التغير المناخي يُحدث موجة حر تفوق المعدلات القياسية في شمال غرب الولايات المتحدة

2 دقائق
التغير المناخي يُحدث موجة حر قياسية
دمر حريق الغابات قرية لايتون الواقعة بمقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية بالكامل تقريباً، بعد وقت قصير من وصول درجات الحرارة فيها إلى 121.3 درجة فهرنهايت (49.6 درجة مئوية)، محطمة أعلى رقم قياسي مسجل في كندا على الإطلاق.

نعم، ينبغي أن نلقي اللوم على التغير المناخي.

أشعل الاحتباس الحراري -الذي تسبب فيه البشر- موجة الحر التي قتلت على الأرجح مئات الأشخاص، الأسبوع الماضي، في مختلف أنحاء منطقة شمال غرب الولايات المتحدة وكندا.

ويشير تحليل أجرته مجموعة (World Weather Attribution) إلى أن التراكم الهائل لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي زاد من احتمالية حدوث هذه الظاهرة المناخية غير المسبوقة بمقدار 150 مرة. وخلص فريق العلماء الدوليين المنتسبين إلى المجموعة إلى أن حدوث هذه الموجة الحارة الشديدة كان "مستحيل تقريباً" من دون التغير المناخي، الذي تسبب بالفعل في ارتفاع درجة حرارة الكوكب بنحو 2.2 درجة فهرنهايت (1.2 درجة مئوية).

قاوم العلماء منذ فترة طويلة فكرة إلقاء اللوم في حدوث أي ظاهرة مناخية منفردة على التغير المناخي، متمسكين بنقطة عامة مفادها أنه سيجعل موجات الحر والجفاف والحرائق والأعاصير متكررة وشديدة بشكل متزايد. غير أن توافر المزيد من سجلات بيانات الأقمار الصناعية وارتفاع قدرات الحوسبة وتزايد دقة عمليات المحاكاة المناخية جعلت الباحثين أكثر ثقة في تصريحاتهم -التي تصدر غالباً في غضون أيام- أن الاحتباس الحراري زاد بشكل كبير من احتمالات حدوث كوارث معينة.

وكانت درجات الحرارة القصوى، التي سُجلت الأسبوع الماضي، قد حطمت الأرقام القياسية المسجلة في العديد من المدن والبلدات في جميع أنحاء المنطقة، وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عشرات الآلاف من المنازل، وتسببت في نقل أكثر من 2000 شخص إلى غرف العناية المركزة نتيجة لإصابات مرتبطة بالحرارة المرتفعة في ولايتي واشنطن وأوريجون.

ونقلت وسائل إعلام مختلفة عن مسؤولين قولهم إن هناك أكثر من 100 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة في هاتين الولايتين حتى الآن. كما تم تسجيل ما يقرب من 500 "حالة وفاة مفاجئة وغير متوقعة" في مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية، خلال فترة الأيام الخمسة المعنية، وهو ما يزيد بنحو 300 حالة وفاة عن المعدل الطبيعي.

السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية قد أدى ببساطة إلى تفاقم العواقب المترتبة على الأحوال الجوية غير العادية التي وقعت الأسبوع الماضي، عندما احتجزت "قبّة حرارية" الهواء الساخن فوق رقعة واسعة من المنطقة. ويرى الباحثون أنه إذا كان الأمر كذلك، فقد يتكرر وقوع أحداث مماثلة مرة أو مرتين كل عقد إذا ارتفعت درجات الحرارة بمقدار 3.6 درجة فهرنهايت (درجتين مئويتين).

والاحتمال الأكثر إثارة للقلق -وإن كان أقل ترجيحاً- هو أن انبعاثات غازات الدفيئة قد دفعت النظام المناخي إلى تجاوز عتبة غير معروفة وغير مفهومة تماماً؛ حيث يتسبب الاحتباس الحراري حالياً في ارتفاع درجات الحرارة القصوى بشكل أكثر حدة مما كان متوقعاً. ويقول الباحثون إن هذه النظرية تتطلب مزيداً من الأبحاث لتقييمها، لكنها تعني أن موجات الحر الشديدة ستتجاوز المستويات التي تتنبأ بها النماذج المناخية الحالية.

ويقول فريدريك أوتو، الرئيس المشارك لمجموعة (World Weather Attribution) والمدير المساعد لمعهد التغير البيئي التابع لجامعة أكسفورد، في بيان: "ليس من المفترض أن تحطم الأرقام القياسية بمقدار أربع أو خمس درجات مئوية (سبع إلى تسع درجات فهرنهايت). هذا حدث استثنائي لدرجة أننا لا نستطيع استبعاد احتمال أننا نشهد اليوم درجات حرارة قصوى لم نكن نتوقع أن نصل إليها سوى عند مستويات أعلى من الاحتباس الحراري".

ومن المتوقع أن تدفع موجة حر جديدة درجات الحرارة إلى الارتفاع الشديد مرة أخرى في مناطق من شمال غرب الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة.

المحتوى محمي