أسهم الذكاء الاصطناعي في تغيير الكثير من قطاعات الأعمال وطرق البحث العلمي أيضاً، نظراً لأنه قادر على أداء المهام وحل المشكلات بشكل أسرع بكثير من البشر.
إن التطورات الأخيرة في الذكاء الاصطناعي لم يقتصر تأثيرها على كوكب الأرض فقط، بل شملت أيضاً الفضاء. إليك بعض الطرق التي يساعدنا فيها الذكاء الاصطناعي على استكشاف الفضاء والبحث عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض.
مساعدة رواد الفضاء
يمكن أن تساعد الروبوتات والأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي رواد الفضاء على أداء مهامهم واكتشاف الأخطاء وحل المشكلات.
في عام 2019، تم نقل الروبوت سايمون (Cimon) المدعوم بالذكاء الاصطناعي إلى محطة الفضاء الدولية. هذا الروبوت الذي يشبه الكرة هو مساعد لرواد الفضاء، طوّرته شركتا إيرباص (Airbus) وآي بي إم (IBM) الأميركيتان، بتمويل من مركز الفضاء الألماني.
الهدف من سايمون هو تقليل التوتر الذي قد يعاني منه رواد الفضاء، حيث يستخدم لدعمهم في عملهم المتعب الذي يتطلب إجراء التجارب وأعمال الصيانة والإصلاح.
اقرأ أيضاً: المهندسون يستخدمون الذكاء الاصطناعي لإيصال شبكة الإنترنت إلى الآثار الرومانية المغمورة بالمياه
يعمل سايمون مع نوع آخر من الروبوتات يدعى روبونوت (Robonaut)، وهي روبوتات مدعومة بالذكاء الاصطناعي طوّرتها وكالة ناسا الأميركية من أجل تنفيذ المهام في محطة الفضاء الدولية، وخاصة المهام الخطيرة بدلاً من رواد الفضاء.
تصميم البعثات والتخطيط لها
إن التخطيط لبعثة فضائية أمر معقد ويتطلب جمع كميات ضخمة من البيانات، لكن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعله أكثر سهولة.
بشكل عام، تعتمد البعثات الفضائية الجديدة على البيانات والمعلومات التي تم جمعها من البعثات السابقة، لذلك يحتاج المهندسون والعلماء الذين يخططون للبعثات الفضائية إلى الوصول لبيانات البعثات السابقة.
اقرأ أيضاً: ذكاء اصطناعي معزز بالانفعالات العاطفية لمساندة رواد الفضاء خلال رحلة إلى المريخ
هذا بالفعل ما يتم العمل عليه، حيث يجري تطوير برنامج مدعوم بالذكاء الاصطناعي يدعى دافني (Daphne). سيوفر هذا البرنامج لجميع المهندسين والفنيين والعلماء الذين يخططون لبعثات فضائية بيانات ذات قيمة من خلال عدة نقرات فقط.
يمكن لهذه البيانات أن تجيب عن أسئلتهم المعقدة بطريقة موثوقة، وتساعدهم في عمليات تصميم المركبات الفضائية، وتحديد الموارد اللازمة لإتمام البعثة بنجاح.
من المتوقع أن يساعد هذا البرنامج في التخطيط للبعثات الفضائية بشكل أسرع، ما يوفر الكثير من ساعات العمل التي كان يقضيها المهندسون البشر.
اقرأ أيضاً: يمكن استخدامها على المريخ وفي حالات الكوارث: تقنية واعدة للبناء باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد
معالجة بيانات الأقمار الصناعية
تعطينا الأقمار الصناعية كميات كبيرة جداً من البيانات وترسلها إلى المحطات الأرضية التي تجمع هذه البيانات وتستفيد منها.
لكن نظراً لأن كمية البيانات كبيرة جداً، هناك حاجة إلى توظيف عدد كبير من الأشخاص لتحليلها، وما قد يكلف الكثير من الموارد والوقت.
يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يقوم بالمهمة نيابة عن البشر ويحلل البيانات التي تأتي من الأقمار الصناعية بسرعة كبيرة، ما يسهم بشكل فعّال في خفض التكاليف وسرعة الاستجابة للبيانات في حال كانت هناك حاجة لذلك.
حالياً، تتوفر الكثير من التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تحلل صور الأقمار الصناعية بغرض دراسة المناطق المأهولة بالسكان ودراسة الطقس وكمية الإشعاع الشمسي وغيرها.
ليس هذا فقط، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتقييم حالة الأقمار الصناعيةوالتأكد من أنها تعمل بشكل جيد عن بعد ولا تواجه أي مشكلات.
اقرأ أيضاً: تحليل صور الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي لإدارة واستشراف النمو العمراني في دبي
تتبع الحطام الفضائي
يشكل الحطام الفضائي أحد أكبر المشكلات التي يواجهها البشر في هذا القرن، وبحسب وكالة الفضاء الأوروبية إيسا (Esa)، يوجد في مدار الأرض نحو 34 ألف جسم حجمه أكبر من 10 سم. تتحرك هذه الأجسام بسرعة كبيرة للغاية، ويمكن أن يؤدي اصطدامها بأحد الأقمار الصناعية أو محطة الفضاء الدولية إلى كارثة حقيقية.
للتعامل مع هذا الخطر، هناك حاجة إلى تتبع الحطام الموجود في مدار الأرض. لا يمكن أن يقوم البشر بذلك بسبب العدد الكبير من الأجسام التي يجب تتبعها، لكن الذكاء الاصطناعي قادر على مراقبة هذا الحطام وحركته في مدار الأرض بشكل دقيق، وإرسال البيانات إلى وكالات الفضاء الدولية والشركات الخاصة التي ترسل بعثات فضائية كي تتجنب الحطام.
اقرأ أيضاً: هل يوجد ما يمكن فعله للتعامل مع الحطام الفضائي؟
أنظمة الملاحة الفضائية
اعتدنا على استخدام أنظمة الملاحة على الأرض مثل خرائط جوجل وغيرها من تطبيقات الملاحة، لكن في الفضاء لا يوجد مثل هذه الأنظمة التي قد تحتاج إليها البعثات الفضائية.
في عام 2018، طوّر فريق من الباحثين في وكالة الفضاء الأميركية ناسا بالتعاون مع شركة إنتل الأميركية، نظام ملاحة مدعوماً بالذكاء الاصطناعي تم تدريبه على ملايين الصور التي جمعتها البعثات الفضائية المختلفة التي أرسلت للقمر والمريخ.
البحث عن حياة ذكية خارج الأرض
يستخدم سيتي (SETI)، وهو مشروع أميركي للبحث عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض، خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل الإشارات الفضائية التي تلتقطها التلسكوبات والمراصد الفلكية، وتمييزها عن الإشارات الأخرى مثل إشارات الهواتف المحمولة ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
من المهم تمييز الإشارات القادمة من الكواكب البعيدة عن الإشارات التي ينتجها البشر، وقد يساعدنا ذلك في إيجاد حضارات ذكية نشأت وتطورت على كواكب أخرى.