هذه الفترة هي الفترة الذهبية للشركات الناشئة التي تصمم محركات البحث. عندما تحدّثتُ مع الرئيس التنفيذي لشركة يو دوت كوم (You.com)، ريتشارد سوتشر (Richard Socher)، كان متحمّساً للغاية، وقال: "يا له من يوم مثير، يبدو أننا سنحقق رقماً قياسياً جديداً، وأصبح عدد مستخدمي موقعنا أكبر من أي وقت مضى. مررنا بفترة مضطربة للغاية". لم أشعر عند الحديث مع سوتشر بأنه قلق من أن اثنتين من أكبر شركات العالم كشفتا مؤخراً عن إصدارات منافسة للمنتج الذي تبيعه شركته.
في الأسبوع الثاني من شهر فبراير/ شباط 2023، أعلنت شركتا مايكروسوفت وجوجل عن خططهما للهيمنة على مجال البحث على الإنترنت في المستقبل من خلال إجراء عروض تجريبية لبوتَي المحادثة الخاصَين بهما، اللذين يجاوبان عن أسئلة المستخدمين بجمل سلسة بدلاً من قوائم الروابط المعتادة. طوّرت شركة مايكروسوفت محرك البحث الخاص بها، بينغ (Bing)، من خلال دمجه مع إحدى نسخ نموذج تشات جي بي تي (ChatGPT)، بوت الدردشة الشهير الذي أصدرته شركة أوبن أيه آي (OpenAI) التي يقع مقرها في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية عام 2022. تعمل شركة جوجل أيضاً على تطوير بوت منافس لتشات جي بي تي يحمل اسم بارد (Bard).
اقرأ أيضاً: 10 استخدامات لبوت الدردشة تشات جي بي تي توفر عليك ساعات من العمل
لكن على الرغم من أن هذه الإعلانات تعطينا لمحة عن مستقبل محركات البحث، يجب أن نطّلع على نشاطات الشركات الأخرى غير مايكروسوفت وجوجل لفهم مستقبل هذه المحركات بشكل أفضل. على الرغم من أن هاتين الشركتين العملاقتين ستستمران في الهيمنة في مجال التكنولوجيا، فإن مجال البحث على الإنترنت سيصبح أكثر تنوعاً وسيتضمن المزيد من المواقع المنافسة التي يمكن أن يستفيد منها الأشخاص الذين يبحثون عن بدائل لمواقع مثل جوجل وبينغ.
ظهور الشركات الناشئة كلاعب جديد في المنافسة
يعود ذلك إلى حقيقة أن العديد من الشركات الناشئة الجديدة عملت خلال الأشهر الماضية على تطوير أدوات البحث المدعومة ببوتات الدردشة والشبيهة بالتي تطوّرها شركتا مايكروسوفت وجوجل. أطلقت شركة يو دوت كوم بوت دردشة مخصصاً للبحث في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2022، ولم تتوقف عن إصدار التحديثات الجديدة منذ ذلك الحين. تجمع العديد من الشركات الأخرى، مثل بربليكسيتي (Perplexity) وأندي (Andi) وميتافور (Metaphor)، بين تطبيقات بوتات الدردشة والتحديثات مثل البحث باستخدام الصور والميزات الاجتماعية التي تُتيح للمستخدمين حفظ عمليات البحث أو المتابعة بتلك التي بدأها الآخرون، والقدرة على البحث عن المعلومات التي تم تحميلها على الإنترنت قبل ثوانٍ.
حفّز نجاح نموذج تشات جي بي تي نشاطاً كبيراً في هذا المجال، مع محاولة شركات التكنولوجيا العملاقة والشركات الناشئة على حد سواء اكتشاف طرق لتلبية احتياجات المستخدمين بطرق ربما لم يعرفوا أنهم بحاجة إليها.
شركات قديمة وأفكار جديدة
هيمنت شركة جوجل على سوق البحث على الإنترنت لسنوات. يقول عالم الحاسوب، شيراغ شاه (Chirag Shah)، الذي يدرس تكنولوجيات البحث في جامعة واشنطن: "اتسمت هيمنة جوجل على هذا المجال بالاستقرار لفترة طويلة، وعلى الرغم من صدور العديد من الابتكارات الجديدة، فإن هيمنة جوجل على هذا المجال لم تتأثر كثيراً".
