نشرة خاصة من كليفلاند كلينك أبوظبي
منذ فترة من الزمن، كانت التقنيات مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وعلم الروبوتيات، وغيرها من التقنيات الجديدة الناشئة، تُباع لنا على أنها علاج لجميع المشاكل التكنولوجية. لكن تحديات عام 2020 جعلت هذه التقنيات الجديدة والناشئة تواجه لحظة الحقيقة: هل يمكنها أن تحقق الإمكانات المرجوة منها خلال الأزمات؟ وبوصف أكثر تحديداً، هل يمكن تطبيقها بشكل فعال في قطاعي الطب والرعاية الصحية في الوقت الذي يخضع فيه هذان القطاعان لاختبار شديد من قِبل وباء عالمي؟
قامت الجهات الرائدة في تقديم الرعاية الصحية بتوظيف التقنيات المبتكرة بحذر في الفترة الماضية، بحيث إنه عندما انتشر فيروس كورونا المستجد المسبِّب لمرض كوفيد-19، كان العمل التحضيري الأساسي قد بدأ سابقاً.
تعمل مستشفى كليفلاند كلينيك أبوظبي على تسخير تكنولوجيا المعلومات في تقديم خدمات الرعاية منذ أن فتحت أبوابها عام 2015؛ فقد أدى وجود إستراتيجية رقمية مدروسة ومبتكرة إلى تمهيد الطريق أمام المستشفى للانخراط في التقنيات الناشئة، وإدماجها بطريقة هادفة لدعم كل من المرضى ومزودي الخدمات والمجتمع.
وهذا يعني أنه عندما انتشر الوباء، كانت الأساسات العملية موجودة سابقاً، بحيث تم توظيف الإستراتيجية الرقمية إلى أدوات لدعم العمليات بشكل آمن ومستدام. تم تطبيق الذكاء الاصطناعي بطرق تتيح مواصلة تحسين رعاية المرضى، بينما تزود الأطباء ببعض الأدوات التي تمكنهم من مواجهة الأزمة. تشمل مجموعة الأدوات هذه توفير الخدمات الصحية عن بعد، والحوسبة السحابية، وبرامج الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي أو المساعِدات الذكية. كلٌّ من هذه الأدوات تمكِّّن المرضى ومزاولي المهن الطبية من تطبيق التباعد الجسدي، وتجنب إجراء المواعيد وجهاً لوجه، من خلال العمل بشكل افتراضي، وإعفاء مقدمي الرعاية من التواجد في مواقع محددة لتقديم الاستشارات الطبية.
يلعب التعاون والشراكة معاً دوراً حيوياً بالنسبة لأعمال تحضيرية من هذا النوع. فضمن إطار شبكة مبادلة للرعاية الصحية، تعاونت مستشفى كليفلاند كلينيك أبوظبي بنجاح مع السلطات الإماراتية، وشركات مصنعة مثل ستراتا، وجامعات تتضمن كلاً من جامعة نيويورك أبوظبي، وجامعة خليفة. إن العمل مع هذه الجهات المبتكِرة يجعل كلاً من العمل البحثي، والتقنيات المتطورة، وأحدث معدات الحماية في متناول أيدينا.
إنه نهج يؤتي ثماره. وبصفتها مؤسسة ترفع شعار "المرضى أولاً"، تعمل كليفلاند كلينيك أبوظبي على توظيف العديد من هذه التقنيات للاستمرار في تقديم الدعم لمرضانا، ولمجتمعنا، ولموظفينا، بالرغم من التحديات التي يفرضها التباعد المكاني.
يظهر أحد التطبيقات الناجحة للتقنيات الجديدة في مجال الخدمات الصحية المقدمة عن بعد، والذي يعتمد على امتلاك سكان المنطقة للهواتف الذكية واستخدامها بنسب مرتفعة. تستخدم كليفلاند كلينيك أبوظبي الآن بوابتها الصحية الرقمية المصممة بشكل خاص حسب الطلب؛ حيث تتيح هذه البوابة للمرضى حجز المواعيد وجدولة "الزيارات الافتراضية" عن بعد، والحفاظ على التواصل مع أطبائهم حتى أثناء التباعد الجسدي. يسمح تطبيق "البوابة الصحية" للهواتف الذكية، مثلما يسمح لمكافئه على الإنترنت الذي يستخدم متصفح الويب، بإجراء مناقشات مرئية عن طريق الفيديو عن المسائل السريرية.
