دراسة حديثة تستكشف كيفية تحسين تقنيات اكتشاف الطائرات المُسيّرة وتتبعها

3 دقيقة
دراسة حديثة تستكشف كيفية تحسين تقنيات اكتشاف الطائرات المُسيّرة وتتبعها
حقوق الصورة: shutterstock.com/MMCRP

شهدت الطائرات المُسيّرة (الدرونز) خلال السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً في قدراتها، ما أسهم في انتشارها على نحو سريع في العديد من المجالات والقطاعات؛ بدءاً من الأبحاث العلمية والتوصيل السريع وصولاً إلى عمليات المراقبة والأمن. بيد أن انتشار هذه الأجسام المتحركة وتنوّع استخدامها وضع تقنيات المراقبة أمام تحدٍ كبيرٍ يتعلق بضرورة تطوير أساليب موثوقة لرصدها وتتبع حركتها بدقة، لا سيّما في ظل ظروف بيئية معقّدة ووجود أهداف مختلفة في الجو. لذلك، سعت دراسة حديثة شارك في إعدادها عميد كلية الهندسة والحوسبة في كلية ليوا في الإمارات العربية المتحدة، رائد ابو زعيتر، والمدعومة من مركز السوربون للذكاء الاصطناعي (SCAI) في جامعة السوربون أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى تقديم مراجعة شاملة للتقنيات المستخدمة في رصد الطائرات المُسيّرة والأجسام الطائرة غير المأهولة وتتبعها، مع تحليل مفصل لمزايا وقيود كل تقنية.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد الطائرات المُسيّرة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في العثور على المفقودين؟

تحديات أمام تتبع الطائرات المُسيّرة

ركزت الدراسة المعنونة "مراجعة مكثّفة لرصد الطائرات المسيرة وتتبعها: مرشح كالمان الخطي مقابل الانحدار غير الخطي" على إجراء تحليل نقدي ومقارنات حول تتبع الطائرات المُسيّرة استناداً إلى تقنيتين رئيسيتين هما: مرشح كالمان الخطي (Linear Kalman Filter - LKF) والانحدار غير الخطي متعدد الحدود (Nonlinear Polynomial Regression - NPR). تعكس النتائج التي توصل إليها الباحثون الحاجة إلى كلتا الطريقتين، اعتماداً على اختلاف ظروف الضوضاء عند إجراء عمليات الرصد والتتبع.

تتميز الطائرات المُسيّرة بصغر حجمها وقدرتها على المناورة في مساحات ضيقة وعلى ارتفاعات منخفضة، ما يجعلها هدفاً صعبَ التمييز في البيئات الفوضوية والمشوشة، خاصة مع احتمالية اختلاطها بأجسام طائرة أخرى مثل الطيور. وثمة تحديات أخرى، تتضمن التشويش سواء من البيئة المحيطة أو من أجهزة القياس المستخدمة (الرادارات والكاميرات)، والضوضاء التي تجعل القياسات غير دقيقة في الكثير من الأحيان، ما يزيد صعوبة تحليل الحركات والتنبؤ بها.

اقرأ أيضاً: كيف غيّرت الطائرات المسيرة قواعد خوض الحروب؟

أبرز تقنيات الرصد والتتبع

يقول الباحثون إن هناك مجموعة من تقنيات الكشف والتتبع تعتمد جميعها على أجهزة استشعار عالية الجودة مدمجة مع نماذج حركة وقياس مناسبة. استُخدِمت أدوات مثل الرادارات والكاميرات لجمع البيانات، وجرى تحليلها باستخدام خوارزميات مرشح كالمان والخوارزميات القائمة على الانحدار غير الخطي، كما تمت محاكاة النتائج باستخدام منصة (Stone Soup).

توضّح الدراسة أن مرشح كالمان الخطي، الذي يتطلّب نموذجاً للحركة ويستخدم 3 مصفوفات تباين (النموذج والعملية والقياسات)، يتميز بقدرته على التعامل مع الضوضاء في القياسات. لذلك، لا تزال التقنيات القائمة على مرشح كالمان من بين الأكثر استخداماً في التتبع.

في المقابل، يُستخدم الانحدار غير الخطي متعدد الحدود نموذج القياسات فقط لتحليل البيانات، ولا يتطلّب هذا الأسلوب نموذج حركة، بل يبني علاقة غير خطية بين المدخلات والمخرجات، ما يجعله فعّالاً في الحالات التي تكون فيها القياسات أكثر استقراراً وأقل ضوضاء. لكن الدراسة تشير إلى أن الإفراط في تعقيد النموذج الرياضي قد يقود في بعض الأحيان إلى نتائج غير واقعية، مثل ظهور مسارات غير منطقية للطائرات المسيرة عند تتبعها.

وإلى جانب التقنيات التقليدية، أشارت الدراسة إلى الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي والتعلّم العميق في مجال اكتشاف وتتبع الطائرات المُسيّرة. وقد أظهرت الشبكات العصبونية الالتفافية (CNN) والشبكات العصبونية غير الالتفافية (DNN) إمكانات واعدة في تحليل الصور والفيديوهات بدقة أكبر، والتعرّف إلى الطائرات المُسيّرة وتمييزها عن الأجسام الأخرى، حتى في ظروف إضاءة سيئة. لكن هذه الأساليب تحتاج إلى بيانات تدريب ضخمة ومتنوّعة، الأمر الذي يشكّل تحدياً بسبب ندرة قواعد البيانات المصممة للطائرات المُسيّرة.

اقرأ أيضاً:ما الذي قد تتمكن الطائرات المُسيّرة من فعله في السنوات القادمة؟

الخيار الأفضل: دمج الذكاء الاصطناعي مع مرشح كالمان

أظهر التحليل المقارن الذي أجراه الباحثون أن مرشح كالمان الخطي يقدّم أداءً أفضل في سياق السيناريوهات العملية عند توفر نموذج حركة معقول، لقدرته على التعامل مع الضوضاء وعدم اليقين. في المقابل، يمكن أن يكون الانحدار غير الخطي ملائماً عندما تصعب نمذجة الحركة، لكنه يتطلب معالجة دقيقة لمنع ظهور مسارات تتبع غير واقعية.

وخلصت الدراسة في نهايتها إلى أن البدء باستخدام مرشح كالمان الخطي يُعدّ اختياراً جيداً لتتبع الأهداف المتحركة بفضل موثوقيته واستقراره، خاصة في البيئات المعقدة ذات الضوضاء العالية. وأوضحت أنه يمكن مزج التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي أو دمجها داخل نماذج مرشح كالمان لتحسين الأداء وإضافة المزيد من القدرة على التكيُّف إلى عملية التتبع.

وأوصى الباحثون بضرورة العمل على تطوير قواعد بيانات أشمل تتضمن سيناريوهات متعددة للطائرات المُسيّرة، بما في ذلك الطيران الليلي أو في الظروف الجوية السيئة. وإدخال تحسينات على تقنيات الرادار وتقنيات المعالجة الرقمية للإشارات، فضلاً عن تطوير طرق جديدة للاستفادة من البيانات المتاحة بفاعلية. ومن المرجّح أن يسهم هذا التطور في تعزيز دقة وموثوقية أنظمة اكتشاف الطائرات المسيرة وتتبعها، وبالتالي دعم التطبيقات العملية المتنوعة لهذه التقنية الواعدة.

المحتوى محمي