لماذا يصعب على شركات التكنولوجيا الاستغناء عن ملفات تعريف الارتباط حالياً؟

3 دقائق
لماذا يصعب على شركات التكنولوجيا الاستغناء عن ملفات تعريف الارتباط حالياً؟
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

ربما لاحظت عند زيارة أحد المواقع الإلكترونية لأول مرة ظهور لافتة تطلب الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط من أجل تحسين تجربة تصفح الموقع أو استهدافك بإعلانات مخصصة.

خلال السنوات الماضية، جرى الحديث كثيراً عن ملفات تعريف الارتباط وكيف يمكن أن تشكل تهديداً لخصوصية الناس، لدرجة أن بعض متصفحات الإنترنت بدأت بطرح خيارات تمنع الوصول إلى هذه الملفات واستخدامها، حتى أن شركة جوجل، وهي من أكثر شركات تكنولوجيا المستفيدة من ملفات تعريف الارتباط، طرحت مشروعاً لإنهاء اعتماد متصفح جوجل كروم على ملفات تعريف الارتباط بحلول عام 2023، واستبداله بأدوات تتبع أخرى تركز على الخصوصية.

لكن ما الذي نعرفه بالضبط عن ملفات تعريف الارتباط؟ كيف تعمل هذه الملفات؟ وكيف يتم استخدامها؟ ولماذا؟ وهل تشكل خطراً على الخصوصية؟ سنجيب عن كل هذه الأسئلة في السطور التالية.

اقرأ أيضاً: جوجل تخطط لحظر استخدام ملفات تعريف الارتباط الخارجية في الإعلانات ومستعرض كروم

ما هي ملفات تعريف الارتباط؟

يمكن تعريف ملفات تعريف الارتباط بأنها أدوات تتبع على شبكة الإنترنت. هذه الأدوات عبارة عن ملفات صغيرة يتم إنشاؤها وتثبيتها على متصفح الويب من قبل أصحاب الموقع الإلكتروني أو الأطراف الثالثة، ويتم فيها تخزين معلومات تتعلق بسلوك المستخدم والأشياء التي يفضلها.

يمكن قراءة هذه الملفات بسهولة من قبل خوادم الويب التي تشغل مواقع الإنترنت، وبذلك يستطيع الموقع أو الأطراف الثالثة أن تعلم اهتمامات المستخدم وتفضيلاته وتقدم له تجربة استخدام مخصصة أو إعلانات مستهدفة.

ظهرت هذه الملفات لأول مرة قبل نحو 25 عاماً، ويصفها البعض بأنها أدوات تتبع، في حين يعتبرها البعض أدواتاً للتجسس.

اقرأ أيضاً: ما هي ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وكيف تضبط إعداداتها في متصفحك؟

استخدامات ملفات تعريف الارتباط

الغرض الأساسي من ملفات تعريف الارتباط هو تخزين معلومات حول اهتمامات وسلوك المستخدم على شبكة الإنترنت، وتقديمها إلى مواقع الإنترنت التي يزورها لتتمكن تلك المواقع من تقديم تجربة استخدام حسب اهتماماته وتفضيلاته.

أهم استخدام لهذه الملفات هو في مجال التسويق، إذا يمكن من خلالها التنبؤ بسلوك المستخدم وتقديم إعلانات مستهدفة له، لذلك تختلف الإعلانات التي تظهر على متصفح الويب الخاص بك عن الإعلانات التي تظهر على متصفحات الآخرين.

هل تشكل ملفات تعريف الارتباط تهديداً للخصوصية؟

استخدامات ملفات تعريف الارتباط مفيدة للغاية، فهي توفر تجربة استخدام مخصصة للمستخدمين حسب اهتماماتهم، وتمنح المواقع والشركات إمكانية عرض إعلانات مستهدفة وكسب أرباح، هذه الأرباح يمكن أن تمول مواقع الإنترنت وتجعلها مجانية ومتاحة للجميع.

لكن لماذا نسمع في السنوات الأخيرة عن التهديدات التي تشكلها ملفات تعريف الارتباط ومخاطرها على الخصوصية؟

في الحقيقة، لا تشكل هذه الملفات خطراً بحد ذاتها، لكن طريقة استخدامها من قبل بعض الشركات يمكن أن تشكل تهديداً للخصوصية.

من أجل منع استخدام ملفات تعريف الارتباط بشكلٍ غير مصرح به، تم إصدار اللائحة العامة الأوربية لحماية البيانات، والتي تفرض على كل المواقع عرض لافتة على المستخدم تطلب منه الإذن والموافقة الصريحة على استخدام ملفات تعريف الارتباط المخزنة في متصفح الويب الخاص به، ومعالجة البيانات الموجودة فيها.

هل تشكل ملفات تعريف الارتباط تهديداً للخصوصية؟
(تعليق الصورة: في كل مرة تزور موقعاً جديداً، ستجد لافتة تطلب منك الإذن باستخدام ملفات تعريف الارتباط المخزنة في متصفح الويب الخاص، ذلك امتثالاً للائحة العامة الأوربية لحماية البيانات).

على الرغم من إصدار هذه اللائحة والتزام معظم المواقع بها، إلا أن الحديث عن مخاطر الخصوصية ازداد خلال السنوات الأخيرة، ما استدعى البحث عن بدائل تراعي الخصوصية.

اقرأ أيضاً: هل أصبح الإعلان الرقمي في خطر؟

إنترنت بدون ملفات تعريف الارتباط!

هل من الممكن تخيل شبكة الإنترنت بدون ملفات تعريف الارتباط؟ الإجابة هي لا في الوقت الحالي، فكما نعلم، تشكل الإعلانات مصدر الدخل الوحيد للكثير من مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. تخيل فقط كيف ستقوم شركة جوجل بتمويل موقع يوتيوب وإتاحته مجاناً للجميع بدون الإعلانات، هذه الإعلانات التي تعتمد بشكل رئيسي على دراسة سلوك المستخدم وتحليله بفضل ملفات تعريف الارتباط.

اقرأ أيضاً: جوجل تخطط لحظر استخدام ملفات تعريف الارتباط الخارجية في الإعلانات ومستعرض كروم

لكن تبحث العديد من الشركات عن حلول تراعي الخصوصية وتساعد في نفس الوقت على تقديم تجربة استخدام مخصصة وإعلانات مستهدفة. إحدى الشركات الرائدة في هذا المجال هي شركة جوجل، التي طرحت قبل سنوات مشروع "برايفسي ساندبوكس" (Privacy Sandbox) للاستغناء بشكل كامل عن ملفات تعريف الارتباط في عام 2023.

يقوم هذا المشروع على مبدأ تحليل سلوك المستخدم وتخزين بيانات السلوك مع بيانات الآلاف من المستخدمين الآخرين، بحيث يكون من المستحيل على الشركات تحديد هوية المستخدم بناء على سلوكه على شبكة الإنترنت.

المحتوى محمي