تكنولوجيا التوأم الرقمي في الشبكات اللاسلكية الناشئة ستجعل المدن الذكية أكثر ذكاءً

3 دقائق
تكنولوجيا التوأم الرقمي في الشبكات اللاسلكية الناشئة ستجعل المدن الذكية أكثر ذكاءً
حقوق الصورة: shutterstock.com/ ZinetroN. تعديل الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

منذ أكثر من 50 عاماً، التقطت وحدة التحكم الأرضي التابعة لوكالة ناسا، في مركز ليندون جونسون للفضاء، نداءً عاجلاً من أعضاء طاقم المركبة الفضائية أوديسي التي كانت تَبعُد 210 آلاف ميل عن الأرض -"هيوستن، نواجه مشكلة!".

نسخة عن أوديسي المعطلة: أول مثال عن التوأم الرقمي

كانت مركبة أوديسي آنذاك سابع بعثة فضائية مأهولة تنطلق إلى الفضاء ضمن برنامج أبولو، وهي تُعرف أيضاً باسم أبولو 13. وفي ذلك الحين، تحوّل هبوط روتيني مجدول على سطح القمر إلى سباق مميت مع الزمن بعد أن انفجر أحد خزانات الأوكسجين الرئيسية في المركبة الفضائية بعد يومين من انطلاق البعثة. وفي تلك اللحظة، انقلبت مهمة وحدة التحكم الأرضي تماماً لتتركز على إعادة رواد الفضاء الثلاثة للوطن سالمين، ولكن كيف يمكن توجيه مركبة فضائية متضررة للغاية من مسافة بعيدة جداً؟ لجأت وكالة ناسا إلى جهاز محاكاة عالي الدقة يمثل نسخة طبق الأصل من مركبة أوديسي المعطّلة، والذي سمح لوحدة التحكم بتنبؤ ردود الفعل والمسارات وتوجيه رواد الفضاء بأمان إلى الأرض.

وقد أصبحت أحداث بعثة أبولو 13 لاحقاً أول مثال موثّق لاستخدام تكنولوجيا "التوأم الرقمي".

اقرأ أيضاً: كيف نستفيد من توائم الأرض الرقمية في مواجهة التغير المناخي؟

يشهد عصرنا الحالي ازدياداً كبيراً في هجرة الناس إلى المدن، وتتوقع الأمم المتحدة أن تصل نسبة سكان المدن في العالم إلى ما يقرب من 70% بحلول عام 2050، الأمر الذي سيُشكل ضغطاً هائلاً على البنى التحتية بلا شك. ولمواجهة هذه المسألة، بدأت الحكومات في مختلف أنحاء العالم باستخدام تكنولوجيا التوأم الرقمي لإعادة بناء مدن المستقبل وتمكينها من احتضان سكانها من خلال سُبل مستدامة وصديقة للبيئة. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تقفز قيمة السوق العالمي لتكنولوجيا التوأم الرقمي من 6.75 مليار دولار في عام 2021 إلى 96.49 مليار دولار بحلول عام 2029.

دبي وأبوظبي: أول مدينتين سيكون لهما إصداراً تجريبيّاً في الميتافيرس

من جانبها، أعلنت الإمارات العربية المتحدة هذا العام، عن خططها لإنشاء مدينة افتراضية في الميتافيرس، حيث اختارت شركة "میتافيرس هولدينغز" (Metaverse Holdings)، التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، دبي وأبوظبي لتكونا أول مدينتين على القائمة من أجل تنفيذ المشروع العالمي المخطط له في الميتافيرس. وستحاكي بيئتهما الافتراضية مختلف الأحداث والمواقع الموجودة على أرض الواقع، ومن المتوقع إطلاق أول إصدار تجريبي للمدينتين بحلول نهاية عام 2022، وسيكون متاحاً في جميع أنحاء العالم بعد ذلك بوقت قصير. وفي هذا الإطار، أعطت دولة الإمارات الأولوية لضم قطاعي التعليم والرعاية الصحية، وستركز جهودها على معالجة القيود الزمنية والمكانية الموجودة على أرض الواقع. ولا شك أن تكنولوجيا التوأم الرقمي تعد عنصراً رئيسياً لإنشاء بيئة افتراضية مزدهرة في عالم الميتافيرس.

اقرأ أيضاً: شركة «بيئة» الإماراتية تعرض نموذجاً افتراضياً لمقرها الجديد في عالم الميتافيرس

الحاجة إلى التوأم الرقمي لتلبية متطلبات المدن الذكية

وبصفتها لبنة أساسية في الميتافيرس، تُتيح تكنولوجيا التوأم الرقمي إمكانية الرقمنة الشاملة للشبكات اللاسلكية، الأمر الذي يعزز تجربة الميتافيرس كثيراً من ناحية المرونة والفعالية والتكلفة. وعلى الرغم من هذه المزايا والإيجابيات الواعدة، لا بُدّ أيضاً من مراعاة أهمية الاستفادة من التقنيات اللاسلكية الناشئة، ليس فقط لتعزيز نموذج المدينة الذكية ودعمها للوصول إلى أقصى الإمكانات التكنولوجية، بل للاستفادة أيضاً من قدرة تكنولوجيا التوأم الرقمي على تلبية الطلبات المتزايدة لتطبيقات المدن الذكية التي ستُثير اهتمام ألمع العقول في مجال التكنولوجيا.

وتماشياً مع رؤية دولة الإمارات لتطوير منظومة عمل خضراء خالية من الانبعاثات الكربونية، سيساهم دمج الشبكات اللاسلكية في المدن الذكية المدعومة بتكنولوجيا التوأم الرقمي، إلى الارتقاء بمستوى التجربة والحياة لسكان المدينة، وتهيئة نظام صديق للبيئة مبني على أسس الاستدامة لتقليل الانبعاثات. وسيساهم التكامل التام بين تكنولوجيا التوأم الرقمي والتقنيات اللاسلكية في بناء مدينة ذكية مثالية توفر في نهاية المطاف منصة الانطلاق للميتافيرس، الأمر الذي سيُتيح فرصاً كبيرة ويكشف آفاقاً جديدة لم يكن بوسعنا تخيّلها فيما مضى.

وقد أثبتت دولة الإمارات إرادتها وسعيها للعب دور قيادي في قطاع التكنولوجيا المتقدمة الذي يعد واحداً من القطاعات المحفوفة بالمخاطر والمجزية في نفس الوقت. وبما أن الميتافيرس أصبح محركاً مهماً لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة وفضاءً واعداً للتكنولوجيا، فلا يجدر بنا تجاهل القيمة المؤثرة والرائدة التي ستضيفها تكنولوجيا التوأم الرقمي وتقنيات الشبكات اللاسلكية في سعي دولة الإمارات نحو تشكيل مدنها الذكية المستقبلية.

المحتوى محمي