ما هي الحوسبة السحابية؟ وما أهم مزاياها وتحدياتها؟

6 دقائق
ما هي الحوسبة السحابية؟ وما أهم مزاياها وتحدياتها؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Ground Picture

في الخمسينيات من القرن الماضي، بدأت الشركات في استخدام أجهزة حاسوب كبيرة الحجم، ولكن شراء حاسوب لكل مستخدم كان مكلفاً للغاية. لذلك تم لاحقاً تطوير عملية تسمى مشاركة الوقت (Time Sharing) للاستفادة بشكل أكثر كفاءة من وقت المعالج الباهظ على الحاسوب الرئيسي المركزي. وقد مثّلت هذه الفكرة أول استخدام لموارد الحوسبة المشتركة، وأساس ما نستخدمه اليوم والذي يطلق عليه اسم الحوسبة السحابية.

ما هي الحوسبة السحابية؟

الحوسبة السحابية (Cloud Computing) هي مصطلح لأي شيء يتضمن تقديم خدمات عبر الإنترنت، وتمت تسميتها بهذا الاسم لأن المعلومات التي يتم الوصول إليها توجد عن بُعد في السحابة (مصطلح لوصف الإنترنت)، حيث تمكن الشركات التي تقدم خدمات سحابية المستخدمين من تخزين الملفات والتطبيقات والوصول إليها على خوادم بعيدة، وهذا يعني أن المستخدم يستطيع الوصول إلى هذه الخدمات من أي مكان طالما لديه اتصال بشبكة الإنترنت.

وبعبارة أخرى، تأخذ الحوسبة السحابية كل الأحمال الثقيلة التي تنطوي عليها معالجة البيانات بعيداً عن الجهاز الذي تعمل عليه، كما أنها تنقل كل هذا العمل إلى مجموعات حاسوب ضخمة مركزية تسمى مراكز البيانات (Data Center) يديرها موفرو الخدمات السحابية، وبذلك تصبح بياناتك وعملك وتطبيقاتك متاحة ويمكن الوصول إليها من أي جهاز من خلال الاتصال بالإنترنت في أي مكان في العالم.

اقرأ أيضاً: تعرف إلى رانيا خلف وإنجازاتها في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية

كيف تعمل الحوسبة السحابية؟

تعمل الحوسبة السحابية من خلال تمكين أجهزة العميل من الوصول إلى البيانات والتطبيقات السحابية عبر الإنترنت، ولفهم كيفية عملها، يمكن تقسيمها إلى قسمين:

  • واجهة أمامية: تُتيح الواجهة الأمامية للمستخدم الوصول إلى البيانات المخزنة في السحابة باستخدام متصفح الإنترنت أو التطبيقات.
  • واجهة خلفية: وهي المكون الأساسي للحوسبة السحابية، المسؤول عن تخزين البيانات والمعلومات، وهي تتألف من الخوادم وأجهزة الحاسوب وقواعد البيانات والخوادم المركزية.

تتم إدارة الاتصالات بين الواجهتين الأمامية والخلفية بواسطة خادم مركزي، والذي يسهّل تبادل البيانات من خلال اتباع مجموعة من القواعد تُعرف باسم البروتوكولات، حيث يستخدم الخادم المركزي كلاً من البرامج، والبرامج الوسيطة لإدارة الاتصال بين أجهزة العميل المختلفة والخوادم السحابية.

بالإضافة إلى ذلك، تعتمد الحوسبة السحابية بشكلٍ كبير على تكنولوجيا المحاكاة الافتراضية أو التمثيل الافتراضي (Virtualization) والأتمتة (Automation)، حيث توفر المحاكاة الافتراضية الخدمات والأنظمة السحابية الأساسية في كيانات منطقية يمكن للمستخدمين طلبها واستخدامها، بينما توفر الأتمتة للمستخدمين درجة عالية من الخدمة الذاتية، وتوصيل الخدمات دون تدخل مباشر من موظف مزود الخدمات السحابية.

