يتعرّض بعض الناس للوفاة بسبب إصابتهم بفيروس كورونا، بينما لا تظهر على مصابين آخرين أي أعراض. لكن العلماء ما زالوا يجهلون السبب.
تخطط الآن شركة توينتي ثري آند مي، المتخصصة بتقديم خدمات جينية للمستهلكين، لإجراء اختبارات جينية مجانية لعشرة آلاف شخص تم علاجهم في المستشفى بسبب المرض، على أمل الكشف عن عوامل جينية قد تشير إلى جواب.
وفي حين يُعتبر من المعروف أن كبار السن، والذين يعانون من أمراض أخرى مثل مرض السكري، هم الأكثر عرضة للخطر، إلا أنه قد تكون هناك أسباب جينية تكمن وراء وفاة بعض الشباب الذين كانوا يتمتعون بصحة جيدة سابقاً.
تدير شركة توينتي ثري آند مي قاعدة بيانات جينية كبيرة تضم أكثر من 8 ملايين مستهلك، وافق الكثير منهم على السماح باستخدام بياناتهم في الأبحاث. وقد استخدمت الشركة في السابق بيانات المستهلكين في عمليات البحث عن الجذور الجينية للأرق والمثلية الجنسية وغيرها من السمات الأخرى.
وفي شهر أبريل، قامت الشركة التي يتواجد مقرها في مدينة سانيفيل بولاية كاليفورنيا، بإرسال استبيانات عن فيروس كورونا إلى مجموعة كبيرة من أعضائها. ويقول أحد المتحدثين باسم الشركة إن نحو 400 ألف شخص قاموا بالتسجيل حتى الآن، من بينهم 6 آلاف قالوا إن لديهم حالات مؤكدة للإصابة بالمرض.
وستدعم عملية البحث الجينية التي تقوم بها الشركة جهود الباحثين الجامعيين للحصول على الخصائص الجينية لحالات فيروس كورونا وربطها بسجلات طبية مفصلة، كما يقول أندريا غانا، المنسق لمبادرة كوفيد-19 هوست جينيتيك. ويقوم هذا التحالف الدولي بمشاركة البيانات الجينية المتعلقة بحالات فيروس كورونا من إيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وينشر النتائج بانتظام لعامة الناس.
ويأمل العلماء أن يعثروا على جين يكون له تأثير كبير على مدى تضرّر الناس من الإصابة بفيروس كورونا، أو أن يحدد ذلك على الأقل. هناك أمثلة معروفة عن مثل هذه التأثيرات الجينية على أمراض أخرى؛ فعلى سبيل المثال، تمنح جينات الخلايا المنجلية مقاومة للإصابة بالملاريا، ومن المعروف كذلك أن أنواعاً أخرى من الجينات تحمي الأشخاص من الإصابة بفيروس مرض الإيدز أو النوروفيروس الذي يصيب الأمعاء.
ولكن وفقاً لغانا، فإن البحث الأولي في جينات 900 حالة إصابة بفيروس كورونا لم تُسفر عن أي دلالات جينية مهمة. ويقوم التحالف الذي ينتمي إليه الآن بالتجهيز لتحليل ضعف ذلك العدد من الحالات، مما قد يحسن من احتمال الكشف عن ارتباط.
ويقول: "إذا لم نجد إشارة كبيرة فعلاً خلال الشهر المقبل أو نحو ذلك، فأعتقد أن الجينات لن تكون ذات قيمة كبيرة في تدبير المرض، مثل تحديد الأشخاص الذين يجب علاجهم. الأمر الذي لا يزال مهماً جداً هو البيولوجيا، وفهم البيولوجيا من خلال الجينات، ومن ثم عن طريق اللقاح".
في الاستبيان الأول لشركة توينتي ثري آند مي، قامت بسؤال العملاء عما إذا تم تشخيص إصابتهم بفيروس كورونا أم لا. ومع ذلك، تحاول الشركة الآن الوصول إلى المرضى الذين تم علاجهم في المستشفى وتماثلوا للشفاء، لأن جيناتهم أكثر احتمالاً لأن تحتوي على معلومات مهمة.
وكان الباحثون قد توقعوا بأن زمرة الدم يمكن أن تؤثر على نمط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (ACE-2) عند الشخص، وهو البروتين الذي يستخدمه فيروس كورونا للارتباط بالخلايا البشرية والوصول إليها. لكن النتائج الأولية لم يتم إثباتها بعد من خلال عمليات البحث الجينية الأكبر.
يعدّ البحث الجيني جزءاً من الجهود العلمية للانتقال إلى طرق أكثر تركيزاً لتدبير الوباء، وهو ما يُطلِق عليه البعض مصطلح "علم الأوبئة الدقيق". وبالإضافة إلى شركة توينتي ثري آند مي، قالت شركة أنسيستري المتخصصة باختبارات الحمض النووي، إنها تلقت 250 ألف رد في مشروعها الخاص بفيروس كورونا.