يُعرف الجيل زد (Generation Z) بأنه الجيل الذي يلي جيل الألفية، ويتكون عموماً من مواليد منتصف التسعينيات إلى منتصف العقد الأول من الألفية الثانية. يتميز أفراد هذا الجيل ببراعتهم في استخدام التكنولوجيا المتصلة؛ ذلك لأنهم وُلدوا خلال فترة تميزت بتطور تكنولوجي هائل. وبسبب خصائصه المميزة يجب على أصحاب العمل فهم صفات أفراده بشكل جيد، بهدف تطوير استراتيجيات رقمية لفهم سلوكهم الاستهلاكي وتوقعاتهم في مكان العمل، ما يحقق ديمومة الأعمال واستمراريتها.
كمثالٍ عن ذلك، درست الدكتورة نسرين أمين (محاضرة أولى في التسويق الرقمي في رويال هولواي، جامعة لندن والمديرة المشاركة لمركز أبحاث المجتمع والمنظمة الرقمية)، وأميتاب أناند (أستاذ مشارك في مدرسة إكسليا للأعمال في لاروشيل) الجيل زد في الإمارات العربية المتحدة، وحدد كل منهما خصائصه المحتملة في دراسة نُشرت في دورية إميرالد للنشر المحدودة عام 2020.
خصائص جيل زد بشكل عام
من أهم السمات التي تنطبق على أفراد هذا الجيل في العالم ما يلي:
- عدم الاستغناء عن هواتفهم الذكية واستهلاكهم الكبير للمعلومات وسرعة التنقل بينها، إذ لا يشد انتباههم إلا ما خرج عن المألوف.
- التجانس، إذ يتصرف أفراد هذا الجيل بطريقة متشابهة في جميع أنحاء العالم أكثر من الأجيال السابقة.
- النظر للوظيفة كوسيلة لتحقيق غاياتهم المالية فقط، فعلى عكس نظرائهم من جيل الألفية الذين غالباً ما يحبون وظيفتهم، فهم يقبلون بسهولة الوظائف التي توفر دخلاً ثابتاً ومزايا جذابة حتى ولو لم تكن وظيفة أحلامهم.
- قابلية التغيير لديهم عالية، إذ إنهم اعتادوا على الإيقاع السريع لتغير التكنولوجيا.
اقرأ أيضاً: شركات عربية نجحت في دخول عالم الميتافيرس الافتراضي والاستفادة منه
الجيل زد في الإمارات العربية المتحدة
تحتل الإمارات المرتبة 20 عالمياً ضمن قائمة أكثر الاقتصادات الرقمية تطوراً في العالم، ويستخدم أكثر من 95% من سكانها الإنترنت، أدى ذلك إلى خلق المزيد من الفرص للشركات لتلبية احتياجات المستهلكين في الدولة، وخاصة أفراد الجيل زد الذين يبلغ تعدادهم نحو مليون ونصف نسمة. لذلك قدمت هذه الدراسة لمحة عامة عن الجيل زد في دولة الإمارات واحتياجاتهم وخصائصهم وتفضيلاتهم لتمكين الشركات من تقديم منتجات وخدمات مستهدفة ومكان عمل مناسب لهم، والذي بدوره سيؤثر بشكل إيجابي على الأداء التنظيمي.
تأثير الإمارات كدولة على الجيل زد
تتمتع الإمارات بمعدل تبنٍّ عالٍ للهواتف الذكية في العالم، ويقضي أفراد الجيل زد معظم وقتهم باستخدامها، فهم من مواطني التكنولوجيا، ويستخدمون الهواتف الذكية أكثر من الأجهزة الإلكترونية الأخرى مثل الحواسيب المحمولة والأجهزة اللوحية.
تعد الإمارات رائدة في استخدام التقنيات الجديدة مثل التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي والمقاييس الحيوية، وبالتالي يتعرض الجيل زد لأحدث التقنيات ويتعامل معها، ولها دور مهم في تشكيل سلوكه. وأصبحت مشكلات أمان الهاتف الذكي من الاهتمامات الرئيسية بالنسبة له، وذلك بسبب الدور الإيجابي لبرامج التوعية بالأمن السيبراني التي تستهدف الشباب في الدولة.
وضعت الإمارات استراتيجية بناء وتطوير المدن الذكية، وأصبحت من أكثر الدول المرغوبة للعيش للشباب العربي، وتعد من الدول الرائدة في رقمنة الخدمات المقدمة لمواطنيها، ما جعل الجيل زد فيها أكثر إلماماً بالتكنولوجيا، وهو المحرك الأساسي للاقتصاد الرقمي المستقبلي للبلد.
