كيف تتم إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية؟

3 دقائق
كيف تتم إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ ET Tisomboon

يبقى اختراع السيارة الكهربائية الأكثر صداقة للبيئة مقارنة بما تتسبب به السيارات التي تعمل بالبنزين من تلوث للبيئة. في بطاريات السيارات الكهربائية، تتجمع آلاف الخلايا الأسطوانية التي تحوّل الليثيوم والإلكترونات إلى طاقة كافية لدفع السيارة لآلاف الكيلومترات في كل عملية شحن، دون أي انبعاثات من العادم. ولكن ما أن ينتهي عمر البطارية حتى تنهي صداقتها مع البيئة، وتتلاشى فوائدها الخضراء، فقد تطلق الخلايا سموماً وأبخرة خطيرة، ما لم تتم عملية إعادة تدويرها بشكلٍ صحيح. علاوة على ذلك قد تكون طريقة إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية بحد ذاتها خطيرة على البيئة والصحة. فما الطريقة المناسبة لإعادة تدوير السيارات الكهربائية؟

اقرأ أيضاً: كيف ستؤثر الإعفاءات الضريبية على إمدادات بطاريات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة؟

إعادة استخدام بطارية السيارة الكهربائية قبل تدويرها

ربما لم ينتهِ عمر البطارية أثناء استخدامها في السيارة الكهربائية، وإنما تعرضت السيارة للتلف، مثل حادث سير. في هذه الحالة، تتمتع البطاريات بسعة إضافية قابلة للاستخدام، وتقدّر بنحو 80% من السعة الأصلية، وللاستفادة منها يمكن تفكيك البطاريات لإعادة استخدام المكونات الأصغر، أو يمكن إعادة توجيهها واستخدامها في تطبيقات أقل تطلباً مثل التخزين الثابت.

على سبيل المثال، تقوم بعض الشركات مثل شركة "ري بربوس إينيرجي" (RePurpose Energy) بإعادة استخدام هذه البطاريات في توليد الطاقة المتجددة. يقوم خبراء الشركة بتوصيل عدة بطاريات سيارات كهربائية معاً، بالإضافة إلى مراقب الطاقة وتقنية التبريد، لإنشاء بطارية كبيرة بحجم حاوية الشحن. يمكن لهذه البطارية تخزين الكهرباء المتولدة عن الطاقة الشمسية خلال النهار، لإعادة استخدامها ليلاً. وبعد انقضاء العمر الافتراضي لهذه البطاريات تصبح جاهزة لإعادة التدوير.

اقرأ أيضاً: شركة ناشئة تسعى لزيادة كمية الطاقة في بطاريات السيارات الكهربائية

بطاريات السيارات الكهربائية

نظرياً، يمكن لبطاريات السيارات الكهربائية أن تعمل لمدة تتراوح ما بين 10-20 عاماً، لكن مصنّعي السيارات يقدمون ضماناً لاستخدامها حتى 8 سنوات، أو ربما 160 ألف كيلومتر فقط، وفي نهاية هذا العمر الافتراضي يمكن استعادة المعادن منها وإعادة تدويرها.

داخل كل خلية في بطاريات السيارات الكهربائية، تتحرك ذرات الليثيوم عبر إلكتروليت ما بين أنود الجرافيت (القطب السالب) والكاثود المكون من أوكسيد معدني (القطب الموجب). وفقاً لنوع المعدن في الكاثود يمكن تمييز ثلاثة أنواع من بطاريات السيارات الكهربائية:

  • النيكل- الكوبالت- الألمنيوم.
  • الحديد- الفوسفات.
  • النيكل - المنغنيز - الكوبالت.

تستهدف عملية إعادة التدوير التقليدية استخراج المعادن الموجودة في القطب السالب مثل الكوبالت والنيكل بشكل أساسي بسبب أسعارها المرتفعة، بينما قد يتم الاستغناء عن الليثيوم والجرافيت لأنهما زهيدا الثمن ولا يمكن إعادة تدويرهما اقتصادياً.

الطريقة التقليدية لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية

تعتمد الطريقة الشائعة والأكثر استخداماً لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية على كل من التقنيتين التاليتين أو إحداهما:

  • معالجة المعادن بالحرارة: يتم تمزيق الخلية ميكانيكياً ثم حرقها حتى تبقى كتلة متفحمة من البلاستيك والمعادن والمواد اللاصقة، ثم يتم الفصل بالمواد الكيميائية.
  • المعالجة بالمياه المعدنية: وهي غمر البطاريات في أحواض من الأحماض لإنتاج مذيب محلول مليء بالمعادن، ثم استعادة المواد الفردية باستخدام الاستخلاص بالمذيبات والترسيب والتنقية.

