أظهر تقرير جديد أن الحكومة الفدرالية الأميركية هي الأكثر استعداداً من بين 160 دولة في العالم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة التي تقدمها، بينما احتلت الإمارات العربية المتحدة المركز الأول على المستوى العربي وعلى مستوى الشرق الأوسط.
تقرير مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي
أصدر شركة الاستشارات البريطانية أوكسفورد إنسايتس (Oxford Insights) تقرير "مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي 2021"، وهو التقرير الرابع من نوعه. يوضح هذا التقرير أن العقد الماضي شهد طفرة في تطوير الذكاء الاصطناعي، وأن التطبيقات التجارية لأبحاث الذكاء الاصطناعي أصبحت أكثر وضوحاً للشركات في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن فوائد هذا التطور لا تقتصر على القطاع الخاص، إذ تتجه الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى الذكاء الاصطناعي لتحسين خدماتها العامة واكتساب مزايا اقتصادية استراتيجية.
وأضاف التقرير السنوي أن تحقيق أقصى استفادة من هذا التحول المدعوم بالذكاء الاصطناعي يتطلب من الحكومات امتلاك الأدوات وبيئة التشغيل المناسبة. ويصنف التقرير الدول بناءً على 42 مؤشراً، بزيادة 9 مؤشرات جديدة عن تقرير العام الماضي، تتضمن الإنفاق على البرمجيات والاستثمار الصناعي في التقنيات الناشئة، وذلك عبر ثلاثة محاور: الحكومة، وقطاع التكنولوجيا، والبيانات والبنية التحتية.
ذكر التقرير أن 30% من الدول المدرجة في التصنيف لديها الآن استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وأن 9% أخرى تعمل على صياغة استراتيجيتها الخاصة، وستنشرها قريباً. ويعزو التقرير الفضل في هذا التقدم إلى النمو الكبير لقطاع التكنولوجيا الخاص، ويأمل أن تتمكن الحكومات من تسخير هذه التطورات في القطاع الخاص لتحسين تقديم الخدمات العامة، لا سيما مع الخدمات الجديدة القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وعلّق ريتشارد ستيرلنغ، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة أوكسفورد إنسايتس، على نتائج التقرير قائلاً: "ستكون الفوائد التي تحققها الحكومات التي تتبع نهجاً استراتيجياً لتسخير الذكاء الاصطناعي داخل الحكومة وتعزيز قطاع الذكاء الاصطناعي الوطني لديها كبيرة. وتُظهر نتائج مؤشر الجاهزية للذكاء الاصطناعي لعام 2021 فهماً متزايداً لهذا الأمر بين الحكومات".
اقرأ أيضاً: لماذا نحتاج قسم عمليات النموذج في دورة حياة نماذج الذكاء الاصطناعي؟
الولايات المتحدة الأميركية تتصدر التصنيف
مدعومة "بحجم ونضج لا مثيل لهما" لقطاع التكنولوجيا، تصدرت الولايات المتحدة التصنيف، تلتها سنغافورة -التي تصدرت المحور الحكومي بسبب "قوتها المؤسسية وقدرتها الرقمية الحكومية"- ثم احتلت المملكة المتحدة وفنلندا وهولندا المركز الثالث والرابع والخامس على التوالي.
لم يكن احتلال الولايات المتحدة المرتبة الأولى في التصنيف غريباً، فهي رائدة في الاستثمار في البرمجيات والتقنيات الناشئة، كما أنها موطن العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى، وهو ما يعادل أكبر مجموعة من موردي الذكاء الاصطناعي المحتملين في أي بلد. علاوة على ذلك، يشير التقرير إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي "يتم تسويقها واعتمادها من خلال الاقتصاد"، وهو مقياس رئيسي لاستعداد الحكومة للذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى ذلك، نشرت الولايات المتحدة استراتيجيتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي وتحدثها باستمرار، ونشرت العديد من الوكالات الفدرالية، بما في ذلك وزارة الصحة والخدمات البشرية، استراتيجيات ذكاء اصطناعي خاصة بها.
