لاحظ البشر منذ آلاف السنين قوة الرياح، واستفادوا منها في عدة مجالات، وما زلنا حتى يومنا هذا نستفيد من مقدار الطاقة الكبير الذي تحمله الرياح العاتية، إذ بات من الشائع جداً رؤية التوربينات الصغيرة وذات الأحجام الهائلة، سواءً على البر أو في البحر، وذلك بهدف توليد الطاقة الكهربائية بطريقة صديقة للبيئة.
ما هي طاقة الرياح وكيف تتشكل؟
تعد طاقة الرياح من أشكال الطاقة الشمسية، وتنتج عن تسخن الشمس للجو بشكل غير متساوٍ، بالإضافة إلى اختلافات التضاريس على سطح الأرض ودوران الأرض أيضاً. تُصنّف طاقة الرياح من مصادر الطاقة المتجددة، وتتمتع بعدة مزايا:
- تقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.
- لها تأثير بيئي منخفض.
- يمكن تفكيكها وإعادة استخدامها في أماكن مختلفة.
- يمكن توليدها على أي بقعة في العالم.
- تساهم في التنمية المستدامة.
- أسعارها معقولة.
اقرأ أيضاً: الطاقة المتجددة مورد المستقبل: مزايا واسعة وعقبات في الطريق
استخدامات طاقة الرياح في مختلف القطاعات
تختلف أنماط تدفق الرياح وسرعتها على سطح الأرض، ويتم تعديلها بواسطة المسطحات المائية والنباتات والاختلافات في التضاريس. يستخدم البشر تدفق الرياح هذا من القِدم لأغراض عديدة منها:
النقل
استفاد البشر منذ آلاف السنين من طاقة الرياح للإبحار عبر الأنهار والبحار والمحيطات. وحتى اليوم ما زال هناك الكثير من السفن الصغيرة والكبيرة التي تُبحر تحت تأثير قوة الرياح. وتعتمد أيضاً بعض سفن الصيد وبواخر الشحن على قوة الرياح في الظروف المناسبة لتقليل استهلاك الوقود الأحفوري وتقليل انبعاثات الكربون.
الرياضة
تعتمد بعض الرياضات الممتعة والأنشطة على طاقة الرياح، وأشهرها ركوب الأمواج التي يستخدم فيها لوح تزلج مزود بشراع. وتعتمد رياضة الإبحار التقليدية أيضاً على الرياح، كما أُوجدت نسخة برية من هذه الرياضة يتنافس فيها اللاعبون على الأرض بمركبة صغيرة ذات عجلات وشراع.
من الرياضات التي تعتمد على الرياح أيضاً رياضة تُسمى "ركوب الأمواج بالطائرة الورقية"، وهي عبارة عن ركوب الأمواج شراعياً، ويحمل فيها اللاعب طائرة ورقية يحاول أن يوصلها إلى ارتفاع عالٍ. وبالمثل، توجد نسخة برية من هذه الرياضة يكون لوح التزلج فيها مزوداً بعجلات.
إنتاج الغذاء
طواحين الهواء من الاستخدامات التقليدية لطاقة الرياح، فقد كانت تستخدم لطحن جميع أنواع الحبوب لصنع وصفات غذائية مختلفة منها. من الشائع أن نجد الآن طواحين هواء، لكنها لم تعد بتلك الكفاءة المناسبة والكافية لطحن الحبوب بمقدار يتناسب مع تعداد البشر الآن، وأصبح الاعتماد الأكبر على المصانع.
اقرأ أيضاً: الطاقة المتجددة مورد المستقبل: مزايا واسعة وعقبات في الطريق
ضخ المياه
يمكن استخراج المياه من الأرض باستخدام مضخات الرياح، وهي توربينات قادرة على ضخ ما يصل إلى 600 لتر في الساعة، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات مزرعة صغيرة.
توليد الطاقة الكهربائية
يعد توليد الكهرباء أحد أكثر استخدامات طاقة الرياح شيوعاً في وقتنا هذا. يتطلب توليد الطاقة الكهربائية بواسطة الرياح وجود توربينات الرياح والتي تعمل ببساطة بعكس آلية عمل المروحة الكهربائية. تحصل المروحة الكهربائية على الطاقة الكهربائية لتدوير الشفرات. أمّا التوربينات تدور شفراتها بفعل الرياح، ما يؤدي إلى تدوير محرك فيها يعمل على توليد الطاقة الكهربائية.
تحتوي التوربينات على ريشة تشير إلى اتجاه الرياح وتوجهها تلقائياً للاستفادة الكاملة من الطاقة، كما أن التوربينات عبارة عن علبة تروس تزيد من سرعة دوران العمود إلى آلاف الدورات في الدقيقة. تنتقل الطاقة الحركية الناتجة إلى المولد الذي يحولها من خلال المجالات المغناطيسية إلى طاقة كهربائية، ثم تُرسل الكهرباء إلى محول في القاعدة يحولها إلى تيار متناوب، والذي يُرسل بعد ذلك إلى محطة فرعية معززة. من محطة التعزيز الفرعية، تُنقَل الطاقة إلى الشبكة للاستهلاك.