صفات الجيل زد في الإمارات العربية المتحدة
يتجنب أفراد الجيل زد في الإمارات العربية المتحدة المخاطرة فيما يتعلق بكل من موقفهم وسلوكهم، كما يرغبون في اللعب بأمان ولديهم القدرة على اكتشاف ما إذا كان هناك شيء مناسب لهم أم لا، وهم أكثر مسؤولية وواقعية من جيل الألفية، ويؤمنون أن الموسيقى تسمح للناس بالتواصل مع بعضهم ومع ثقافات مختلفة، فهم يستمعون إلى الموسيقى العالمية أكثر من أي جيل آخر، ويقدّرون الصوت باعتباره هروباً من التحميل الزائد للتحفيز البصري.
يتميز أفراد الجيل زد بأنهم يدركون حالتهم العاطفية ومنفتحون على الثقافات الأخرى، وللعلاقات الأسرية والعلاقات الاجتماعية دور مهم في اتخاذ القرارات لديهم وطريقة تفاعلهم مع العلامات التجارية. وعموماً، يعد الجيل زد في الإمارات جيلاً طموحاً مهنياً، ومعرفته التقنية واللغوية على مستوى عالٍ.
اقرأ أيضاً: جوجل تدرس التباين في تعامل الأجيال المختلفة مع المعلومات المضللة
أفراد الجيل زد كمستهلكين في الإمارات العربية المتحدة
لدى أفراد الجيل زد في الإمارات وصول مستمر إلى محركات البحث ما يجعلهم مستهلكين أكثر استنارة، كما أنهم يقرؤون المراجعات ويشاركون وجهات نظرهم ويتمتعون بإمكانية الوصول إلى موارد عبر الإنترنت أكثر من الأجيال السابقة، كما أنهم يتوقعون خدمات ومنتجات مخصصة ويتوقعون أن تكون الشركات قادرة على تحديد احتياجاتهم وفهم أهميتها كمستهلكين، ويركزون على المنتجات عالية الجودة لكون الإمارات مركزاً للعلامات التجارية العالمية الفاخرة.
يتوقعون أيضاً أن يكونوا قادرين على استهلاك المنتجات والخدمات في أي وقت ومكان، ويحتاجون الوصول إليها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. هذا يعني أن التسويق متعدد القنوات والمبيعات يجب أن يصل إلى مستوى جديد من الكفاءة.
يعد التسويق المؤثر والكلام الشفهي شائعاً للغاية لاستهداف السكان الأصغر سناً، إذ يلجأ أفراد الجيل زد إلى يوتيوب عندما يريدون تعلم شيء ما أو عندما يقررون شراء منتج ما. لذلك يجب أن تفهم الشركات في الإمارات العربية المتحدة احتياجات المستهلكين المتغيرة والاتجاهات والتفضيلات، خاصة فيما يتعلق بالتواصل والشفافية والأخلاق.
اقرأ أيضاً: لماذا على الشركات العمل جدّياً على حماية بيانات عملائها وتعزيز ثقتهم؟
يُعرف مستهلكو الجيل زد في الإمارات العربية المتحدة بتفضيلهم للادخار للمستقبل بدلاً من الإنفاق الزائد على المنتجات والخدمات، لذلك يحتاجون إلى تحديثات وتحفيز مستمر، ويفضّلون تجربة البيع بالتجزئة الذكية في العالم الحقيقي، مدعومة بالتكنولوجيا. لذلك، يجب على تجار التجزئة استهداف هذا الجيل الذي يركز على الأجهزة المحمولة من خلال تجربة إعلانية مخصصة للغاية واتخاذ نهج متعدد القنوات قوي لمعالجة سلوك المستهلك المتطور واحتياجاته.
ولكون الجيل زد يعيش من خلال الصور المرئية، فهو يتوقع من تجار التجزئة أن يجعلوا التجارب ممتعة وجمالية، ويظهروا كيفية استخدام المنتجات، ويبرزونها في أفضل حالاتها. لذلك يجب على تجار التجزئة تعزيز التجربة عبر الإنترنت وتحسين عرض المتجر وتصميمه.
يتوقع هذا الجيل أن تكون العلامات التجارية في الإمارات شفافة وأصيلة، وتوفر فرصاً للمشاركة والإبداع المشترك، وإثبات أنها جديرة بالثقة وذات صلة. بالإضافة إلى ذلك، يريدون المساهمة ولعب دور نشط في مشاركة العلامة التجارية ليشعروا بإحساس أعلى بالمشاركة.
كيف يجب على تجار التجزئة التعامل مع الجيل زد في الإمارات العربية المتحدة؟
يجب على تجار التجزئة وفرق إدارة مراكز التسوق في الإمارات الاستفادة من البيع بالتجزئة في العالم الحقيقي الذي يثير اهتمام هذا الجيل، وتحسين تجربة هؤلاء المستهلكين عبر الإنترنت من خلال توفير معلومات دقيقة لأوصاف المنتج مع المحتوى الجذاب، والصور الجميلة، وصور بتقنية 360 درجة، وعروض الفيديو الموجهة إلى فئتهم العمرية، والمراجعات المحسّنة لعقولهم المتشككة.
