أدت التكنولوجيا دوراً كبيراً في تغيير كل شيء، وهناك مساعٍ لدمج العديد من التقنيات المتطورة في المنافسات الرياضية. على سبيل المثال، ستيم الاعتماد على مجموعة من الكاميرات عالية الدقة في بطولة كأس العالم المقامة بقطر 2022 للكشف عن حالات التسلل التي لا يدركها الحكام على أرض الملعب.
من المؤكد أن استخدام مثل هذه التقنيات سيكون له تأثير إيجابي، لكن إلى أي حد سيستمر ذلك؟ وهل سنتخلى يوماً ما عن الحكام ونستبدلهم بأنظمة ذكاء اصطناعي تراقب تحركات اللاعبين؟
الحكام عنصر أساسي في كل منافسة رياضية؟
جميع الرياضات دون استثناء لها قواعد يجب على جميع الرياضيين أن يلتزموا بها، تشمل هذه القواعد أيضاً طرقاً لمعاقبة أو استبعاد الرياضيين الذين يخالفونها.
نحن نتوقع من كل الرياضيين أن يلعبوا بانضباط، لكن من الشائع أن تحدث مخالفات لقواعد اللعب بشكل متعمد أو غير متعمد. لهذا السبب، لا يمكن إقامة أي منافسة رياضية والاعتراف بنتائجها إلا تحت إشراف حكم أو مجموعة حكام يملكون خبرة ومعرفة جيدة بقواعد الرياضة، ويعملون على تطبيقها في أرض الملعب.
أخطاء الحكام شائعة
يصنف الحكام الذين يشرفون على المنافسات الرياضية إلى عدة أنواع؛ منهم الحكام الهواة والحكام المعتمدون من قبل المنظمات الرياضية، وبغض النظر عن التصنيف والخبرة، فإن هناك حقيقة نعرفها جميعاً، وهي أن جميع الحكام يمكن أن يرتكبوا أخطاء.
تقسم أخطاء الحكام إلى عدة أنواع هي:
- أخطاء ناجمة عن عدم انتباه الحكم، هذا النوع من الأخطاء أكثر شيوعاً في المنافسات الجماعية التي يشارك فيها عدد كبير من الرياضيين، بحيث لا يستطيع الحكم مراقبة تحركات كل لاعب.
- أخطاء ناجمة عن تحيز الحكم، في هذه الحالة، ينحاز الحكم إلى أحد الرياضيين أو الفرق الرياضية ويتغاضى عن المخالفات التي تحصل، أو يحاول تطبيق القواعد بشكل صارم على الخصم.
- أخطاء ناجمة عن عدم خبرة الحكم، تحدث هذه الأخطاء في حالات نادرة، لأن القائمين على المنافسات الرياضية يختارون أفضل الحكام.
يمكن أن يكون الخطأ الذي يرتكبه الحكم كارثياً ويؤثر على المنافسة. على سبيل المثال، قد يؤدي احتساب ضربة جزاء غير مستحقة إلى تغيير نتيجة المباراة.
تم توثيق العديد من أخطاء التحكيم التي لم تغير مسار مباراة واحدة فقط، بل مسار منافسات رياضية كاملة، مثل الهدف الذي سجله النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا بيده في شباك إنجلترا بكأس العالم عام 1986.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يدخل ملاعب كرة القدم ويرسم مستقبل هذه الرياضة
أخطاء الحكام قد تؤدي لأعمال عنف
لا تؤدي الأخطاء التي يرتكبها الحكام في المنافسات الرياضية إلى تغيير نتيجة المباراة أو المنافسة فقط، بل يمكن أن تؤدي لفقدان الثقة بالمنافسة، أو إلى أحداث عنف يقوم بها المشجعون.
يمكن أن تكون أعمال العنف في الملاعب خطيرة، وقد تتطور وتسبب مقتل أو جرح الكثيرين. ففي 24 مايو 1964، قام حكم مباراة كرة قدم بين فريقي البيرو والأرجنتين بإلغاء هدف البيرو قبل دقائق من نهاية المباراة، تسبب ذلك في أعمال شغب قُتل على إثرها أكثر من 300 مشجع وأصيب نحو 500.
اقرأ أيضاً: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي اختيار أفضل تشكيلة فريق كرة قدم؟
التكنولوجيا المساعدة للحكام
حالياً، يتم استخدام العديد من التقنيات والأدوات التي تساعد الحكام، مثل تقنية حكم الفيديو (VAR) وتقنية التسلل شبه الآلية.
قد يجعلنا التطور الكبير الذي يشهده الذكاء الاصطناعي قادرين في المستقبل على الاستغناء عن الحكام واستبدالهم بأنظمة الذكاء الاصطناعي. قد يظن البعض أن هذا الأمر سيجعل القرارات التحكيمية صحيحة تماماً، لكن الحقيقة ليست كذلك. حيث سيؤدي الاعتماد فقط على أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى مشكلات أخرى، مثل تحيز الذكاء الاصطناعي، فقد تبين أن معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي متحيزة تجاه مجموعات معينة من البشر، مثل الأشخاص ذوي البشرة البيضاء.
اقرأ أيضاً: التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي: كيف يمكن للآلة أن تكون متحيزة؟
بالإضافة إلى ذلك، من الشائع أن يتغاضى الحكم عن بعض المخالفات إذا كانت غير مقصودة، مثل لمس كرة القدم باليد دون قصد، لكن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع التغاضي عن هذه المخالفات، وتكون قراراته صارمة للغاية.
لذلك، من غير المتوقع أن تحل أنظمة الذكاء الاصطناعي محل الحكام في المنافسات الرياضية حتى لو كانت متطورة وقادرة على ذلك، لكن من المؤكد أن التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي سيتم استخدامها بشكل أكبر لمساعدة الحكام على اتخاذ قرارات صحيحة.