إغلاق منصة كويبي التي جمعت استثمارات بلغت 1.75 مليار دولار

3 دقائق
إغلاق منصة كويبي التي جمعت استثمارات بلغت 1.75 مليار دولار
الصورة الأصلية: شاترستوك | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية

لم تدم حياة خدمة بث الفيديوهات القصيرة كويبي (Quibi) لأكثر من 6 أشهر قبل أن تعلن الشركة المالكة لها أن منصتها المخصصة حصرياً للأجهزة المحمولة ستتوقف عن البث اعتباراً من الأول من ديسمبر المقبل، ما يجعلها واحدة من أقصر خدمات البث الرقمي عمراً حتى الآن.

إغلاق منصة كويبي: استنفاد جميع الخيارات

وفي خطاب مفتوح موجه إلى العاملين والمستثمرين، قال مؤسّس الشركة جيفري كاتزنبرج ورئيستها التنفيذية ميج ويتمان: “نشعر أننا استنفدنا جميع خياراتنا. ونتيجة لذلك، توصلنا على مضض إلى قرار صعب بإنهاء العمل، وإعادة الأموال إلى المساهمين”. وأضافا أن “كويبي كانت فكرة عظيمة ولم يكن هناك من أراد لها أن تنجح أكثر منا. وفشلنا لم يكن بسبب قلة المحاولة، فقد درسنا واستنفدنا كل خيار أتيح لنا”.

كانت كويبي -وهي اختصار لكلمتي (quick bites) أي قضمات سريعة أو مشاهد سريعة- قد انطلقت في شهر أبريل الماضي في خضم جائحة كورونا، مسلحة بعدد من الميزات التقنية وبالأسماء التي تقف وراءها، وأبرزهم كاتزنبرج الذي ترأس سابقاً مجموعة ديزني وأسس أستوديوهات دريم ووركس خلال فترة نهضة أفلام الرسوم المتحركة في التسعينيات، وويتمان التي شغلت سابقاً منصب مدير موقع “إي باي” وشركة هويليت باكارد.

وتمكنت الشركة خلال عامين فقط من جذب استثمارات ضخمة بلغت ملياراً و750 مليون دولار، وحصلت على خدمات العديد من نجوم هوليوود البارزين مثل كريستوف والتز وجينيفر لوبيز وليبرون جيمس وجيسون بلوم والمخرج ستيفين سبيلبيرج، كما قدمت برامج وعروض في مختلف المجالات، من بينها مسلسلات وبرامج طبخ ونشرات أخبار سريعة ومنافسات رياضية، بل حتى برامج حوارية، كلها منتجة حصرياً لهذه الخدمة ولا يمكن مشاهدتها ولا مشاركتها على أي منصات أخرى.

3 أسباب وراء الانهيار السريع

أرجعت العديد من المصادر الرسمية والإعلامية سبب إغلاق المنصة في هذا التوقيت إلى ثلاثة أسباب رئيسية، أولها الفشل في جذب أعداد كبيرة من المشتركين، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة التي حظيت بها منذ اليوم الأول لإطلاقها، والأسماء الكبيرة التي شاركت في تقديم العروض والبرامج الأصلية التي أنتجتها. وأشار تقرير صادر عن شركة تتبع التطبيقات (Sensor Tower)، في شهر يوليو الماضي، أن كويبي فقدت 92% من مشتركيها بعد انتهاء فترة التجربة المجانية التي استمرت 90 يوماً؛ إذ لم يتبق لديها سوى 72 ألف مشترك فقط من أصل 910 ألف مستخدم سجلوا في المنصة عند إطلاقها. وعلى الرغم من أن أعداد المشتركين زادت بعد ذلك إلى ما يقرب 500 ألف مشترك، إلا أنها لم تكن كافية لإنقاذ المنصة من الانهيار.

يذكر أن الشركة كانت قد قدمت خطتي دفع لمشتركيها في الولايات المتحدة، الأولى مقابل 4.99 دولارات شهرياً مع وجود إعلانات، والثانية مقابل 7.99 دولارات للعرض الخالي من الإعلانات، وحاولت في شهر أغسطس الماضي تخفيض اشتراكاتها وتقديم خدمات مجانية في استراليا ونيوزيلاندا، أملاً في اجتذاب المزيد من المشتركين، لكنها خطتها لم تنجح بالدرجة الكافية.

أما السبب الثاني للفشل -الذي ذكره كاتزنبرج وويتمان في خطابهما- فهو أن الفكرة نفسها التي استندت إليها المنصة “لم تكن قوية بما يكفي لتبرير إطلاق خدمة بث مستقلة”، ولم تتضمن محتوى يمكنه إقناع المستخدمين بالاستمرار في الاشتراك، لا سيما في ظل المنافسة الشرسة التي واجهتها من منصات المحتوى القصير المجانية الأخرى، على غرار تيك توك ويوتيوب. وكانت كويبي تعتمد على عدد من التقنيات والبرمجيات الجديدة، أهمها تقنية نمط التحول (Turnstile) التي تسمح للفيديو بالبقاء في وضع ملء الشاشة سواء في الوضع الرأسي أو الأفقي، وتتيح للمشاهدين التبديل بين الوضعين بسلاسة كبيرة ودون تأخيرات زمنية؛ عن طريق دمج مقطعي فيديو لنفس المشهد معاً.

والسبب الأخير لهذا الفشل السريع هو انطلاق البث وَسْط جائحة فيروس كورونا، وهو السبب الذي طالما ألقى كاتزنبرج باللوم عليه في ضعف الأداء طوال الأشهر الماضية، لا سيما مع بقاء الناس في المنزل وتوقف العديد من الأنشطة التي كان يفترض أن يشاهد المستخدم عروض المنصة أثناءها، مثل طوابير الانتظار في المتاجر وفترات الراحة في العمل.

أسرع قضمة

سعى كاتزنبرج خلال الأسابيع الماضية إلى بيع محتويات كويبي لشبكات أخرى، وأفادت التقارير بأنه تواصل مع عدد من مسؤولي آبل وفيسبوك وإن بي سي يونيفرسال، لكن يبدو أن محاولاته ذهبت سدى، على الأقل حتى هذه اللحظة. وربما يعود السبب في هذا الأمر إلى أن الشركة لا تمتلك فعلياً معظم المحتويات التي أنفقت ما يزيد عن 100 ألف دولار في الدقيقة الواحدة لإنتاجها، وإنما تمتلك -وفقاً للعقود- تراخيص عرض لمسلسلاتها القصيرة مدتها سبع سنوات، ويحق لمالكي المحتوى بعد عامين من البث الحصري تجميع العروض وتوزيعها في أي مكان آخر.

لن تقف تداعيات هذه الحياة القصيرة التي عاشتها كويبي عند خسارة الكثير من الأموال والوظائف فحسب؛ إذ يرى محللون أن قصة صعود كويبي وانهيارها السريع تدق ناقوس الخطر من تُخَمَة العرض الذي تشهده سوق صناعة البث الرقمي في السنوات الأخيرة.

ويرى بريان لوري، المحلل لدى شبكة سي إن إن بيزنس، إن كويبي قد تكون أولَ من فشل لكنها لن تكون أخر ضحايا حروب البث، موضحاً أن سرعة سقوطها ترجع إلى مجموعة فريدة من العوامل، لكن الأهم أن هذا المصير يمثل تحذيراً من تزايد الخدمات التي لا تتنافس فقط على وقت المشاهد وأمواله المحدودة، بل حتى على الاهتمام الإعلامي اللازم للنجاح.

المحتوى محمي