هل يمكن استعادة عملات البيتكوين بعد موت صاحبها؟ كيف يمكن ذلك؟

في عام 2013، توفي شاب يدعى ماثيو مودي بحادث تحطم طائرة في ولاية كاليفورنيا الأميركية. كان والده مايكل مودي يعلم أن ابنه البالغ من العمر 26 عاماً يقوم بتعدين البيتكوين، لكن لم يكن لديه أي فكرة عن عدد العملات التي يملكها وكيفية الوصول إليها. ما يزال الأب حتى اليوم يبحث عن حل لمشكلته المعقدة المتمثلة في وراثة العملات المشفرة.

قال الأب، وهو مهندس كمبيوتر متقاعد، لوكالة بلومبرغ الأميركية: "كان ابني من أوائل الأشخاص الذين استثمروا في عملة البيتكوين، لقد استخدم حاسوبه الشخصي في المنزل من أجل تعدين البيتكوين".

لم يتمكن الأب من الوصول إلى محافظ البيتكوين التي أنشأها ابنه، فالطبيعة اللامركزية لهذه العملة المشفرة تجعل من المستحيل تحديد هذه المحافظ والوصول إليها بدون مفاتيح التشفير. ولا توجد أي سلطة يمكن استدعاؤها لحل هذه المشكلة، ما يعني أن العملات المخزنة فيها ستبقى فيها إلى الأبد ولن يتمكن أي أحد من الوصول إليها.

معضلة فقدان مفاتيح التشفير

يزداد مالكو البيتكوين ثراءً بسبب ارتفاع قيمة هذه العملة المشفرة. لكن ماذا يحدث عندما لا يمكن الوصول إلى هذه الثروة بسبب وفاة صاحبها أو لأنه نسي مفاتيح تشفير محفظته الرقمية؟

تم تصميم عملة البيتكوين لتكون لا مركزية، هذه الطبيعة وفرت مزايا لا تملكها أي عملة تقليدية أخرى يتم تداولها عن طريق البنوك، لكن هذه الطبيعة خلقت مشكلة كبيرة، فعدد كبير من الأشخاص محرومون من الوصول إلى عملات البيتكوين التي يملكونها أو التي كانت ملكاً لأقاربهم المتوفين، وذلك نتيجة فقدان مفاتيح تشفير المحافظ الرقمية.

لقد سمعنا في وسائل الإعلام الكثير من القصص عن وفاة أشخاص يملكون كميات كبيرة من عملات البيتكوين، بعض هؤلاء استثمروا في العملة منذ بدايتها وامتلكوا مئات أو حتى آلاف منها، وكانت قيمتها صغيرة آنذاك، لكنها الآن تساوي مئات ملايين الدولارات، على الرغم من ذلك، لا يستطيع أقاربهم الذين يملكون الحق في إرثهم الوصول لهذه الثروة الكبيرة، ما خلق معضلة يجب حلها.

ليس هناك أي شركة أو مؤسسة يمكن الرجوع إليها لاستعادة مفاتيح تشفير المحافظ الرقمية في حال موت صاحبها أو نسيانها. حتى إن مطور هذه العملة غير معروف، إنه شخصية غامضة تُعرف باسم ساتوشي ناكاموتو (Satoshi Nakamoto) ولا يُعرف عنها أي شيء.

بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، من بين 18.5 مليون بيتكوين مخزنة في محافظ رقمية، يبدو أن نحو 20 في المائة من هذه العملات، والتي تبلغ قيمتها حالياً مئات مليارات الدولارات مخزنة في محافظ لا يستطيع أحد الوصول إليها.

دعوات لحل المشكلة

إن التكنولوجيا التي بنيت عليها عملة البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة تهدف لجعل أي شخص في العالم قادر على إنشاء محفظة رقمية مجاناً والاحتفاظ بالعملات فيها أو إرسالها واستقبالها كيفما يشاء دون أي قيود من البنوك أو الحكومات.

لكن هذه التكنولوجيا لم تأخذ في الحسبان قدرة الأشخاص على تذكر كلمات المرور الخاصة بمحافظهم الرقمية. وحتى لو كان الشخص قادراً على حفظ وتذكر كلمات المرور جيداً، لم تأخذ التكنولوجيا بالحسبان موت هذا الشخص دون أن يخبر أحداً بكلمات المرور.

بعد العديد من حالات الوفاة وفقدان الكثير من عملات البيتكوين إلى الأبد، وسلسلة من الدعاوى القضائية، أدرك مستثمرو البيتكوين الصعوبات التي يمكن أن يواجهونها. لذلك، قام البعض بالاستعانة بالشركات التي تؤمن وتحفظ المفاتيح الخاصة بمحافظ العملات الرقمية.

حتى الآن، لا تزال مسألة استرداد عملات البيتكوين في حالة وفاة المالك معضلة لم تحل، ومع ذلك، فإن منصات العملات المشفرة الرئيسية لديها طرق للحل. على سبيل المثال، تحتفظ منصة "كوين بايز" (Coinbase) الأميركية بمفاتيح تشفير المحافظ الإلكترونية الخاصة بعملائها، ويمكن الوصول إلى العملات المخزنة في أي محفظة في حال وفاة صاحبها، لتصبح ملكاً لورثته، بشرط أن يثبت الورثة وفاة هذا الشخص وحقهم القانوني في وراثة ممتلكاته.

رفض الكثير من المنتقدين هذا الحل الذي قدمته منصات العملات المشفرة، وحجتهم في ذلك أن الهدف من تطوير العملات المشفرة هو تخليص أصحابها من سيطرة البنوك، وأن تخزين مفاتيح تشفير المحافظ الرقمية في المنصات سيجعل هذه المنصات بمثابة البنوك.

كيف تتجنب فقدان عملاتك المشفرة؟

هناك طريقتان يمكن من خلالهما تجنب فقدان العملات الرقمية في حال الوفاة أو نسيان مفاتيح التشفير، الطريقة الأولى هي الاحتفاظ بأكثر من نسخة واحدة من مفاتيح التشفير في عدة أماكن سرية، مع توضيح كيفية الوصول إلى هذه المفاتيح في حال حدوث أي طارئ، ليتمكن الآخرون من الوصول إلى العملات والاستفادة منها. الطريقة الثانية والتي تعتبر أكثر أماناً وموثوقية هي الاعتماد على منصة مثل "كوين بايز" تقوم بتخزين مفاتيح تشفير المحافظ الرقمية للعملاء، وفي حال نسيان المفاتيح أو فقدانها أو وفاة صاحبها، يمكن استعادتها من خلال إجراءات قانونية.