الذكاء الاصطناعي يسهم في اكتشاف عقار يقضي على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

3 دقائق
الذكاء الاصطناعي يسهم في اكتشاف عقار يقضي على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
حقوق الصورة: shutterstock.com/Kateryna Kon

ازداد انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات بسبب الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية؛ ما تسبب بحدوث التهابات بين المرضى يصعب علاجها، وقد لا يمكن علاجها أبداً. الآن، توصل الباحثون في إم آي تي وجامعة ماكماستر إلى عقار يقضي على أحد أنواع البكتيريا الممرضة والمقاومة للصادات الحيوية المنتشرة في المستشفيات، وذلك بمساعدة الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي يسهم في اكتشاف عقار يقضي على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية 

تؤكد الدراسة المنشورة في دورية نيتشر للكيمياء الحيوية (Nature Chemical Biology)، أن العقار الجديد المطوّر بمساعدة الذكاء الاصطناعي يقضي على بكتيريا مقاومة للصادات الحيوية تسمَّى «الراكدة البومانية» (Acinetobacter baumannii).

تُعدّ هذه البكتيريا واحدة من أخطر أنواع البكتيريا؛ وذلك لعدم وجود صاد حيوي يقضي عليها بفعالية، وتنتشر في كل مكان في المستشفيات من مقابض الأبواب حتى المعدات الطبية، وهي من أنواع البكتيريا التي يمكنها اكتساب جينات المقاومة من بيئتها، وتسبب التهابات خطِرة مثل الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا.

درّب الباحثون نموذج تعلم آلي باستخدام كميات كبيرة من البيانات ليتمكن من التعرف على المركب الكيميائي الذي يقضي على هذه البكتيريا من بين 7,000 مركب دوائي محتمل. واستخدم الباحثون هذا النهج لتحديد المضادات الحيوية الجديدة التي تختلف بنيتها الكيميائية عن أي عقاقير أخرى موجودة حالياً.

اقرأ أيضاً: هل تنجح أدوية الشيخوخة في إبطاء التقدم بالعمر؟

في البداية، درّب الباحثون خوارزمية التعلم الآلي لتحديد الهياكل الكيميائية التي يمكن أن تمنع نمو بكتيريا الإشريكية القولونية. تمكّن النموذج بعد ذلك من إيجاد مركب من بين أكثر من 100 مليون مركب، وأطلقوا عليه اسم «هاليسين» (halicin)، ويمكنه القضاء على بكتيريا الإشريكية القولونية بالإضافة إلى العديد من الأنواع البكتيرية الأخرى.

بعد تحديد هذا المركب، أكد الباحثون قدرة التعلم الآلي على اكتشاف المضادات الحيوية المعقدة، وكانت الخطوة التالية توجيه الانتباه إلى "ما أعتبره العدو الأول للعدوى البكتيرية المقاومة للأدوية المتعددة؛ وهو الأسينوباكتر"، وذلك على حد قول باحث ما بعد الدكتوراة السابق في إم آي تي والذي يعمل الآن أستاذاً مساعداً للكيمياء الحيوية والعلوم الطبية الحيوية في جامعة ماكماستر، جوناثان ستوكس.

اقرأ أيضاً: نموذج تعلم عميق من جوجل يتنبأ بالإصابة بالشيخوخة البيولوجية من صور شبكية العين

تطبيق العقار سريرياً 

من أجل تطبيق النموذج على بكتيريا الراكدة البومانية، كان لا بد من جمع البيانات عن المركبات الكيميائية وتأثيرها في هذا النوع من البكتيريا بالتحديد. وللقيام بذلك، عرّض الباحثون البكتيريا إلى 7,500 مركب كيميائي مختلف مخبرياً لتحديد تأثير هذه المركبات في البكتيريا. 

في الخطوة التالية، أُدخلت البُنى الكيميائية للمركبات جميعها في النموذج، وعُرِّف إلى كل بنية قد تمنع نمو البكتيريا؛ ما سمح للخوارزمية بتعلم السمات الكيميائية المرتبطة بتثبيط النمو. بعد تدريب الخوارزمية، حلل الباحثون بمساعدتها مجموعة من 6,680 مركباً جديداً خلال ساعتين فقط، وقد تمكنوا من تحقيق بضع مئات من أفضل النتائج. 

تلَت ذلك الخطوة الأخيرة والأكثر أهمية؛ وهي الاختبار التجريبي، فقد اختار الباحثون 240 مركباً لاختبارها في المختبر، مع التركيز على المركبات ذات الهياكل التي تختلف عن تلك الموجودة في المضادات الحيوية أو الجزيئات الموجودة في بيانات التدريب. وأسفرت تلك الاختبارات عن 9 مضادات حيوية فعالة؛ بما فيها مضاد واحد فعال جداً أسموه «أباوسين» (abaucin). 

أثبت هذا المركب فعاليته في قتل الراكدة البومانية؛ لكن لم يكن له تأثير يُذكر في الأنواع الأخرى من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والمنتشرة في المستشفيات أيضاً مثل «الزائفة الزنجارية» (Pseudomonas aeruginosa) و«العنقودية الذهبية» (Staphylococcus aureus). 

يُطلق على هذه الصفة اسم "ذات الطيف الضيق"؛ أي قدرة المضاد الحيوي على قتل عدد محدود من البكتيريا، وهي ميزة مرغوبة لأنها تقلل خطر تطوير البكتيريا لمقاومة ضد الدواء، وتمنع تأثير العقار في البكتيريا المفيدة التي تعيش في الأمعاء البشرية، وتساعد على قمع البكتيريا الانتهازية التي تسبب عدوى ثانوية.

اقرأ أيضاً: كيف تسهم التكنولوجيا في تطوير الطب والرعاية الصحية؟

طبّق الباحثون العقار على الفئران التي لديها جروح ملتهبة بفعل بكتيريا الراكدة المعوية، ووجدوا أنه فعال في علاجها. أما بالنسبة إلى الاختبارات البشرية، فقد وجدوا أن المركب فعال ضد سلالات متنوعة من هذه البكتيريا المعزولة من البشر. 

مع تقدم البحث، اكتشف الباحثون أن العقار يقتل الخلايا البكتيرية عن طريق إيقاف عملية نقل البروتين من داخل الخلية إلى الغلاف الخارجي لها، ويعتقد الباحثون أن طريقة عمل الدواء الجديد هذه مختلفة عن غيره من العقاقير المؤثرة في أنواع البكتيريا الأخرى؛ لذلك اعتُبر الأباوسين انتقائياً للغاية لبكتيريا الراكدة المعوية.

ستستمر الأبحاث مستقبلاً بهدف تحسين الخصائص الطبية للمركب، على أمل تطويره للاستخدام النهائي عند المرضى. وكذلك، يريد الباحثون اختبار هذه الطريقة لإيجاد مضادات حيوية محتملة تقضي على الأنواع الأخرى من البكتيريا المقاومة مثل الزائفة الزنجارية والمكورات العنقودية.

المحتوى محمي