تطبيق هوغ بول: إليك القصة الكاملة لأضخم عملية احتيال إلكتروني في مصر

5 دقائق
تطبيق هوغ بول: إليك القصة الكاملة لأضخم عملية احتيال إلكتروني في مصر
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Merydolla

في بداية شهر مارس/ آذار الحالي اكتشف العشرات من المصريين عملاء شركة الاستثمار التي تعمل في مجال تعدين العملات المشفرة هوغ بول (Hoog Pool)، أنهم كانوا ضحايا لعملية احتيال تم الإعداد لها بمهارة ودقة بالغين، حيث تمكنت المنصة من الحصول على مليارات الجنيهات من العملاء بداعي استثمارها، ولكنها اختفت فجأة، ما دعا العملاء إلى فتح بلاغات جنائية ضدها جعلت السلطات تتحرك للقبض على مؤسسي هذه المنصة.

فكيف تمكنت المنصة من إغراء العملاء بالاستثمار في أعمالها؟ وما العوامل التي ساعدت على جذبها لهذا العدد الكبير من العملاء في فترة قصيرة للغاية؟ وكيف يمكنك تجنب الوقوع ضحية لمثل هذه المنصات؟ وما التدابير الوقائية التي يجب عليك اتخاذها؟

هوغ بول: القصة الكاملة لأضخم عملية احتيال في مصر

ظهرت شركة هوغ بول في السوق المصري عام 2019 باسم هوغ كوميونتي تك (Hog Community Tech)، مسجلة لدى السلطات بشكل رسمي كشركة تعمل على تطوير مواقع الويب وإدارتها، ولكنها لاحقاً عام 2022 قامت بتغيير نشاطها من خلال إطلاق تطبيق هوغ بول (Hoog Pool) الذي يعمل على تأجير معدات تعدين العملات المشفرة السحابية.

قامت الشركة بحملة إعلامية ضخمة عبر منصات التواصل الاجتماعي لجذب المستثمرين الذين يمكنهم استئجار آلات التعدين عبر الإنترنت بواسطة تطبيق الشركة، مع وعد بتحقيق عوائد ضخمة خلال 5 أيام فقط تصل إلى 4 أضعاف مقابل كل استثمار في إحدى الباقات التي تبدأ من 10 دولارات وتصل إلى 80 دولاراً.

حيث أغرى العاملون على الشركة الضحايا بإمكانية تحقيق عوائد مادية ضخمة خلال فترة قصيرة من الزمن (يومية وأسبوعية وشهرية) باستثمار مبالغ مالية قليلة، أي إذا قام الضحية بالاستثمار في باقة 80 دولاراً يمكنه تحقيق مكسب يومي يصل إلى 4 دولارات وهو ما يصل إلى 400 دولار خلال 100 يوم فقط.

علاوة على ذلك، ومن أجل استقطاب أكبر عدد من الضحايا، قامت الشركة باتباع نهج التسويق الهرمي (Hierarchical Marketing)، من خلال تقديم إغراءات للعملاء الحاليين لاستقطاب عملاء جدد مع الوعد بتحقيق أرباح إضافية عبر كل عميل جديد يُسجل عبرهم، وهو ما أسهم في جذب عشرات الآلاف من الضحايا الذين منحوا أموالاً للشركة وصلت بحسب صحف مصرية إلى 6 مليارات جنيه مصري.

اقرأ أيضاً: 5 طرق يستخدمها القراصنة لسرقة بطاقات الائتمان

اختفاء مفاجئ بعد الحصول على مليارات الجنيهات

في الأسبوع الأول من شهر مارس الحالي، تفاجأ عملاء منصة هوغ بول باختفائها من على الويب، حيث تم إغلاق الموقع الإلكتروني وحسابات منصات التواصل الاجتماعي ما تركهم في حيرة من أمرهم، بناء عليه تقدم العديد منهم ببلاغات جنائية لدى السلطات التي تحركت وتمكنت من القبض على الأشخاص الذين يقفون وراء التطبيق.

