ما زال بوت الدردشة تشات جي بي تي (ChatGPT) مصدر الكثير من العناوين والأخبار عبر الإنترنت، حيث كشفت مايكروسوفت رسمياً عن استثمارها في شركة أوبن أيه آي (OpenAI) بمبلغ يصل إلى 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى ذلك لا يزال الكثير من المستخدمين يستكشفون طرقاً أكثر إبداعاً في الاستفادة من بوت الدردشة. ولكن مع حالات الاستخدام العديدة التي يمكن أن يوفرها، هل يمكنك الوثوق به في كتابة سيرتك الذاتية أو خطاب التعريف بغرض التقدم للوظائف؟ وهل يساعد بفرصك في الحصول على الوظيفة أو يضر بها؟
ما فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة السيرة الذاتية لغرض التوظيف؟
يمكن أن تكون عملية البحث عن وظيفة مرهقة للغاية، خاصة في سوق العمل المتغير باستمرار؛ حيث تتطور اتجاهات التوظيف وسط عمليات التسريح الجماعي والتخفيضات في القوى العاملة، إذ يجب عليك التحقق من مواقع العمل ولوحات الوظائف المتعددة، وتتبع جميع الوظائف ذات الصلة وذات الأهمية والتوصيفات الوظيفية المختلفة من الشركات المستهدفة.
كل هذا بالإضافة إلى تذكر الوظائف التي تقدمت لها بالفعل، والوظائف الجديدة التي تريد التقدم لها، والوظائف التي تتطلب المتابعة، بالإضافة إلى تحسين ملفك الشخصي على لينكدإن، ثم القيام بالخطوة الأهم وهي كتابة سيرة ذاتية متعددة لتلائم كل وظيفة تريد التقدم لها، بالإضافة إلى خطاب التعريف (Cover Letter) والذي يمكن أن يستغرق وقتاً وجهداً كبيرين.
اقرأ أيضاً: 10 استخدامات لبوت الدردشة تشات جي بي تي توفر عليك ساعات من العمل
وفيما يخص تحديث السيرة الذاتية وكتابة خطاب التعريف الشخصي لكل وظيفة على حدة، يمكن أن تكون حلول الذكاء الاصطناعي مثل بوت الدردشة تشات جي بي تي أدوات فعّالة للغاية في توفير الوقت والجهد. وبحسب تجربة لمحرر في موقع بيزنس إنسايدر (Business insider)، فإن بوت تشات جي بي تي كان فعّالاً بشكلٍ معقول في كتابة السير الذاتية وخطابات التعريف بغرض التوظيف.
حيث قام المحرر بتزويد البوت بأوصاف وظيفية حقيقية لوظيفة مساعد تحرير وسائل تواصل اجتماعي ووظيفة في مجال المحاسبة، بالإضافة إلى بعض الجمل المتعلقة بالوظيفتين، ثم أرسل السير الذاتية وخطاب التعريف لمتخصصين في مجال الموارد البشرية ومدراء توظيف في بعض أشهر شركات التوظيف لأخذ آرائهم.
وقد جاءت ردودهم مليئة بالتفاؤل مع بعض الملاحظات غير المؤثرة، حيث أجمعوا على أن النتيجة جيدة على الأرجح بما يكفي للحصول على مقابلة أولية، حيث ذكر أحد خبراء التوظيف أنه من المحتمل أن السيرة الذاتية وخطاب التعريف تم كتابتهما بواسطة مرشح حقيقي للوظيفة وقد يتطلب الأمر إجراء مكالمة هاتفية معه لمزيد من المعلومات، حيث أوضح أن هيكل الرسالة جيد لكنه يفتقر إلى بعض التفاصيل حول الشركة التي يتقدم لها.
كما سار خبير توظيف آخر على المسار نفسه للتأكيد أن النتائج جيدة، لكن البعض الآخر وعلى الرغم من أن النتيجة النهائية بدت لهم جيدة، فإنهم انتقدوا اللهجة الرسمية والجافة التي كتب بها بوت تشات جي بي تي خطاب التعريف، حيث لاحظوا أن الخطاب يفتقر إلى اللمسة الشخصية بحيث يتم التعرف على الخبرات البشرية للمرشح، والأدلة القصصية لدعم مهاراته والشغف بالوظيفة التي يريد شغلها.
