تُعد تكنولوجيا إنترنت الأشياء من أبرز وأهم التكنولوجيات الناشئة خلال العشر سنوات السابقة، حيث أصبحت عنصراً أساسياً في العديد من القطاعات، مثل: المنازل الذكية، والشبكات الذكية، والمدن الذكية، والخدمات اللوجستية، والرعاية الصحية، وغيرها، حيث يتوقع أن تصل عدد الأجهزة المتصلة بحلول عام 2030 إلى أكثر من 29 مليار جهاز.
ما هو إنترنت الأشياء Internet Of Things؟
بالمعنى الواسع، يشمل مصطلح إنترنت الأشياء (Internet Of Things)، اختصاراً (IoT)، كل شيء متصل بشبكة الإنترنت، ولكن يتم استخدامه بشكل متزايد لتحديد الأشياء التي (تتحدث) مع بعضها بعضاً، حيث يتكون من أجهزة إلكترونية مختلفة، مثل: أجهزة الاستشعار، والهواتف الذكية، والأجهزة القابلة للارتداء، كلها متصلة ببعضها بعضا. ومن خلال الاتصال بين هذه الأجهزة يمكن جمع المعلومات وتحليلها، وإنشاء إجراء لمساعدة شخص ما في مهمّة معينة، أو التعلم من عملية ما.
على سبيل المثال، في المصانع يمكن لأجهزة الاستشعار الذكية الموجودة في خطوط الإنتاج زيادة الكفاءة الإنتاجية بصورة كبيرة، وهذا هو السبب في أن أولى حالات تطبيقات تكنولوجيا إنترنت الأشياء نجدها في قطاع التصنيع، حيث يشير تقرير نُشر حديثاً إلى أن 35% من الشركات المصنّعة في الولايات المتحدة تقوم بجمع واستخدام البيانات الناتجة عن أجهزة الاستشعار الذكية لتعزيز عمليات التصنيع، مثل شركة كونكريت سينسورز (Concrete Sensors) التي ابتكرت جهازاً ذكياً (مستشعراً) يمكن إدخاله في الخرسانة لتوفير بيانات عن حالة المادة.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي؟
ما التقنيات التي جعلت بناء شبكات إنترنت الأشياء ممكناً؟
على الرغم من أن تكنولوجيا إنترنت الأشياء موجودة منذ فترة طويلة، فإن مجموعة من التطورات الحديثة في عدد من التكنولوجيات المختلفة جعلتها واقعاً نراه الآن، ومن ضمن هذه التكنولوجيات:
- تطوير أجهزة استشعار منخفضة التكلفة والطاقة: جعلت الأجهزة (المستشعرات) تتوفر بأسعار معقولة في متناول الجميع.
- تحديث شبكات الاتصال: وبالتحديد شبكة الجيل الرابع التي نستخدمها حالياً، والسرعة الفائقة التي من المتوقع أن تجلبها لنا شبكة الجيل الخامس، حيث جعلت من السهل توصيل الأجهزة ببعضها بعضاً لنقل البيانات بكفاءة.
- منصات الحوسبة السحابية: تُتيح الزيادة في توفر الأنظمة الأساسية السحابية للشركات والمستهلكين الوصول إلى البنية التخزينية التي يحتاجون إليها من أي مكان وأي زمان.
- تطور نماذج التعلّم الآلي: والتي أتاحت للشركات جمع البيانات وتحليلها بشكل أسرع وأكثر سهولة.
- الذكاء الاصطناعي: جعلت التطورات الكبيرة في نماذج معالجة اللغات الطبيعية (NLP) المساعدات الرقمية الافتراضية أكثر ذكاءً واتصالاً بالشبكات الذكية.
اقرأ أيضاً: تعرَّف على أهم مشاريع إنترنت الأشياء في المملكة العربية السعودية
إنترنت الأشياء مكون أساسي للشبكات الذكية
يعمل خبراء التكنولوجيا والشركات المصنّعة في جميع أنحاء العالم منذ سنوات لبناء كميات هائلة من البنية التحتية والشبكات الذكية لتوصيل المزيد من الأجهزة مع بعضها بعضاً، وكان التأثير الأكثر عمقاً لهذا الجهد دائماً هو توصيل المزيد من الأجهزة بطرق أكثر كفاءة، حيث تتشكل اليوم رؤية في جميع أنحاء العالم حول اتصال الأجهزة ببعضها بعضاً لتسهيل العمليات اليومية، مثل، المدن الذكية، والمباني الذكية، والسيارات الذكية، حيث تعد تكنولوجيا إنترنت الأشياء إحدى المنصات التأسيسية التي يعتمد عليها هذا المفهوم.