اقرأ أيضاً: خطة الولايات المتحدة كي تبقى متقدمة على الصين في الذكاء الاصطناعي
الإمارات الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
أما منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فقد كانت "واحدة من أكثر المناطق تنوعاً في العالم في درجات الجاهزية الحكومية للذكاء الاصطناعي". وقد احتلت دولة الإمارات المركز 19 على مستوى العالم والأول على مستوى المنطقة بمؤشر عام يبلغ 71.60، تلتها إسرائيل، ثم قطر، ثم المملكة العربية السعودية في المرتبة 34 عالمياً بمؤشر 63.42، أما المركز الأخير على مستوى العالم فكان من نصيب اليمن بمؤشر (17.93).
وكان متوسط الدرجات لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام 49.68 من 100، وهو أعلى بقليل من المتوسط العالمي البالغ 47.42.
وبحسب التقرير، حصلت الإمارات على هذا الترتيب في كل من المحاور الثلاثة التي يتكون منها المؤشر (المرتبة 18 في الركيزة الحكومية، والمرتبة 22 في قطاع التكنولوجيا، والمرتبة 20 في البيانات والبنية التحتية). تشجع الحكومة الإماراتية الاستثمار والابتكار في التقنيات الناشئة، ومنها الذكاء الاصطناعي، فكانت سبّاقة في هذا المجال.
أما حكومة قطر، فقد حددت الذكاء الاصطناعي كعنصر أساسي في انتقال الدولة من الاقتصاد القائم على النفط إلى الاقتصاد القائم على المعرفة. ووضعت استراتيجيتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي بناءً على 6 ركائز هي: التعليم والوصول إلى البيانات والتوظيف والأعمال التجارية والبحث والأخلاق. يُذكر أن قطر حلت في المرتبة 26 عالميّاً، بمؤشر عام 67.18.
وعلى نحو مماثل، تتبع السعودية استراتيجية وطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، مبنية على 6 أهداف أيضاً، إذ تطمح لتكون من بين أفضل 15 دولة في العالم في تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، وتدرّب مواطنيها على مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتؤسس شراكات مع المنظمات الدولية، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات في البيانات والذكاء الاصطناعي، وتعزيز بيئة تنظيمية صديقة للأعمال، وتعمل على إنشاء نظام بيئي للبيانات والشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في المملكة بحلول عام 2030.
جاءت سلطنة عُمان في المرتبة التالية للسعودية في التصنيف في المنطقة (المرتبة 49 عالمياً)، حيث تعمل وزارة النقل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العمانية حالياً على صياغة خطة عمل تتوخى اعتماد الذكاء الاصطناعي لدفع التنمية الاقتصادية للبلاد بالإضافة إلى تطوير معايير أخلاقية لضمان الاستخدام العادل لهذه التقنيات.
في المقابل، احتلت دول أخرى تصنيفات منخفضة نسبياً، فقد كان لبنان في المرتبة 94 عالمياً، والجزائر في المرتبة 99، والعراق في المرتبة 104. وعزا التقرير السبب الرئيسي لهذا التراجع إلى غياب مؤسسات القطاع العام القوية، وبُعد التكيّف الحكومي. وكان سبب وجود اليمن في المرتبة الأخيرة عدم الاستقرار والحرب والمجاعة التي دمرت البلاد.
اقرأ أيضاً: الإمارات تسير بخطوات واثقة نحو الريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي
كيف تلحق الدول ذات التصنيفات المنخفضة بالدول المتقدمة؟
من أجل ردم الهوّة بين بلدان المنطقة، والتقدم مستقبلاً في مجال الذكاء الاصطناعي، قدم التقرير 3 توصيات أساسية لحكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للحاق بركب الدول الأخرى التي احتلت المراتب العليا. يأتي على رأس هذه التوصيات الإصلاح الحكومي، يليه الاهتمام برأس المال البشري، خاصةً وأن الشباب أحد أهم أصول المنطقة، وعلى الحكومات تطوير المهارات الرقمية لديهم.
التوصية الثالثة التي اقترحها التقرير هي توافر البيانات وتمثيلها، على غرار ما قامت به كل من الإمارات والسعودية، ويعني تمكين الأفراد والشركات والحكومات من الوصول إلى كميات كبيرة من البيانات، فذلك كفيل بازدهار الاقتصاد الرقمي والابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي. ولتحقيق ذلك، يقترح التقرير التركيز على أجندات الرقمنة أو الاستراتيجيات الوطنية للذكاء الاصطناعي.