تبحث فرق كرة القدم على الدوام عن طرق للتفوق على الفرق المنافسة. وتدرس الأندية الكبرى كميات هائلة من البيانات للحصول على أفضل فرصة للفوز، بدءاً من مدى تعرض اللاعبين إلى الإصابة، وصولاً إلى تكتيكات الخصوم.
ومن المرجح أن هذه الأندية قد ترغب في تعزيز ترسانتها بمساعد جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي وطورته شركة جوجل ديب مايند (Google DeepMind). يستطيع هذا المساعد اقتراح تكتيكات اللعب انطلاقاً من كرة ثابتة (كما في حالة الركلة الركنية والركلة الحرة ورمية التماس) في المباريات على نحو أفضل من التكتيكات التي يضعها مدربو كرة القدم المحترفون.
اقرأ أيضاً: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي اختيار أفضل تشكيلة فريق كرة قدم؟
تكتيك أيه آي
يحمل النظام اسم "تكتيك أيه آي" (TacticAI)، ويعمل من خلال تحليل مجموعة بيانات تتضمن 7,176 ركلة ركنية نفذها لاعبون من نادي ليفربول، وهو أحد أكبر أندية كرة القدم في العالم.
يُمنَح الفريق المهاجم ركلة ركنية عندما تتجاوز الكرة خط المرمى للفريق المدافع بعد أن تلمس أحد لاعبي الفريق المدافع. وفي رياضة تتميز بالاحتمالات المفتوحة والتقلبات غير المتوقعة مثل كرة القدم، تمثل الركلات الركنية، شأنها شأن الركلات الحرة وركلات الجزاء، فرصاً نادرة تتيح للفرق تجربة مجموعة من أساليب اللعب المخطط لها مسبقاً.
يعتمد تكتيك أيه آي على نماذج الذكاء الاصطناعي التنبؤية والتوليدية لتحويل كل سيناريو ركلة ركنية؛ مثل السيناريو الذي ينجح فيه اللاعب الذي يتلقى الكرة في منطقة الخصم بإحراز هدف، أو السيناريو الذي يعترض فيه أحد المدافعين الكرة بنجاح ويعيدها إلى فريقه، إلى "بيان" (والبيان [graph] تمثيل تجريدي لمجموعة من العقد التي تتصل ببعضها بعضاً عبر وصلات)؛ حيث توضع بيانات كل لاعب ضمن عقدة في هذا البيان، قبل نمذجة التفاعلات بين العقد. نُشِر هذا العمل في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications) مؤخراً.
بالاعتماد على هذه البيانات، يقدم النموذج توصياته حول مواقع اللاعبين عند تنفيذ الركلة الركنية حتى يحصلوا، على سبيل المثال، على أفضل فرصة في إحراز هدف، أو حول أفضل تركيبة من اللاعبين المناسبين لشغل المواقع الأمامية. يستطيع النموذج أيضاً أن يتنبأ بالأحداث المتعلقة بالركلة الركنية؛ بما فيها تحديد إن كانت الكرة ستُركل مباشرة، أو تحديد اللاعب الذي يُرَجح أن يلمسها أولاً.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لتكنولوجيا التسلل شبه الآلية أن تغيّر كرة القدم نحو الأفضل؟
ما فائدة مساعد الذكاء الاصطناعي لكرة القدم؟
تكمن الفائدة الأساسية لهذا المساعد الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي في تخفيف عبء العمل عن المدربين، كما يقول المحلل في شركة البيانات الرياضية إيماتيك (Ematiq) المتخصصة بالنماذج التنبؤية، أوندري هوباتشيك، الذي لم يشارك في المشروع. ويقول: "يستطيع نظام الذكاء الاصطناعي معالجة البيانات بسرعة، وتحديد الأخطاء التي يرتكبها الفريق. وأعتقد أن هذه المزايا هي القيمة المضافة التي تقدمها المساعدات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي".
عمدت جوجل ديب مايند إلى تقييم اقتراحات تكتيك أيه آي من خلال تقديمها إلى 5 خبراء في كرة القدم، وهم 3 علماء بيانات، ومختص بتحليل الفيديو، ومساعد مدرب، ويعملون جميعاً في نادي ليفربول لكرة القدم. وجد الخبراء صعوبة كبيرة في التمييز بين اقتراحات تكتيك أيه آي وسيناريوهات اللعب الحقيقية؛ بل فضلوا أيضاً استراتيجيات النظام على التكتيكات المعتمدة حالياً بنسبة 90%.
تشير هذه النتائج إلى أن استراتيجيات تكتيك أيه آي قد تكون مفيدة للمدربين البشر في المباريات الحقيقية، كما يقول عالم الأبحاث الذي يعمل في جوجل ديب مايند، وأحد المشاركين في المشروع، بيتر فيليتشكوفيتش. ويقول: "تبحث الأندية الكبرى عن أفضلية تنافسية على الدوام، وأعتقد أن نتائجنا تشير إلى أن مثل هذه التقنيات سيصبح على الأرجح جزءاً من كرة القدم الحديثة في المستقبل".
اقرأ أيضاً: كيف يستخدم نادي ليفربول الذكاء الاصطناعي لتسجيل المزيد من الأهداف؟
لا تقتصر قدرات التنبؤ لدى تكتيك أيه آي على الركلات الركنية أيضاً، فمن الممكن تطبيق الطريقة نفسها بسهولة على مواقف أخرى يمر بها لاعبو الفريق، والمجرى العام للعب خلال المباراة؛ بل وحتى رياضات أخرى تماماً مثل كرة القدم الأميركية أو الهوكي أو كرة السلة، كما يقول فيليتشكوفيتش.
ويضيف قائلاً: "يمكن تطبيق هذه الطريقة في أي رياضة جماعية يمكن الاستفادة فيها من نمذجة العلاقات بين اللاعبين، إضافة إلى وجود مصدر للبيانات".