لكن تغير ذلك مع إطلاق نموذج تشات جي بي تي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022. فجأة، أصبحت عملية البحث عن مختلف المواضيع من خلال كتابة سلسلة من الكلمات غير المترابطة تبدو قديمة الطراز. ماذا يمنع أن نطلب من محرك البحث عرض النتائج التي نريدها بشكلٍ مباشر؟
اقرأ أيضاً: ميتا تنافس تشات جي بي تي بنموذج ذكاء اصطناعي يتحدث 20 لغة
يقول عالم الحاسوب، إيدو ليبرتي (Edo Liberty)، الذي شغل منصب قائد مختبر الذكاء الاصطناعي في شركة أمازون (Amazon) وهو الآن الرئيس التنفيذي لشركة باين كون (Pinecone) التي تصمم قواعد البيانات لمحركات البحث، إن العاملين في هذا المجال مفتونون بفكرة المزج بين بوتات الدردشة ومحركات البحث، ويقول: "إنه مزيج مثالي ".
عملت شركة جوجل على دراسة فكرة استخدام النماذج اللغوية الكبيرة (وهي التكنولوجيا التي تعتمد عليها بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي وبارد) منذ زمن. ولكن عندما ازداد رواج نموذج تشات جي بي تي كثيراً، اتخذت كلٌّ من جوجل ومايكروسوفت بعض الخطوات العملية.
وكذلك الأمر بالنسبة للشركات الأخرى. وفقاً لليبرتي، هناك الآن العديد من الشركات الصغيرة التي تنافس الشركات العملاقة. يقول: "قبل 5 سنوات فقط، كان العمل في هذا المجال محكوماً بالفشل، في النهاية، لا تتجرأ الكثير من الشركات الصغيرة على منافسة الشركات العملاقة".
منافسة الشركات العملاقة
اليوم، جعلت البرمجيات الجاهزة للاستخدام عملية تصميم محركات البحث ودمجها مع النماذج اللغوية الكبيرة أسهل من أي وقت مضى. يقول ليبرتي: "أصبح بإمكان عدد قليل من المهندسين اليوم تصميم التكنولوجيات التي كان تطوير كل منها يستغرق عقداً من الزمن ويتطلب جهود آلاف المهندسين في غضون بضعة أشهر فقط".
هذا ما حدث مع سوتشر؛ إذ تخلى عن وظيفته ككبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة سيلز فورس (Salesforce) ليشارك في تأسيس شركة يو دوت كوم عام 2020. يمثّل الموقع متجراً متعدد الخدمات لمستخدمي البحث على الإنترنت المتمرسين الذين يبحثون عن بديل لموقع جوجل. (المستخدمون المتمرسون هم الذين يستخدمون الميزات المتقدمة للأجهزة الصلبة والبرمجيات والبرامج، التي لا يستخدمها الأشخاص العاديون). يهدف مصممو الموقع لمنح المستخدمين إجابات عن مختلف أنواع التساؤلات التي تُطرح باستخدام مجموعة متنوعة من التنسيقات، من توصيات الأفلام إلى المقاطع من الرموز البرمجية.
اقرأ أيضاً: كيف غيّر «تشات جي بي تي» نظرة العالم إلى الذكاء الاصطناعي؟
في الأسبوع الثاني من شهر فبراير/ شباط 2023، تمت إضافة ميزة البحث المتعدد الوسائط إلى هذا الموقِع، والتي تمكّن بوت الدردشة الخاص به من عرض الإجابات عن أسئلة المستخدمين باستخدام الصور أو التطبيقات المصغرة المدمجة والخاصة بالتطبيقات التابعة للموقع بدلاً من النصوص، كما تمت إضافة ميزة تُتيح للمستخدمين مشاركة المحادثات التي خاضوها مع بوت الدردشة حتى يتمكن الآخرون من متابعة عمليات البحث التي أجريت من قبل والتعمق في استعلامات البحث.
وفي الأسبوع الذي تلاه، أصدر موقع يو دوت كوم تحديثاً يطلق عليه سوتشر اسم تحديث "البيانات الحية"، يُتيح للموقع الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالأحداث الجارية، مثل "هل يمكن أن يفوز فريق إيغلز (Eagles) ببطولة سوبر بول (Super Bowl) في الدقائق الثمان المتبقية من اللعب؟".