حيث ذكرت أنها تمكنت من توقيف نحو 29 شخصاً، واسترداد مبالغ مالية بلغت قيمتها 600 ألف جنيه مصري، وبحسب بيان للسلطات المصرية، فإن القائمين على تطبيق هوغ بول قاموا بتوزيع الأموال المستولى عليها من المواطنين على العديد من المحافظ الإلكترونية الأخرى، وتحويلها للخارج من خلال برامج عبر شبكة الإنترنت لشراء عملات رقمية مشفرة.

يذكر أن المنصة استطاعت جمع أموال ضخمة من المستثمرين وصرف تعويضات جيدة في البداية، إلا أن الشكوك حولها بدأت في شهر فبراير/ شباط مع إعلان المنصة طرح صناديق استثمارية بعائد 8 أضعاف المبلغ المودع خلال أيام قليلة، حيث أعلنت عن عرض بإيداع مبلغ 5 آلاف جنيه مصري بموجبه يحصل المستثمر على عائد يصل إلى 40 ألف جنيه خلال 5 أيام فقط، مع اشتراط إيداع أموال من خارج المحافظ المستثمرة بالمنصة كشرط للاستثمار بالصندوق.

اقرأ أيضاً: كيف تسهم هجمات الأمن السيبرانية في عدم الاستقرار الاقتصادي؟

ثم قام القائمون على تطبيق هوغ بول بإغلاقه في اليوم التالي بعد جمع مبالغ ضخمة من المستثمرين، وهو ما دفع الضحايا الذين يصل عددهم إلى أكثر من 800 ألف شخص في العديد من مدن مصر إلى تقديم بلاغات إلى السلطات الرسمية، التي تمكنت من القبض على العديد من العاملين في الشركة، حيث كشفت السلطات أن القائمين على تطبيق هوغ بول كانوا يعتزمون بعد إغلاقه، إطلاق تطبيق آخر تحت مسمى ريوت (RIOT) لاستخدامه في الغرض نفسه.

كيف تمكن تطبيق هوغ بول من جذب آلاف الضحايا بسهولة؟

بصورة أساسية ركّز مطورو التطبيق على استهداف الشرائح الضعيفة ومتوسطة الدخل في المجتمع المصري. ولكن نسبةً لانتشار استخدام الهاتف الذكي في المجتمع المصري، تمكّن المحتالون من استهداف حتى أولئك الذين لديهم وعي كبير، حيث ضمت قائمة الضحايا مختلف الشرائح من المهندسين والموظفين مروراً بخريجي الجامعات وطلبة الثانوية وانتهاءً بالشرائح ذات الدخل المحدود.

علاوة على ذلك، اعتمد القائمون على التطبيق على إغراء المسجلين لديهم بمزيدٍ من الأرباح في حالة استقطاب المزيد من العملاء للتسجيل عبرهم، وهذه الطريقة بالذات أسهمت بشكلٍ كبير في دخول الكثير من الضحايا لدائرة الاحتيال، سواء بالتسجيل مباشرة أو تسليم أموالهم لاستثمارها نيابة عنهم، اعتماداً على الثقة التي شعروا بها حول المنصة من أصدقائهم وأفراد عائلاتهم.

اقرأ أيضاً: ما هي أشهر طرق الاحتيال المرتبطة بعملة البيتكوين المشفرة؟ وكيف تتجنبها؟

بالإضافة إلى ذلك، أسهم تسجيل الشركة رسمياً لدى السلطات كشركة لتطوير مواقع الويب وعدم ذكر العملات المشفرة ضمن نشاط الشركة في عدم لفت الأنظار إليها، ولاحقاً عندما قامت بتغيير نشاطها إلى مجال تعدين العملات الرقمية والبدء في جذب الضحايا لم يفكر الكثيرون في قانونية هذا النشاط في مصر أم لا.