في كلتا العمليتين، يتم تفكيك البطاريات وتحطيمها إلى قطع صغيرة، ثم غربلة المواد وفصلها وفقاً لحجمها، إلى ثلاث مجموعات هي: البلاستيك والمواد الحديدية والمواد غير الحديدية مثل الكوبالت والليثيوم والمنغنيز.

اقرأ أيضاً: ما هي بطاريات الجرافين؟ وكيف ستجعل صناعة السيارات الكهربائية والهواتف الذكية أكثر صداقة للبيئة؟

إيجابيات وسلبيات الطريقة التقليدية

لكل من التقنيتين المتبعتين مزايا وعيوب، على سبيل المثال لا تتطلب المعالجة الحرارية من القائم بإعادة التدوير الإلمام بتركيب أو تصميم البطارية، إلا أنها تحتاج إلى طاقة عالية.

في المعالجة المائية، تساعد في استخلاص المعادن التي لا يمكن استخراجها بالحرق، لكنها تعتمد على استخدام مواد كيميائية خطيرة. علاوة على ذلك، فإن كلتا العمليتين تنتج عنهما كميات كبيرة من النفايات وغازات الدفيئة.

غالباً ما يكون الهدف الرئيسي لشركات إعادة التدوير هو الحصول على معدن الكوبالت وبيعه لأنه غالي الثمن، لكن التوجه الحديث لصانعي البطاريات يعتمد على استبدال الكوبالت بمعدن آخر أقل تكلفة، وفي حال حدوث ذلك ستفقد صناعة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية أهميتها الاقتصادية.

الطريقة المباشرة لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية

يمكن اعتبارها الطريقة المثالية لإعادة تدوير البطاريات لأنها تقوم على استعادة الكاثود سليماً، وهو ما يفضّله صانعو البطاريات لأنه يخفف من تكاليف معالجته، باستثناء عملية إعادة التنشيط بإضافة القليل من الليثيوم. وبشكل عام تتم الطريقة المباشرة وفقاً للمراحل التالية:

  • تفريغ الإلكتروليت.
  • تمزيق خلايا البطارية.
  • إزالة المواد المغلّفة بالحرارة أو المذيبات.
  • استخدام تقنية التعويم لفصل الأنود والمواد الكاثودية.
  • تظهر مادة الكاثود مثل بودرة الأطفال.

اقرأ أيضاً: هل توفر البطاريات الكمومية الحل الأمثل لنشر السيارات الكهربائية على نطاق واسع؟

تطوير طريقة جديدة لإعادة تدوير بطارية السيارة الكهربائية

طوّرت البروفيسورة جيزيل عظيمي (Gisele Azimi) وفريقها في مختبر المواد الاستراتيجية في جامعة تورنتو تقنية جديدة أكثر استدامة لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، وتتغلب على مشكلات الطرق التقليدية. في الدراسة التي نُشرت في دورية "الموارد والحفظ وإعادة التدوير" (Resources, Conservation and Recycling)، اعتمد الفريق على طريقة الاستخلاص بالسوائل فوق الحرجة، حيث استبدل المعالجة الحرارية والمائية بمذيب استخلاص عند درجة حرارة وضغط فوق نقطته الحرجة، وهي النقطة التي يمتلك فيها المذيب خصائص كل من الغاز والسائل.

تم استخدام أوكسيد الكربون كمذيب لاستخلاص المعادن، من خلال تطبيق درجة حرارة عالية فوق 31 درجة مئوية وضغط حتى 7 ميغا باسكال. زادت التقنية الجديدة من كفاءة استخراج الليثيوم والكوبالت والمنغنيز بنسبة 90%، مقارنة بالتقنيات التقليدية. بالإضافة إلى استخدامها موادَّ كيميائية أقل، وإنتاج نفايات ثانوية بكميات أقل بكثير.

ما زال قطاع إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية قيد التطوير ويواجه العديد من العقبات، مثل حاجته إلى سياسات وطنية ودولية لفرض إعادة تدوير بطاريات السيارات، وافتقاره التقنيات المستدامة على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن الشيء الوحيد المتفق عليه أنه من المنطقي اقتصادياً وبيئياً ترك أكبر عدد من المعادن في الأرض وإعادة استخدام أي معادن تم تعدينها سابقاً.

المحتوى محمي