تمت مناقشة التقنيات الناشئة وتأثيرها على مستقبلنا في اليوم الثاني من مؤتمر إيمتيك مينا، الذي عُقد في دبي يوم الثلاثاء 5 نوفمبر الفائت.
بدأ اليوم الثاني من المؤتمر بجلسةٍ لإيمانويل فومبو، مدير الطب الرقمي والابتكار في جونسون آند جونسون، تحدّث فيها عن "إعادة كتابة الحياة"، حيث وضّح ارتباط الصحة بالعديد من العوامل، ولا تُحصر جميعها في العوامل الجينيّة فحسب، بل تتأثر أيضًا بالعوامل البيئية. ومن هذا المُنطلق، اقترح إيمانويل استخدام الطب التنبئيّ لدراسة خطر المرض بشكل مُسبق. كما أضاف: "هذا هو مستقبل الرعاية الصحية، وسنكرّس التكنولوجيا لجعل ذلك ممكناً، بحيث يُمكننا أن نعيش حياة أطول وأكثر صحة".
وتلاه كوزماس كريتسوس، المدير الأول لإستراتيجية البحث والتطوير والاستشارات في شركة فايزر، حيث تحدّث عن نشر التجارب السريرية ودمجها مع الذكاء الاصطناعيّ. كما وضّح قائلاً: "يكمن التحدي في سرعة وجودة عمليات البحث والتطوير، والفشل في ذلك قد يؤدي إلى إضرار تلك التجارب. ولهذا السبب، نتطلّع إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لمواجهة هذا التحدي من خلال زيادة الجودة والسرعة للتجارب السريرية عبر استخدام الذكاء الاصطناعي في اختيار البلد والموقع".
وتستفيد الشركة من بيانات الذكاء الاصطناعي والأداء التنافسية لتحديد أفضل المواقع للمشاركة في الدراسة. وأضاف كريتسوس: "نحاول التنبؤ بأداء هذه المواقع في المستقبل، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي؛ حيث قمنا ببناء نموذج بيانات يُغذي خوارزمية التعلم الآلي للتعلم من الذكاء الاصطناعي المُخزن على طبقات، فنحن نستخدمه لتكملة الذكاء البشري، من أجل المساعدة في تحديد بعض المواقع البدئية المُحتملة للمشاركة في هذه الدراسات".
وبعد ذلك، قام جيسون خان، كبير مسؤولي العلوم والمؤسس المشارك في مايتيار، بمشاركة أفكاره حول بناء القوة العاطفية؛ حيث وضّح وجود نصف مليار طفل في العالم اليوم من دون وجود عدد كافٍ من علماء النفس لهم، ومن هذا المُنطلق، أعلن وجود حاجةٍ للتغيير قائلاً: "مقابل كل عامل في مجال الصحة العقلية، هناك 11,000 شخصاً في العالم يحتاجون إلى هذه الخدمات، لا يُمكننا مواكبة هذه الأعداد، لذلك نحن في حاجة إلى إيجاد حلول جديدة والعمل معاً".
كما تحدث عبد الله بن طوق، الأمين العام لمجلس الوزراء الإماراتي، عن خطة الحكومة في السنوات المقبلة، وذلك في كلمته عن مختبر التشريعات في الإمارات العربية المتحدة، حيث قال: "في هذا العصر في العالم، يتعيّن على الحكومة أن تتطور أيضاً، فالتكنولوجيا التي نستعملها مختلفة تماماً عما سبق، حيث بدأ المجتمع المدني بتشكيل شيءٍ مختلفٍ وعلينا أن نسأل كيف يمكننا تصميم حكومة تتلاءم مع هذه التغييرات".
وأوضح أن الحكومة لم تكن على دراية بكيفية تنظيم التكنولوجيا الناشئة، ولكنّ الوقت هو جوهر المسألة؛ حيث يكمن الهدف الأهمّ في إيجاد السرعة الصحيحة لتحديث هذه التشريعات بشكل يتلاءم مع سرعة الابتكارات. وأضاف قائلاً: "إن مختبر التشريعات يدعو المجتمعات إلى المشاركة في بناء مستقبل التشريعات، ونحن نستطيع التعبير عنه بكونه جهازاً مقترناً بالبرمجيات والأشخاص على حد سواء. وسنقدّم للشركات التكنولوجية رخصةَ اختبار من مجلس الوزراء لتطوير تكنولوجيا المستقبل والعام المقبل، كما نُخطط لتركيز هذه التشريعات على التنقل، والصحة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والذكاء الاصطناعي".
