يبدو أن خلاصنا يعتمد على تايلور سويفت وأمثالها على مستوى العالم. ففي يناير/كانون الثاني، انتشرت مزيفات عميقة تُظهر تايلور سويفت في وضعيات مخلة بالآداب بسرعة هائلة وعلى نطاقٍ واسع على منصة إكس (X)، ما تسبب بموجة عارمة من الغضب الشعبي. أصبحت المزيفات العميقة الفاضحة التي لم تحظَ بموافقة المعنيين بمحتواها، من أكثر أنواع الأضرار التي يتسبب بها الذكاء الاصطناعي انتشاراً وخطورة، وأدّت طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي في الأعوام القليلة الماضية إلى تفاقم المشكلة، فقد شهدنا عدة حالات بارزة لاستغلال الأطفال والشخصيات السياسية النسائية باستخدام هذه التكنولوجيات.
اقرأ أيضاً: هل ستحظى نماذج التزييف العميق بسمعة جيدة يوماً ما؟
خطوات نحو منع المزيفات العميقة الفاضحة
وعلى الرغم من فظاعة المزيفات العميقة التي ظهرت سويفت فيها، ربما تكون قد تسببت أكثر من أي شيء آخر بزيادة الوعي حول مخاطر هذه التكنولوجيات، ويبدو أنها حفّزت شركات التكنولوجيا والمشرعين لفعل شيء ما للتصدي لهذه المشكلة.
يقول خبير الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي درس المزيفات العميقة على مدى عقد تقريباً، هنري أجدير: "لقد تفاقم الوضع"، لقد وصلنا إلى نقطة انعطاف، حيث تصاعدت الضغوط الناجمة عن المشرعين والوعي بين المستهلكين إلى مستويات عالية للغاية، إلى حد لم تعد فيه الشركات التكنولوجية قادرة على تجاهل المشكلة بعد الآن، على حد قول أجدير.
لنبدأ بالأخبار المبشِّرة، فقد قالت شركة جوجل منذ فترة وجيزة إنها تتخذ بعض الخطوات لمنع المزيفات العميقة الفاضحة من الظهور في نتائج البحث، وستتخذ الشركة التكنولوجية العملاقة إجراءات تسهّل على الضحايا طلب إزالة الصور المزيفة الفاضحة التي لم تحظَ بموافقتهم، كما ستعمد أيضاً إلى فلترة النتائج الفاضحة كلها على عمليات البحث المشابهة، وتزيل الصور المكررة. سيؤدي هذا إلى منع الصور من الظهور مرة أخرى في المستقبل. أيضاً، ستخفّض جوجل مرتبة نتائج البحث التي تفضي إلى محتوى مزيف وفاضح. وعندما يجري شخص ما عملية بحث عن مزيفات عميقة ويُضيف اسم شخص ما إلى عملية البحث، ستركّز جوجل على منح الأولوية للمحتوى العالي الجودة وغير الفاضح، مثل المقالات الإخبارية ذات الصلة.
هذه إجراءات إيجابية، كما يقول أجدير. ستؤدي تغييرات جوجل إلى إحداث انخفاض هائل في انتشار المحتوى العميق التزييف الإباحي الذي لم يحظَ بموافقة المعنيين به. ويقول: "هذا يعني أن المستخدمين سيضطرون إلى بذل جهود أكبر بكثير للعثور على هذا المحتوى إن أرادوا الوصول إليه".
مكافحة المزيفات العميقة الإباحية
في يناير/كانون الثاني، كتبتُ حول 3 وسائل تُتيح لنا مكافحة المزيفات العميقة الفاضحة وغير الحاصلة على الموافقة. وتتضمن هذه الوسائل القوانين، والعلامات المائية التي يمكن أن تساعدنا على تحديد المحتوى الذي جرى إنتاجه باستخدام الذكاء الاصطناعي، والدروع الواقية التي تصعّب على المهاجمين استخدام صورنا.
