يصعب اليوم تأسيس دولة على سطح الأرض أكثر من أي وقت مضى، ولكن ماذا عن الدول في الفضاء؟
خلال حفل ضخم أقيم ليلة الثلاثاء في قصر "هوفبورغ" في فيينا - مقر الأسرة الحاكمة السابق- تم تعيين رجل الأعمال الروسي إيغور أشوربيلي، أول رئيس لدولة أسغارديا، الدولة القومية الأولى المقترح تأسيسها في الفضاء. منذ الإعلان عن مشروع تأسيس دولة أسغارديا في عام 2016 - والتي تمت تسميتها نسبة إلى مدينة إلهية يعود تاريخها إلى الأساطير الإسكندنافية –تقدم أكثر من 200 ألف شخص بطلبات عبر الموقع الإلكتروني الخاص ليصبحوا مواطنين فيها. وفي العام الماضي، تم إطلاق أول قمر اصطناعي لأسغارديا، بحجم رغيف الخبز تقريباً، ليتموضع في مدار الأرض محمّلاً ببيانات دستور الدولة وبيانات المواطنين. واجتمع أعضاء برلمان الدولة الذي يضم 150 عضواً مع ممثلين من جميع أنحاء العالم لأول مرة قبل تعيين الرئيس.
حالياً، ينظر إلى أسغارديا في معظمها على أنها مشروع أطلقه أشوربيلي، وهو عالم كمبيوتر روسي من أصول أذربيجانية والرئيس التنفيذي لشركة برمجيات، والذي كان أيضاً المموّل الوحيد للمشروع. ولكن، لدى أشوربيلي خططاً مهمة جداً من أجل "الأمة"، فقد أجريت مقابلة معه عبر الهاتف في اليوم التالي لتعيينه رئيساً لدولة أسغارديا في فيينا، وقد تم تحرير المحادثة لإيضاحها.
مقابلة مع رئيس دولة أسغارديا حول إنشاء الدول في الفضاء
جوشوا كيتينغ: لماذا يحتاج البشر إلى دولة في الفضاء؟
إيغور أشوربيلي: لم يتمكن البشر منذ آلاف السنين من التعامل مع مشاكلهم الخاصة على سطح الأرض، إذ إنك ترى الحدود المصطنعة تفرق بين البلدان والصراعات قائمة فيما بينها، لذلك حان الوقت لحل هذه القضية من الفضاء.
ما زلت لا أفهم سبب حاجتنا إلى تطبيق نموذج الدولة القومية للأرض في الفضاء، هل الفضاء بحاجة لوجود دول فيه؟
نحن لا نحاكي نموذج الأرض في الفضاء، إذ بينما يقاتل الجميع على الأرض بعضهم بعضاً من أجل الأرض والموارد، نقدم نحن عوضاً عن ذلك فرصة لنمو غير محدود. إن الفضاء لا نهاية له، وبالتالي فرص النمو والبحث لا تنتهي أيضاً. يتطلب هذا الأمر اتحاد البشرية جمعاء، لذلك شعارنا الوطني هو "إنسانية واحدة، وحدة واحدة". هذا النوع من الوحدة غير ممكن على سطح الأرض، لأنه يتم تفرقة الإنسانية على الأرض عن طريق الحدود المصطنعة، والحدود السياسية والحدود الدينية. أما في أسغارديا، فإن البشرية جميعها متحدة.
تسيطر الدولة القومية عادة على الأرض من أجل الوجود، هل سيكون الحال نفسه بالنسبة لأسغارديا؟ وهل سوف تسيطر على أرض في الفضاء؟
أرضنا هي القمر الاصطناعي "أسغارديا 1" والذي تم إطلاقه بالفعل، سوف ينمو ويكون هنالك في النهاية سلسلة من الأقمار الاصطناعية في مدار الأرض المنخفض، ثم سلسلة في مدار الأرض المرتفع، وسيتوج ذلك في نهاية المطاف بإنشاء مستوطنة على سطح القمر.
هل تعتقد أنه سيكون هنالك العديد من الدول في الفضاء في نهاية المطاف، أم أن أسغارديا ستكون الوحيدة؟
أسغارديا هي الوحيدة في هذه اللحظة، ولا يمكنني التنبؤ بالمستقبل، لكننا نسعى لجذب 2% من سكان الأرض، أي ما يعادل 150 مليون نسمة.
