خلال اليوم الأول من مؤتمر إيمتيك مينا الذي عُقد في دبي مطلعَ نوفمبر الماضي، ناقش الخبراء والمسؤولون الرسميون مدى تأثيرهم الفعلي المتبادل على بعضهم البعض في جلسةٍ بعنوان "التقنية والابتكار يصوغان المستقبل".
وقد تحدثت معالي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بدولة الإمارات العربية المتحدة، نورة بنت محمد الكعبي، خلال مشاركتها في هذه الجلسة عن العلاقة بين التقنية والفن. حيث أكدت أن الطريقة التي يتم بها إبداع الفن وعرضه وتجربته أصبحت متكاملةً للغاية مع استخدام المنصات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وغيرها الكثير. وأوضحت معالي الوزيرة: "لقد أصبح الفن والتقنية مُكمِّلين لبعضهما البعض، مثلَ أيِّ شيءٍ آخر. إن الثقافة مهمةٌ بالنسبة لنا كأفرادٍ ومجتمعاتٍ وبالنسبة للدولة بحدِّ ذاتها. إنها تختزل مجموعَ أعمالنا وتراثنا، كلَّ ما نحن عليه وكل ما سنصبحه، حيث تلعب التقنية حالياً دوراً أساسياً في تغيير طبيعة الممارسات الثقافية".
وتطرَّقت معالي الوزيرة إلى الإمكانات الناتجة عن تكامل الفن والتقنية، مضيفةً أنه بالنسبة لأولئك الذين امتلكوا الجرأة على إطلاق العنان لخيالهم، فقد حصدوا منافعَ التفكير خارج الصندوق فوسَّعوا حدود الممكن و ابتكروا مفاهيمَ جديدةٍ وانطلقوا في مغامرةٍ جريئة لاقتحام مساحاتٍ غير مكتشفةٍ من قَبل باعتبارهم رواداً ملهمين. وقالت الكعبي: "أنا أفخر بأن بلدنا يتمتع بالمعرفة التقنية، كما يوجد فيه 9.2 مليون مستخدم إنترنت، وهو ما يشكِّل 99% من عدد سكان الإمارات. لقد أصبح العالَم الرقمي هو الأسلوب الجديد للحياة العادية؛ فهو يلعب دوراً حيوياً في كيفية تواصلنا مع بعضنا ومع العالم من حولنا. وبشكلٍ مشابه، تمخَّضَ دخول التقنية إلى مجال الثقافة عن ظهور أساليبَ جديدةٍ للتعبير الفني".
كما أن التقنية تمنح بعداً آخر للتبادل الثقافي من حيث أنها تتحدانا لنغدو منفتحين مع تصنيفاتنا لما يُمثل العمل الفني حقاً؛ وقد أكدت الكعبي ذلك قائلة: "إن التقنية تدفع الناس إلى التواصل والنقاش بطريقة ثنائية الاتجاه، ملامسةً للمشاعر التي يتشاركها البشر جميعاً ومتغلبةً على الحواجز اللغوية. ولطالما أذهلتني التقنية الجديدة، كما يتملكني دائماً شعورٌ بالشغف والترقُّب عندما أرى المعارض الفنية والمتاحف والجامعات وغيرها من المؤسسات الثقافية تقوم بتوظيف التقنيات الحديثة بهدف الوصول إلى الجمهور، إنها تساعد على جذب الجمهور وتثقيفه من أجل تحقيق تواصلٍ جديد مع الفن".
كما تحدث ألبرتو ليفي، الداعي للابتكار والأستاذ المساعد في مدرسة آي إي للأعمال في إسبانيا، عن مشروع برين أرت Brain Art، المتمثل في تصميم عملٍ فني لا يمكن إنتاجه إلا عن طريق مزج الفن والتقنية معاً. وقد أعطى مثالاً عن سريان الموسيقى في جسمه لتقومَ عواطفُه بتوليد صورة. وأوضح ليفي: "لا يمكننا تكرار المشاعر، حتى عند الاستماع للأغنية نفسها لأن الأحاسيس ستتغير في كلِّ مرة؛ لذا فإنها أسلوبٌ لمزج الفن مع التقنية". وأضاف ليفي: "نستطيع إجراء مسحٍ لأدمغتنا باستخدام أمواجٍ مختلفة قابلة للقياس".
وتستطيع أجهزةٌ كهذه قياسَ التعابير و الأحاسيس ومشاعر الناس؛ حيث قال: "إن القيام بعملية قياس العواطف تعد أمراً سهلاً للغاية وبسهولة قياس جانبنا المعرفي. ومن خلال هذا القياس نتمكن من اكتشاف نمطٍ ما في العواطف".
ومن الأمثلة الأخرى التي ساقها، تشغيل وإطفاء الأضواء باستخدام هذه الأجهزة؛ حيث وصفها بأنها قوةٌ عظمى، بل قارنها مع الخيال العلمي، حيث يتم التحكم في الأشياء عن طريق عقول الناس. وأضاف ألبرتو: " إن الغاية من التقنية هي مساعدتُنا في استخدام كامل قدراتنا الكامنة".
وباعتباره فناناً، أراد ليفي النجاح في بناء إدراكٍ واسع للعالم، بينما بصفته اختصاصياً في التقنية، فقد تحدث عن امتلاك القدرة والوسائل اللازمة لفهم ألغاز عالمنا. لكنه قال: "رغم أننا لا نعمل على هذا الأمر ، فإنه ينبغي علينا السعي إلى تحقيقه، من أجل إضافة شيءٍ جديد إلى عالمنا".
وقد تكلَّمَ ليفي عن مشاريعَ مختلفةٍ يعمل عليها حالياً لمواصلة البحث عن الغاية وعن الحوار بين البشر ومحيطهم، وخلُص إلى القول: "هناك حوارٌ قائم، لقد أنشأتُ أسساً وأجهزةً لذلك، وهناك حوارٌ جارٍ بين الناس والبيئة والموسيقى، إنَّ نسبة 95% من المشاريع التي أبيعها، لا أعرف كيفية تحقيقها، ولكنني أعلم أنها ممكنةٌ كوننا نملك الأدوات والمهارات اللازمة لإنجازها". ويختم ليفي بقوله: "عندما يلتقي الفن والتقنية، نحصل على هذا الفضاء السحري".