اقرأ أيضاً: تشات جي بي تي يسقط ورقة التوت عن المنشورات المحكمة
تحاول شركة بربليكسيتي، التي أسسها باحثون سابقون في شركات مثل أوبن أيه آي وميتا (Meta) وموقع كوورا (Quora) الذي يطرح فيه المستخدمون الأسئلة ويجيبون عن أسئلة الآخرين، أن تغيّر توجّه عملية البحث بالكامل. كانت هذه الشركة الناشئة قد جمعت النموذج اللغوي الكبير جي بي تي-3 (الجيل الثالث من تقنية المحول المدرَّب لتوليد النصوص) الذي أصدرته شركة أوبن أيه آي مع محرك البحث بينغ، وأطلقت بوت الدردشة الخاص بها في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2022، وتقول إن عدد مستخدميه بلغ نحو مليون شخص حتى الآن. تهدف هذه الشركة للاستفادة من اهتمام المستخدمين ببوتات الدردشة، وإنشاء مجتمع بناءً عليه.
وهي تسعى لإعادة ابتكار مواقع المعلومات القائمة على المجتمع (أي التي يسهم المستخدمون فيها) مثل كوورا وويكيبيديا باستخدام بوتات الدردشة التي تولد المحتوى بدلاً من البشر. عندما يطرح المستخدمون الأسئلة على بوت الدردشة في موقع شركة بربليكسيتي، تحفظ جلسات الأسئلة والأجوبة، ما يُتيح للمستخدمين الآخرين الاطلاع عليها. ويستطيع المستخدمون تقييم الأجوبة التي ولّدها بوت الدردشة وإضافة أسئلتهم الخاصة في المحادثات المستمرة. يشبه هذا الموقع موقع ريديت (Reddit)، لكن البشر هم من يطرحون الأسئلة، وأدوات الذكاء الاصطناعي هي التي تجيب.
اقرأ أيضاً: هل يمكن للعلامات المائية أن تكشف النصوص التي ألفتها بوتات الدردشة؟
في أوائل شهر فبراير/ شباط 2023، وبعد يوم من اكتشاف أن بوت الدردشة بارد الذي تطوره شركة جوجل أظهر إجابة خاطئة في مقطع فيديو ترويجي نُشر على عجل (وهو خطأ من المحتمل أنه كلّف الشركة مليارات الدولارات)، أصدرت شركة بربليكسيتي إعلاناً عن أداة إضافية مساعدة (plug-in) في متصفح الإنترنت جوجل كروم (Google Chrome) مرفقاً بمقطع فيديو يصور بوت الدردشة الذي تطوره وهو يولّد الإجابة الصحيحة عن السؤال نفسه.
أنجيلا هوفر (Angela Hoover) هي الرئيسة التنفيذية والمؤسِّسة الشريكة في شركة أندي المتخصصة في البحث على الإنترنت التي يقع مقرها في مدينة ميامي الأميركية، وقد أنشأت شركتها في أوائل عام 2022 بعد أن سئمت من اضطرارها إلى رؤية العديد من الإعلانات والنتائج غير المرغوب فيها للعثور على الروابط التي تبحث عنها على موقع جوجل. مثل العديد من الأشخاص الذين استخدموا بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي، رسمت هوفر رؤية لعملية البحث على الإنترنت مستوحاة من الأدوات التي ظهرت في أفلام الخيال العلمي والتي يبين أداؤها أنها تعرف كل شيء، مثل أداة المساعدة جارفيس (Jarvis) التي ظهرت في فيلم الرجل الحديدي (Iron Man) أو سامانثا (Samantha) التي ظهرت في فيلم هِي (Her).
اقرأ أيضاً: كيف سيحدث بوت الدردشة تشات جي بي تي ثورة في مجال الأعمال؟
بالطبع، لم نصل إلى مرحلة من التطور تمكننا من تطوير برامج مشابهة بعد. تقول هوفر: "لا نعتقد أن بوت الدردشة أندي يعرف كل شيء"، وتضيف: "ما يفعله هذا البوت هو أنه يبحث عن المعلومات التي قام الأشخاص بتحميلها على الإنترنت ويعرضها للمستخدمين بطريقة مرتبة ومجمّعة".