أمثلة عن الحوسبة السحابية المستخدمة حالياً

يمكن أن تساعد أمثلة التطبيقات السحابية في شرح كيفية عمل السحابة بشكل أفضل، وكيف تؤثر الحوسبة السحابية على الأشخاص كل يوم، وأبرز الخدمات السحابية المقدمة تشمل:

  • التخزين السحابي (Cloud Storage): تتيح للأفراد والشركات تخزين ملفاتها ومشاركتها والوصول إليها من أي مكان، وأي وقت، طالما يوجد اتصال بالإنترنت.
  • منصات الترفيه: تستخدم جميع منصات البث عبر الإنترنت الحوسبة السحابية، حيث يمكنك مشاهدة المحتوى أو الاستماع إليه من أي جهاز ومن أي مكان.
  • التعاون السحابي (Cloud Collaboration): يتيح للموظفين العمل معاً والتعاون في تحرير المستندات وأنواع الملفات الأخرى التي يتم تخزينها في مراكز البيانات، حيث يتم حفظ جميع التغييرات التي تم إجراؤها ومزامنتها مع السحابة حتى يتمكن جميع المستخدمين من الوصول إلى نفس الإصدار المحدث من المستند.
  • تحليلات البيانات الضخمة (Big data analytics): من خلال الاستفادة من قوة الحوسبة التي تقدمها تكنولوجيا الحوسبة السحابية، يمكن للشركات استخدامها في تحليل البيانات الضخمة التي يتم جمعها على أساس يومي لاكتساب رؤى قوية وتحسين الأعمال، بالإضافة إلى ذلك، توفر الحوسبة السحابية خيار تخزين كميات كبيرة من البيانات، مع قابلية التوسع والوصول إليها من أي مكان وأي وقت.
  • النسخ الاحتياطي للبيانات (Data Backup): يتيح النسخ الاحتياطي للمستند إلى السحابة للمؤسسات استرداد البيانات أو إرسالها تلقائياً إلى مراكز البيانات ما يوفر وقتاً وموارد كبيرة، مع ضمان عدم وجود مشكلات في الأمان أو التوفر أو السعة.

اقرأ أيضاً: السحابة الإلكترونية تقترب من المستخدمين لتحسين سرعة اتصالهم بالإنترنت

أبرز أنواع تكنولوجيا الحوسبة السحابية

توجد العديد من أنواع الحوسبة السحابية المقدمة حالياً، يسهّل كلٌّ منها تدفق بيانات المستخدم من الواجهة الأمامية عبر الإنترنت، إلى أنظمة مزود الخدمة السحابية والعكس، ولكنها تختلف حسب ما يتم توفيره. وتشمل أبرز أنواع الحوسبة السحابية ما يلي:

البرمجيات كخدمة Software as a Service، اختصاراً (SaaS)

 تسمح هذه البرامج السحابية للمستخدمين بالوصول إلى أنظمة البرامج مباشرة عبر الإنترنت دون الحاجة إلى تنزيلها في أجهزتهم، من خلال اسم مستخدم وكلمة مرور.

البنية التحتية كخدمة Infrastructure as a Service، اختصاراً (IaaS)

 عبر هذه الخدمة يمكن للمؤسسات إعداد البنية التحتية السحابية الخاصة بها بالكامل بواسطة موفر السحابة، وتكون جاهزة لهم عند الطلب.

المنصة كخدمة Platform as a Service، اختصاراً (PaaS)

 تسمح هذه الأنظمة الأساسية للمؤسسات بتشغيل أنظمة كمبيوتر كاملة تم إعدادها عبر السحابة، من خلال توفير أنظمة تشغيل، وخوادم ويب وغيرها كجزء من الخدمة.

الوظيفة كخدمة Function as a Service، اختصاراً (FaaS)

 نموذج أقل انتشاراً يعتمد على تكنولوجيا الحوسبة الطرفية (Edge Computing)، وبشكل أساسي يوفر هذا النموذج نظاماً يتيح للعملاء كتابة جزء من التعليمات البرمجية وتحديثه على الفور، والذي يمكن تنفيذه بعد ذلك استجابةً لحدث، وعلى عكس موفري الخدمات السحابية التقليديين، لا يفرض مقدمو خدمة FaaS أي رسوم إلا مقابل الوقت الذي يشغلونه على السحابة فقط، ما يجعله خياراً فعّالاً لتقليل التكلفة.