هذا التحول عبر الإنترنت يضمن إمكانية حصول العديد من المرضى على المواعيد في اليوم ذاته، أو في غضون 24 ساعة. والآن، يعاين أطباء كليفلاند كلينيك أبوظبي نفس العدد من المرضى تقريباً مقارنة بأعداد المرضى الذين كانوا يعاينونهم قبل انتشار الوباء، وذلك من خلال الاستفادة من الزيارات الافتراضية عن بعد. وبالتالي انخفض عدد الأشخاص القادمين إلى المستشفى شخصياً بشكل كبير. تتم أكثر من نصف زيارات العيادات الخارجية عن بعد -بما فيها كلا النمطين الهاتفي والمرئي عن طريق الفيديو- حيث تمت جدولة أكثر من 5,000 زيارة مرئية افتراضية منذ أواخر شهر مارس.
ويقابل تأثير التكنولوجيا على الاستشارات التي تتم عن بعد، تغييرات طالت خدمات الصيدلة للمرضى الخارجيين، حيث بدأت خدمة توصيل الأدوية إلى المنازل. هذا يعني أن بإمكان المرضى تلقي وصفات طبية جديدة أو مُعادة أثناء تواجدهم في المنزل، ويتم تنظيم ذلك كله باستخدام البوابة الصحية لمستشفى كليفلاند كلينيك أبوظبي (أو من خلال الاتصال الهاتفي فقط). وبموجب النظام الجديد، نفذت الصيدلية أكثر من 9,000 عملية توصيل للأدوية إلى المنازل.
لا شك في أن الخدمات الصحية عن بعد لها تأثير كبير، لكنها تخلق أيضاً تحديات خاصة بها. على الصعيد العالمي، هناك بلدان يتسبب فيها البدء في استخدام تطبيق لتتبع المصابين بكوفيد-19 بإثارة المخاوف بشأن أمن البيانات. مع تنفيذ المستشفيات والخدمات الصحية في جميع أنحاء العالم لإستراتيجياتها الرقمية وتسريع وتيرتها، قد تصبح عرضة لمستويات عالية من التهديد. وعلى نطاق أوسع، قد يؤدي التأثير المدمر للوباء أيضاً إلى تهديد استمرارية الأعمال بالنسبة لمقدمي الرعاية الصحية.
بالنسبة إلى كليفلاند كلينيك أبوظبي، كان تخطيط مرونة الأعمال شاملاً على الدوام، ويتم اختباره بانتظام، ويتم تحديثه بشكل دقيق، وهذا يعني عملياً: التخطيط الشامل والعمل في الوقت نفسه على بناء مؤسسات قوية. ووسط التدريبات التحضيرية على إدارة الأزمات وتشكيل فريق العمل الوبائي، تم إيلاء اهتمام وثيق لتقنيات تمكين العمل عن بعد؛ حيث تم وضع إستراتيجيات خاصة بتكنولوجيا المعلومات في وقت مبكر؛ من أجل إتاحة القدرة للموظفين -ممن لا يتعاملون مع المرضى بشكل مباشر- على التنقل الأسرع. هذا يعني أن الزملاء كانوا في وضع يسمح لهم بالعمل عن بعد، والتعاون بشكل افتراضي خلال تفشي وباء كوفيد-19.
تتطلب الاستجابة المؤسسية الناجحة للوباء الابتكارَ على صعيد كل من التكنولوجيا والإدارة. وتوضح حالة كليفلاند كلينيك أبوظبي ما يمكن فعله عندما يقوم قادة الأعمال بتسريع إستراتيجياتهم الرقمية، وتبني التقنيات الناشئة، ودعم الابتكار، ودعم التعلم العميق والبحث العلمي. هذا التفكير، سيضمن انتصارنا النهائي على هذا المرض الجديد المروع.