تنطوي طريقة البحث التي يستخدمها بوت أندي على استخدام النماذج اللغوية الكبيرة لانتقاء أنسب نتائج البحث وتلخيصها، وتقول هوفر إن الخبراء في الشركة قاموا بتدريب النماذج التي يطورونها بعدة طرق، بدءاً من استخدام المقالات الحاصلة على جائزة بوليتزر وصولاً إلى تطبيق الفهرسة المتعسفة (التعديل الموجه لفهارس محركات البحث للتلاعب في نتائج البحث أو SEO spam)، وذلك لزيادة قدرة محرك البحث على تفضيل بعض النتائج وتجنّب غيرها.
اقرأ أيضاً: لماذا عليك ألا تثق بمحركات البحث التي تعمل بالذكاء الاصطناعي؟
في النهاية، لن يقتصر التنافس في مجال البحث على مواقع الويب؛ إذ ستكون هناك حاجة لاستخدام الأدوات للبحث في مصادر شخصية أكثر مثل رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية. يقول ليبرتي: "كمية البيانات في صفحات الويب صغيرة للغاية مقارنة بكمية البيانات في العالم".
وفقاً لليبرتي، هناك عدد كبير من الشركات التي تستخدم بوتات الدردشة لأغراض البحث، والتي لا تتنافس مع شركتَي مايكروسوفت وجوجل. تطوّر شركة ليبرتي، باين كون، البرمجيات التي تسهّل عملية المزج بين النماذج اللغوية الكبيرة ومحركات البحث الصغيرة المصممة لأغراض محددة. استخدم زبائن هذه الشركة برمجياتها لتصميم أدوات البحث المخصصة لإنشاء أدلة المستخدم وقواعد البيانات الطبية والنصوص المنسوخة عن المدونات الصوتية المفضلة لديهم. يقول ليبرتي: "استخدم أحد الزبائن برمجياتنا لتصميم بوت الأسئلة والأجوبة المخصص للكتاب المقدّس، ولا أعلم لماذا!".
"آلات تبتدع النتائج"
يعتقد الكثيرون أن استخدام بوتات الدردشة لأغرض البحث هو فكرة سيئة دون شك. تتميّز النماذج اللغوية الكبيرة التي تعتمد عليها هذه البوتات بأنها عرضة لتوليد المعلومات المضللة والنتائج المنحازة والمحرضة على الأذى. لا تنكر هوفر ذلك؛ تقول: "لا شك في أن استخدام النماذج اللغوية الكبيرة وحدها ليس كافياً"، وتضيف: "إنها آلات تبتدع النتائج ببساطة".
تحاول الشركات التي تصمم بوتات الدردشة لأغراض البحث حل هذه المشكلة من خلال دمج النماذج اللغوية الكبيرة في محركات البحث الموجودة مسبقاً وبرمجتها بطريقة تدفعها لتلخيص النتائج ذات الصلة بموضوع البحث بدلاً من تأليف جمل جديدة تماماً. تقوم معظم هذه الشركات أيضاً ببرمجة بوتات الدردشة بطريقة تجعلها تستشهد بصفحات الويب أو المستندات التي قامت بتلخيصها، مع عرض روابط يستطيع المستخدمون الاطلاع عليها إذا رغبوا بتدقيق نتائج البحث أو التعمّق في موضوعه.
مع ذلك، هذه الآليات ليست مضمونة تماماً. في الفترة منذ أن أتاحت شركة مايكروسوفت للمستخدمين الأوائل استخدام محرك البحث الجديد، بينغ، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالصور التي تبين المشكلات في بوت الدردشة المستخدم فيه؛ إذ توصل المستخدمون إلى طرق لتوليد النتائج غير المنطقية أو المسيئة. وفقاً لمهندس البرمجيات الذي يعمل في مجال الذكاء الاصطناعي والبحث على الإنترنت، ديمتري بريريتون (Dmitri Brereton)، كان العرض التجريبي الذي أجرته شركة مايكروسوفت لبوت الدردشة في متصفح بينغ مليئاً بالأخطاء أيضاً.