وبعد مرور 8 أشهر، ما زالت العلامات المائية والدروع الواقية في المرحلة التجريبية، وما زالت هذه التقنيات غير موثوقة، لكن ما يدعو إلى التفاؤل هو أن اللوائح التنظيمية بدأت تجاري المستجدات إلى حد ما. على سبيل المثال، فقد حظرت المملكة المتحدة إنتاج المزيفات العميقة الفاضحة غير الحاصلة على الموافقة وتوزيعها. وقد دفع هذا الخيار بموقع مشهور يوزع هذا النوع من المحتوى، وهو موقع مستر ديب فيكس (Mr DeepFakes)، إلى حظر المستخدمين في المملكة المتحدة من الوصول إليه، على حد قول أجدير.
اقرأ أيضاً: هل إضافة العلامات المائية إلى صور الذكاء الاصطناعي مجدية في محاربة التزييف؟
أمّا قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي فقد دخل حيز التطبيق رسمياً، ويمكن أن يفضي إلى بعض التغييرات المهمة المتعلقة بالشفافية. يفرض هذا القانون على منتجي المزيفات العميقة أن يذكروا بوضوح أنهم استخدموا الذكاء الاصطناعي في إنتاج هذه المواد. وفي أواخر يوليو/تموز، أقر مجلس الشيوخ الأميركي قانون "تعطيل الصور المزورة وعمليات التحرير غير الحاصلة على الموافقة" الذي يحمل الاسم المختصر "DEFIANCE"، الذي يمنح الضحايا وسيلة للسعي إلى الحصول على تعويضات قانونية عن المزيفات العميقة الفاضحة جنسياً بناء على القانون المدني. (ما زال أمام مشروع القانون هذا الكثير من العوائق التي يجب أن يتجاوزها قبل أن يصبح قانوناً نافذاً).
جوجل والمزيفات العميقة: لا للصور عميقة التزييف وتجاهل لمقاطع الفيديو!
لكننا ما زلنا في حاجة إلى الكثير من الحلول والإجراءات الإضافية. فجوجل تستطيع أن تحدد مواقع الويب التي تجتذب زيارات المستخدمين، وأن تحاول إزالة مواقع المزيفات العميقة من نتائج البحث الأعلى ترتيباً، لكن هذه الإجراءات يمكنها الذهاب إلى أبعد من ذلك. يقول أجدير: "لماذا لا يتعاملون مع هذه المواقع كما يتعاملون مع المواقع التي تنشر المواد الإباحية التي تتضمن استغلال الأطفال، ويزيلونها من نتائج البحث بالكامل حيث أمكن، ببساطة؟" - أيضاً، لاحظ أجدير أن جوجل اكتفت بذكر الصور العميقة التزييف في إعلانها، وتجاهلت مقاطع الفيديو، وهو أمر غريب بالنسبة له.
عندما أقرأ مقالي السابق حول مكافحة المزيفات العميقة، مع هذه المعلومات الجديدة، يبدو لي أنه كان يجدر بي أن أذكر المزيد من الأشياء التي يمكن أن تفعلها الشركات. تمثّل التغييرات التي طبقتها جوجل على محرك البحث خطوة أولى مهمة. غير أن متاجر التطبيقات ما زالت تعج بالتطبيقات التي تتيح للمستخدمين إنتاج صور عارية عميقة التزييف، كما أن مزودي وميسّري خدمات الدفع ما زالوا يوفرون البنية التحتية اللازمة للناس لاستخدام هذه التطبيقات.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك كشف فيديوهات التزييف العميق بسهولة؟
يدعونا أجدير إلى إحداث تغيير جذري في نظرتنا إلى المزيفات العميقة غير الحاصلة على الموافقة، والضغط على الشركات لإجراء تغييرات تجعل من الصعب إنشاء محتوى كهذا أو الوصول إليه.
ويقول: "يجب أن ننظر إلى هذه المواد ونتعامل معها عبر الإنترنت بالطريقة نفسها التي ننظر فيها إلى المواد الإباحية التي تتضمن استغلال الأطفال، أي أنها شيء يُثير لدينا رد فعل لا إرادي من القرف والاشمئزاز والغضب. وهو ما يتطلب من المنصات جميعاً اتخاذ إجراءات حاسمة".