التكامل الأساسي كخدمة Integration Platform as a Service، اختصاراً (IPaaS)

 هو نظام أساسي يوحد كيفية دمج التطبيقات في المؤسسة، ما يسهل أتمتة العمليات التجارية ومشاركة البيانات عبر التطبيقات، وعادةً يقدم موفرو خدمة iPaaS موصلات تم إنشاؤها مسبقاً لمشاركة البيانات بين تطبيقات SaaS الشائعة وتطبيقات المؤسسات المحلية.

الهوية كخدمة Identity as a Service، اختصاراً (IDaaS)

يشار إليها أيضاً باسم أمان الهوية المستند إلى السحابة (Cloud based identity security)، اختصاراً (CBIS)، وهي نظام مصادقة أمنية يستند إلى السحابة، حيث يقوم موفرو خدمة IDaaS بالاحتفاظ بملفات تعريف المستخدمين، ثم القيام بالمصادقة وتمكينهم من الوصول إلى الموارد أو التطبيقات بشكل آمن، والهدف منها التأكد من هوية المستخدمين، وحصول الأشخاص المصرح لهم فقط على الأذونات للوصول إلى التطبيقات أو البرامج أو الملفات في السحابة، للتقليل من الهجمات السيبرانية.

اقرأ أيضاً: ما هي الحوسبة السرّية؟

أنواع خدمات الحوسبة السحابية

عندما تفكر في السحابة، من المهم أن تدرك أن هناك طرقاً مختلفة يمكن للأشخاص من خلالها الوصول إلى هذه الخدمات، حيث غالباً ما تكون لدى الشركات والأفراد استراتيجيات مختلفة لكيفية استخدامهم للسحابة، وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من الحوسبة السحابية مستخدمة حالياً، هي:

السحابة العامة Public Cloud

هي خدمات سحابية متاحة لأي شخص ليستخدمها إذا كان لديه حساب، حيث يستخدم موفرو الخدمات السحابية مراكز البيانات الخاصة بهم لتقديم خدمة عند الطلب للأشخاص أو المؤسسات التي تشترك في برامجها. وبينما تأتي بعض عروض السحابة العامة الموجهة للمؤسسات بتكلفة مالية، إلا أن عروض السحابة العامة الأصغر مجانية.

السحابة الخاصة Private Cloud

وتُعرف أيضاً باسم السحابة الداخلية وهي قد تكون موجودة في الموقع أو في مركز البيانات، وتمنح الشركات العديد من المزايا، بما في ذلك الخدمة الذاتية، وقابلية التوسع، والمرونة، والتحكم في البيانات والمشاركة، وغالباً ما تستخدمها الشركات التي ترغب في زيادة أمانها، أو لديها مستويات عالية من احتياجات التخزين، ولا يمكن للأفراد الوصول إلى السحابة الخاصة ما لم يكن لديهم تصريح أمني محدد من المؤسسة أو الشركة.

السحابة الهجينة Hybrid Cloud

يعد نهج السحابة الهجينة خياراً شائعاً للعديد من الشركات والمؤسسات، وهي عبارة عن استخدام السحابة العامة والخاصة معاً أو كل على حدة، ويتم استخدامها لأسباب مختلفة، مثل، تقليل مخاطر انقطاع الخدمة السحابية، أو الاستفادة من أسعار أكثر تنافسية، أو من أجل تأمين البيانات. على سبيل المثال، يمكن تشغيل العمليات المهمة على السحابة الخاصة، واستخدام السحابة العامة للتعامل مع عمليات التشغيل العادية وغير الحساسة.

