طور فريق من الباحثين من جامعة روتجرز الأميركية علاجاً لإصابات النخاع الشوكي باستخدام الروبوتات الدقيقة والذكاء الاصطناعي، ما قد يعطي أملاً جديداً للمصابين.
إصابة النخاع الشوكي
عندما يتعرض شخص لحادث ما، ويتضرر لديه أي جزء من النخاع الشوكي، أو الأعصاب في نهاية القناة الشوكية، نقول إن لديه إصابة في النخاع الشوكي، والمعروفة عموماً بـ "الشلل".
تؤدي إصابة النخاع الشوكي إلى تغيرات دائمة في القوة والإحساس ووظائف الجسم الأخرى أسفل موقع الإصابة. لا يمكن إعادة وصل الخلايا العصبية المتضررة، ما يعني أن هذا النوع من الإصابات لا يمكن علاجه، ويتم الاعتماد على برامج إعادة التأهيل ليعيش المصابون حياة مستقلة ومنتِجة.
كما أن إصابات الحبل الشوكي يمكن أن تؤثر سلباً على الرفاهية الجسدية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية للمرضى وعائلاتهم. وبعد فترة وجيزة من إصابات النخاع الشوكي، ينتج عن سلسلة ثانوية من الالتهاب نسيج ندبي كثيف يمكن أن يمنع تجديد الأنسجة العصبية.
يسعى الباحثون والأطباء لإيجاد علاجات جديدة قد تعزز تجديد الخلايا العصبية أو تُحسن وظائف الأعصاب المتبقية بعد إصابة الحبل الشوكي، ومن هذه العلاجات الأطراف الاصطناعية والأدوية.
اقرأ أيضاً: شريحة من السيليكون مُقلّدة لعمل الخلايا العصبية قد تساعد في مكافحة الشلل
دور الذكاء الاصطناعي في علاج إصابة النخاع الشوكي
تعرّض صديق للباحث «آدم غورملي» لإصابة في النخاع الشوكي، أدت إلى إصابته بالشلل، فكان هذا الارتباط الشخصي بينهما دافعاً له لإجراء أبحاث تؤدي إلى إيجاد علاج لإصابات الحبل الشوكي.
يقول غورملي: «لن أنسى أبداً وجودي في المستشفى وأنا أعلم أن صديقاً جامعياً مقرباً لن يمشي مرة أخرى على الأرجح بعد إصابته بالشلل من الخصر إلى الأسفل بعد حادث ركوب دراجة جبلية».
من هذا الدافع أجرى غورملي، وهو أستاذ الهندسة الطبية الحيوية في كلية روتجرز للهندسة في جامعة روتجرز، دراسة نُشرت في دورية «مواد الرعاية الصحية المتقدمة» (Advanced Healthcare Materials)، تُقدم أملاً جديداً للمرضى الذين لديهم إصابات في الحبل الشوكي.
تساهم العديد من الجزيئات في التندب الدبقي، من أهمها «بروتيوغليكان كبريتات شوندروتن» (CSPGs) فهي مثبطات قوية لتجديد الخلايا العصبية. يعاكسه في العمل إنزيم «كوندرويتيناز إيه بي سي» (Chondroitinase ABC)، أو (ChABC) اختصاراً، لذلك اعتمد عليه الباحثون في هذه الدراسة.
اقرأ أيضاً: باستخدام أجهزة لقراءة العقل، مرضى الشلل الشديد يعبرون عن رغبتهم في العيش
يحلل هذا الإنزيم جزيئات الأنسجة الندبية ويعزز تجديد الأنسجة، لكنه في المقابل غير مستقر جيداً عند درجة حرارة جسم الإنسان البالغة 37 درجة مئوية، ويفقد كل نشاطه في غضون ساعات قليلة، عند عدم وجود تراكيز كافية منه.
أشار «شاشانك كوسوري»، طالب دكتوراه في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة روتجرز، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن تحقيق الفعالية العلاجية المرجوّة من هذا الإنزيم، تتطلب دفعات متعددة ومكلفة وجرعات عالية جداً. لكن يمكن للبوليمرات الاصطناعية الالتفاف حول الإنزيمات وتثبيتها في البيئات الدقيقة.
ومن أجل تثبيت الإنزيم، استخدم الباحثون نهجاً معتمداً على الذكاء الاصطناعي وروبوتات التعامل مع السوائل لتجميع وتخليق البوليمرات المشتركة واختبار قدرتها على تثبيت إنزيمات (ChABC) والحفاظ على نشاطها عند 37 درجة مئوية، بعد 24 ساعة.
بالاعتماد على التعلم الآلي، حدد الباحثون العديد من البوليمرات المشتركة التي كان أداؤها جيداً في تثبيت الإنزيمات، لكن تركيبة واحدة من البوليمر المشترك حافظت على نسبة 30% من الإنزيم لمدة تصل إلى أسبوع واحد، وهذا أفضل بكثير من جميع الطرق السابقة المتبعة في العلاج، وهي نتيجة واعدة للمرضى الذين يسعون للحصول على علاج لإصابات الحبل الشوكي، وتقليل الندبة الموجودة في الحبل الشوكي واستعادة وظيفته.