اقرأ أيضاً: ما المدن الذكية؟ وما أبرز التكنولوجيات التي تجعلها ذكية حقاً؟
كما تهدف تكنولوجيا إنترنت الأشياء إلى توسيع نطاق انتشار الشبكات الذكية، والتحليلات التنبؤية، والاستفادة من المستشعرات الذكية، وأجهزة التحكم الدقيقة وسرعة الاتصالات، والبيانات الضخمة، للحصول على المزيد من المعلومات المفيدة أكثر من أي وقت مضى.
قطاع السيارات المتصلة نموذجاً
تعمل تكنولوجيا إنترنت الأشياء على إعادة اختراع قطاع السيارات بالكامل، من خلال إنتاج السيارات المتصلة المدعومة بأجهزة إنترنت الأشياء. على سبيل المثال، يمكن لمالكي السيارات تشغيل سياراتهم عن بُعد، عن طريق التسخين المسبق للسيارة قبل ركوبها، أو عن طريق استدعاء السيارة عن بُعد عبر الهاتف. علاوة على ذلك، نظراً إلى قدرة تكنولوجيا إنترنت الأشياء على تمكين الاتصال من جهاز إلى جهاز، فمن المتوقع أن تتمكن السيارات حتى من حجز مواعيد الخدمة الخاصة بها عند الضرورة.
اقرأ أيضاً: 10 من أبرز تطبيقات إنترنت الأشياء ومجالات استخداماتها
بالإضافة إلى ذلك، تسمح السيارة المتصلة لشركات تصنيع السيارات بقلب نموذج ملكية السيارة رأساً على عقب، حيث نجد في السابق أن المصنّعين ليس لهم علاقة طويلة المدى مع المشترين الأفراد أو لا توجد على الإطلاق، حيث تنتهي علاقة الشركة المصنّعة بالسيارة بمجرد إرسالها إلى المستخدم.
ولكن مع السيارات المتصلة (Connected Cars)، يمكن لصانعي السيارات أو التجار أن تكون لديهم علاقة مستمرة مع عملائهم، لا تنتهي فقط مع بيع السيارة، بل تتعداها لما هو أبعد من ذلك، مثل توفير البيانات اللازمة لوقت استبدال بعض الأجزاء، أو مراقبة الإطارات والتأكد من جودتها بعد كل فترة.
اقرأ أيضاً: كيف يتم جمع بيانات عنك من سيارتك؟
التحديات التي تواجه بناء شبكات إنترنت الأشياء الذكية
فيما يلي ثلاثة تحديات رئيسية يجب حلها للاستفادة الكاملة من التحولات التي ستقودها شبكات إنترنت الأشياء الذكية:
توسيع رؤية الشبكة
تتطلب الطبيعة المترامية الأطراف لأجهزة إنترنت الأشياء إدارة شاملة للشبكة، وبالتحديد استخدام المعالجة على الطرف أو تكنولوجيا الحوسبة الطرفية، لأن عمل الأجهزة الذكية المتصلة بالشبكة للوصول إلى البيانات ونقلها إلى مكونات الشبكة الأساسية، يمكن أن يسبب اختناقات هائلة، ويؤثر على الأداء.
ومن ثم تحتاج الشبكة الذكية إلى معالجة البيانات مباشرة على الطرف، بحيث يمكن تحليل البيانات ومعالجتها جزئياً قبل إرسال أي معلومات إلى النظام المركزي، وبهذه الطريقة يمكن تحسين قابلية التوسع ووقت الاستجابة لأي طارئ.
اقرأ أيضاً: ما هي تكنولوجيا الحوسبة الطرفية؟ وهل ستؤثر على طريقة معالجة البيانات وتحليلها في المستقبل؟
توحيد معايير الاتصال
يعد توحيد معيار الشبكة الواحدة التي يتفق جميع مصنّعي أجهزة إنترنت الأشياء على استخدامها أمراً أساسياً لشبكات إنترنت الأشياء، وتضمن مستوى أكبر من قابلية التشغيل، ودعم تطبيقات وأجهزة إنترنت الأشياء، حيث تتيح الشبكة ذات الإدارة الموحدة توفيراً في التكاليف وتبسيطاً تشغيلياً وإنفاذاً متسقاً للعمليات من أي مكان، وهو أمر ضروري لنشر تكنولوجيا إنترنت الأشياء بنجاح، ويوفر تجربة مستخدم سلسة في كل مكان في الشبكة.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي؟
تأمين الأجهزة الذكية ومراقبتها
تشكل أجهزة إنترنت الأشياء سهلة الاختراق، مثل الساعات الذكية أو أجهزة تعقب النشاط البدني، وأجهزة أقفال الأبواب الذكية، تهديداً لأمن الشبكة الأساسي، ومن ثم من الضروري مراقبة تدفق البيانات من وإلى أجهزة إنترنت الأشياء، والتطبيقات التي من المفترض أن تتفاعل معها بحيث يمكن أن تضمن أماناً أفضل.