خلصت دراسة بريطانية إلى أن واحداً من كل ثمانية مصابين سابقين بمرض كوفيد-19، معرض لخطر الإصابة بأمراض نفسية أو عصبية للمرة الأولى في غضون ستة أشهر، الأمر الذي يضيف المزيد من الأدلة إلى الأبحاث التي تربط بين فيروس كورونا والاضطرابات العقلية.
وتوصل التحليل الذي أجرته جامعة أكسفورد، بعد متابعة حالات أكثر من 200 ألف مريض سابق بكوفيد-19، إلى أن احتمالية الإصابة بأحد أنواع الاضطرابات ارتفعت إلى واحد من كل ثلاثة أشخاص بين المرضى الذين تطلبت إصابتهم بكورونا دخول المستشفى، أو أولئك الذين كان لديهم تاريخ مرضي مرتبط بالاضطرابات النفسية.
كما لاحظ الباحثون أن هذه الحالات كانت أكثر شيوعاً بعد الإصابة بكوفيد-19 مقارنة بالإنفلونزا أو بغيرها من الأمراض التنفسية، بما فيها السكتة الدماغية، والنزيف الحاد داخل الجمجمة، والخرف. وقد وضع الفريق في اعتباره عوامل مثل العمر والعرق والجنس والحالة الاجتماعية والاقتصادية وأي حالات مرضية جسدية أو عقلية سابقة.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور ماكس تاكيه، الذي يعمل بقسم الطب النفسي بالجامعة، إنه لا يزال من غير الواضح كم من الوقت قد يستمر خطر الإصابة بهذه الأمراض بعد ظهور أعراض كوفيد-19. وأضاف لصحيفة جارديان البريطانية، أنه "بالنسبة للإصابات بالسكتة الدماغية أو نزيف الجمجمة، تميل المخاطر إلى الانخفاض بشكل كبير للغاية في غضون ستة أشهر، بينما بالنسبة لبعض التشخيصات العصبية والنفسية، فلا نملك إجابة حول موعد انتهائها".
وأوضح أنه من بين الأمور المفاجئة التي توصلت إليها الدارسة أيضاً أن أعراض الإصابة بأشياء مثل الاكتئاب أو السكتة الدماغية ظهرت على واحد من كل تسعة مرضى ممن لم تتطلب إصابتهم بكوفيد العلاج بالمستشفيات.
أوجه قصور واسعة
استخدم العلماء المشاركون في هذا البحث البيانات الصحية الإلكترونية الخاصة بـ 236 ألف و379 مريضاً أميركياً تعافوا من كوفيد-19، سواء أولئك الذين تطلبت حالاتهم تلقي العلاج في المستشفيات أو في المنزل. ثم قارنوا بيانات تلك المجموعة مع مجموعات أخرى تم تشخيصها بالإنفلونزا وبغيرها من التهابات الجهاز التنفسي، وذلك خلال الفترة بين 20 يناير و13 ديسمبر 2020.
لكن هذه الدراسة لا تزال تواجه بعض أوجه القصور الخطيرة، إذ لم تخضع بعد لمراجعة الأقران ولم تنشر بشكل أكاديمي. كما أنه من المحتمل أن يكون العديد من هؤلاء المرضى قد عانوا بالفعل من اضطرابات نفسية قبل إصابتهم بالفيروس، لكنهم لم يتلقوا رعاية طبية على نحو رسمي. بيد أن الدكتور تاكيه يرى أن هذه المصادفات قد تطعن في نتائج الدراسة لكنها بالتأكيد لن تبطلها، نظراً لأنها تتضمن حالات أكثر خطورة بما فيها السكتات الدماغية أو النزيف داخل الجمجمة.
تحذيرات سابقة
على الرغم من أن الدراسة لا تثبت ارتباط كوفيد-19 مباشرة بالأمراض النفسية والعصبية، إلا أنها تشير إلى أن الفيروس قد يكون له تأثير على الدماغ وعلى الجهاز العصبي المركزي.
وقد سبق للعديد من الأبحاث التحقيق في هذا الأمر، حيث كشفت دراسة سابقة أجرتها المعاهد الصحية الوطنية الأميركية (NIH) عن وجود تلف في الأوعية الدموية في أدمغة المرضى الذين ماتوا بفيروس كورونا، على الرغم من عدم وجود عدوى مباشرة داخل الدماغ.
وأوضحت الدراسة -التي نُشرت نتائجها الشهر الماضي على شكل مراسلات في دورية (نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين)- أنه على الرغم من أن كوفيد-19 يُعد مرضاً يصيب الجهاز التنفسي بشكل أساسي، إلا أن المرضى غالباً ما يعانون من مشكلات عصبية، بما في ذلك الصداع والهذيان والخلل الإدراكي، وقد يتسبب المرض أيضاً في إصابة المرضى بالسكتات الدماغية وغيرها من الأمراض العصبية.
كما وجدت دراسة أخرى موسعة أجرتها جامعة أكسفورد على السجلات الصحية الإلكترونية لحوالي 70 مليون مريض في الولايات المتحدة -ونُشرت نتائجها في مجلة لانست سايكايتري (Lancet Psychiatry)- أن نحو خُمس المصابين بكوفيد-19 يتم تشخيص إصابتهم بمرض نفسي في غضون ثلاثة أشهر من حصولهم على نتيجة إيجابية للاختبار.