يجب أن تكون المحلات وشاشات العرض في مراكز التسوق مبدعة ومرغوبة، كما يجب على تجار التجزئة الاستفادة المثلى من اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي.
من المهم أيضاً أن تكون تجارب التسوق مصممة خصيصاً لهم من خلال التكنولوجيا ويرغبون في الحصول على منتجات مخصصة، بالإضافة إلى أنه يجب توفير سهولة المعاملات وسرعتها والمعلومات والراحة وضمان توفير الأمان من خلال الاتصال الرقمي.
ومن المهم معرفة أن أفراد هذا الجيل هم أكثر عرضة للتأثر بالأصدقاء والمشاهير، ومتابعة العلامات التجارية وإجراء المعاملات. ويُعتقد أن الجيل زد في الإمارات العربية المتحدة يقدّر التعبير الفردي ويتجنب التسميات، ويؤمن بفاعلية الحوار لحل النزاعات وتحسين العالم، بطريقة تحليلية أكثر، وتأييداً اجتماعياً، وواقعياً.
يهتم الجيل زد بشدة بالقضايا البيئية، ويدرك النقص الذي يلوح في الأفق ونقص المياه، ما يشير إلى أن لديهم إحساساً كبيراً بالمسؤولية تجاه الموارد الطبيعية. وبالتالي، من الضروري أن تكون الشركات المحلية والدولية في دولة الإمارات أكثر وعياً اجتماعياً وبيئياً في الترويج للمنتجات.
الجيل زد والعمل في الإمارات العربية المتحدة
تحتاج الشركات في الإمارات إلى جذب الموظفين الموهوبين والاحتفاظ بهم، لأن ذلك قد تكون له آثار على النمو الاقتصادي المستمر للدولة، لذلك يجب فهم دوافع الجيل زد.
يرى هذا الجيل ثقافة الشركات على أنها عامل أكثر أهمية من الراتب، وتؤدي الأهداف والقيم الأخلاقية دوراً مهماً في تحديد ما إذا كان الموظف من الجيل زد سينضم إليها أم لا.
يتميز أفراد الجيل زد أيضاً بأنهم يفضّلون استخدام أجهزتهم في العمل، وبأنهم قد لا يكونون متعاونين بشكل كبير مع زملائهم لأنهم يفضّلون العمل بمفردهم ولديهم ميل أعلى إلى أن يكونوا مستقلين وتنافسيين. وبالتالي، يحتاج المدراء إلى فهم أولوياتهم ومنحهم المهام التي يمكن أن تتناسب مع خصائصهم من أجل أداء أفضل. لذلك يعد التدريب الإداري ضرورياً لخلق تواصل شخصي قوي وبناء علاقة طويلة الأمد مع الجيل زد.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يجعل تجربة الموظف أفضل من أي وقت مضى
كيف يجب أن يتعامل أصحاب العمل مع الجيل زد في الإمارات؟
تمثل الآثار المترتبة على أصحاب العمل من الجيل زد في الإمارات العربية المتحدة أكبر تحول للأجيال، وبالتالي سيشكل تحدياً كبيراً للمنظمات والمدراء على المدى الطويل، خاصةً أن أفراد الجيل زد لديهم قوة أكبر من أي جيل سابق لإعادة تعريف الإنتاج والاستهلاك، ويبحثون عن وظائف توفر إحساساً بالهدف، وإلا سيغادرون الوظيفة.
يجب على أصحاب العمل إثبات أنهم يستحقون وقتهم من خلال تقديم رؤية ملموسة يمكنهم تنفيذها وتقييمها، ويحافظون على تحديد ساعات مرنة للموظفين ما يضمن التركيز والإنتاجية.
ويجب أيضاً على أصحاب العمل السعي لتحقيق الأهداف الأخلاقية لأن الجيل زد يؤمن بأن نجاح الأعمال يقاس من خلال تركيزه على تحسين المجتمع أكثر من نتائجه المالية، وأن الراتب والعلاوات أقل أهمية بكثير من ثقافة العمل بدرجة عالية من الاستقلالية.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر الأتمتة على إدارة الأعمال والموظفين؟
من الضروري لأصحاب العمل إثبات قدرتهم على مساعدة هؤلاء الموظفين الجدد في الوصول إلى أهدافهم وطموحاتهم المهنية، بالإضافة إلى الشعور بالهدف بدلاً من التركيز بشكل أساسي على منحهم زيادة في الراتب.
من المهم أيضاً أن يتبنى أصحاب العمل استخدام التكنولوجيا لهذا الجيل من الموظفين، ويجب على الشركات تطوير سياسات أكثر فاعلية للأمن السيبراني لضمان سلامة البيانات وأمنها.