بدلاً من ذلك، نظروا بصورة أساسية إلى قيمة الأرباح الضخمة التي ستوفرها لهم المنصة والفترة الزمنية القصيرة التي يمكنهم من خلالها الحصول على هذه الأرباح، ما أدى إلى دخول عشرات الآلاف من الأشخاص في العديد من المدن المصرية مدفوعين برغبتهم في الثراء السريع إلى دائرة عملية الاحتيال التي رسمها موظفو الشركة بدقة.

اقرأ أيضاً: ما هي الهندسة الاجتماعية؟ وكيف ينتحل المهاجمون شخصيات بارزة لتنفيذ أهدافهم الخاصة؟

علاوة على ذلك، مع انتشار القصص حول حصول العديد من العملاء على أرباح فعلية، ظهرت العديد من المجموعات والحسابات عبر منصات التواصل الاجتماعي والمراسلة مثل فيسبوك وواتساب ويوتيوب تُعلم وتشرح كيفية استخدام التطبيق وتحويل الأموال إليه، ما أسهم في استقطاب فئة جديدة من الضحايا ذوي القدرات التقنية المحدودة، خاصة وأن تحويل الأموال إلى المنصة كان يتم فقط عبر كروت شحن الهاتف العادية التي يمكن الحصول عليها من أي مكان بسهولة.

كيف تتجنب الوقوع ضحية لتطبيقات الاحتيال الإلكترونية؟

مع التطور التكنولوجي تتنوع طرق الاحتيال التي تستهدف مستخدمي الإنترنت، وغالباً ما يعتمد المحتالون على الدعاية المجتمعية التي يتم تناقلها عبر الشفاه، مع تقديم بعض المظاهر الإعلامية البراقة لكسب مزيد من الثقة، ففي حالة منصة هوغ بول، استضاف القائمون عليه العديد من التجمعات الفاخرة في المدن الساحلية وبثوها عبر الإنترنت، ما أسهم في تكوين رابطة ثقة بينهم وبين ضحاياهم بسرعة.

وبالتأكيد مثل هذه الشركات الاحتيالية لن تختفي بين يوم وليلة، فهي ستكون موجودة طالما يوجد أشخاص على استعداد لتصديقهم، ولتجنب الوقوع ضحية لمثل هذه المنصات، يمكنك القيام بالعديد من التدابير التي تشمل:

  • البحث جيداً عن كل ما يتعلق بأي شركة أو تطبيق يشجّعك على تقديم أموال لتوظيفها.
  • عدم الاعتماد فقط على الدعاية الشفهية، بدلاً من ذلك يمكنك زيارة مقر الشركة شخصياً إذا تطلب ذلك.
  • تجنب الاندفاع إلى استثمار مبالغ مالية كبيرة منذ الوهلة الأولى اعتماداً على الإغراءات المسموعة أو المرئية أو المقروءة.
  • الاستثمار بمبالغ صغيرة من مدخراتك كمرحلة أولى إذا رغبت بالتجربة، وبمجرد استرداد أموالك يمكنك التوسع لاحقاً من الأرباح التي تحصل عليها من المنصة نفسها وليس من أصولك.
  • استشارة من تراه جديراً بالثقة قبل البدء في الاستثمار عبر الإنترنت.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز الطرق المستخدمة في سرقة الرموز غير القابلة للاستبدال؟ وكيف يمكننا حمايتها؟

التثقيف الشخصي حول القوانين واللوائح التي تضبط عمل تطبيقات الاستثمار الإلكترونية في بلدك، حيث نجد في حالة تطبيق هوغ بول، أن الاستثمار في العملات المشفرة في مصر ممنوع قانونياً ويترتب على من يعمل فيها عواقب قانونية متنوعة سواء بالسجن أو الغرامة أو كليهما.

المحتوى محمي