هل صحيح أنك الوحيد الذي موّل هذا المشروع حتى الآن؟
هذا صحيح في الوقت الحالي، ولكن سيتم تشكيل الحكومة والبرلمان وإقرار السياسة المالية لأسغارديا في نهاية هذا العام. وسوف يصادق البرلمان على الميزانية في سبتمبر/أيلول من العام المقبل.
هل تسعى للحصول على اعتراف بالدولة من حكومات الدول الأخرى؟
بالطبع، وسوف تكون المرحلة الأولى قبل التقدم إلى الأمم المتحدة، هي إجراء جولة من الاتفاقيات الثنائية مع دول أخرى.
هل أنت على اتصال مع حكومات دول أخرى؟ وهل تمكنت من بناء علاقات دبلوماسية؟
لم يكن لدي الحق في التصرف بصفتي رئيس دولة حتى تم تعييني رسمياً. ولكن بالطبع، كان العمل على ذلك جارياً، إذ لدينا مسودة اتفاق مع 16 دولة تقريباً والتي سوف يتم متابعتها رسمياً الآن. نأمل في الحصول على اتفاقيات رسمية خلال 6 أشهر، إذ إن احتفال تعييني رئيساً حضره سفراء من 20 دولة، وسوف تنطلق العلاقات الرسمية بمجرد تشكيل وزارة للخارجية.
"ملاحظة جانبية: أخبرني متحدث باسم أسغارديا أن الاحتفال حضره ممثلين عن بعثات الأمم المتحدة في فيينا وممثلين عن غرب وَوسط أفريقيا بالإضافة إلى مجلس التعاون الخليجي".
صرّح الرئيس ترامب مؤخراً أنه يريد إنشاء قوة تابعة للجيش الأميركي في الفضاء. بصفتك رئيس دولة في الفضاء، ما ردك على ذلك؟ وهل سيكون لدى أسغارديا جيشاً؟
سيكون هنالك أسطول في الفضاء الجوي وفقاً لدستور أسغارديا، لكن الغرض من هذا الأسطول حماية كوكب الأرض بأكمله من تهديدات الفضاء، ولن ينخرط في الصراعات.
وفيما يتعلق بتصريح الرئيس ترامب، فأنا أخشى أن تنتقل تلك الصراعات إلى الفضاء.
طرح إيلون ماسك مشروع إنشاء مستوطنات على المريخ بأنظمتها السياسية الخاصة. سؤالي هو: هل ستعمل أسغارديا على إقامة علاقات معهم؟
"سبيس إكس" عبارة عن شركة، أما أسغارديا فهي دولة. هنالك الكثير من الشركات التي سوف تتعامل معها أسغارديا، ونحن سعداء للتعامل مع أي جهة تعمل على استكشاف الفضاء. مهمتنا هي إنشاء البنية التحتية، وذلك لخلق الفرص للناس جميعاً حتى يتمكنوا من تحقيق أحلامهم داخل الدولة الأسغاردية.
تبدو هذه الفكرة للكثير من الناس خيالية، لماذا علينا برأيك أخذ أسغارديا على محمل الجد؟
لن نقنع الناس بأننا جادون، لقد طرحنا أفكارنا ونشرناها، وسوف ينضم إلينا كل شخص قادر على فهمها.
سؤالي الأخير: بينما نشاهد اليوم مباريات كأس العالم، أتساءل متى نتوقع رؤية منافسة فريق أسغارديا لكرة القدم؟
نتطلع إلى تقديم طلب إلى اللجنة الأولمبية الدولية بحلول العام المقبل، ولكن مع وجود مواطني أسغارديا المقيمين في جميع أنحاء كوكب الأرض، فمن المحتمل أن نبدأ بالمنافسة في الألعاب الفردية، إذ من الصعب جداً تدريب أفراد يعيشون في بلدان مختلفة على الألعاب الجماعية، كما أننا نخطط لتنظيم بطولة أسغارديا للشطرنج في العام المقبل. كانت هذه المقابلة خلاصة تجربة إنشاء الدول في الفضاء.