كما أن مادو ساسيدهار، كبير المسؤولين الطبيين في كليفلاند كلينك أبوظبي، في كلمة الراعي بعنوان "زيادة القيمة في الرعاية الصحية من خلال الابتكار الرقمي"، قد بيّن أهميةَ وجود الخدمات التي يحتاجها المجتمع في مؤسسات الرعاية الصحية، وأوضح قائلاً: "إن السرطان هو السبب الأول في مغادرة المرضى للبلاد بحثاً عن الرعاية في مكان آخر، ومن المهم أن تستجيب مؤسسات الرعاية الصحية لاحتياجات المجتمعات المحلية التي تخدمها، حيث بدأت التقنية بالتحرّك في المجتمع ودخلت منازل مرضانا وبدؤوا يستخدمونها في معالجة أنفسهم، حيث تعزز ارتباط المرضى بالتكنولوجيا".
كما أوضح رغبة المجتمع في الحصول على معلومات طبية عالية الجودة ومنسقة، مبيّناً أن التكنولوجيا ستجعل هذا الأمر ممكناً، مما يتيح لنا الوصول إلى جمهور أوسع بكثير من الوسائل التقليدية. وأضاف: "سوف تتنافس مؤسسات الرعاية الصحية على تقديم التجربة الأفضل للمرضى".
وأمّا عن المدن المستقبلية، فقد تناولها بالحديث فهد محمد الحمادي، مدير إدارة تغير المناخ في وزارة التغير المناخي في الإمارات العربية المتحدة؛ حيث تحدث عن الدولة وما الذي فعلته لتصبح أكثر مرونة مع مرور الزمن، كما بيّن الأخطار المتوقعة في المستقبل. وقال: "تُعتبر دولة الإمارات دولةً شابةً للغاية، وقد عاش شعبنا في بيئة صحراوية وأداروا حياتهم اليومية بأقل قدر من الموارد. ويدور التغير المناخي حول تخفيف استهلاك هذه الموارد وكيفية خفض الانبعاثات".
وعلى الرغم من أن دولة الإمارات العربية المتحدة تشارك في أقل من 1% من إجمالي الانبعاثات العالمية اليوم، شدد فهد على حاجة الإمارات إلى التكيّف مع هذا التغيير.
وقال كارلو راتي، مدير مختبر سينسيبل سيتي التابع لجامعة إم آي تي، إن من المستحيل التنبؤ بالمستقبل؛ لأنه يعتمد على عناصر لم يتم تطويرها بعد، وأوضح قائلاً: "لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل، ولكن ما يمكننا القيام به هو العمل في الحاضر من أجل محاولة تغييره. وستفشل الأدوات التقليدية مع هذه البيانات الضخمة؛ لذلك قمنا بتطوير نهج جديد يتضمن شبكة تشاركيّة. ثم نظرنا إلى التحسين المحتمل لأسلوب إرسال السيارات اليوم، على سبيل المثال، مع تقليل عدد قوافل السيارات المُستخدمة".
وتابع بريدراغ كاي نيكوليك، الأستاذ المساعد في الوسائط التفاعلية بجامعة شانتو، حيث شرح في كلمته عن محاولته لتصميم السلوك البشري باستخدام التكنولوجيا، وذلك عبر وضع الناس في بيئة ثابتة ضمن مكان عام. وأوضح قائلاً: "تكمن الفكرة في كيفية خلق تجربة يشارك فيها الناس في البيئة التفاعلية"، مضيفاً أنها ستلبي احتياجاتهم الإبداعي، حيث قال: "سنصل إلى تعريف جديد للفن التفاعلي والتصميم التفاعلي".
وفي كلمةٍ ختامية بعنوان "مستقبل الطاقة والاستدامة"، قال هوارد هيرزوغ، كبير مهندسي الأبحاث في مبادرة الطاقة بجامعة إم آي تي، إنه يتعين علينا الوصول إلى الاستقرار، ويجب علينا التوقف عن إضافة المزيد من الكربون إلى الغلاف الجوي للمساهمة في تعويض هذه الانبعاثات على الأقل. كما أضاف قائلاً: "إن المشكلة تكمن في محاولة إزالة الكربون من جميع نظم الطاقة والنقل والصناعة لدينا، في كون 30% من هذه الانبعاثات يصعب إزالة الكربون منها أو أن استبدالها مكلف للغاية".
وتكمن الفكرة في استخدام الانبعاثات السلبية لتعويضها؛ حيث بيّنت التقريرات الأخيرة من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أهميةَ هذه الانبعاثات السلبية أيضاً.
وأشار هيرزوغ إلى تصنيف مسارات الانبعاثات السلبية في خمسة أقسام: الأرضية والبيولوجية، التي تعد الأكثر وضوحاً، وتمعدن المناطق الساحلية والمحيطات، والتقاط الهواء المباشر (DAC)، والطاقة الحيوية في احتجاز الكربون وتخزينه (BECCS).