تعتقد هوفر أن بوتات الدردشة التي تطورها شركتا مايكروسوفت وجوجل قد تولّد الإجابات الخاطئة لأنها تدمج مقتطفات من نتائج البحث يمكن أن تكون غير دقيقة بحد ذاتها. تقول هوفر: "عملية جمع النتائج هذه ليست مقاربة جيدة"، وتضيف: "من السهل إجراء العروض التجريبية لبوتات الدردشة لأنها تبدو مثيرة للإعجاب، ولكن من الممكن أن تظهر الإجابات غير الموثوقة فيها". (لم تستجب شركتا مايكروسوفت وجوجل لطلب موقع إم آي تي تكنولوجي ريفيو للتعليق على الموضوع).
وفقاً لهوفر، يتجنّب بوت الدردشة أندي تكرار النصوص الواردة في نتائج البحث. تقول هوفر: "لا يبتدع هذا الروبوت النتائج كما تفعل بوتات الدردشة الأخرى". يستطيع المستخدمون التحقق من كلام هوفر بأنفسهم من خلال استخدام بوت الدردشة أندي. بعد جمع تقييمات المستخدمين على مدار العام المنصرم، أصبح بوت الدردشة أندي قادراً في بعض الأحيان على توضيح أن النتائج المعروضة ليست موثوقة تماماً. تقول هوفر: "سيعرض البوت عبارة 'أنا لست واثقاً، ولكن وفقاً لموقع ويكيبيديا، فإنه كذا وكذا'".
اقرأ أيضاً: لماذا يصعب تمييز النصوص التي ولدها الذكاء الاصطناعي؟
في جميع الأحوال، لن يتم التخلي عن قوائم الروابط تماماً في هذه الحقبة الجديدة من البحث على الإنترنت. تقول هوفر: "أعتقد أنه بعد 5 سنوات، سنظل قادرين على البحث في النتائج بأنفسنا، وأعتقد أن عملية البحث في النتائج جزء مهم من استخدام الويب".
لكن هل سنميل لعدم التحقق من صحة النتائج التي تقدّمها بوتات الدردشة مع ازدياد قدرتها على تقديم النتائج المقنعة في المستقبل؟ يقول الرئيس التنفيذي لشركة ديف بوت (Diffbot)، والتي تصمم البرمجيات التي تستخرج البيانات من مواقع الويب، مايك تانغ (Mike Tung): "حقيقة أن النماذج اللغوية الكبيرة تولّد المعلومات الخاطئة ليست مهمة، بل المهم هو أنها تعطّل قدرة المستخدمين على التفكير المنطقي النقدي".
يشارك شاه (من جامعة واشنطن) هذا القلق مع تانغ. في العرض التجريبي الذي أجرته شركة مايكروسوفت لبوت الدردشة في متصفّح بينغ، ركّزت على إيصال رسالة مفادها أن استخدام بوتات الدردشة في عمليات البحث يوفّر الوقت، ولكن شاه يشير إلى أن الهدف من أحد المشاريع غير الشهيرة التي عملت عليها هذه الشركة لسنوات، والذي يحمل اسم سيرتش كوتش (Search Coach)، يتمثل في إبطاء سرعة البحث الذي يجريه المستخدمون. يهدف برنامج سيرتش كوتش، الذي رُوّج له على أنه "محرك بحث للمبتدئين"، إلى مساعدة المستخدمين (وخصوصاً الطلاب والمعلمين) على تعلم كيفية كتابة استعلامات البحث الفعّالة وتحديد المصادر الموثوقة، ويشجّعهم على تخصيص وقت كافٍ لإجراء عملية البحث على نحو ملائم بدلاً من توفير الوقت. يقول شاه: "قارن ذلك بسرعة برنامج تشات جي بي تي في إظهار النتائج".
ليست لدى الشركات مثل أندي وبربليكسيتي ويو دوت كوم مشكلة في الاعتراف بأنها لا تزال تكتشف كيف يمكن أن تتطور عملية البحث على الإنترنت، وحقيقة الأمر هي أن هذه العملية يمكن أن تتطور في عدة اتجاهات. يقول سوتشر: "هناك بعض التساؤلات العميقة للغاية حول حالة الإنترنت بشكل عام عندما يتعلق الأمر بموضوع البحث".