نجح باحثون من جامعة سيدني في تحليل مادة البولي بروبلين البلاستيكية التي يصعب إعادة تدويرها، بمساعدة نوعين شائعين من الفطريات البحرية.
البولي بروبلين وتأثيره على البيئة
البولي بروبلين هو بلاستيك شائع يستخدم لتغليف وتعبئة مجموعة متنوعة من المنتجات، كما تُصنع منه الألعاب وبعض قطع الأثاث، وبذلك يشكّل نحو 28% من نفايات البلاستيك في العالم، ولا يُعاد تدوير سوى 1% فقط من هذه النفايات، وذلك بسبب قصر عمرها كمواد تعبئة ولأنها غالباً ما تتلوث بمواد بلاستيكية أخرى، فتستلزم طرقاً جديدة لإعادة التدوير لها تأثير ضئيل على البيئة، لذلك فهو من أكثر المواد المسببة للتلوث بشكلٍ مفرط وفي جميع أنحاء العالم.
قالت الباحثة أميرة فرزانة سامات، وهي المؤلفة الرئيسية للدراسة من كلية الهندسة الكيميائية والبيولوجية الجزيئية بجامعة سيدني: "يعد التلوث البلاستيكي أحد أكبر مشكلات النفايات في عصرنا إلى حد بعيد، ولا تتم إعادة تدوير الغالبية العظمى منه بشكل كافٍ، أي أنه غالباً ما ينتهي به المطاف في محيطاتنا وأنهارنا وفي مكبات النفايات.
وتشير التقديرات إلى أن 109 ملايين طن من النفايات البلاستيكية قد تراكمت في أنهار العالم وهناك الآن 30 مليون طن في محيطات العالم، وتُقدّر المصادر أن هذا سيتجاوز قريباً الكتلة الإجمالية للأسماك.
اقرأ أيضاً: تطوير إنزيم يفكك البلاستيك خلال أسبوع بالاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
لماذا الفطريات؟
لهذه الأسباب بحث الفريق عن الظروف التي تحدث بشكلٍ طبيعي، ويمكن أن تؤدي إلى تحلل البلاستيك بسرعة، وعن دور العمليات البيولوجية التي تقوم بها الفطريات على وجه الخصوص، لأن الفطريات قادرة على تحطيم جميع المواد تقريباً بسبب إنتاجها للإنزيمات القوية، التي تفكك الركائز إلى جزيئات أبسط يمكن للخلايا الفطرية امتصاصها بعد ذلك. ولهذا السبب يمكن للفطريات النمو على أي شيء تقريباً.
بالإضافة إلى ذلك، اعتقد الباحثون أيضاً أن الفطريات البحرية تحلل البلاستيك وذلك لوجود دليل على أن كمية البلاستيك المتراكمة في المحيط أقل مما يمكن توقعه استناداً إلى مستويات الإنتاج والتخلص. وللتأكد من قدرة هذه الفطريات استخدموا نوعين شائعين منها، فطر أسبرغيلوس تيروس (Aspergillus terreus) وفطر إينيودونتيوم ألبوم (Engyodontium album) الموجودين في التربة والنباتات عادة.
اقرأ أيضاً: تكنولوجيا جديدة لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية وتحويلها إلى وقود
كيف تمت دراسة تأثير نوعي الفطريات على البولي بروبلين؟
أوضح الباحثون في الدراسة التي نُشرت في دورية ماتيريال ديغراديشن (Materials Degradation)، أنه تمت معالجة مادة البولي بروبلين بأشكالٍ مختلفة مبدئياً بإحدى الطرق الثلاث بشكلٍ منفصل: الضوء فوق البنفسجي والحرارة وكاشف فينتون، وهو محلول حمضي من بيروكسيد الهيدروجين والحديد الذي يُستخدم لأكسدة الملوثات.
في طبق بتري، تم تطبيق الفطريات بشكلٍ منفصل كمزارع منفردة لمعالجة مادة البولي بروبلين، ثم تم التأكد من صحة التدهور البيولوجي من خلال تقنيات الفحص المجهري، ووجد الباحثون أن الفطريات استطاعت تفكيك 21% منه خلال 30 يوماً، ونسبة 25-27% على مدى 90 يوماً.
منذ الانتهاء من الدراسة، عزل الفريق الكائنات الحية الدقيقة الأخرى من البيئة البحرية واستخدموا عملية مماثلة لتقليل النفايات البلاستيكية البحرية، خاصة في المناطق التي أظهرت تدهوراً بيئياً أعلى.
اقرأ أيضاً: مفاعل يعمل بالطاقة الشمسية يحوّل البلاستيك وغازات الاحتباس الحراري إلى وقود
كيف يمكن الاستفادة من هذه الدراسة بيئياً؟
لم يقيِّم البحث كيفية تحلل البلاستيك بالفطريات أو ما إذا كان قد تم استقلابه، لذا يأمل الباحثون في إجراء مزيد من الأبحاث لتحديد نوع العمليات الكيميائية الحيوية التي تحدث، وسيحاولون تعزيز الكفاءة العامة في تحطيم البولي بروبلين قبل البحث عن استثمار لتوسيع نطاق التكنولوجيا وتطوير نموذج أولي تجريبي صغير الحجم للتسويق.
يؤكد الباحثون ضرورة دعم تطوير تقنيات إعادة تدوير البلاستيك، وخاصة التقنيات التي تحركها عمليات بيولوجية، دون تغيير في الظروف الطبيعية لنتمكن من إنقاذ كوكبنا، ويأملون أن طريقتهم يمكن أن تقلل يوماً ما الكمية الهائلة من البلاستيك الملوث للبيئة وتؤدي إلى فهم أكبر لكيفية تحلل الملوثات البلاستيكية بشكلٍ طبيعي في ظل ظروف معينة.