبل تسجيل الهدف أو أثناء سير الكرة نحو المرمى.

تكنولوجيا خط المرمى

من بين التكنولوجيات الأخرى التي تساعد الحكام في اتخاذ القرارات الصحيحة "تكنولوجيا خط المرمى" (Goal-line technology)، التي تُستخدم للتحقق مما إذا كانت الكرة قد عبرت خط المرمى أم لا.

ولكن الآن وبدلاً من استخدام الكاميرات، يتم تقديم حل آخر متطور مدعوم بالذكاء الاصطناعي يسمى "نظام الهدف الحاسم" (Goal Decisive System)، وهو عبارة عن كرة خاصة اخترعتها شركة "كايروس تكنولوجي" (Cairos Technology) الألمانية بالتعاون مع شركة "أديداس" (Adidas) .

تتضمن الكرة شريحة دقيقة قوية تتصل بأجهزة الاستشعار الموضوعة حول أعمدة المرمى وخلفها، وهي تنشئ مجالاً مغناطيسياً منخفض التردد يغطي "فوهة المرمى" بالكامل، وبمجرد عبور الكرة خط المرمى تستشعر الهوائيات تغيراً في مجالاتها المغناطيسية وتنقل هذه البيانات إلى الحاسوب والذي يقرر ما إذا كانت الكرة قد عبرت الخط أم لا.

فإذا كانت الكرة قد عبرت الخط فعلاً،  سيتم إرسال تنبيه بذلك إلى الحكم في غضون نصف ثانية عبر ساعته أو السماعة، وهو ما يساعد على سرعة اتخاذ القرار بغض النظر عن موقع الحكم ودون الحاجة إلى مراجعة الحكم المساعد.

المساعدة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية

يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في وضع استراتيجيات الفرق وتحسينها ومساعدة المدرب على اتخاذ قرارات فعالة في الوقت الفعلي، بدلاً من الاعتماد فقط على خبرته في اتخاذ هذه القرارات أو عن طريق تحليل بيانات الخصوم يدوياً، بما في ذلك نقاط القوة والضعف للاعبين، والتشكيلات، والاستراتيجيات المتبعة في المباريات السابقة وغيرها.

ستتيح أدوات الذكاء الاصطناعي للمدرب القدرة على تحليل هذه البيانات وتطوير تكتيكاته وخطط الفنية، واختيار اللاعبين وفقاً لأدائهم وليس بناء على الانحياز العاطفي، ومن أبرز الفرق التي تستخدم هذه المنهجية فريق "ليذز هيد" (leatherheadfc) الإنجليزي.

حيث يقوم النادي باستخدام الذكاء الاصطناعي لفهم منافسيه بشكل أفضل، من خلال التعاون مع شركة "آي بي إم" (IBM) لاختبار تكنولوجيا "آي بي إم واتسون" (IBM Watson)، حيث تقدم هذه التكنولوجيا تقارير ومعلومات عن لاعبي الفريق ونقاط قوتهم وضعفهم، بالإضافة إلى تحليل الفرق المنافسة لإنشاء الخطط الفنية قبل المباريات.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يشارك في سباق السيارات

توقع نتائج المباريات  وتجنب الإصابات في الملعب

يتم استكشاف قدرة خوارزميات التعلم الآلي على التنبؤ بالنجاحات أو الإخفاقات في مجال كرة القدم من قبل شركة تُسمى "أولوسيب""Olocip" مقرها في مدينة مدريد الإسبانية. حيث تقول الشركة إن نظامها القائم على الذكاء الاصطناعي يمكنه توقع ما سيحدث في الدقائق الـ 15 القادمة من اللعبة.

والفكرة بحسب الشركة هي أنه يمكن للمستخدمين التنبؤ بنتيجة اللعبة من خلال وزن المتغيرات الناتجة عن نظامها. كما تستخدم الرابطة الوطنية لكرة القدم الأميركية الذكاء الاصطناعي لقياس تأثير اصطدام رأس اللاعب، فإذا كان تأثيره عالياً بما يكفي حينها يتم إجلاس اللاعب على مقاعد البدلاء لفترة محددة من الوقت.

دخول الجماهير للملاعب بسرعة 

ما تزال حتى الآن العديد من أندية كرة القدم تعاني في تنظيم دخول الجماهير إلى الملاعب في الوقت المناسب، وهي مشكلة مستمرة منذ عقود، ولكن الآن مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن للأندية حل هذه المشكلة نهائياً.

من خلال استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه، يمكن السماح للمشجعين بدخول الملعب دون الحاجة إلى إظهار التذكرة، وهذا من شأنه أن يجعل طريقة دخول الملاعب أكثر كفاءة وفعالية ويحد من حالات التدافع والاختناقات والطوابير الطويلة.

بالإضافة إلى ذلك ستوفر رؤى واضحة حول كثافة الجماهير داخل الملعب، حيث يمكن أن يتلقى مسؤولو أمن الملاعب تنبيهات في الوقت الفعلي عندما تكون هناك مناطق معينة مزدحمة أكثر من غيرها، لتكثيف الوجود الأمني تجنباً لأي أعمال شغب أو اقتحام للملعب. كما يمكن لخوارزميات التعلم الآلي التنبؤ بالحضور الجماهيري لمباراة محددة وكذلك الوقت المتوقع لحضور المشجعين.

اقرأ أيضاً: بعد إتقانه ألعاب “غزاة الفضاء” والشطرنج و”جو”: الذكاء الاصطناعي يلعب كرة القدم الافتراضية

وأخيراً، مع التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها، من المتوقع أن تصبح أجهزة الاستشعار والخوارزميات والمعالجات أكثر دقة، ما يؤدي إلى حصول جمهور كرة القدم على تجربة مشاهدة أكثر ثراءً، ومن ثم من الممكن أن تُشكل تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي مستقبل طريقة لعب كرة القدم ومشاهدتها وتسويقها في جميع أنحاء العالم.

المحتوى محمي