ما هي مزايا الحوسبة السحابية وما أبرز عيوبها؟

على مدار الأعوام السابقة نجد أن تكنولوجيا الحوسبة السحابية غيرّت بشكل كبير طريقة تفاعل الشركات والمستهلكين مع شبكة الإنترنت وتخزين البيانات وحتى البرامج، نتيجة لذلك فإن أكثر من 90% من الشركات أصبحت عملياتها التشغيلية تعتمد على السحابة بطريقة أو أخرى، ومع ذلك مثل أي تكنولوجيا فإن الحوسبة السحابية لا تخلو من العيوب.

مزايا الحوسبة السحابية

  • إمكانية الوصول: تتيح السحابة ضمان إمكانية الوصول بسرعة وسهولة إلى المعلومات والبيانات، من أي مكان وأي وقت عند توفر اتصال بالإنترنت.
  • تحسين التعاون: تعمل التطبيقات السحابية على تحسين التعاون، من خلال السماح لمجموعة من الأشخاص بمشاركة المعلومات بسرعة وسهولة في السحابة عبر التخزين المشترك.
  • المرونة: توفر السحابة قدراً هائلاً من سعة التخزين، ما يمكن الشركات أو الأفراد من توسيع سعة التخزين بسهولة وتقليصها عند الحاجة.
  • ترقية البرامج: بدأت معظم شركات البرمجيات بتقديم ترقيات منتجاتها عبر الويب بدلاً من الطرق التقليدية والملموسة، مثل الأقراص أو محركات USB.
  • تقليل تكاليف رأس المال: لا يتعين على المؤسسات إنفاق مبالغ ضخمة من المال لشراء المعدات وصيانتها.
  • النسخ الاحتياطي: يتيح استخدام السحابة إمكانية استرداد البيانات بسرعة في حالات الطوارئ، مثل الكوارث الطبيعية أو انقطاع التيار الكهربائي أو القرصنة.

عيوب الحوسبة السحابية

  • الأمان: يعتبر الأمان من أبرز العيوب التي تواجه تكنولوجيا الحوسبة السحابية، فعند الاعتماد على السحابة، تخاطر المؤسسات بترك بياناتها الحساسة عرضة للاختراق، ما قد يؤثر عليها بشدة.
  • نقص الخبرة: مع التقدم السريع في تكنولوجيات الدعم السحابي، تكافح المؤسسات لمواكبة الطلب المتزايد على الأدوات والموظفين الذين لديهم مجموعات المهارات المناسبة والمعرفة اللازمة لتصميم ونشر وإدارة أعباء العمل والبيانات في السحابة.
  • الأداء: يعتبر أداء السحابة مثل زمن الانتقال، خارج نطاق سيطرة المؤسسة التي تتعاقد مع مزود الخدمات السحابية، حيث يمكن أن تتداخل حالات انقطاع الشبكة وعدم الوصول، مع الإنتاجية وتعطيل العمليات التجارية إذا لم تكن المؤسسة مستعدة لخطط الطوارئ.
  • عدم التوافق: في كثير من الأحيان، يمكن أن يتسبب التبديل بين موفري الخدمات السحابية في حدوث مشكلات كبيرة، مثل عدم التوافق الفني، والقيود القانونية والتنظيمية، والتكاليف الكبيرة المتكبدة من عمليات ترحيل البيانات الضخمة.
  • تحكم محدود: نظراً إلى أن معظم خدمات السحابة مملوكة بالكامل ومدارة ومراقبتها من قبل مزود الخدمة، فإن المستخدمين لديهم سيطرة أقل على كيفية معالجة بياناتهم وأين تُخزن، وهل يتم الاطلاع عليها أم لا؟

اقرأ أيضاً: جديد واتساب للأعمال: واجهة API سحابية ومزايا مدفوعة

ختاماً، عند التفكير في استخدام تكنولوجيا الحوسبة السحابية، من المهم للغاية تحديد مزود يقدم خدمات متطورة، مثل تحليلات البيانات الضخمة أو خدمات الذكاء الاصطناعي التي تدعم حالة الاستخدام المختلفة، بالإضافة إلى خطط التسعير. علاوة على ذلك، يجب أن تكون الموثوقية والأمان على رأس الأولويات التي يجب عليك النظر فيها، وإعدادات التكوين المستخدمة لتأمين المعلومات الحساسة.

المحتوى محمي