اقرأ أيضاً: بدأت أكبر توربينات الرياح في العالم تولِّد الكهرباء في إنجلترا
بُني أول توربين رياح في العالم عام 1887 على يد الأكاديمي الاسكتلندي جيمس بليث لتوفير الكهرباء لإضاءة المنزل الذي يقضي فيه أيام العطلة. ومنذ ذلك الحين، انتشرت هذه التقنية وأصبحت لدينا مزارع رياح شاسعة، بعضها بريّة والأخرى بحريّة يستفاد فيها من الرياح العاتية التي لا تتوقف في المحيطات. تزود التوربينات المنازل والمنشآت بالطاقة حسب حجمها ونوعها، إذ يوجد منها نوعان أساسيان:
- توربينات المحور الأفقي: وهي التوربينات المعروفة لدى الجميع، لها 3 شفرات وتعمل عكس اتجاه الريح.
- توربينات المحور الرأسي: وهي توربينات متعددة الاتجاهات، لا تحتاج إلى تغيير اتجاهها بعكس اتجاه الريح، وتتثبت شفراتها على قمة العمود.
اقرأ أيضاً: هل حان الوقت فعلاً لإعادة توجيه دعم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كما يقول بيل جيتس؟
استخدامات توربينات الرياح لتوليد الكهرباء
يوجد العديد من الأشكال والأحجام لتوربينات الرياح، وتختلف حسب مكان تركيبها والغاية منها، فيولد كلٌّ منها مقداراً مختلفاً من الطاقة، لذلك يجب دراسة الموقع والغرض من التوربينات قبل تركيبها. وفيما يلي استخدامات توربينات الرياح المختلفة مع مقدار الطاقة الذي تنتجه.
الاستخدام المنزلي (<10 كيلو واط)
تنتج التوربينات السكنية الصغيرة مقدار الطاقة الكافي للاستهلاك المنزلي. لهذه التوربينات حوامل قصيرة نسبياً، لذلك يجب تقييم موقع المنزل لتحديد المكان المناسب لتركيبها ولتعمل على النحو المطلوب. وتعتبر اقتصادية أيضاً.
الاستخدام في المنشآت الصغيرة (10-50 كيلو واط)
تنتج هذه الفئة من توربينات الرياح طاقة أكثر مما يستهلكه المنزل العادي ولكنها مناسبة للشركات الصغيرة والورشات والمزارع، وبعض المرافق مثل المدارس ومباني المكاتب.
هذا النوع من التوربينات أعقد ميكانيكاً من سابقه ليتمكن من زيادة الكفاءة في إنتاج الطاقة، وبالتالي يحتاج إلى صيانة دورية أكثر أيضاً. تتطلب تقييماً للموقع قبل تركيبها، وتعتبر اقتصادية نوعاً ما.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن استخدام إنترنت الأشياء لتحسين إنتاج الطاقة الشمسية ومردود توربينات الرياح؟
الاستخدام التجاري (50-250 كيلوواط)
تنتج هذه التوربينات كميات تجارية من الطاقة تغذّي مرافق كبيرة مثل الجامعات والتجمعات السكنية الصغيرة. تُثبت على أبراج طويلة جداً، وتتطلب أكثر من مجرد دراسة للموقع، إذ تتطلب نمذجة مشروع من ذوي الخبرة والتفصيل باستخدام بيانات موارد الرياح في الموقع، وتحتاج تصاريح خاصة وتنسيقاً مع بلدية المنطقة، خاصة وأن تكلفتها مرتفعة تتطلب رأسمالاً كبيراً.
استخدامات صناعية كبيرة (500 كيلوواط - 1.5 ميغا واط)
تناسب التوربينات هذه المناطق السكنية الكبيرة والأحمال الصناعية الكبيرة جداً، ويمكن أن تشكل أساساً لمزارع الرياح الصغيرة. يتجاوز طولها 60 متراً، وتتطلب دراسات الجدوى وتقييم الموارد في الموقع.
توربينات عالية الكفاءة (1.5-7.5 ميغا واط)
يتم تركيب هذه التوربينات لتوليد الطاقة الكهربائية وبيعها، فهي عالية الكفاءة وحديثة وتعمل بمعدلات عالية واستثنائية وتولّد كهرباء بتكلفة تنافسية على مستويات محطة الطاقة. تحتوي هذه التوربينات الكبيرة على دوارات يبلغ قطرها أكثر من 75 متراً، ويتم تثبيتها على أبراج عالية تتطلب إخطاراً بوجود عوائق طيران وإضاءة. يتطلب تركيبها تنسيقاً بيئياً وعمومياً على أعلى المستويات، بالإضافة إلى تقييم صارم للموارد ودراسة قانونية ومالية.
اقرأ أيضاً: بدأت أكبر توربينات الرياح في العالم تولِّد الكهرباء في إنجلترا
كانت هذه الاستخدامات المختلفة لطاقة الرياح في مختلف المجالات على مرّ الزمان، منذ أن اكتشف الإنسان أن الرياح العاتية تحمل مقداراً كبيراً من الطاقة حتى يومنا هذا.