اقرأ أيضاً: هل يمكن لشركة توظيف تستخدم الذكاء الاصطناعي أن تتنبأ بتنقُّلاتك الوظيفية؟
استخدام تشات جي بي تي كعامل مساعد وليس كوسيلة
في الوقت الحالي تستخدم العديد من الشركات الكبيرة أنظمة تتبع المتقدمين للوظائف (ATS) المدعومة بالذكاء الاصطناعي لفحص السير الذاتية بحثاً عن الكلمات الرئيسية وفرزها، قبل أن يتولى مسؤول التوظيف أو مدير الموارد البشرية مهمة فحص السير الذاتية ومطابقتها بالوظيفة المراد شغلها بالفعل، لهذا السبب فإن الاعتماد بشكلٍ كبير على السير الذاتية التي ينشئها بوت تشات جي بي تي قد يكون غير ذي جدوى وقد يُرفض بسببها المرشح بواسطة أدوات فحص التوظيف من الوهلة الأولى.
تعمل العديد من الشركات على إدخال نماذج الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف لمعرفة وفرز السير الذاتية التي تتم كتابتها من قِبل متقدم الوظيفة نفسه. على سبيل المثال لدى شركة تحسين السير الذاتية جوبسكان (Jobscan) نظام تنبؤ مدعوم بالذكاء الاصطناعي لفحص السير الذاتية التي يتم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي والمكتوبة من قِبل المرشحين.
كما يعتقد نائب الرئيس في شركة تقديم خدمات التوظيف المدعومة بالذكاء الاصطناعي فينوم (Phenom) كليف جوركيفيتش (Cliff Jurkiewicz)، أنه إذا استخدم الباحثون عن عمل الذكاء الاصطناعي فإن مديري التوظيف قادرون على فعل الشيء نفسه، وتتفق معه مديرة الموارد البشرية في شركة التدريب المهني تاسك هيومان (TaskHuman) كريستين ريجلي (Kristen Wrigley) التي تذكر أن المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون عاماً.
وتضيف: "قد توفر خطابات التعريف والسير الذاتية المنشأة بواسطة بوت الدردشة تشات جي بي تي الوقت، ولكنها قد لا تساعد المتقدم في التميز، خاصة إذا كان المرشحون الآخرون المنافسون يستخدمون الأداة نفسها في كتابة سيرهم الذاتية وخطابات التعريف".
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يجعل تجربة الموظف أفضل من أي وقت مضى
اللمسة البشرية مطلوبة من أجل التنافس
وفقاً للعديد من خبراء الموارد البشرية والتوظيف فإن استخدام بوت الدردشة لكتابة السير الذاتية أو خطاب التعريف أمر محفوف بالمخاطر وقد يضر بفرص المرشح في التنافس على الوظيفة، والسبب هو غياب اللمسة الإنسانية؛ حيث إن العديد من مديري التوظيف لديهم الخبرة الكافية في تمييز الخطابات والسير الذاتية التي يبذل فيها المرشح جهداً من السير الذاتية التي يتم إنشاؤها بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي، فالمرشح فقط هو من يعلم تاريخ عمله الحقيقي.
اقرأ أيضاً: بوت تشات جي بي تي مبدع وسهل الاستخدام لكن مخاطره كثيرة
وبصورة عامة يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في إنشاء سيرة ذاتية قد تكون مثالية، ولكنه في الوقت نفسه لن يكون بديلاً عن العمل اليدوي، حيث إن بوت الدردشة تشات جي بي تي وحلول الذكاء الاصطناعي الأخرى ليست دقيقة 100%، فكل ما تقوم به هو إنشاء أفضل سيرة ذاتية أو خطاب تعريف بناءً على المعلومات التي تقدمها لها، لكن الأمر متروك للباحث عن العمل لتوفير المدخلات المناسبة وضبط المخرجات وفقاً لذلك.
بالإضافة إلى ذلك، يرى خبراء التوظيف أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إنشاء السير الذاتية قد يكون فكرة سيئة للوظائف التي تنطوي على مهارات خاصة، مثل الوظائف الهندسية، بينما يمكن أن يكون مناسباً للوظائف التي لا تتطلب خبرة كبيرة، حيث يرون أنه كلما انخفض تعقيد متطلبات الوظيفة، كان من الأسهل على نماذج الذكاء الاصطناعي إنشاء المحتوى اللازم له بكفاءة..